المسنون... سبل عيش مختلفة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تختلف طريقة العيش للمسنين حول العالم، باختلاف الثقافات والمستوى الاقتصادي والاجتماعي، فيما تعتبر الديموغرافيا قنبلة موقوتة في ألمانيا التي تشيخ اليد العاملة فيها وتتراجع بسرعة، في ظل معدل الخصوبة الأكثر انخفاضا في العالم ومتوسط العمر الأكثر ارتفاعا، في حين يكافح المسنون الأمريكيون انعدام الامن الاقتصادي، الذين يعيشون في الولايات المتحدة ، حيث يواجهون صعوبة في تغطية النفقات اليومية الاساسية وخاصة الأمريكيين من اصول لاتينية وافريقية واسيوية، على عكس المسنون في بولندا الذين يعيشون في وسط اجتماعي شبه مرفه بفضل التعاون المسنين مع بعضهم البعض، من جانب أخر سلبي لا يستطيع التايوانيون الاعتماد على أولادهم في شيخوختهم وهذه ظاهرة شائعة جدا في ذاك البلد وبلدان أخرى وخاصة الفقيرة منها، ومن جهة أخرى روج منظمو مؤتمر دولي للنشاط في مرحلة الشيخوخة للمسنين في السبعينيات من العمر  بتشجعهم على ممارسة الرياضة، ومهما اختلاف الفئات العمرية لدى الانسان تبقى الاردة والعمل هما ميزان التطور لرفاهته.

شيخوخة السكان قنبلة موقوتة

في سياق متصل يعيش اليوم في ألمانيا نحو 50 مليون شخص هم في سن العمل أي ما بين 20 و65 عاما. وبحسب توقعات المكتب الفدرالي للاحصاءات، ستنخفض هذه النسبة إلى 36 مليون شخص بحلول العام 2060، وقد حذر أرنو لوشوفالييه وهو أحد الباحثين في مركز "مارك بلوتش" في برلين من أن "انخفاض عديد اليد العاملة سيؤدي إلى تراجع نمو الاقتصاد الألماني على المدى الطويل"، وأوضح ستيفن كوثز الباحث في معهد "آي اف دبليو" الذي يعتبر من أكبر ستة معاهد اقتصادية في ألمانيا "من المفترض ألا يتخطى 1,2% في السنة، مقابل 1,5% في العام 2000"، مشيرا إلى أن ازدياد نسبة النساء وكبار السن العاملين يعوض في الوقت الراهن تداعيات شيخوخة السكان، وتابع قائلا "من شأن تزايد عدد المتقاعدين أن يؤثر على المالية العامة"، ولفتت إيريكا شولز الباحثة في معهد الابحاث الاقتصادية الألماني "دي آي دبليو" إلى أن نسبة الولادات في ألمانيا لا تتخطى "منذ أربعين عاما 1,4 طفل لكل إمرأة. ومن دون الهجرة، لا يشكل الجيل المقبل إلا ثلثي الجيل الحالي"، وقبل سقوط جدار برلين، كانت ألمانيا الشرقية تشهد معدل خصوبة أعلى بفارق بسيط منه في ألمانيا الغربية أي ما بين 1,7 و1,8 أطفال للمرأة الواحدة. وشرحت إيريكا شولز أن "النظام الشيوعي كان يحث على إنجاب الأطفال من خلال سلسلة من التدابير الخاصة بالعائلة. وبالتالي، فإن الأسرة التي تضم طفلا كانت تحصل بسهولة أكبر على شقة مثلا"، وخلال السنتين اللتين تلتا توحيد ألمانيا في العام 1990، انخفض معدل الخصوبة في الشرق بسرعة كبيرة ليصل إلى 0,9 أطفال للمرأة الواحدة، إثر تخوف السكان الذين كانوا يخسرون وظائفهم من غد قاتم. ثم ارتفع هذا المعدل مجددا ليتساوى في شقي ألمانيا. بحسب فرانس برس.

