الدب الروسي... مسعى بوتين لاستعادة العهد الستاليني!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تسجل روسيا حالة اضطراب كبيرة في الشؤون السياسية والحقوقية خاصة في الآونة الأخيرة، حيث نددت المعارضة بالأعمال القمعية التي  يرتكبها النظام الشيوعي ضدها، ويقول معارضون، في ذكرى انقلاب 1991 إن السلطات الشيوعية الروسية ستواصل تشديد قمعها للمعرضين ورقابتها في المستقبل كما حصل في الأشهر الأخيرة، بعد حركة احتجاجية غير مسبوقة ضد الرئيس الروسي بوتين، الذي يقود روسيا منذ اكثر من عقد بيد من حديد، وقد قادت المعارضة تلك الاحتجاجات وطالبت فيها بأجراء بعض الاصطلاحات اضافة الى رفضها المعلن لنتائج الانتخابات الروسية الاخيرة، حيث حكم على عدد كبير من المعرضين الروسيين المنادين بالديمقراطية والمعرضين لنظام بوتين بعقوبات قاسية بالسجن بتهمة التحريض على تقويض سلطة الدولة، وهي تهمة غالبا ما تطبق على المعارضين السياسيين في روسيا، ويمثل هذا العام  حساسية سياسية خاصة بعد حركة الاحتجاجات ايام الانتخابات التي شابته خلافات داخلية عنيفة داخل الحزب الشيوعي الحاكم، ويرى المحللون السياسيون بان ما تقوم به حكومة بوتين من مضايقات وتشيد العقوبات ما هي الا رسالة موجهة الى المعارضين لاثبات ان السلطة مستعدة لتضييق الخناق عليهم بشدة وحزم اكبر من اي وقت مضى، من جهة أخرى اثارت جهات الإسلامية المتشددة التوتر في تتارستان الروسية، فباتت روسيا اليوم تعاني من تدهور اجتماعية وسياسية واقتصادية بشكل نسبي وخاصة هذا العام، على الرغم من التقدم تصاعديا في تلك المجالات انفة الذكر خلال الفترة الأخيرة.

ذكرى انقلاب 1991

فقد انتقد معارضو الكرملين الرئيس فلاديمير بوتين في مناسبة ذكرى هزيمة الانقلاب الذي عجل بانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 قائلين انه تمكن من القضاء على كل ما تحقق من تقدم نحو الديمقراطية وهو امر بدا مستحيلا قبل 21 عاما، وقال ساسة معارضون ومواطنون روس عاديون ان عقوبة السجن عامين التي حكم بها على عضوات فريق بوسي رايوت الغنائي لاحتجاجهن على بوتين في كاتدرائية يأتي في اطار حملة تعيد إلى الحياة المحاكمات الصورية وأساليب الترهيب في العهد السوفيتي، وقال ايفان بريوبراجينسكي الذي جاء إلى موسكو مع زوجته وابنته ذات السنوات الخمس ليضع باقة من الزهور على نصب تذكاري متواضع لثلاثة شبان قتلوا اثناء معارضة الانقلاب "الوضع بالنسبة للديمقراطية اسوأ مما كان فلنقل منذ 15 عاما، "اننا نسير نحو التسلط والشمولية"، ووصف الحكم الذي صدر ضد عضوات فريق بوسي رايوت بانه جزء من سلسلة من الخطوات لسحق المعارضة منذ فوز بوتين بفترة رئاسية جديدة في مارس اذار، وادينت نادجدا تولوكونيكوفا (22 عاما) ومارينا اليوخينا (24 عاما) ويكاترينا ساموتسيفيتش (30 عاما) بالشغب المدفوع بكراهية دينية. بحسب رويترز.

وتقول الفتيات إن احتجاجهن كان ضد علاقات بوتين الوثيقة مع الكنيسة عندما اقتحمن كاتدرائية المسيح المخلص ذات القبة الذهبية في موسكو وهن يرتدين أقنعة تزلج براقة وتنورات قصيرة، وانتقدت حكومات غربية وجماعات حقوقية ومشاهير مثل مادونا هذه الاحكام بوصفها غير متناسبة، وقال زعماء المعارضة في روسيا انهم يأملون بأن يجذب الغضب الذي اثارته هذه القضية حول العالم مزيدا من الروس للمظاهرات التي تبدأ الشهر المقبل واعادة اشعال حركة احتجاجية تفجرت في ديسمبر كانون الاول بسبب شكوك في حدوث تلاعب في الانتخابات والغضب من قرار بوتين بالعودة للرئاسة.

