البحرين... نظام يستديم الازمات

عبد الامير رويح

 

شبكة النبأ: وسط صمت عربي و اقليمي لاتزال السلطات البحرينية تواصل انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الانسان من خلال استخدام اساليب القمع والقسوة المفرطة بحق المواطنين العزل المطالبين باجراء بعض الاصلات السياسية في المملكة، ويرى بعض المراقبين ان النظام البحريني يسعى الى تششوية المطالب الشعبية خلال تشوية الحقائق و اضفاء الصبغة طائفية بهدف تحويل مجريات الاحداث مستعينا بكل وسائل الفبركة والتظليل الاعلامي والتي باتت تعرف اليوم بوسائل الكذب والتأمر، حيث سعت الى تصوير تلك المطالبات السلمية على انها مؤامرة خارجية تهدف الى زعزعة الامن والاستقرار وهو ما يخالف نهجها تجاة قضايا اخرى اعتبرتها حق شعبيوهدف مشروع لتغير انظمة الاستبداد والدكتاتورية، ويؤكد المراقبين ان تلك السلطات ستستمر بنهجها المعروف متحدية بذلك كل القرارات والمواثيق الدولية وفيما يخص اخر التطورات في البحرين فقد اقدمت تلك السلطات بقتل محتج بحريني يبلغ من العمر 16 عاما بعد ما قال نشطاء بالمعارضة انه "هجوم وحشي" من جانب قوات الأمن الا ان حكومة البحرين وصفت الهجوم بانه يجيء في اطار الدفاع عن النفس اثر تعرض الشرطة لهجوم بقنابل حارقة. وتقول احزاب المعارضة في البحرين إن أكثر من 45 شخصا لاقوا حتفهم في احتجاجات منذ يونيو حزيران عام 2011 حينما رفعت الحكومة الاحكام العرفية التي كانت قد فرضتها ضمن اجراءات لسحق مظاهرات مطالبة بالديمقراطية قامت بها الاغلبية الشيعية مستلهمة انتفاضات على الحكم القمعي في أرجاء العالم العربي.

وتقول وزارة الداخلية إن المحتجين أصابوا أكثر من 700 من ضباط الأمن في المصادمات وان الشرطة التي لا تستخدم الذخيرة الحية مارست ضبط النفس. تجيء وفاة المحتج البحريني بعد مظاهرة وقالت حكومة المنامة إن المحتج القتيل شاب عمره 16 عاما يدعى حسام الحداد وأضافت انه كان ضمن محتجين يلقون بالقنابل الحارقة على الشرطة وانه توفي بعد نقله الى المستشفى.

وقال مركز البحرين لحقوق الانسان إن شهودا رأوا قوات الامن وهي تطلق طلقات الرش على الحداد قبل ان يقوم رجال من الشرطة السرية في ملابس مدنية بركله مرارا وهو راقد على الارض بينما كانت الشرطة تراقب الموقف. وقالت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية المعارضة في البحرين في بيان بالعربية ان الحداد "استشهد" بعد تعرضه لهجوم وحشي. ونشر نشطاء على الإنترنت ما قالوا إنها صور لجثته وقد بدت عليها كدمات شديدة وعشرات من الجروح من طلقات الرش. وقالت الحكومة إنها كانت تتصرف في اطار الدفاع عن النفس.

وقالت هيئة شؤون الاعلام التابعة للحكومة البحرينية في بيان على البريد الالكتروني بالانجليزية "شن ارهابيون هجمات بقنابل حارقة من مسافة قريبة مما اضطر الشرطة الى اتخاذ الاجراءات المناسبة دفاعا عن النفس وعن المارة الأبرياء من هجوم قاتل محتمل." وقالت نقلا عن مدير شرطة منطقة المحرق التي شهدت هذه الأحداث "على الرغم من قيام الشرطة باطلاق اعيرة تحذيرية استمر الهجوم : وقد تعاملت الشرطة وفقا للصلاحيات القانونية المقررة في مثل هذه الحالات."