وأشارت بيتينا زومر من المكتب الفدرالي للاحصاءات إلى أن "نساء كثيرات في ألمانيا يعدلن عن الانجاب منذ السبعينيات". ففي العام 2008، 11% فقط من النساء اللواتي تخطين الستين من العمر لم يختبرن تجربة الأمومة، فيما تضاعفت هذه النسبة تقريبا في أوساط النساء اللواتي تراوحت أعمارهن بين 40 و 44 عاما لتصل إلى 21%، ويعزى هذا الوضع إلى ضعف البنى التحتية الخاصة بحضانة الاطفال في غرب البلد وقلة دور الحضانة، فضلا عن أن مدارس كثيرة تغلق أبوابها في بداية فترة بعد الظهر، وفي ظل عدم التساوي بين معدل الولادات ومعدل الوفيات، ينخفض عدد السكان في ألمانيا منذ العام 2003، باستثناء العام 2011 الذي ارتفع فيه عدد السكان إلى 81,8 ملايين نسمة بفضل زيادة ملحوظة في نسبة المهاجرين إلى ألمانيا، ونظرا إلى معدل الخصوبة الثابت، من المتوقع أن يستمر عدد سكان ألمانيا في الانخفاض بحلول العام 2060 ليصل إلى ما بين 65 و 70 مليون نسمة، بحسب مكتب الإحصاءات، علما أن ألمانيا هي حتى اليوم البلد الذي يضم أعلى كثافة سكانية في أوروبا، وعلى ضوء الارتفاع المستمر في معدل العمر المتوقع بفضل التقدم المحرز في مجال الطب، فإن نسبة الاشخاص الذين تتخطى أعمارهم الخامسة والستين ستسجل ارتفاعا كبيرا من 20% حاليا إلى 34% في العام 2060. وبحلول هذا الأجل، ستبلغ نسبة السبعينيين ضعف نسبة الولادات.

انعدام الامن الاقتصادي

فقد أظهر بحث جديد أن معظم المسنين المتقاعدين الامريكيين من اصول لاتينية وافريقية واسيوية الذين يعيشون في الولايات المتحدة يواجهون صعوبة في تغطية النفقات اليومية الاساسية ولا يشعرون بالامن الاقتصادي، ويقول مؤشر ستاندرد للامن الاقتصادي للمسنين الذي يحسب الامن الاقتصادي لكبار السن ان المسن الذي يعيش وحده يحتاج الى ما بين 19 الف دولار و25 الفا سنويا لتغطية النفقات في حين يحتاج المسن المتزوج الى ما بين 29 الف دولار و39 الفا وفقا للحالة الصحية ووضع السكن، لكن البحث الذي اجرته منظمة (فرص أوسع للمرأة) غير الربحية أظهر أن حوالي ربع كبار السن من اصول لاتينية ومن الامريكيين الافارقة والاسيويين فقط لديهم متوسط دخل تقاعد في اطار هذه المستويات، وقالت دونا أدكيسون رئيسة والمديرة التنفيذية منظمة (فرص أوسع للمرأة) ومقرها واشنطن والتي تشجع السياسات الرامية الى مساعدة النساء والاسر منخفضة الدخل "مع عمل كثير من الملونين في وظائف منخفضة الاجر فلا يمكنهم الادخار من أجل التقاعد مما أدى الى وجود أعداد هائلة من المسنين من الامريكيين الافارقة أو اللاتينيين أو الاسيويين غير قادرين على تغطية نفقاتهم الاساسية مع تقدمهم في السن"، وأظهر تحليل اجرته المنظمة لبيانات مكتب الاحصاء الامريكي أن 52 بالمئة من أسر المسنين يبلغون عن دخول لا توفر الامن الاقتصادي لتغطية تكاليف الغذاء والسكن والنقل والرعاية الصحية ونفقات متنوعة. بحسب رويترز.