قفزة للامام

في سياق متصل قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان روسيا بحاجة الى "قفزة للامام" لتحديث صناعتها الدفاعية الضخمة معيدا للاذهان حملة التصنيع الطموحة التي نفذها الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين خلال فترة الاعداد للحرب العالمية الثانية، وقال بوتين لمجلس الامن الروسي "علينا ان ننفذ نفس القفزة القوية الشاملة للامام في تحديث الصناعة الدفاعية مثل القفزة التي جرت في الثلاثينات " دون ان يذكر ستالين بالاسم، وحكم ستالين الامبراطورية السوفيتية بيد من حديد لمدة 27 عاما وينحي باللائمة عليه في قتل نحو ستة ملايين شخص ولكن روسا كثيرين يشيدون ايضا به لكسبه الحرب وتصنيع البلاد، وجعل بوتين تجديد التصنيع احد اولوياته خلال الفترة الثالثة له في الكرملين والتي بدأت في مايو ايار وسط اكبر احتجاجات في حكمه الذي بدأ قبل 12 عاما . واعترف بوتين بان صناعة الدفاع التي كانت في قلب الاقتصاد الروسي في الماضي في حالة سيئة، وقال بوتين "للاسف فان كثيرا من مشروعاتنا مازالت متوقفة تكنولوجيا في القرن الماضي." وشكا بوتين من سوء الانضباط في المصانع التي تنفذ طلبيات دفاعية حكومية، وفي الثلاثينات حول الزعماء السوفيت بلدا ريفيا دمرته الحرب الاهلية الى قوة صناعية عظمى مستغلين الارهاب والاعدامات لفرض الانضباط الصارم في المصانع الجديدة التي شيدت في شتى انحاء هذا البلد الواسع، ونشر ديمتري روجوزين كبير مسؤولي صناعة الدفاع الروسية على صفحته على موقع فيسبوك نسخة من رسالة بعث بها ستالين عام 1940 لمديري مصانع البنادق وارفق معها تحذيرا ساخرا قال ان"مثل هذه الاساليب لتحسين الانضباط موجودة ايضا"، وقالت رسالة ستالين للمديرين "اعطيكم يومين او ثلاثة ايام لبدء الانتاج الضخم للاعيرة النارية للبنادق الالية ..اذا لم يبدأ الانتاج في موعده فان الحكومة ستسيطر على المصنع وتطلق النار عل كل الاوغاد هناك"، وقال روجوزين للصحفيين فيما يتعلق بما نشره على الفيسبوك "بالطبع لقد كانت دعابة." ولكنه اضاف انه لن يتم التغاضي عن الاخفاقات. بحسب رويترز.

وقال بعد جلسة مجلس الامن الروسي "اقمارنا الصناعية تسقط وسفننا تغرق. واجهنا سبعة اخفاقات في الفضاء خلال الثمانية عشر شهرا الماضية ولكن لم يشعر مصنع واحد بالعواقب، "لابد من معرفة الجناة. يجب ان تعرفهم البلاد"، ويعتزم بوتين انفاق 680 مليار دولار خلال السنوات الثماني المقبلة لتحديث الجيش مع تخصيص الجزء الاكبر من هذا المبلغ للمصانع الدفاعية التي يبلغ عددها 1350 مصنعا والتي تشغل نحو مليوني روسي. وايد كثيرون من عمال قطاع الدفاع بوتين خلال الانتخابات، ويعتبر بوتين هذا القطاع احد محركي النمو الجدد للاقتصاد الراكد والذي يمكن ان يساعد روسيا في وقف اعتمادها على الطاقة. ووعد بفتح هذا القطاع امام الشركات الخاصة.

