نقص الغذاء... أزمة تقرع نواقيس جوع قادم

شبكة النبأ: أصبح الأمن الغذائي أحد أهم التحديات التي تواجه دول العالم اليوم، نظراً لوجود عدة أسباب، أهمها: السياسات الاقتصادية المعتمدة على الاستيراد والاستهلاك، مقابل انخفاض إنتاجية الموارد الزراعية، وارتفاع التقلبات في إنتاجية المحاصيل الزراعية، والأزمات الطارئة التي تضرب الاقتصاديات الزراعية العالمية، إذ ان السبب المباشر لغليان الأسعار هو الجفاف الذي فتك بالمحاصيل الزراعية في الولايات المتحدة، إضافة لعدد من الدول الأخرى المنتجة للحبوب مثل روسيا وأوكرانيا وكازاخستان بحسب الأرقام الصادرة عن مؤشر الإنتاج في هذه الدول. الأمر الذي ينتج عنه فقدان شبكة أمان المخزون الغذائي لاغلب بلدان العالم وخاصة النامية منها.

حيث تثير قلق العالم أزمة غذاء جديدة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الحبوب الذي يزيد المخاوف بشأن الأمن الغذائي، ففي كل عام، يموت 3.5 مليون طفل دون الخامسة لأسباب ترجع إلى نقص التغذية، في حين أبدى البنك الدولي استعداده لمساعدة الحكومات في مواجهة ارتفاع شامل في أسعار الحبوب مما يهدد من جديد أفقر شعوب العالم وقد يمتد تأثيره الضار لسنوات، بينما  اكدت المنظمات المعنية بهذا الشأن بانه لا أزمة غذاء حتى الآن على الرغم من ارتفاع أسعار الحبوب، فيما يسعى بدورهم المزارعين إلى تحسين محاصيلهم وتسعى الحكومات إلى تطوير نظام شبكات الأمان الاجتماعي التي تحمى الفئات الأشد فقرا من الجوع وسوء التغذية حين ترتفع أسعار الغذاء فجأة، ومنذ 2008 بذلت دول العالم جهودا لتحسين الإنتاجية وزادت الاستثمارات الزراعية، لكن مع زيادة تقلب أسعار الغذاء يصعب على المزارعين تخطيط وتسعير محاصيلهم بشكل مناسب، وتبقى التساؤلات قائمة، فهل يعطى العالم الأولوية لتوفير الغذاء؟ وكيف سيتم إطعام العالم بالمستقبل؟ في ظل تزايد الأزمات والكوارث الإنسانية.

أسعار الغذاء العالمية

فقد قال البنك الدولي في بيان أن أسعار الغذاء العالمية قفزت 10 بالمئة في يوليو تموز إذ تضررت المحاصيل الزراعية من جراء الجفاف في الولايات المتحدة وشرق أوروبا وحث الحكومات على تعزيز البرامج التي تحمي اكثر فئات السكان عرضة للخطر، وقال البيان أنه من يونيو حزيران إلى يوليو تموز ارتفعت اسعار الذرة والقمح 25 في المئة لكل منهما وقفزت اسعار فول الصويا 17 في المائة ولم يتراجع سوى الأرز الذي هبطت أسعاره 4 في المائة، وقال البنك ان مؤشره لأسعار الغذاء الذي يتتبع أسعار السلع الغذائية المتداولة عالميا ارتفع 6 في المائة عما كان عليه في يوليو تموز من العام الماضي وواحدا في المائة عن ذروته السابقة في فبراير شباط 2011، وسجلت أسعار العقود الآجلة لفول الصويا في السوق الأمريكية مستوى قياسيا مرتفعا 17.78 دولار للبوشل وبقيت عقود الذرة قريبا من مستواها القياسي 8.49 دولار الذي سجلته في وقت سابق من هذا الشهر، وقال جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولي ان زيادات الأسعار تعرض للخطر "صحة ملايين البشر ورفاهيتهم"، وتابع كلامه قائلا ""ينبغي ألا نسمح لهذه القفزات التاريخية للأسعار أن تتحول إلى أخطار تستمر مدى الحياة، إذ تُخرِج الأسر أطفالها من المدارس وتقلل كميات الطعام المغذي الذي تتناوله للتعويض عن ارتفاع الأسعار. ويجب على البلدان أن تقوم بتعزيز برامجها الموجهة لتخفيف الضغط عن السكان الأشد حرمانا وتنفيذ السياسات الصحيحة"، واضاف قوله "منطقة افريقيا والشرق الأوسط عرضة للخطر أكثر من غيرها وكذلك السكان في بلدان أخرى ارتفعت فيها اسعار الحبوب ارتفاعا مفاجئا"، وقد تسبب جفاف حاد في الولايات المتحدة في انخفاض شديد لغلال محاصيل الذرة وفول الصويا هذا العام وأضر صيف جاف في روسيا وأوكرانيا وقازاخستان بانتاج القمح. بحسب رويترز.