وتتهم جماعات للدفاع عن حقوق الانسان حكومة المنامة باستخدام عبوات الغاز المسيل للدموع من مسافة قريبة وفي حيز محدود كسلاح بدلا من استخدام الغاز نفسه لفض الاحتجاجات وهو ما تنفيه الحكومة. وأشار تحقيق أجرته البحرين في الانتفاضة مجملة وأحداث العنف التي تلتها الى ان خمسة اشخاص لاقوا حتفهم نتيجة للتعذيب وهم محتجزون لدى سلطات الأمن وأوصى باسقاط الاحكام التي أصدرتها محكمة عسكرية في حق محتجين.

وقضت محكمة التمييز وهي أعلى محكمة في البحرين بتخفيف الاحكام التي صدرت على 11 شخصا اتهموا بمهاجمة جندي اثناء الاضطرابات. ويقول شيعة البحرين إنهم يعانون من التهميش في المجالات السياسية والاقتصادية بالبلاد الا ان الحكومة السنية تنفي ذلك. ورفضت الاسرة الحاكمة في البحرين المطلب الرئيسي للمعارضة الخاص بانتخاب برلمان كامل الصلاحيات لاقرار القوانين وتشكيل الحكومة إلا انها نفذت اصلاحات لتعزيز اجراءات قيام البرلمان بمساءلة الوزراء وقالت إنها بصدد إصلاح جهاز الشرطة.

وقال الملك حمد بن عيسى ال خليفة ان مشاكل البلاد ناتجة عن "مؤامرات اجنبية" وكرر اتهام الحكومة بأن الانتفاضة اندلعت بتحريض من ايران الشيعية وهو شيء ينفيه كل من طهران والمحتجون. لكن العاهل البحريني قال ان الحكومة لا تدخر جهدا لحل مشاكلها الداخلية وان البحرين أصبحت بلدا للديقراطية وحقوق الانسان. بحسب رويترز.

وقالت جمعية الوفاق ان الكلمة تبين ان حكومة البحرين لا تتعرض لضغط من واشنطن لاجراء محادثات مع المعارضة. وقالت وزارة الخارجية الامريكية انها "قلقة للغاية" لسجن نبيل رجب وهو زعيم معارض بارز بتهم قيادة تجمعات غير مشروعة. وقالت في بيان "دعونا حكومة البحرين مرارا الى اتخاذ خطوات لبناء الثقة في انحاء المجتمع البحريني وبدء حوار جدي مع المعارضة السياسية والمجتمع المدني. الافراط في العقاب نظير التعبير السلمي ... لن يسهم في تلك الجهود."

في السياق ذاته اعلنت وزارة الداخلية البحرينية في بيان توقيف احد عشر شخصا على خلفية اعمال شغب شهدتها عدة مناطق شيعية في المملكة الخليجية التي تشهد اضطرابات منذ اكثر من عام. وقال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن انه "تم القبض على 11 من المخربين وجار اتخاذ الاجراءات القانونية تمهيدا لعرضهم على النيابة العامة".

وذكر الحسن ان "بعض مناطق البحرين شهدت عدة اعمال شغب وتخريب"، موضحا ان "مجموعة من المخربين اقدمت على اضرام النار بمخلفات اخشاب بمنطقة مدينة حمد (جنوب المنامة) ولاذت بالفرار". وتابع ان "الحريق امتد ليطال سيارة احد المواطنين ما ادى الى تضرر شبه كامل للسيارة". واضاف ان "مجموعة من المخربين قامت باعمال شغب وتخريب في منطقة رأس رمان (القريبة من السفارة البريطانية في المنامة) مستخدمين الزجاجات الحارقة (المولوتوف) والاسياخ الحديدية والحجارة بعد خروجهم على شكل مجموعات تخريبية". كما قامت "باعتداء على رجال الامن واتلاف زجاج سيارتين لمواطنين برميهما بالحجارة ما استدعى اتخاذ الاجراءات القانونية حيالهم". بحسب فرنس برس.

واوضح ان "مجموعة من المخربين استهدفت عدة شوارع حيوية باضرام النار بالاطارات بهدف تعطيل الحركة المرورية وترويع الآمنين وتعطيل المصالح العامة والخاصة". وتابع الحسن ان "الجهات المختصة قامت على الفور بالعمل على تأمين الشوارع المذكورة واعادة فتحها وتسهيل انسياب الحركة المرورية". واكد ان "الجهات الأمنية المختصة باشرت عمليات البحث والتحري لتحديد هوية باقي الجناة والقبض عليهم".