شعبية بوتين

فيما افاد استطلاع للرأي اجراه مركز ليفادا المستقل ونشرت صحيفة كومرسانت نتائجه ان شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تراجع لكنه ما زال يلقى تأييد اكثر من ستين بالمئة من الروس، وما زال معظم الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون فلاديمير بوتين لكن شعبيته بلغت 63 بالمئة، بتراجع 4 بالمئة خلال شهر واحد، حسب هذا الاستطلاع الذي اجري بين 17 و21 آب/اغسطس وشمل 1601 شخص في 130 بلدة في روسيا، وكان 67 بالمئة من الذين شملهم استطلاع اجري في تموز/يوليو قالوا انهم يؤيدون بوتين، وقال نائب مدير مركز ليفادا الكسي غارجدانكين في تصريحات نقلتها الصحيفة ان "تأثير الحملة الانتخابية انتهى وكذلك الآمال في مستقبل افضل المرتبطة بهذا النوع من الحملات". بحسب فرانس برس. 

وصرح المحلل ميخائيل فينوغرادوف من الصندوق السياسي في سان بطرسبورغ للصحيفة ان هذا التراجع في شعبية بوتين يدل على ان "الشعب تعب" منه بعد عودته الى الكرملين في ايار/مايو بعد ولايتين رئاسيتين من العام 2000 الى 2008 واربع سنوات على رأس الحكومة، لكن حزب روسيا الموحدة الحاكم قلل من اهمية هذا التراجع، وقال اندري ايساييف المسؤول في الحزب، في تصريحات نشرتها كومرسانت انه "ليس هناك اي زعيم في اوروبا والولايات المتحدة يمكنه ان يقول انه يتمتع بالشعبية نفسها التي يتمتع بها بوتين".

100 يوم لبوتين في الكرملين تمر بهدوء

من جهة أخرى يحتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمرور 100 يوم على عودته الى الكرملين، وهي مناسبة تمر من دون ان يلاحظها احد في روسيا التي يقودها منذ اكثر من عقد رجل الاستخبارات السوفياتية السابق، وعاد بوتين الى منصبه رئيسا لروسيا في 7 ايار/مايو الماضي، بعد ولايتين رئاسيتين بين العامين 2000 و2008، ومدة فاصلة على رأس الحكومة (2008-2012) اذ لا يسمح الدستور له بالترشح لولاية رئاسية ثالثة متتالية، ولم تهتم الصحافة الروسية برمزية الايام المئة الاولى. ومن المطبوعات النادرة التي التفتت الى هذه المناسبة، صحيفة "روسييسكايا غازيتا" الرسمية التي قالت ان "الايام المئة ليست اكثر من طقس"، واعتبرت ان "عقد الزواج بين بوتين وروسيا وان كان غير ديني ولا يدوم مدى الحياة، الا انه لا يقاس بالايام بل بالعقود"، وتابعت "كل العالم يعرف انه ايا تكن المسؤولية التي يشغلها بوتين، فهو يقود البلد عمليا منذ الاول من كانون الثاني/يناير 2000 وفي محطات (2004، 2008، 2012) (يقود) قطاره ذي المسار الطويل من دون ان يهتز او يتسارع او يتباطأ"، واشارت الصحيفة الى ان "النبأ الوحيد في هذه الايام المئة هو ان شيئا جديدا فعلا لم يقل او ينفذ". بحسب فرانس برس.

ومنذ عودته الى الكرملين، عزز بوتين سيطرته على المجتمع المدني الروسي بعد حركة احتجاجية غير مسبوقة ضده، واقرت سلسلة من القوانين التي اعتبرت قمعا للمعارضة، في مقدمها قانون يعتبر الجمعيات المدنية التي تحظى بتمويل دولي او تقوم بنشاط سياسي "عميلة للخارج" ووضعها تحت رقابة مشددة، كما يفرض قانون اخر غرامات كبيرة على منظمي التظاهرات غير المرخصة، وصوت مجلس الشيوخ على اقتراح لقوننة نشاط المواقع الالكترونية المتضمنة معلومات ممنوعة بموجب القانون، يلزم اصحابها او المنصات الالكترونية التي تستضيفها بإقفالها.

