اوباما ورومني.. معارك تسقيط تتجاوز الاعتبارات

شبكة النبأ: حرب انتخابية شرسة تشهدها امريكا تزداد حدتها وتتسع مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية حيث شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا غير مسبوق بين مرشحي الحزب الجمهوري والديمقراطي، ويرى العديد من المراقبين ان لهجة التسقيط والاتهام قد تزايدت مؤخرا بين الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما الساعي الى الفوز بولاية ثانية ومنافسة رومني في مسعى جاد لكسب المزيد من الأصوات التي تعزز فرص الفوز بهذا السباق المهم، وفي هذا الشأن وبعد يومين على انتهاء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في فلوريدا وقبل 72 ساعة من المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في كارولاينا الشمالية اشتدت حماوة معركة الانتخابات الرئاسية الاميركية مع مواصلة المرشحين الى البيت الابيض الرئيس باراك اوباما ومنافسه ميت رومني جولاتهما في ولايات رئيسية. وبدأ اوباما في ضاحية ديموين عاصمة ولاية آيوا (وسط) جولة تقوده الى شارلوت في كارولاينا الشمالية (جنوب شرق) حيث يعقد المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي، وقد استهلها بخطاب وجه فيه اسهم الانتقاد الى مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي انتهى مساء الخميس في تامبا بفلوريدا.

وقال اوباما في الولاية التي استهل فيها قبل اربعة اعوام حملة انتخابية فاز في نهايتها بمفاتيح البيت الابيض، انه "على الرغم من كل التحديات التي تنتظرنا في هذا القرن فان ما قدموه لنا خلال هذه الايام الثلاثة غالبا ما كان برنامجا يتناسب والقرن الماضي". وتابع "كان بامكانكم ان تروا كل هذا على تلفزيون بالابيض والاسود"، مضيفا "دعوني الخصه لكم: كل شيء سيء، الحق على اوباما، والحاكم رومني هو الوحيد الذي يعرف السر لخلق وظائف والنهوض بالاقتصاد".

وقال الرئيس المنتهية ولايته ايضا ان الجمهوريين "تحدثوا كثيرا عني. لقد تحدثوا كثيرا عنه (رومني)، ولكنهم لم يقولوا الكثير عنكم". واتى هجوم اوباما على منافسه الجمهوري بعد ساعات من خطاب القاه الاخير وقارن فيه الرئيس الديموقراطي بمدرب فريق رياضي "حان الوقت لاستبداله". وقال رومني خلال زيارة انتخابية لولاية اوهايو (شمال) بعدما استأنف حملته اثر اختياره رسميا مرشحا للحزب الجمهوري خلال مؤتمر تامبا في فلوريدا (جنوب شرق)، ان "احد وعود (باراك اوباما العام 2008) كان تأمين مزيد من الوظائف، واليوم فان 23 مليون شخص يعانون البطالة او توقفوا عن السعي الى وظيفة".

واضاف خلال لقاء انتخابي في سينسيناتي "اذا كانت حصيلة مدرب 23 مليون هزيمة من دون نصر واحد (فهذا يعني ان) الوقت حان لاستبداله". وتابع رومني ان "بول راين (المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس) وانا نملك خطة لاعادة اميركا الى العمل ستتيح تأمين 12 مليون وظيفة في البلاد بينها نحو 46 الفا هنا، في اوهايو". بحسب فرنس برس.

وتعتبر اوهايو احدى الولايات الرئيسية في انتخابات السادس من تشرين الثاني/نوفمبر الرئاسية. وسبق ان زارها رومني مرارا وهو يعول على الجانب المتصل بالطاقة في برنامجه لاجتذاب ناخبي هذه الولاية التي تنتج الفحم. وفي هذا السياق، اتهم في منتصف اب/اغسطس الرئيس الديموقراطي بشن "حرب على الفحم". وغادر اوباما الى ولاية ايوا (شمال) حيث يبدأ جولة تقوده الى شارلوت في كارولاينا الشمالية (جنوب شرق) والتي ستشهد اعتبارا من الثلاثاء المؤتمر العام للحزب الديموقراطي الذي سيسمي الرئيس مرشحا رسميا له.