وبالنسبة للمتقاعدين من اصل لاتيني يرتفع الرقم الى 76 بالمئة و74 بالمئة للامريكيين الافارقة و65 بالمئة للاسيويين، وقالت أدكيسون ان معظم المشكلة نتيجة لانخفاض الاجور مما يعني مخصصات اقل للضمان الاجتماعي الذي يشكل نحو 70 يالمئة من الدخل أثناء التقاعد، ويشير البحث الى أن الصعوبات الاقتصادية تكون أسوأ للمتقاعدين الذين يعيشون وحدهم اذ أن 83 بالمئة من المتقاعدين من اصل لاتيني و 79 بالمئة من الامريكيين الافارقة و 72 في المئة من الاسيويين الذين يعيشون بمفردهم لا تغطي دخولهم الاحتياجات الاساسية، وقالت المنظمة ان حالة السكن أيضا لها تأثير اذ أن المتقاعدين المستأجرين عرضة لخطر عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم اكبر من الاشخاص الذين يملكون منازلهم، وقالت أدكيسون "العيش بدون ضمان الدخل يعني الاختيار بين شراء الادوية وتناول ثلاث وجبات يوميا."

المسنون في خدمة المسنين

ففي ايام من كل اسبوع يقوم نحو 12 مسنا بتمارين رياضية في مقر جمعية "اخوان الفقراء الصغار" في بوزنان مع مدربتهم لودفيكا كوتشمان..المسنة ايضا، وتؤكد لودفيكا "اتمرن ثلاث ساعات يوميا وعلى الرغم من بلوغي السادسة والستين انجح في القيام بالحركات نفسها التي يقوم بها ابناء الثامنة عشرة". ولودفكيا مدربة رياضة متطوعة في هذه الجمعية التي تهدف الى مكافحة تهميش المسنين، وتضيف هذه الرياضية التي تؤكد انها لم تمرض مرة واحدة في غضون 23 سنة "اريد ان يدرك كل هؤلاء الاشخاص انهم في حال اعتنوا باجسادهم، سيبقون في صحة جيدة"، هذه التمارين تشغل خصوصا المفاصل الضرورية لحركة المسنين وكل ذلك على وقع الموسيقى، يقول ستينسلاف سولوش (72 عاما) وهو احد مسني الجمعية "بفضل التمارين الرياضية تكون حركاتنا سلسة اكثر ونحن سعداء وفرحون. هذه التمارين مهدئة جدا للاعصاب وتعطينا الكثير من الامل للحاضر والمستقبل"، ومن النشاطات الاخرى التي تقترحها الجمعية الرقص والمسرح وزيارات المتاحف، وتنظم ايضا زيارات الى المنازل لتسلية الاشخاص المعزولين ومساعدة اخرين لا يتمتعون باستقلالية، وتقول جانينا كليزان (80 عاما) التي تعاني من مشاكل في النظر ومن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم "اقيم وحيدة منذ ست سنوات بعدما ماتت ابنتي اثر مرض مفاجئ"، ماريا تيتولا المسنة والمتطوعة ايضا في الجمعية اتت لتسليتها في عزلتها، وتقول ماريا "نتبضع معا ونتنزه ونذهب الى السينما او عند الطبيب. اننا نتكامل" مشددة على ان جانينا نادرا ما كانت تخرج من منزلها قبل ان تتعرف إليها، وتلتقي الامرأتان اللتان اصبحتا لا تفترقان تقريبا، بانتظام منذ سنة، وتضيف "من خلال وجودي الى جانبها والوقت الذي امضيه معها، احاول ان اجعل حياتها اكثر متعة" لكنها تقر انها باتت عاجزة عن القيام بمجهود جسدي كبير لمساعدتها في المهام الصعبة. بحسب فرانس برس.