تتارستان الروسية

هناك مؤشرات على أن الإسلام المتشدد قد ضرب جذوره في جمهورية تتارستان الروسية الثرية، بعد أن تعرض زعيم مسلم لهجوم أودى بحياته بينما جرح آخر في الهجوم، وقد ألقت الشرطة الروسية القبض على سبعة من المشتبه بضلوعهم بالهجوم، حسب ما صرح مسؤولون، لكن مصادر في جهاز الشرطة المحلي قالت لبي بي سي إنه تم استجواب أكثر من مئة شخص، بينما تقول بعض المجموعات الإسلامية في تتارستان إن عدد المحتجزين بلغ خمسمئة، وبين المعتقلين شخص كان ينظم رحلات حج ، ويقال إنه على خلاف مع المفتي، وقال المفتي فريد سلمان لبي بي سي انه يعتقد أن الانفجار والاشتباك الذي وقع ليس إلا البداية، وان هناك ما يربو على ثلاثة آلاف متشدد في تتارستان، وقد شهدت منتديات على الانترنت دعوات لقتل أشخاص ينتقدون الوهابية.

وكانت تتارستان، ذات الأغلبية المسلمة معروفة بالاستقرار والانسجام، وحتى اثناء الحقبة السوفياتية، كانت تعد مثالا للتعايش السلمي بين الأديان والأعراق المختلفة، لكن الأجواء اختلفت الآن، حيث يهدد متطرفون إسلاميون بإطلاق موجة من العنف، وبينما كنا نعبر أحد المنتزهات حيا أحد المعارف فريد سلمان قائلا "مرحبا فريد، انا سعيد أن أراك حيا"، ويحصل المتشددون الإسلاميون على دعم من عالم الجريمة المنظمة، هذا ما قالته مصادر أمنية لبي بي سي، ويقوم بعض الأشخاص بابتزاز التجار في السوق وإجبارهم على دفع الأتاوات، بدعوى الزكاة، ويقال ان تلك المبالغ تدفع "لأغراض الجهاد" العنيف، وقد شوهد متشددون تتار في أوساط المسلحين في الشيشان وحتى في أوساط مسلحي طالبان في افغانستان. بحسب البي بي سي.

ويقول بعض الخبراء إن جماعات المتشددين في تتارستان وضعت خلافاتها جانبا وتحاول الاتحاد من أجل زيادة قوتها ونفوذها، ويقول رئيس سليمانوف مدير الفرع المحلي لمركز الابحاث الاستراتيجية (فولغا): " السلطات فضلت الابقاء على الانطباع السائد من أن السلام يعم في هذه المنطقة، لم يستمعوا إلينا ولم يسمحوا لنا بالحديث، وهكذا خرجت الأمور عن السيطرة"، وكان سليمانوف قد طرد من وظيفته بعد أن نشر بحثه عن صعود الأصولية عام 2010، ويقول المفتي فريد سلمان "يبدو أننا وصلنا نقطة اللاعودة"، وقد صرح مدير مكتب وزارة الداخلية المحلي بعد تعرض مفتي تتارستان لمحاولة الاغتيال "هناك حرب غير معلنة تدور منذ 13 عاما"، وأضاف أن مئات المتطرفين جرى التعرف عليهم وأخضعوا للمراقبة من قبل الشرطة، وانه جرى التخلص من أربع منظمات مسلحة في السنتين الماضيتين في تتارستان، ويقول موسى بليف، وهو محام بارز في موسكو، ان أجهزة الأمن الروسية تستخدم هذا المناخ ذريعة لاعتقال اشخاص كانت تريدهم سابقا، ويتفق مع هذا نائل نابيولين رئيس إحدى المنظمات القومية المحلية، وكان هناك تأثير أصولي عربي منذ تسعينيات القرن الماضي، وهناك الكثير من رجال الدين الراديكاليين الشباب في تتارستان ممن تلقوا تعليمهم في السعودية، وكان زعيم المتمردين الشيشان دوكو عمروف قد صرح عام 2011 ان "على مجاهدي القوقاز الانتقال الى حوض الفولغا لإعداد المسلمين هناك للجهاد الذي سيؤدي في النهاية الى اقامة إمارة إسلامية في القوقاز".