وتوعدت السلطات البحرينية بملاحقة ما يقرب من 150 شخصاً قالت إنهم كانوا ضمن "مجموعة من الإرهابيين"، هاجمت مركزاً للشرطة في منطقة "سترة" بقنابل المولوتوف والقنابل الحارقة، مما أسفر عن إصابة أحد أفراد الأمن. وأكد مدير عام مديرية شرطة المحافظة الوسطى، في تصريحات أوردتها وكالة أنباء البحرين الرسمية "بنا"، أن "قوات حفظ النظام تمكنت من التصدي لهجوم قامت به مجموعة من الإرهابيينعلى مركز شرطة سترة."

وأوضح أن حوالي 150 شخصاً قاموا بمهاجمة المركز بكميات كبيرة من قنابل المولوتوف، من أكثر من جهة، إلا أن قوات حفظ النظام تمكنت من التعامل معهم، وتمكنوا من ضبط سيارة تحوي على كمية من القنابل الحارقة الجاهزة للاستخدام، والقبض على سائقها. وأفاد المسؤول الأمني بأن الواجهة الأمامية لمركز الشرطة قد تضررت، وأصيب أحد أفراد الشرطة بإصابة بسيطة جراء هذا "الهجوم الإرهابي"، على حد وصفه. وأشار مدير عام مديرية شرطة المحافظة الوسطى إلى أن الأجهزة الأمنية باشرت عملية البحث والتحري للقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة. بحسب CNN.

من جانب آخر، أكدت وزارة الداخلية البحرينية استمرار تعاونها مع المستشار الأمني البريطاني جون ييتس، بعد تردد أنباء عن استقالته، بسبب الأحداث الأخيرة في المنامة. وأوضحت الوزارة أن المستشار ييتس أنهى مدة عقده الأولى الممتدة لستة شهور ، وتم انتدابه من قبل الوزير لتقديم المشورة بشأن عدة برامج رئيسية ذات علاقة بإصلاح الشرطة، وأنه سوف يباشر عمله من خلال زيارات منتظمة للبحرين خلال الأشهر القادمة.

سجن نبيل رجب

على صعيد متصل قضت محكمة بحرينية بسجن الناشط الشيعي والمدافع عن حقوق الانسان نبيل رجب 3 سنوات لمشاركته بتظاهرات غير مرخصة، كما اعلن محاميه. وقال المحامي محمد الجشي في تغريدة على حسابه على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي ان المحكمة قضت بسجن نبيل رجب "3 سنوات بتهمة المشاركة في مسيرات غير مرخصة". واوضح المحامي ان رجب ادين بثلاث قضايا تتعلق بالتجمهر والتظاهر غير المرخص. وافاد محامون ان رجب حضر جلسة المحاكمة الخميس برفقة محاميه، وبحضور عائلته، فيما منع المسؤول بمركز البحرين لحقوق الانسان يوسف المحافظة من دخول قاعة المحكمة.

وحركت السلطات الامنية خلال الاشهر الماضية خمس قضايا بحق نبيل رجب، ثلاث منها تتعلق بالتظاهر غير المرخص، وواحدة بسب اهالي مدينة المحرق صدر الحكم فيها، وقضية خامسة تتعلق باهانة قوات الامن البحرينية وقد غرمته المحكمة عنها مبلغ 300 دينار بحريني (800 دولار). ويرأس رجب مركز البحرين لحقوق الانسان، وينشط المركز في توثيق "الانتهاكات" التي يتعرض لها المحتجون في البحرين.

وقد ادانت منظمة العفو الدولية بقوة هذا الحكم بحق رجب واعتبرت مديرة برنامج المنظمة للشرق والاوسط وشمال افريقيا حسيبة حج صحراوي ان "قرار المحكمة هو يوم اسود للعدالة في البحرين، ما يزيد من الشكوك حول استقلالية القضاء" في هذا البلد. واضافت ان رجب "سجين رأي شأنه شأنه آخرين كثر في البحرين، وهو مسجون فقط بسبب ممارسة حقه بالتعبير والتجمع سليما". واعتبرت المنظمة انه "يتعين الافراج عن رجب فورا واسقاط التهم والاحكام الصادرة بحقه". كما جاء في البيان الذي وزعته المنظمة انه "لا يمكن للمجتمع الدولي ان يتوهم بعد اليوم بان البحرين تسير على طريق الاصلاح عندما يشهد هذه التكتيكات القمعية السافرة لاسكات الاصوات المعارضة".