ومنذ تأسيس الجمعية في فرنسا العام 1946 من قبل ارمان ماركيزيه، بات ل"اخوان الفقراء الصغار" وجود في المانيا واسبانيا وايرلندا. ومنذ العام 2002، اصبحت بولندا ثامن دولة ينتشرون فيها. وللجمعية مكاتب في ثلاث مدن بولندية هي وارسو وبوزنان ولوبلين، وتوضح آنا كوسيكوفسكا رئيسة الجمعية في بوزنان "قبل دخول بولندا الى الاتحاد الاوروبي سافر عدد كبير من المتطوعين الى فرنسا للتدرب. ولكن في مطلع الالفية ارادت الجمعية في فرنسا ان نكون جزءا من الاتحاد الدولي لاخوان الفقراء الصغار". وقد امضت شخصيا خمسة اشهر في ليل ودانكيرك وباريس حيث خضعت للتدريب، وفي السنوات الاولى التي تلت تأسيسها في بولندا كانت الجمعية تتمتع بدعم مادي من شركات فرنسية. لكن منذ العام 2006 باتت الجمعية مستقلة وتمول البلدية مشاريع لها ب80 الف زلوتي في السنة اي 20 الف يورو، وتضيف آنا "هذا المبلغ يؤمن اجر الموظفين الاثنين لدينا والزيارات الثقافية للمسنين فضلا عن المشاريع الاكثر اهمية"، وقد تم لفترة، درس امكانية زيارات متبادلة مع فرنسا الا ان الامر لم ينجح، وتؤكد "ان تنظيم عملية النقل معقدة جدا. يجب الا ننسى انهم مسنون وان رحلة كهذه ستكون متعبة جدا بالنسبة إليهم. في المقابل نحن على اتصال دائم مع نظرائنا الفرنسيين الذين ينقلون لنا كل خبرتهم في ما يتعلق بالتدريب".

التايوانيون لا يستطيعون الاعتماد على أولادهم في شيخوختهم

على الصعيد نفسه كانت التايوانية لي هوا تعتقد أن شيخوختها مؤمنة بما أن لديها أربعة أولاد راشدين ومنزل باسمها وحسابا مصرفيا... لكنها اليوم وفي سن السابعة والسبعين، تجمع النفايات لتأمين لقمة عيشها، وتعتبر لي واحدة من بين كثيرين في المجتمع التايواني يعانون اليوم من تقطع أواصل الأسرة بعد أن كان الأولاد يأخذون على عاتقهم الاعتناء بذويهم في شيخوختهم. وكان الأبناء بشكل خاص يعيشون مع ذويهم وإن كانوا متزوجين، قبل ثلاث عشرة سنة، تمكن صهر لي وابنتها البكر من إقناعها بإقراضهم كل أموالها. ومذاك، لم تر نقودها مجددا ولا حتى ابنتها، علما أن ابنتها الثانية تتجاهلها والثالثة لا تجني ما يكفي لمساعدتها. أما ابنها فهو في السجن، بالتالي، اضطرت هذه الأرملة السبعينية إلى مغادرة منزلها والعيش في مأوى للمشردين في ضاحية تايبيه. وتقول العجوز وهي تجلس وسط علب من الكرتون وزجاجات بلاستيكية تجمعها من الشارع لتعيد بيعها إلى شركات لإعادة التدوير، "بكيت كثيرا إلى أن تضررت عيناي. أحاول ألا أفكر كثيرا في ما حصل"، وقد أظهرت الأرقام الأخيرة التي نشرتها الحكومة أن نحو 2800 عجوز رفعوا شكوى بالإهمال أو الهجر سنة 2010 مقابل 2100 سنة 2009، وعلى الرغم من أن الرقم الحقيقي هو ومن دون شك أكبر من ذلك بكثير، إلا أن عددا كبيرا من العجزة التايوانيين يترددون قبل الاعتراف بأن أولادهم هجروهم، حفاظا على ماء الوجه، على حد قول لي هسيونغ التي تدير جمعية من أجل العجزة في تايبيه، ويحصل العجزة على ثلاثة آلاف دولار تايواني (77 يورو) شهريا من الدولة. أما إذا كان لديهم أولاد، فلا تعتبرهم الدولة أشخاصا بلا دخل وينطبق ذلك أيضا على الأرامل اللواتي لم يعملن يوما، وفيما كان التايوانيون يؤمنون طوال أجيال بأن الأولاد يضمنون لهم شيخوختهم، انخفض عدد الأولاد في العائلات اليوم ولم يعد البالغون يشعرون بأنه من واجبهم مساعدة ذويهم. بحسب فرانس برس.