وقال البنك الدولي ان الخبراء لا يتوقعون تكرار ازمة عام 2008 حينما فجرت زيادات في اسعار الغذاء حوادث شغب في بعض البلدان، واستدرك البنك بقوله "غير ان عوامل سلبية -مثل اتباع الدول المصدرة سياسات مذعورة أو نوبة حادة من ظاهرة النينو أو محاصيل مخيبة للآمال في نصف الكرة الأرضية الجنوبي أو زيادات شديدة في أسعار الطاقة- قد تتسبب في زيادات أخرى كبيرة لأسعار الحبوب مثل التي شوهدت قبل اربعة أعوام"، ومن ناحية اخرى أصدر وزراء مالية منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبك) بيانا في اجتماعهم في موسكو يحث البلدان على "تفادي فرض حظر على الصادرات" في مواجهة المخاوف بشأن أسعار الغذاء، وكانت روسيا العضو في ابك فرضت حظرا مؤقتا على صادرات الحبوب قبل عامين بعد محاصيل ضعيفة، ومن المتوقع ان يناقش زعماء أبك مخاوف الأمن الغذائي حينما يجتمعون في فلاديفستوك، وقال مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية للصحفيين "اعتقد ان هذا احد المجالات التي يمكن فيها للدول الاعضاء في ابك أن تتعاون حقا ... لضمان ألا تؤثر الضغوط التضخمية الناجمة عن الجفاف على اشد سكان العالم فقرا وحرمانا."

أزمة بالشرق الأوسط

فيما حذر البنك الدولي من أن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والتي وصلت نسبتها إلى 10 في المائة قد تؤدي إلى حدوث أزمة غذاء عالمية يلاحظ تداعياتها في مختلف دول العالم وخصوصا في بعض دول الشرق الأوسط التي تعاني أصلا من شح في الموارد ومعدلات فقر عالية، وقال رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم "بالتحديد فإن دول في الشرق الأوسط وأفريقيا تعتبر الأكثر عرضة للتأثر الكبير بموجه الغلاء هذه، حيث باتت أسعار الغذاء تهدد الملايين من الأشخاص"، ونقل تقرير نشر على الموقع الرسمي للبنك الدولي على لسان الخبير الاقتصادي لدى البنك، خوسيه كويستا قوله: "أكثر البلدان تعرضا للمعاناة هي تلك الأكثر اعتمادا على الواردات من الحبوب الغذائية الضرورية للاستهلاك، وهي تلك البلدان التي تنفق فيها الكثير من الأسر، خاصة الفقراء، جانبا كبيرا من ميزانيتها على الغذاء، وتقع هذه المناطق بشكل خاص في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء"، وأشار كويستا الى "ليس هناك تعريف عالمي لأزمة الغذاء، ولا نستطيع التيقن من متى ستبدأ ومتى ستنتهي، لكن الشيء الأكيد هو أن أسعار السلع الغذائية كانت مرتفعة في بداية هذا العام، وهي أكثر ارتفاعا اليوم"، وأضاف كويستا "على سبيل المثال، ما إذا كانت البلدان الرئيسية المنتجة للغذاء ستفرض حظرا على تصديره ردا على ارتفاع أسعاره، عندئذ نستطيع أن نقول بمزيد من الثقة ما إذا كانت هذه ستتحول إلى أزمة غذاء كتلك التي شهدناها عام 2008. بحسب السي ان ان.