ملايين الوظائف

في السياق ذاته تعهد ميت رومني بانهاض الاقتصاد الاميركي وخلق ملايين الوظائف واعتبر ان "ما تحتاجه بلادنا اليوم ليس معقدا ولا عميقا، ما تحتاجه اميركا هو الوظائف. الكثير من الوظائف". وكشف امام مندوبي الحزب الجمهوري الذين اختتموا مؤتمرهم العام في تامبا بولاية فلوريدا عن خطة من خمس نقاط لخلق 12 مليون وظيفة ادراكا منه بان الاقتصاد يشكل ابرز اهتمامات الاميركيين.وقد بلغت نسبة البطالة في الولايات المتحدة 8,3%.

وفي اهم خطاب في حياته نقل مباشرة امام ملايين المشاهدين الاميركيين، حاول رجل الاعمال الثري البالغ من العمر 65 عاما الانفتاح على الاميركيين وتحدث عن ماضيه واصله وعائلته وكنيسته المورمونية. وقال "حان الوقت لاحياء الوعد الاميركي". واضاف ان "اميركا تحلت بالصبر، لكن آن الاوان اليوم لطي الصفحة". واضاف ان "الوقت حان لوضع خيبات السنوات الاربع الماضية وراءنا، وضع الانقسامات والانتقادات جانبا".

وبعد مسيرة طويلة من خمس سنوات تخللتها صعوبات نحو تسميته مرشحا للحزب الجمهوري في تامبا، سيكون على ميت رومني الان محاولة اقناع الاميركيين باختياره وتفضيله على الرئيس المنتهية ولايته الديموقراطي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي خطاب حاول فيه اضفاء نفحة انسانية على صورته متحدثا عن عائلته وايمانه بمذهب المورمون، قال رومني "كنت ارغب في ان ينجح الرئيس، لانني اريد ان تنجح اميركا". واضاف "لكن وعوده تركت مكانها للخيبة والانقسام. هذا ليس امرا علينا القبول به".

وعلى مدى الايام الثلاثة خلال انعقاد المؤتمر الذي اعد له بشكل دقيق، تم بذل كل الجهود وخصوصا خلال اليوم الاخير لاظهار الجانب الانساني من المرشح. فقد شدد الخطباء خصوصا على صفاته الانسانية وتحدثوا عن رجل "متعاطف" مستعد على الدوام لمساعدة الاخرين بحسب ما قال احدهم. وسحرت زوجته آن رومني القلوب في مؤتمر الحزب حيث قالت انها جاءت "للتحدث عن الحب" وعن "الرجل الذي تحتاجه اميركا". كما تحدث اصدقاء له من كنيسة المورمون عن رومني، الذي تطرق الى ديانته امام مندوبي الحزب وهو موضوع لم يتناوله كثيرا حتى الان. كما ان اختياره عضو الكونغرس بول رايان (42 عاما) كمرشح لمنصب نائب الرئيس اعطى زخما كبيرا للحملة ونفحة من الشباب.

من جانب اخر هاجم بول راين الذي قبل تسمية الجمهوريين له مرشحا لمنصب نائب الرئيس السياسة الاقتصادية للرئيس الاميركي باراك اوباما ليعطي بذلك دفعا لحملة المرشح ميت رومني، وقال راين "اقبل واجب المساعدة في اخراج امتنا من ازمة الوظائف واعادتها الى الازدهار. اعرف انه بامكاننا القيام بذلك" دون ان يظهر عليه اي توتر يذكر خلال خطاب هو الاكبر في حياته السياسية استمر 35 دقيقة. واتهم راين اوباما بانهاك الاقتصاد الاميركي خلال اربع سنوات من "سياسات اقتصادية فاشلة" معتبرا رومني البالغ من العمر 65 عاما حاكم ماساشوستس السابق، الرجل القادر على قلب الامور بفطنته في ادارة الاعمال. وقال انه "بعد اربع سنوات من المراوحة اميركا بحاجة الى تغيير في المسار والشخص المؤهل للقيام بذلك هو الحاكم ميت رومني".

في المقابل، اعلن فريق حملة الرئيس اوباما ان ميت رومني ليس اقوى سياسيا بعد انتهاء مؤتمر الحزب الجمهوري مما كان عليه قبله، مبديا اسفه لعدم التطرق الى الوضع في افغانستان في خطابه. كذلك ندد فريق اوباما بالصورة التي عرضها المرشح الجمهوري لعمل الحكومة في خطابه الختامي للمؤتمر الجمهوري ودقق مباشرة في مضمون خطاب رومني سعيا لتوضيح اي التباس حول ما اعتبره تشويها لاداء الادارة.