إلى ذلك، فإن 10,7% من سكان تايوان البالغ عددهم 23 مليون نسمة يبلغون من العمر 65 عاما وما فوق، علما أن هذه النسبة أعلى بكثير من نسبة ال7% التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية لاعتبار أي مجتمع "شائخا"، ونظرا إلى تزايد الحالات الشبيهة بحالة لي هوا، تفكر الحكومة في وضع قانون يعاقب الأولاد الذين يهجرون ذويهم بالسجن، في الوقت نفسه، تشهد تايوان ظاهرة جديدة تتمثل بإعالة العجزة أولادهم البالغين، ولا سيما أن البطالة طالت في أوائل العام 2012 أكثر من 11% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، وبغية مساعدة العجزة على عدم الاعتماد على أولادهم، يسعى الاتحاد من أجل رفاه العجزة إلى الترويج لمفهوم "الأمن الاقتصادي"، من خلال تشجيعهم على إيداع أموالهم مثلا في صندوق خاص، ويطرح البعض علامات استفهام حول مفهوم دعم الأولاد لذويهم، فيقول عالم الاجتماع شيو تيان-جو مثلا "الشبان لا يجنون بالضرورة أموالا أكثر. علينا أن نضع نظاما جديدا هدفه الاعتناء بالأكثر ضعفا"، ويعتقد العمال الاجتماعيون أنه على الحكومة الاضطلاع بدور أكبر في هذا المجال لأن العجزة لم يعد بإمكانهم الاعتماد على أولادهم، وقد اعتبر الرئيس ما يونغ-جيو أن هذا الأمر يشكل "تحديا كبيرا" بالنسبة إلى الحكومة وهو يعتزم إصدار قانون شامل حول العجزة سنة 2017، لكن لي هوا تفضل الاعتماد على عائلتها على الرغم من تجربتها المريرة، فتقول "آمل أن يجد ابني وظيفة يوما ما كي يتمكن من الاعتناء بي".