مانحو المعونة

من جهتها تنصح مؤسسات عالمية مانحة للمعونة دول العالم بالتأهب لزيادة محتملة في تكلفة فواتير الغذاء في الأشهر المقبلة لكن حتى الآن لا يرى صندوق النقد والبنك الدولي مؤشرات تذكر على إمكانية تفجر أزمة في أسعار الغذاء على نطاق واسع كما حدث في 2007-2008، وأدت أسوأ موجة جفاف تتعرض لها الولايات المتحدة في نصف قرن وتراجع المحاصيل من سلة غذاء البحر الأسود إلى ارتفاع أسعار الذرة والقمح وفول الصويا. ولم يتأثر سعر الأرز وهو الغذاء الرئيسي في آسيا وأجزاء من أفريقيا حتى الآن، يقول يورجن فويجل مدير قسم الزراعة والتنمية الريفية في البنك الدولي "نحن لا نقول إننا نتوقع أزمة كبيرة في هذه المرحلة"، ويضيف "العالم لديه غذاء كاف لكن بالطبع نحن لا نستطيع التنبؤ بالطقس وإذا حدث شيء استثنائي فقد نجد أنفسنا في موقف صعب من جديد، وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن تكلفة الغذاء الإجمالية أصبحت أعلى الآن لكنها لم تصل للمستويات القياسية لعامي 2007 و2008 التي زجت بالملايين إلى هاوية الفقر بعد ارتفاع أسعار الغذاء بشكل عام بالتوازي مع ارتفاع حاد في أسعار النفط. لكن آثار الأزمة المزدوجة في عام 2008 تبددت مع بلوغ الأزمة المالية العالمية ذروتها وتباطؤ الطلب، وقال فويجل "نوصى بأن تتأهب البلدان مبكرا جدا... ما دامت مخزوناتنا من الغذاء شديدة الانخفاض فلن ينتهي تقلب (الأسعار) بسهولة، ويتزامن الارتفاع الأخير في أسعار الحبوب مع تباطؤ الاقتصاد العالمي وأزمة منطقة اليورو وارتفاع معدلات البطالة في أنحاء العالم تقريبا، ويتمثل الخطر على البلاد الفقيرة في أن قوتها المالية تآكلت بسبب الأزمة المالية العالمية وبالتالي فان قدرتها على التعامل مع فواتير أكبر لواردات الغذاء ستكون محدودة، وارتفع مؤشر الغذاء التابع لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بنسبة ستة في المئة في يوليو تموز ليصل إلى أعلى من معدلاته خلال 2008 وحذرت المنظمة من فرض حظر على تصدير المحاصيل الغذائية وفرض رسوم جمركية والتهافت على شراء الأغذية بشكل مفرط وهي العوامل التي فاقمت ارتفاع الأسعار قبل أربعة أعوام، ويرى أندرو برنز أحد كبار الاقتصاديين في البنك الدولي أنه رغم أن ارتفاع أسعار الغذاء قد لا يسهم في تفاقم تباطؤ الاقتصاد العالمي فإنه مصدر قلق اضافي للمستهلكين، ويضيف "هذا مصدر آخر لعدم الأمان. إنه مصدر آخر للقلق بالنسبة للناس، ويقول "إذا تم تعريف الوضع بصورة أكثر دقة وإن كانت أسعار النفط ستبدأ في الارتفاع مجددا.. قد يؤدي هذا إلى نوع من الانسحاب من النشاط الذي لاحظناه في السابق بما يؤثر بشكل كبير على النشاط العالمي، ووصف توماس هلبلنج رئيس دائرة الأبحاث في صندوق النقد الارتفاع الحالي في أسعار الحبوب بأنه "صدمة كلاسيكية في مجال الامدادات، وقال "إذا كانت هذه صدمة امدادات كلاسيكية فعلا فسوف ترتفع الأسعار وإذا جاءت محاصيل (المواسم) المقبلة أقرب إلى المعدلات الطبيعية فستهبط الأسعار، وأضاف "لكن لا يزال هناك تراجع مؤقت في الدخل الحقيقي لا سيما في الاقتصادات الناشئة والنامية... وسيصل تأثير ارتفاع أسعار الغذاء العالمية على أسعار الغذاء المحلية حتى وإن كان بشكل عابر ومحدود، وفي الجانب الإيجابي تعد المخاوف من الضغوط التضخمية أقل مما كانت عليه عامي 2007 و2008. وقد تراجعت أسعار النفط العالمية عن مستوياتها المرتفعة. واعتبر هلبلنج أن حركة أسعار صرف العملات الأجنبية تعلب دورا أيضا- فتراجع الدولار الأمريكي مقابل كثير من العملات خفف أثر الزيادة في أسعار الغذاء بالدولار في هذا التوقيت، وفي عدد من البلاد النامية تكون أسعار المواد الغذائية المحلية أقل عادة من الغذاء العالمي ويستطيع المستهلك الاعتماد على الغذاء المحلي. بحسب رويترز.

