نظام الحكم الاسلامي ومواصفات الحاكم

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: معظم الانظمة السياسية في العالمين العربي والاسلامي، تضع في دستور الاسلام دينا رسميا لدولها، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في عدم التزام هذا الانظمة بجوهر الاسلام، أي ان الحكام وأنظمتهم في الدولة الاسلامية، يعلنون شيئا، وينتهجون سبلا اخرى تظلم شعوبهم، وتسلب حقوقهم، ويحمون عروشهم بالحديد والنار والقتل والسرقة وما الى ذلك من اساليب، انتهجتها الانظمة المستبدة، التي تدعي الاسلام وهي بعيدة عنه كل البعد.

النقص في تطبيق الاسلام

تتعمد الحكومات الدكتاتورية على غبن الشعب، فتعمد الى تطبيق الاسلام بصورة شكلية لا جوهرية، وحسب مصالحها، فمثلا تطبق جلد الزاني وتقطع يد السارق فقط لاغير، وكأن الاسلام يكمن في هذه العقوبات فقط!!، بل الاسلام دين راقي ومنهج حياة كامل، ولكن التهرب من تعاليم الاسلام يتم من لدن هذه الانظمة لانه يساوي بين الحاكم والمحكوم في الحقوق والواجبات.

يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في كتاب (من عبق المرجعية): (تطبيق الإسلام بصورة ناقصة يعطي صورة مشوّهة عن الإسلام، وهذا هو حال بعض الدول الإسلامية اليوم المتبجّحة بتطبيق الإسلام مع أنها لا تطبّق إلاّ جَلْد الزاني وقطع يد السارق، فهل هذا هو الإسلام وحسب؟(.

لذا يؤكد المرجع الشيرازي، ان الاسلام ليس اقوال فقط، بل تعاليم تتجسد في الاعمال والافعال، لاسيما في ادارة الدولة وشؤون الشعب، حتى لو اعلن الحاكم انه مسلم، وحتى لو اعلنت الدولة اسلامية، هذا وحده لا يكفي، يجب ان يتم تطبيق الاسلام بمبادئه وتعاليمه لضمان حياة عادلة وجيدة للجميع، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (الدولة غير الإسلامية هي الدولة التي لا تحكم بالإسلام أي لا تطبق قوانين الإسلام، وإن كانت تسمى نفسها إسلامية، فليس المهم الاسم بل التطبيق والعمل.)

الحاكم بين الواقع والظاهر

ان الحاكم الذي يعلن نفسه اسلاميا، ويعلن دولته اسلامية، عليه ان يلتزم بتعاليم الاسلام، وإلا فإن الاعلان وحده لا يكفي، ولا يصح ان يتبجح الحكام بالدين كأقوال فقط، أو انتساب بالاسم فقط، الاسلام منهج حياة يضمن حقوق الجميع، وعلى الحاكم وحكومته تطبيق الاسلام لضمان حياة افضل للناس.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص: (كل حكم لا ينتهي إلى الله فهو غير مشروع وغير إسلامي وإن كان صادراً عن دولة تسمّى إسلامية؛ لأن المهم الواقع وليس الظاهر، فلو صنعت من الكارتون شكلاً على هيئة إنسان فهل يصبح إنساناً مع أنه لا روح فيه ولا يتكلّم ولا يرى ولا يفكّر؟ أم أن الإنسان هو هذا الكائن الذي يتحرّك ويريد ويقوم ويقعد ويفكّر).

لذلك القول واللفظ وحده لا يكفي ابدا ما لم يدعمه الفعل الواقعي على الارض، حتى لو اعلن انتماءه للاسلام، إذ يضيف سماحة المرجع الشيرازي قائلا في هذا المجال: (لا يكفي للحاكم أن يقول: إنني حاكم إسلامي، بل لا بد أن يكون مستنداً إلى القرآن والسنّة، فما لم يؤيّده القرآن والسنّة والمعصومون سلام الله عليهم ويقولون أنه من عند الله، فهو في واقعه غير إسلامي وإن تسمّى بالإسلام).

ولهذا يجب أن نرفض اسلوب الشعارات الجيدة في مضمونها، ولكنها لا تنفذ على الارض، فالعمل الحقيقي هو الذي يطبق فعلا لا قولا فقط، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب المذكور نفسه: (إننا لا نسير خلف الأسماء والشعارات بل خلف الواقع).

الاسلام وادارة شؤون المجتمع

ثمة منهج في الاسلام يناسب حياة الناس، كونه يراعي جميع الظروف الانسانية المحيطة بالانسان، وتنحو التعاليم الاسلامية الى تحقيق العدل والمساواة والرفاه، وتدعيم الجانب الاخلاقي لدى الناس عموما، يقول سماحة المرجع الشيرازي في كتاب من عبق المرجعية: (لا شكّ أن الإسلام له نظام خاص للحكم، وإدارة شؤون المجتمع، كما لا شكّ في أن هذا النظام الإسلامي الخاص قد طُبّق في البلاد الإسلامية طيلة ثلاثة عشر قرناً حتى سقوط الدولة الإسلامية قبل أكثر من نصف قرن، سواء أكان التطبيق تامّاً أم ناقصاً).

لذا فالحكم الاسلامي لا يشبه الحكم الجمهوري، انما هو حكم استشاري غير مستبد، كما نلاحظ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص: (الحكم في الإسلام لا جمهوري ولا ملكي، بالمعنى المصطلح لهما في قاموس عالم الغرب اليوم، بل استشاري، ويصحّ أن نطلق عليه هذا الاسم باعتبار الاستشارية اسم.. لـ(الجمهوري)، فإنه ليس الحكم في الإسلام ملكيا وراثياً).

اما بخصوص مواصفات الحاكم الاسلامي يقول سماحة المرجع الشيرازي: إن (مواصفات الحاكم الإسلامي: أنه رجل مؤمن، متفقّه في الدين تماماً، يعرف شؤون الدنيا، ويتحلّى بالعدالة التامة، فمتى ما توفّرت في الإنسان هذه الشروط, ورضي به أكثر الناس صار حاكماً، وإذا فقد إحدى هذه الشروط عزل عن منصبه فوراً، ولكن إذا لم ترض الأمة ببقائه رئيساً حقّ لهم تبديله إلى غيره ممن جمع الشرائط.)

لقد ادى التناقض بين افعال الحكام وقراراتهم، وبين جوهر الاسلام، الى تخلف الدول الاسلامية عن الركب العالمي، والسبب هو عدم اعتماد الانظمة السياسية لمبادئ الاسلام، كالعدالة واحقاق الحق، ورفع الحيف والظلم عن ضعفاء القوم، وهكذا تتحول شعارات الانظمة الفاشلة الى اقول ناصعة جميلة، ولكنها تبقى اقوال فقط ولا تتجسد الى عمل ملموس، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي:إن (السبب فيما نراه في البلاد الإسلامية اليوم من نواقص، ومشاكل، يعود إلى أنها إسلامية بالاسم فقط، والشعار فحسب، وليس أكثر من ذلك).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيلول/2012 - 18/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م