صحة كبار السن

على صعيد أخر خلصت الدراسة إلى أن كبار السن الذين لا يجيدون القراءة يزيد تعرض صحتهم للخطر، تقول دراسة نشرها الموقع الإلكتروني للمجلة الطبية البريطانية "بي إم جي" إن واحدا من كل ثلاثة أشخاص فوق سن 65 في إنكلترا يواجه صعوبة في فهم المعلومات الأساسية المتعلقة بالصحة، وقد خلصت الدراسة إلى أن فرص وفاة المرضى في هذه الشريحة العمرية خلال خمس سنوات تزيد بمقدار الضعف في المرضى اللذين يواجهون صعوبة في فهم وقراءة النشرات الطبية عن غيرهم ممن يجيدون القراءة، وأجرى فريق الباحثين بيونيفرستي كوليج لندن الذي أشرف على الدراسة اختبارات لنحو 8,000 شخص من البالغين حول فهمهم للتعليمات المتعلقة بتناول الأسبرين، وقالت "جمعية المرضى" البريطانية إن المرضى ينبغي أن يشاركوا في صياغة نشرة المعلومات الطبية للتأكد من أنها "ذات صلة وواضحة، وقال الباحثون، وهم من قسم علوم الأوبئة والصحة العامة بالجامعة، إن ضعف قدرة كبار السن على قراءة وفهم النشرات الصحية له انعكاساته على تصميم وتوصيل الخدمات الصحية لهذه الشريحة من الناس، وباستخدام اختبار قصير يضم أربعة أسئلة، مبنية على إرشادات مشابهة لتلك الموجودة في علبة الأسبرين، استطاع الباحثون أن يقيموا قدرة المشاركين على قراءة وفهم المعلومات الموجودة في هذه الإرشادات، وقد وجد الباحثون أن 67.5 في المئة من المشاركين كانت لديهم معرفة كبيرة بقراءة وفهم المعلومات الصحية، وقد حقق هؤلاء الدرجة النهائية بالإجابة الصحيحة على كل الأسئلة، بينما حقق نحو 20 في المئة من المشاركين مستوى متوسط، حيث ارتكبوا خطأ واحدا، بينما كان حوالي 12.5 في المئة من المشاركين لديهم معرفة صحية منخفضة، حيث استطاع هؤلاء أن يجيبوا إما على سؤالين، أو على سؤال واحد، أو لم يتمكنوا من الإجابة على أية سؤال بشكل صحيح، وفي الدراسة أيضا، لم يستطع نحو نصف المشاركين التي تتجاوز أعمارهم الثمانين عاما أن يجيبوا على أي من الأسئلة الأربعة بشكل صحيح، مقارنة بربع عدد المشاركين الذين كانوا في سن الستين أو أقل من ذلك، وقد قامت الدراسة بمتابعة المشاركين في الاختبار لمدة خمس سنوات في المتوسط بعد إجراء الإختبار، وفي خلال هذه الفترة، توفي 6.1 في المائة (321) من الأشخاص في المجموعة الأولى التي حققت أعلى نسبة من المعرفة الصحية، وتوفي 9 في المئة (143) من المجموعة الثانية ذات المستوى المتوسط، و توفي 16 في المئة (157) من المجموعة الأخيرة ذات المستوى الضعيف. بحسب البي بي سي.

وقال الباحثون إن المستوى الأقل من المعرفة الصحية كان مرتبطا بمعدلات أعلى من انتشار أعراض الإكتئاب، والإعاقة الجسدية والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، والسكتة الدماغية، والربو، بينما كانت درجات المستوى الأعلى من المعرفة الصحية مرتبطة بقدرات معرفية أقوى تضم الطلاقة اللفظية، والذاكرة النشطة، وعندما عدل الباحثون عوامل مثل الثروة، والتعليم، والدخل، والعرق، والصحة الأساسية، قلت العلاقة بين المستوى المنخفض للمعرفة الصحية ومخاطر الوفاة، "ولكنها ظلت كبيرة،" كما تقول الدراسة، وقالت المديرة التنفيذية لجمعية المرضى البريطانية كاثرين ميرفي إن الأمر مقلق أن يكون هناك العديد من الأشخاص الذين يجدون صعوبة في فهم المعلومات المرتبطة بالصحة، وأضافت "كيف يمكن أن نتوقع أن يقوم المرضى باتخاذ قرارت مبنية على المعرفة إذا كانوا لا يفهمون بشكل كامل المعلومات التي تعطى لهم، وشددت كذلك على ضرورة أن "يشارك المرضى في صياغة هذه النشرات الطبية من البداية لضمان أنها تقدم لهم معلومات مفيدة وواضحة"، وقالت المدير العام لمؤسسة "إيدج يو كى" البريطانية ميشل ميتشيل إن خبراء الصحة تقع على عاتقهم مسؤولية تقديم المعلومات الواضحة للمرضى، وأضافت "وبهذه الطريقة، سيتمكن الناس بشكل أفضل من إدارة ظروفهم الصحية، ومن اختيار نمط الحياة الإيجابي الذي يناسبهم والذي سيؤدي إلى تحسن حالاتهم الصحية."