ويقول هلبلنج "ثمة مخاوف أقل الآن من التضخم العميق في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، ويضيف "لذلك فإن كان (الوضع الحالي) هو صدمة امدادات كلاسيكية فسوف تظهر في التضخم الكلي إلى حد ما لكن من غير المرجح أن تنعكس على التضخم الأساسي، ويشير فويجل إلى أن العالم بات أكثر استعدادا لارتفاع أسعار الغذاء اليوم بفضل الدروس المستفادة من أزمة 2007 و2008 والتي أدت إلى التوسع في الاستثمارات الزراعية وأبرزت الحاجة لمزيد من الشفافية في بيانات الزراعة حتى تتمكن البلاد من التنبؤ بصدمات الأسعار ومواجهتها بشكل أفضل، وسوف تبت مجموعة العشرين في إمكانية عقد اجتماع طاريء لمنتدى الرد السريع التابع لها والذي تأسس العام الماضي تحت رئاسة فرنسا للمجموعة للتعامل مع ظروف السوق غير العادية، ويقول مارك سادلر وهو قائد فريق في وحدة التمويل الزراعي وإدارة المخاطر بالبنك الدولي "مشكلة تقلب (الأسعار) ستلاحقنا حتى يصبح بوسعنا انتاج مزيد من الغذاء وزيادة حجم المخزون، ويضيف "منظومة الغذاء تتعرض لصدمات أكبر وأكبر لأننا ليس لدينا الملاذ الفعال الذي كنا ننعم به حين كانت لدينا مخزونات كبيرة."

عودة ظاهرة النينيو

على الصعيد نفسه قالت اليابان ان هناك مؤشرات قوية على عودة ظاهرة النينيو واستمرارها حتى الشتاء وهو ما زاد المخاوف على امدادات الغذاء العالمية المتضررة بالفعل من الجفاف وارتفاع الاسعار، وارتفعت اسعار الذرة أكثر من 60 في المئة خلال الشهرين الماضيين بعد ان شهدت الولايات المتحدة أسوأ موجة جفاف منذ 56 عاما. كما شحت امدادات الصويا عالميا بعد ان ضرب الجفاف انتاج الصويا في أمريكا الجنوبية، وزاد من المخاوف ما أعلنته منظمة الاغذية والزراعة من ان العالم يقترب من أزمة غذاء مماثلة لعام 2008 نتيجة لارتفاع الاسعار، ويمكن لظاهرة النينيو التي تتسبب في موجات جفاف ان تحدث أضرارا واسعة النطاق في المحاصيل في استراليا وأجزاء من أفريقيا وجنوب شرق اسيا والهند ويمكنها ايضا ان تأتي بأمطار على مناطق أخرى من العالم. بحسب رويترز.

وقالت هيئة الارصاد الجوية اليابانية ان احدث البيانات تشير الى ان ظاهرة النينيو عادت مشيرة الى الاحوال الجوية في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي، وأضافت الهيئة في بيان "هناك فرصة كبيرة في ان تبقى ظاهرة النينيو حتى الشتاء، والنينيو هي ظاهرة ترتفع خلالها درجة حرارة سطح البحار في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي وتحدث كل ما بين أربعة أعوام و12 عاما. وهي تماما عكس ظاهرة النينيا التي تسبب عادة فيضانات في استراليا وأجزاء في آسيا.

منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)

كما اعلنت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) ان اسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت في تموز/يوليو بنسبة 6 بالمئة عما كانت في حزيران/يونيو بعد انخفاضها لثلاثة اشهر متتالية خصوصا بسبب ارتفاع اسعار الحبوب والسكر، ووصل مؤشر الفاو لاسعار الاغذية الى معدل 213 نقطة، بزيادة 12 نقطة عن حزيران/يونيو لكنه ما زال بعيدا عن الرقم القياسي الذي سجله في شباط/فبراير 2011 وبلغ 238 نقطة، حسبما ذكرت المنظمة في بيان، ومنذ اسابيع، تشهد اسعار المواد الاولية الزراعية وخصوصا الحبوب والزيوت ارتفاعا كبيرا في اوروبا وفي بورصة شيكاغو تحت ضغط التقلبات المناخية المتزامنة في الدول المنتجة الكبرى، وبلغ مؤشر الفاو لاسعار الحبوب معدل 260 نقطة بزيادة 38 نقطة عن حزيران/يونيو، لكنه اقل ب14 نقطة عن المستوى القياسي الذي وصل اليه في نيسان/ابريل 2008 السنة التي شهدت اضطرابات مرتبطة بالجوع في عدد كبير من دول العالم، وهو 274 نقطة، وفي الولايات المتحدة ادى الجفاف الى اضرار جسيمة في زراعات الذرة مما اضر بالمحاصيل المتوقعة وادى الى رفع اسعار هذه المادة بنسبة 23 بالمئة في تموز/يوليو، وارتفعت اسعار القمح 19 بالمئة ايضا وسط توقعات بانتاج اسوأ مما كان مرتقبا في روسيا بينما يفترض ان يبقى الطلب معززا بسبب الاحتياطات المحدودة من الذرة، لكن اسعار الارز، المادة الاساسية للامن الغذائي البشري، بقيت بلا تغيير في تموز/يوليو اذ بلغ المؤشر 238 نقطة بارتفاع نقطة واحدة عن حزيران/يونيون وكانت الفاو ذكرت مطلع ان الامطار الموسمية لم تكن كافية في تموز/يوليو في الهند ويفترض ان يؤدي ذلك الى خفض التوقعات المتعلقة بالانتاج العالمي للارز في 2012، واخيرا ارتفعت اسعار السكر في تموز/يوليو بسبب التقلبات المناخية في البرازيل اكبر مصدر لهذه المادة في العالم، وكذلك في الهند واستراليا. بحسب فرانس برس.

في المقابل سجلت اسعار اللحوم تراجعا للشهر الثالث على التوالي مع انخفاض المؤشر ثلاث نقاط. وطال الهبوط انواع اللحوم الاساسية الاربعة وخصوصا لحم الخنزير الذي انخفض سعره بنسبة 3,6 بالمئة، اما لحوم الابقار والغنم والدجاج فانخفضت اسعارها بنسبة واحد بالمئة، وبقيت اسعار منتجات الالبان مستقرة في تموز/يوليو بالمقارنة مع حزيران/يونيو بعد تراجع لخمسة اشهر على التوالي، لكنها متضاربة تبعا للمنتجات، فاسعار مسحوق الحليب سجلت ارتفاعا، خلافا للزبدة ومشتقات الالبان، وقالت الفاو ان اسعار منتجات الالبان تراجعت بنسبة 16 بالمئة منذ بداية العام، وخصوصا الزبدة (-27 بالمئة)، وكانت الفاو اشارت في تقرير الشهر الماضي الى ان توقعات الانتاج الزراعي والامن الغذائي في 2012 "جيدة عموما" لكنها حذرت من ان بعض المناطق مثل الشرق الاوسط والساحل جنوب الصحراء الكبرى ستعاني من تبعات "النزاعات المسلحة وحركات نزوح السكان"، وتحدثت المنظمة عن "زيادة قياسية بنسبة 3,2% لانتاج الحبوب العالمي في 2012" بحسب بيان للوكالة الاممية التي مقرها في روما، واضافت الفاو ان "التوقعات الجيدة للعرض ادت الى مرونة في اسعار القمح والحبوب الثانوية في ايار/مايو" الماضي، وبالرغم من التوجهات الايجابية "فان بلدان الساحل ما زالت تصطدم بمشكلات خطيرة لجهة الامن الغذائي بسبب اسعار السلع المرتفعة على المستوى المحلي والنزاعات الاهلية"، واحصى التقرير 35 بلدا (منها 38 في افريقيا) تحتاج لمساعدة غذائية خصوصا افغانستان والعراق وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وهايتي ومالي.