وقال جيم ميسينا مدير حملة اوباما "كما خلال المؤتمر الجمهوري بكامله، فان خطاب ميت رومني تضمن سلسلة طويلة من الهجمات الشخصية والكلام المبتذل الاعتيادي لكنه خلا من اي فكرة عملية حول سبل دفع البلاد قدما". وعلى الصعيد الاقتصادي، لفت ميسينا الى ان "ما لم يعرضه (رومني) هو اقتراحاته الفعلية التي ستعيد بلادنا الى الخلف" منتقدا ايضا رومني بشأن افغانستان.

واشار ميسينا الى ان رومني سيحقق خمسة تريليونات من "التخفيضات الضريبية للاثرياء تدفعها عنهم الطبقات الوسطى" وسيحول برنامج الضمان الصحي للمسنين "ميديكير" الى نظام قسائم. وقال "خلال خطاب استمر 45 دقيقة لم يجد ميت رومني لحظة لذكر افغانستان. وهو بعدم طرحه اي خطط جديدة ولزومه الغموض حول خططه الفعلية، لم يغادر هذا المؤتمر اقوى مما كان حين وصل اليه". بحسب فرنس برس.

وهي المرة الثانية التي يتقدم فيها رومني، رجل الاعمال هذا الفاحش الثراء والحاكم السابق لولاية ماساتشوستس (2003-2007) والذي راكم على مدى سنوات نجاحاته في القطاع الخاص، الى الانتخابات التمهيدية للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية. وسبق ان فشل في 2008 حيث تقدم عليه جون ماكين الذي هزمه باراك اوباما في نهاية المطاف في السباق الى البيت الابيض.

المدافع عن العسكر

من جانب اخر رفض الرئيس الاميركي باراك اوباما في حديث لعسكريين طرح نفسه في موقع المدافع عنهم، فكرة ان يكون نفوذ الولايات المتحدة يتراجع في العالم، في تلميح الى انتقادات خصومه الجمهوريين. وفي خطاب القاه في معسكر فورت بليس (تكساس، جنوب) بمناسبة الذكرى الثانية لاعلان انتهاء العمليات القتالية الاميركية في العراق، تحدث اوباما عن سحب الجنود من افغانستان حيث يفترض استكمال نقل المسؤوليات الامنية الى القوات المحلية بحلول نهاية 2014.

وقال الرئيس امام حوالى خمسة الاف من الجنود وافراد عائلاتهم "لا تخطئوا في الامر. انهاء هذه الحروب بشكل مسؤول يضعنا بمأمن اكثر ويجعل جيشنا اقوى. وانهاء هذه الحروب يسمح لنا بالانصراف الى شيء اخر، ترميم الزعامة الاميركية". وتابع اوباما "ان سمعتم ايا كان يحاول القول ان الولايات المتحدة في تراجع او ان نفوذنا تقلص، لا تصدقوه، لان الحقيقة هي التالية: تحالفاتنا لم تكن يوما امتن مما هي اليوم"، في رد بدون ذكره بالاسم على ميت رومني خصمه في الانتخابات الرئاسية في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر. وكان رومني اتهم من ضمن ما اتهم به اوباما بانه "تخلى" عن بولندا و"تخلى عن اسرائيل". كما حمل المحافظون ضمن خطاباتهم خلال المؤتمر الجمهوري على حصيلة اوباما في السياسة الخارجية وقالت وزيرة الخارجية السابقة في عهد جورج بوش كوندوليزا رايس ان ضعف اميركا يهدد ب"جعل العالم اكثر خطورة".

ونفى اوباما ان يكون تبنى موقفا "ملائكيا"، مؤكدا انه "في عالم من المخاطر البالغة، لن اتردد ابدا في استخدام القوة دفاعا عن الولايات المتحدة او عن مصالحنا". ووقع اوباما مباشرة في المكان مرسوما يهدف خصوصا الى تدارك عمليات الانتحار في صفوف القوات المسلحة، وهي ظاهرة اتخذت بعدا مقلقا في السنوات الاخيرة وقد اقر البنتاغون نفسه بذلك.

ويحرص اوباما الذي اتخذ موقعا سياسيا على الصعيد الوطني بمعارضته منذ العام 2002 فكرة التدخل عسكريا في العراق، على التذكير في جميع خطاباته الانتخابية بانه نفذ احد وعوده الرئيسية خلال الحملة الانتخابية عام 2008 بوضعه حدا للالتزام العسكري في هذا البلد. ولا يتغاضى اوباما مرة خلال مداخلاته عن ذكر الجيش فيشيد بتفاني الجنود ويثني على القوات المسلحة التي تعتبر موضع اجماع في الولايات المتحدة حيث تحظى المؤسسة العسكرية باحترام كبير.