اتهام زعيم للمعارضة الروسية بالسرقة

من جانب أخر اتهم محققون روس اليكسي نافالني المدون المعارض وزعيم الاحتجاجات بالسرقة مما يهدد احد أشد معارضي الرئيس فلاديمير بوتين بالسجن عشر سنوات، وقالت لجنة التحقيق الاتحادية في بيان إن نافالني اتهم بسرقة خشب من شركة حكومية عندما كان يقدم المشورة لحاكم منطقة محلية عام 2009 وأمرته بعدم مغادرة روسيا، وتأتي الاتهامات بعد سلسلة من الخطوات منذ أن بدأ بوتين فترة ولايته الجديدة لمدة ست سنوات في مايو ايار والتي يصفها معارضوه بأنها قمع للمعارضة، وقال نافالني (36 عاما) بعد الخروج من مقر لجنة التحقيقات في موسكو "وجهت إلي اتهامات وصدرت لي أوامر بعدم مغادرة البلاد"، وقال للصحفيين "هذا سخيف حقا وغريب جدا لأنهم غيروا تماما جوهر الاتهام مقارنة بما كان سابقا"، وقال محامو نافالني إنهم يتوقعون توجيه إليه اتهامات في القضية بإقليم كيروف والتي فتحت لأول مرة عام 2010 . لكنهم كانوا يتوقعون أن يواجه اتهامات مختلفة أقصى عقوبة لها السجن خمس سنوات، وقال نافالني وهو محام على تويتر إنه من الممكن أن يواجه عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى عشر سنوات في حالة إدانته، وكان بين زعماء احتجاجات كبيرة مناهضة لبوتين أشعلتها مزاعم تلاعب في انتخابات برلمانية في ديسمبر كانون الأول الماضي والتي فاز بها حزب روسيا المتحدة الذي ينتمي إليه بوتين. بحسب رويترز.

ومن بين الخطوات التي اتخذت في الآونة الأخيرة ووصفتها المعارضة بأنها جزء من قمع المعارضة إصدار قانون لزيادة الغرامة على المحتجين الذين يخرجون عن الخط المرسوم لهم وتشديد الرقابة على الحملات التي تلقى تمويلا أجنبيا ومجموعات التأثير، واحتجز نافالني وقضى فترة صغيرة في الحبس عدة مرات بسبب مخالفات إدارية مرتبطة بالاحتجاجات والتي كانت تجتذب أحيانا أكثر من 100 ألف شخص وتقوض سلطة بوتين. ولم يوجه إليه قط اتهامات بارتكاب جريمة أكثر خطورة.

اكتشاف طائفة تحت الأرض

في حين ذكرت وسائل اعلام محلية أنه تم اكتشاف 70 عضوا في طائفة إسلامية كانوا في ملجأ تحت الأرض يعيشون بدون حرارة أو أشعة الشمس لمدة حوالي عشر سنوات بضواحي مدينة قازان في روسيا، وشمل أعضاء الطائفة 20 طفلا أصغرهم عمره حوالي 18 شهرا فقط. وقد ولد العديد منهم تحت الارض ولم ير ضوء النهار حتى اكتشف ممثلو الادعاء مسكنهم في الأول من أغسطس آب وأرسلوهم لإجراء فحوص طبية، وتبين أن بينهم فتاة عمرها 17 عاما حامل، وتعرض الدين للقمع في الاتحاد السوفيتي الذي انهار في عام 1991 مما دفع الطوائف والمذاهب المختلفة للازدهار في ظل الفراغ الذي حدث، وذكرت تقرير لمحطة (فيستي) التلفزيونية الرسمية أن الجماعة المعروفة باسم طائفة (فيض الرحمانية) نسبة إلى منظمها فيض الرحمن ستاروف البالغ من العمر 83 عاما الذي أعلن نفسه نبيا ومنزله دولة إسلامية مستقلة، وقد وصف ستاروف بأنه نائب سابق لرجل دين إسلامي سني في سبعينات القرن الماضي، وقالت المحطة إن اتباعه يشجعون على قراءة مخطوطاته ومنع معظمهم من مغادرة المخبأ المكون من ثمانية طوابق تحت الارض. بحسب رويترز.

وفتح ممثلو الادعاء تحقيقا جنائيا مع الطائفة وقالوا انه سيتم حلها اذا واصلت أنشطتها غير القانونية مثل منع أعضائها من طلب المساعدة الطبية أو التعليم، ولم تحدث أي اعتقالات الا ان الشرطة ستحقق على الارجح في شكوك بأن بعض الاطفال جرى استغلالهم. وستقرر المحكمة ما إذا كان سيتم السماح للأطفال بالبقاء مع والديهم، وتقع قازان على بعد 800 كيلومترا الى الشرق من موسكو في تتارستان وهي جمهورية روسية داخلية يغلب المسلمون على سكانها.