الجفاف في أمريكا

في حين تصاعدت المخاوف العالمية من احتمال تكرار أزمة الغذاء التي وقعت عام 2008 بعد أن كشفت بيانات أن أسعار الغذاء قفزت ستة في المئة الشهر الماضي وأقبل المستوردون على شراء محاصيل الحبوب الأمريكية ما ساعد في رفع أسعار الذرة إلى مستويات قياسية، وقبل صدور تقرير حكومي مهم عن حالة محاصيل الذرة وفول الصويا الأمريكية التي ابتليت بأسوأ جفاف في أكثر من خمسة عقود حذرت منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (فاو) من فرض حظر أو رسوم على الصادرات أو التوسع في الشراء بالصورة التي تسببت في تفاقم ارتفاع الأسعار منذ أربع سنوات، وقال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين ومحلل الحبوب في الفاو "هناك احتمال بتطور الموقف مثلما حدث في 2007-2008، "هناك توقعات باننا في هذه المرة تحديدا لن ننتهج سياسات سيئة ونتدخل بفرض قيود على الأسواق وما لم يحدث هذا فلن نشهد وضعا خطيرا مثلما حدث في 2007-2008. لكن لو تكرر تطبيق هذه السياسات فكل شيء وارد"، ومما زاد من المخاوف حيال امدادات الغذاء العالمية ذكرت هيئة الأحوال الجوية الرسمية في اليابان يوم الجمعة أن بيانات مراقبة الطقس تشير إلى حدوث ظاهرة النينيو والتى أنه من المرجح أن تستمر حتى الشتاء المقبل، وحتى الآن تحجم معظم الحكومات عن التدخل في تجارة الغذاء. وقال نائب رئيس الوزراء الروسي هذا الأسبوع إنه لا يرى ضرورة لفرض حظر على صادرات القمح كما فعلت موسكو عام 2010 لكنه لم يستبعد فرض رسوم على الصادرات بعد انتهاء عام 2012. بحسب رويترز.

وأضاف عباسيان أن وفرة امدادات الأرز وتباطؤ النمو الاقتصادي وأسعار النفط المنخفضة نسبيا تسببت في تعزيز ارتفاع الأسعار، لكن هناك مؤشرات على عمليات شراء كبيرة غير عادية وبناء مخزونات اضافية. وقفزت صادرات الذرة الأمريكية الأسبوع الماضي إلى ثاني أعلى مستوى لها في عشرة أشهر، وتضافرت عوامل عديدة بينها ارتفاع أسعار النفط وتزايد استخدام الوقود الحيوي وسوء الأحوال الجوية والقيود على سياسات التصدير وارتفاع أسعار العقود الآجلة للحبوب في رفع أسعار الغذاء عام 2007-2008 مما أسفر عن وقوع اشتباكات عنيفة في بلدان بينها مصر والكاميرون وهايتي.

لا أزمة غذاء حتى الآن رغم ارتفاع أسعار الحبوب

الى ذلك قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن الأسواق العالمية لا تواجه حتى الآن أزمة كالتي شهدتها في 2007-2008 حين تسببت أسعار الغذاء المرتفعة في اندلاع أعمال شغب في بعض البلدان الفقيرة لكنها أضافت أن ارتفاع أسعار الحبوب بسبب الجفاف الشديد في الولايات المتحدة يثير القلق، وارتفعت أسعار الذرة الأمريكية أكثر من 55 بالمئة في خمسة أسابيع مع استمرار تلف المحاصيل بسبب أسوأ موجة جفاف في الغرب الأوسط الأمريكي منذ عام 1956 مما أثار مخاوف من نقص الغذاء، وقال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين وخبير الحبوب لدى الفاو إنه بفضل وفرة إمدادات الأرز وارتفاع كميات القمح المتاحة فإن الوضع ليس بنفس الخطورة التي كان عليها قبل أربع أو خمس سنوات، وفي 2007-2008 ارتفعت أسعار الغذاء بسبب عدة عوامل منها ارتفاع أسعار النفط والوقود ونمو استخدام الوقود الحيوي وسوء الأحوال الجوية وارتفاع العقود الآجلة للحبوب مما أوقد شرارة احتجاجات عنيفة في عدة بلدان من بينها مصر والكاميرون وهايتي، وقال عباسيان "إنه وضع خطير تتعين مراقبته عن كثب لكن من السابق لأوانه أن نصفه بأزمة غذاء، "لا نرى أي مشكلات في إنتاج أو توريد الأرز وهو مهم جدا للأمن الغذائي لملايين البشر في أنحاء العالم. بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيلول/2012 - 18/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م