ممارسة الرياضة

الى ذلك قال منظمو مؤتمر دولي يروج للنشاط في مرحلة الشيخوخة إن المسنين في السبعينيات من العمر يجب أن يتشجعوا على ممارسة الرياضة، وقال منظمو "مؤتمر شيخوخة نشطة"، الذي يعقد في اسكتلندا بين 13 و17 أغسطس، آب، إن عددا قليلا جدا من الناس يمارسون الرياضة ويؤدون تمارين، وهو ما يجعلهم أكثر ضعفا مما ينبغي أن يكونوا عليه، وقال دون سكيلتون، أستاذ الشيخوخة والصحة بجامعة كالدونيان غلاسغو "إذا كنت غير لائق بدنيا، لن يمكنك الحفاظ على نمط حياة مستقلة ونشيطة، وأضاف سكيلتون "على سيبل المثال، إذا كنت غير لائق بدنيا وسقطت، فلن تستطيع النهوض مجددا بينما إذا كنت نشيطا فسوف تستطيع، ويقول منظمو "مؤتمر شيخوخة نشطة" إن مستوى التمارين الرياضية الموصى بها لمن تجاوزوا 75 عاما هو 30 دقيقة من النشاط المعتدل يوميا. ويشير المنظمون إلى أنه بالرغم من ذلك فإن سبعة في المئة فقط ضمن هذه الفئة العمرية في بريطانيا يصلون إلى هذا المستوى، ويقول الأستاذ الجامعي دون سكيلتون "عندما تكون أصغر سنا، وحتى بلوغك 60 عاما تقريبا، يكون لديك بعض المخزون (من اللياقة) وبوسعك أن تفلت إذا كنت غير لائق بدنيا إلى حد ما، وأضاف سكيلتون "لكن إذا كنت تلهث وأنت تمشي ببطء، فإن هذا ليس بسبب مشكلة صحية أو مرض، وإنما عدم لياقة. بحسب البي بي سي.

وينصح الخبراء بالمشي بصفة منتظمة لمن يرغبون في وسيلة سهلة لتحسين مستوى اللياقة البدنية. ويشير الخبراء إلى أن هذه الوسيلة سهلة وآمنة ولا يضطر المرء لارتداء زي رياضي خاص لممارستها، ويشارك في المؤتمر بطل التجذيف السويسري تشارلز يوجستر (93 عاما) الذي بدأ ممارسة هذه الرياضة وهو في سن الثامنة والسبعين، وفاز يوجستر في أكثر من مئة مسابقة وهو يتمرن حاليا للوصول إلى الجسد المثالي في سن 94 عاما، وقال لبي بي سي "لنواجه الأمر الواقع. عمري 93 عاما" مضيفا "أنا واحد من قلائل بلغوا هذا العمر، لكن في فترة ما بين 20 و30 عاما من الآن سيبلغ واحد من كل خمسة مواطنين في أي بلد أوروبي هذا السن أو (يبلغ) قرنا كاملا. هذه حقيقة مذهلة للغاية، ويقول تشارلز يوجستر "خطتي في السنوات القليلة المقبلة هي تغيير العالم" مضيفا "أنا ومدربي أثبتنا أن من الممكن إعادة بناء الأجساد في أي عمر تقريبا ومن الممكن إعادة بناء حياة الأشخاص الأكبر سنا، وتابع يوجستر "هذا يثبت أننا معشر المسنين لسنا عديمي الفائدة، وإنما يمكن إعادة تدويرنا وإنتاج شيء جديد منّا، ومضى يقول "أريد أن أطلق العنان للإمكانية الجسدية والاقتصادية للمسنين. بوسعنا أن نكون مبدعين، وباستخدام مواهب المسنين يمكننا تقديم مساهمة ضخمة للمجتمع حتى لا ينظر إلينا باعتبارنا عائقا وإنما أصول قيّمة"، وعن رؤيته للمستقبل، يقول يوجستر "قريبا سيكون لدينا ملوك وملكات جمال في سن 80 عاما."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/أيلول/2012 - 15/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م