الرئيس الروسي الراحل يلتسن

على صعيد مختلف قالت الشرطة في مسقط رأس الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن في جبال الأورال إن مخربين شوهوا وجه أحد التماثيل القليلة الخاصة بأول رئيس للبلاد بعد الحقبة السوفيتية حيث غطوه بطلاء أزرق وكسروا حروف اسمه على القاعدة، ونال يلتسن شعبية بعدما تحدى القادة الشيوعيين للاتحاد السوفيتي بدعواته لتسريع وتيرة الاصلاحات لكن كثيرا من الروس يمقتونه حيث يتهمونه بالتعجيل بانهيار الاتحاد كما ان لديهم ذكريات قاتمة عن حكمه في فترة التسعينات التي اتسمت بالفوضى، وكان الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف قد ازاح الستار عن التمثال - وهو عبارة عن لوح طويل من الصخر نحتت عليه صورة متجهمة ليلتسن - في ايكاترينبرج عاصمة منطقة سفيردلوفسك قبل نحو 18 شهرا، وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي عمالا يزيلون الطلاء بعد الاعتداء الذي حدث قبل الفجر والذي يواجه منفذوه عقوبة تصل إلى السجن ثلاثة أشهر إذا تم القبض عليهم، وكان يلتسن انتخب رئيسا لروسيا في يونيو حزيران 1991 عندما كانت لا تزال جزءا من الاتحاد السوفيتي. بحسب رويترز.

واستقال ميخائيل جورباتشوف كرئيس للاتحاد السوفيتي في ديسمبر كانون الأول عام 1991 ليضع نهاية الاتحاد، وأعيد انتخاب يلتسن في 1996 قبل أن يتنحى عام 1999 ليصبح فلاديمير بوتين القائم بأعمال الرئيس الروسي بعد تسع سنوات في السلطة شابتها مصاعب اقتصادية والحرب في الشيشان وتراجع نفوذ موسكو عالميا، وتوفي يلتسن عام 2007 عن عمر يناهز 76 عاما.

معارضة لنظام بوتين

الى ذلك حكم في روسيا على معارضة لنظام فلاديمير بوتين بالسجن ثماني سنوات بتهمة "تهريب مخدرات" في قضية مفبركة على حد قولها، في وقت يرى خبراء ان العقوبة رسالة حازمة جديدة يبعثها الكرملين لمنتقدي السلطة، ومثلت تايسيا اوسيبوفا (28 عاما) العضو في حزب "روسيا الاخرى" المعارض امام محكمة سمولينسك (420 كلم غرب موسكو) التي اصدرت بحقها ضعف فترة العقوبة التي طالب بها المدعي العام، ومنذ البداية انتقد محامو المعارضة المعتقلة منذ عامين، ما وصفوه بانه عمل استفزازي واكدوا ان ضغوطا مورست على اوسيبوفا لتشهد ضد زوجها سيرغي فومتشنكوف احد زعماء حزب روسيا الاخرى، وبعد ان رفضت ان تشهد ضد زوجها، ذكر الحزب على موقعه ان محققين قالوا لاوسيبوفا "ستكبر ابنتك بعيدا عنك!"، ثم اتهمت الشرطة اوسيبوفا بانها حاولت بيع كمية من المخدرات وهو ما نفته محامية الدفاع زفيتلانا سيدوركينا، وقالت "انها مأساة في بلادنا. عدد كبير من الاشخاص اودع السجن لان مسألة المخدرات تستخدم ضدهم لفبركة قضايا"، وقال فومتشنكوف في تصريح لفرانس برس ان ادانة اوسيبوفا "قرار سياسي يأتي من القيادات العليا. تريد السلطة اظهار قوتها وترهيب كل من يقف في وجهها"، واضاف ان زوجته ستقدم طعنا امام محكمة التمييز، ووصف سيرغي اودلتسوف الزعيم الاخر المعارض الذي اتى لدعم اوسيبوفا "الحكم بانه مريع وغير مبرر"، وقال المعارض والكاتب الروسي ادوار ليمونوف "انه حكم تعسفي" واعتبر العقوبة "قاسية للغاية". بحسب فرانس برس.