ومن الناحية محض الانتخابية، فان العسكريين سواء في الخدمة او الاحتياط او قدامى المقاتلين اكثر ميلا من المعدل الوطني الى المواقف المحافظة، وهم يمثلون مجموع 25 مليون ناخب. وفي حال تمكن اوباما من اقناع المزيد منهم بالتصويت لصالحه فقد يساعده ذلك على الفوز ببعض الولايات الاساسية في 6 تشرين الثاني/نوفمبر. بحسب فرنس برس.

وغفل رومني في خطابه في تامبا عن ذكر افغانستان، ما اعطى معسكر اوباما موضوعا يمكنه تناوله في انتقاداته له. وقال فريق اوباما مستغربا في شريط فيديو نشر على الانترنت "في وقت يقاتل 74 الف اميركي رجالا ونساء من اجل بلادهم في افغانستان، لم يرد مرة ذكر كيف او متى يعودون الى ديارهم سالمين". ويرى الديموقراطيون انهم يخوضون الانتخابات الرئاسية من موقع قوة في ما يتعلق بملف الامن القومي، ولا سيما بعد تصفية اسامة بن لادن في مطلع ايار/مايو 2011 في باكستان، في عملية شنتها وحدة خاصة اميركية واعطى الرئيس شخصيا الضوء الاخضر لها.

سكان لويزيانا

على صعيد متصل اعلن الرئيس باراك اوباما انه سيتفقد مدينة لويزيانا التي اجتاحتها فيضانات كبيرة، فيما اكد احد مستشاريه ان هذه الزيارة كانت مقررة قبل اعلان رومني عن زيارته المفاجئة. واختار رومني الغاء لقاء مقررا في فرجينيا (شرق) سعيا منه لتلميع صورته كرجل الموقف. وكان الرئيس السابق جورج بوش واجه حملات لاذعة عام 2005 بعدما تاخر في التجاوب مع الموقف حين اجتاح الاعصار كاترينا نيو اورلينز في 29 اب/اغسطس موقعا 1800 قتيل في المنطقة. وقال زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد منتقدا خطوة رومني انه ليس رئيسا ولو كان رئيسا لما كانت خططه لميزانية البلاد سمحت بمواجهة الاضرار التي خلفها الاعصار اسحق واغاثة الضحايا.

وذكر ريد ببرنامج بول راين مرشح رومني لمنصب نائب الرئيس في ما يتعلق بالميزانية والذي ينص على تخفيض حاد في المساعدات المخصصة للكوارث الطبيعية فوصف زيارة المرشح الجمهوري الرامية مبدئيا الى "التعبير عن التعاطف" بانها "ذروة الخبث". وذهبت السناتورة الديموقراطية عن لويزيانا ماري لاندريو في الاتجاه ذاته فابدت املها بان تحمل زيارة رومني المرشح الى "التفكير في نهج حزبه في ما يتعلق بسبل تمويل الرد على الكوارث".

والتقى ميت رومني خلال زيارته حاكم لويزيانا الجمهوري بوبي جيندال وجال في آلية مجهزة للعبور وسط المياه.. وكان المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني اعلن ان اوباما يعتزم زيارة لويزيانا بعد تجمع انتخابي في اوهايو (شمال) وسيلتقي ممثلين عن السلطات المحلية وسكانا تضرروا جراء الاعصار. لكن المتحدث رفض التعليق على جدوى زيارة رومني الى المدينة في وقت لا يتولى اي مهام رسمية.

وقال احد مستشاري اوباما للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية اير فورس وان ان "قرار الرئيس زيارة نيو اورلينز اتخذ قبل ان يعلن الحاكم رومني عن قراره زيارة لويزيانا ". وقام رومني بالرحلة في طائرة جديدة مخصصة لحملته تم الكشف عنها في لايكلاند في يومه الاول كمرشح رسمي عن الحزب الجمهوري. بحسب فرنس برس.

وتثبيته في هذا الوضع يسمح له باستخدام كل الاموال التي جمعتها الحملة الانتخابية، وهي طائلة اذ تصل غنيمة الجمهوريين الى حوالى 186 مليون دولار مقابل 124 مليونا من الجانب الديموقراطي. وضرب الاعصار اسحق خليج المكسيك بعدما تسبب بامطار غزيرة انهمرت على فلوريدا وادى الى تأخير انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري في تامبا يوما واحدا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيلول/2012 - 18/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م