بدورها، ادانت الفدرالية الدولية لحقوق الانسان هذا الحكم وطالبت بالافراج الفوري وغير المشروط عن نبيل رجب. وقالت سهير بالحسن، رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، " لقد مضى عام وما زال يطالب الشعب البحريني بحقوق الانسان والديموقراطية وبكل سلمية. كيف يمكن للحكومة أن تكون صماء لهذه المطالب؟ إن حبس المدافعين عن حقوق الإنسان لن يوقف الناس عن تطلعاتهم للحرية والتغيير الديموقراطي". واضافت "نحن نأمل أن يدين بقوة المجتمع المدني هذا القرار ويطاب بالإفراج عن نبيل"

وابدت فرنسا "قلقها الكبير" على وضع الناشط البحريني نبيل رجب الذي برىء من تهمة سب عبر موقع تويتر لكنه حكم بالسجن ثلاثة اعوام لمشاركته في تظاهرات غير مرخص لها، مؤكدة انها "مستنفرة" للافراج عنه. وقالت الرئاسة الفرنسية ان "فرنسا مستنفرة للمطالبة بالافراج عنه (رجب)"، وذلك اثر لقاء بين الرئيس فرنسوا هولاند وسهير بلحسن رئيسة الاتحاد الدولي لروابط حقوق الانسان. واضافت الرئاسة في بيان ان "رئيس الجمهورية اعرب عن تأييده لتحرك الاتحاد الدولي لروابط حقوق الانسان لضمان الافراج" عن نبيل رجب الذي يشغل منصب الامين العام المساعد لهذه المنظمة في بلاده.

وكان فنسان فلورياني مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية صرح في وقت سابق "نسجل بارتياح تبرئة نبيل رجب من تصريحات ادلى بها على شبكات اجتماعية. لكننا لا نزال قلقين جدا حيال وضع رجب الذي حكم بالسجن ثلاثة اعوام لمشاركته في تظاهرات". وقضت محكمة بحرينية في 16 اب/اغسطس بسجن رجب ثلاث سنوات بتهمة المشاركة في مسيرات غير مرخص لها. وستنظر محكمة استئناف في العاشر من ايلول/سبتمبر في طعن تقدم به رجب ضد ذلك الحكم. بحسب فرنس برس.

في المقابل، تمت تبرئة رجب من تهمة سب اهالي منطقة المحرق السنية. واضاف فلورياني "نأمل في ان تعيد محكمة الاستئناف النظر في هذا الحكم الذي اعربنا عن قلقنا حياله. لا نزال قلقين بازاء استمرار التوتر في مملكة البحرين ونذكر بتمسكنا الكبير بحرية التعبير والراي والحق في التظاهر السلمي".

ايران لن تعيد سفيرها

من جانب اخر اعلنت الخارجية الايرانية ان طهران لن تعيد سفيرها الى البحرين "في ظل استمرار القمع ضد الاحتجاجات السلمية" للشعب البحريني، وذلك في تصريحات اوردها الموقع الالكتروني لقناة العالم الايرانية الناطقة بالعربية. ونقل الموقع عن مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان قوله ان "طهران لن تتخذ قرارا بعودة سفيرها الى المنامة في ظل استمرار الحكومة البحرينية باستخدام العنف والغازات السامة ضد المتظاهرين السلميين". واضاف ان قرار عودة سفير البحرين الى طهران يعود للحكومة البحرينية. بحسب فرنس برس.

واستأنف السفير البحريني في ايران مهامه في 12 اب/اغسطس في هذا البلد بعد غياب لعام ونصف العام، وفق ما اعلن وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة عبر موقع تويتر من دون توضيح تاريخ عودة السفير او ظروفها. وتشهد العلاقات بين البحرين وايران توترا منذ نشر قوات سعودية في البحرين في اذار/مارس 2011 للمشاركة في قمع الاحتجاجات.

وفي 15 اذار/مارس 2011، استدعت البحرين سفيرها في طهران احتجاجا على الانتقادات الايرانية بعد نشر قوات سعودية في المملكة. وقامت ايران في اليوم التالي بتدبير مماثل من خلال استدعاء سفيرها في المنامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/آب/2012 - 10/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م