ويرى المحلل السياسي المستقل ديمتري اورشكين في الحكم "رسالة" موجهة الى المعارضين لاثبات ان السلطة "مستعدة لتضييق الخناق" عليهم في حين يواجه الكرملين منذ اشهر حركة احتجاج غير مسبوقة منذ عقد، وصرح اورشكين"لا تعارضوا اي شيء وسوف نترككم وشأنكم. والا سنجد مخدرات في منزلكم. انه قانون غير مكتوب. اذا كنتم ضد السلطة فانكم مشاغبون!"، وفي 17 اب/اغسطس حكم على ثلاث شابات في فرقة "بوسي ريوت" الغنائية الروسية بالسجن لعامين لاغنية احتجاجية ادينها في كاتدرائية في موسكو في شباط/فبراير، وفتحت تحقيقات اخيرا بحق اثنين من زعماء حركة الاحتجاج ضد بوتين هما المحامي والمدون الكسي نفالني والنائب المعارض غينادي غودكوف الذي قد يخسر حصانته البرلمانية، وفي تقريره الاخير حول حقوق الانسان في روسيا اشارت وزارة الخارجية الاميركية الى قضية اوسيبوفا، مشددة على انها لا تتلقى اي علاج في السجن رغم اصابتها بداء السكري، وكانت اوسيبوفا اعتقلت في 2010 في سمولينسك وحكم عليها مرة اولى بالسجن 10 سنوات، وادرج اسمها على قائمة المدانين لقيامهم بانشطة سياسية سلمت مطلع العام للكرملين عندما كان ديمتري مدفيديف رئيسا، ومدفيديف الذي اعتبر الحكم قاسيا جدا، تدخل ليطلب من النيابة اعادة النظر في القضية التي رفعت الى محكمة سمولينسك، وفي 2003 حكم على اوسيبوفا بالسجن لعام واحد مع وقف التنفيذ بتهمة ضرب حاكم منطقة سمولينسك الجنرال فيكتور ماسلوف (كاي جي بي سابقا) بباقة من الورد.

اعداء بوتين في البرلمان

من جهته قال غينادي غودكوف العضو المتنفذ في البرلمان الروسي واحد اشد المناهضين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان النيابة الروسية طلبت رسميا من النواب طرده من البرلمان، وقال غودكوف من حزب "روسيا عادلة" اليساري انه تلقى نسخة من رسالة وزعها مكتب الادعاء العام بين المجموعات في البرلمان الموالي للكرملين تطلب اجراء تصويت على مقعده، وتاتي هذه التصريحات وسط تحقيقات متزايدة في نشاطات قام بها غودكوف تحدثت عنها وسائل الاعلام التي يتحكم بها الكرملين، بعد ان شارك الاخير في تزعم الاحتجاجات الشتوية التاريخية ضد حكم بوتين، وقال غودكوف ان الرسالة حثت اعضاء البرلمان على التفكير بجدية في انهاء سلطات غودكوف، بحسب ما انقلت عنه وكالة انترفاكس، ولم يرد اي تعليق من النيابة نفسها، وينظر المحققون الفدراليون منذ اسابيع في صفقة عقارية اعترف غودكوف انه شارك فيها في بلغاريا ونتج عنها جدل محتدم بين الشركاء فيها واتهامات بالنصب والاحتيال. بحسب فرانس برس.

الا ان غودكوف يصر على انه انسحب من تلك الصفقة عندما انضم الى البرلمان في 2001 وبالتالي فانه لم ينتهك اية قوانين فدرالية، كما ينظر المحققون في الوضع المالي لزوجة غودكوف، وفي حال طرد غودكوف فان البرلمان سيتخلص من احد اشد اعداء بوتين، ويشتهر غودكوف (65 عاما) في ارجاء البلاد ولذلك يحظى بتغطية من كبرى القنوات التلفزيونية رغم ارائه الناقدة، وشارك غودكوف في قيادة اكبر التظاهرات التي شهدتها موسكو منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/أيلول/2012 - 16/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م