نفط إيران ومفاتيح الحصار الغربي

 

شبكة النبأ: لايزال ملف العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران بسب برنامجها النووي مصدر قلق يهدد اقتصاد هذه الدولة التي بدأت تعاني وبحسب بعض المراقبين من الكثير المشاكل الاقتصادية هذا بالإضافة الى تأثيره المباشر على باقي الدول التي تعتمد على النفط الإيراني باعتباره مصدر مهم لا يمكن التخلي عنه، وفيما يخص هذا إيران فقد أعلنت وكالة الطاقة الدولية ان انتاج النفط الايراني في ادنى مستوى له منذ نهاية الثمانينات وبلغ اقل من ثلاثة ملايين برميل يوميا في تموز/يوليو تحت تأثير العقوبات الأوروبية والأميركية. وأفادت الارقام التي نشرتها الوكالة ان انتاج ايران من النفط الخام تراجع الشهر الماضي الى 2,9 مليون برميل يوميا مقابل ثلاثة ملايين في حزيران/يونيو و3,2 مليون في ايار/مايو. واشارت الى ان انتاج النفط الايراني اصبح اقل من انتاج العراق المجاور للمرة الاولى منذ الثمانينات. وقالت المنظمة ان "تموز/يوليو هو اول شهر كامل تتضافر فيه عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي التي تستهدف مبيعات النفط الايراني". وسجلت الصادرات ايضا انخفاضا كبيرا في تموز/يوليو. وقالت الوكالة ان ايران صدرت مليون برميل يوميا، مقابل 1,7 مليون في حزيران/يونيو. لكن هذه الهيئة الممثلة للدول المتطورة اكدت ان هذه المعطيات المرتبطة بالتصدير "موقتة".

من جهة اخرى اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان على ايران ان تحد من اعتماد اقتصادها على صادرات النفط الخام وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه صادراتها هذه لعقوبات اميركية واوروبية. وقال احمدي نجاد كما نقلت عنه وكالة الانباء الرسمية الايرانية (ايرنا) "يجب وقف صادرات النفط الخام. وهذا شيء ممكن القيام به" وذلك في كلمة القاها خلال احتفال بافتتاح قسم من مصفاة تكرير طهران يتيح زيادة انتاج البنزين بنحو ثلاثة ملايين ليتر اضافية.

وشدد الرئيس الايراني الى ضرورة قيام ايران ببناء المزيد من مصافي التكرير لتغطية الاستهلاك المحلي من الوقود وايضا امكانية تصدير مواد مكررة وهو ما تقوم به حاليا على نطاق صغير مع افغانستان والعراق ودولة الامارات وسلطنة عمان وارمينيا. وكان المرشد الاعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي وصف اعتماد الاقتصاد الايراني على الصادرات النفطية ب"الفخ" الموروث عن الوضع الذي كان قائما قبل 1979 والثورة الاسلامية. بحسب فرنس برس.

وبالنسبة للمنتجات المكررة يقدر الانتاج النفطي الحالي من البنزين ب60 مليون لتر يوميا ما يغطي تقريبا الاستهلاك المحلي ويتيح لطهران وقف استيراد هذه المادة منذ 2011. ومنذ انسحاب الشركات الغربية الكبرى من البلاد تحاول ايران احلالها باخرى متوجهة خصوصا الى الشركات الصينية واضافة الى توقيع العديد من العقود مع شركات ايرانية وفي السنوات الاخيرة طورت ايران صناعة التكرير والبتروكيماويات بهدف وقف وارداتها وايضا زيادة صادراتها من هذه المنتجات.

مشترو النفط يساعدون ايران

على صعيد متصل يحاول مشترو النفط الرئيسيون في آسيا الالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية للحفاظ على وارداتهم من ايران ما يشير حتى الآن إلى أن الأسوأ ربما انتهى للدولة العضو في أوبك التي تخسر أكثر من 100 مليون دولار يوميا من عائدات تصدير النفط. وتشتري الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية معظم مليون برميل من النفط تصدرها ايران يوميا بالرغم من العقوبات المالية وعلى قطاعي الشحن والتأمين التي تهدف إلى كبح برنامجها النووي.

وبعد توقف الواردات في منتصف العام بسبب خفض شركات التكرير الآسيوية مشترياتها مع دخول العقوبات حيز التنفيذ يتوقع محللون زيادة الشحنات في أغسطس آب وسبتمبر أيلول. لكن بشكل عام من المرجح أن تشهد الواردات استقرارا حتى نهاية العام ما لم تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة لكبح العائدات الايرانية.

وقال تريفور هوزر الشريك لدى روديوم جروب في نيويورك والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية "تقلص التراجع في صادرات النفط الايرانية خلال الشهرين الماضيين إلى نحو مليون دولار يوميا أقل من مستويات 2011." وأضاف "لا أتوقع تراجع الشحنات إلى آسيا بصورة أكبر خلال النصف الثاني من العام لكنني لا أظن انها سترتفع كثيرا أيضا." وبالأسعار العالية تخسر ايران نحو 110 ملايين دولار يوميا من عائدات التصدير مقارنة مع بداية العام. بحسب رويترز.

وضاعفت اليابان بأكثر من المثلين وارداتها في أغسطس آب إلى سبعة ملايين برميل مقارنة مع يوليو تموز بينما من المتوقع أن تحذو الهند نفس الحذو وتستورد مليوني برميل يوميا على الأكثر حسبما تقول مصادر في قطاع النفط. وأبقت الصين أكبر مشتر للنفط الايراني على واردات أغسطس آب دون تغيير عن يوليو عند ثمانية ملايين برميل.

وتتفاوض شركات النفط الكورية الجنوبية مع طهران على اتفاق للالتفاف على منع شركات التأمين الاوروبية من تقديم تأمينات لبواخر النفط الايرانية في اطار الحظر الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي. وكانت كوريا الجنوبية التي تعتبر ثالث مستورد من النفط الايراني مع حوالى 220 الف برميل يوميا في العام 2011، علقت استيرادها من النفط الايراني اعتبارا من الاول من تموز/يوليو بسبب عقوبات الاتحاد الاوروبي.

وتمنع العقوبات الاوروبية خصوصا شركات التأمين الاوروبية التي تهيمن على 90% من السوق العالمي تقديم تأمينات بحرية لضمان شحنات النفط القادمة من ايران. وتتفاوض شركات هيونداي واويلبانك واس كاي اينيرجي حاليا مع ايران على اتفاق يسمح باستئناف صادرات النفط الايراني مع تحمل الشركات الايرانية مسؤولية تأمين البواخر والحمولة. واكد مسؤول في وزارة الاقتصاد الكورية الجنوبية مفضلا عدم الكشف عن هويته طبيعة هذه المفاوضات. وقالت متحدثة باسم شركة هيونداي لوكالة فرانس برس "نعمل على التفاصيل قبل توقيع الاتفاق (...) الذي ينص على ان تتحمل ايران مسؤولية تأمين بواخرها". بحسب فرنس برس.

من جهة اخرى قال مسؤولون في هندوستان بتروليوم إن الشركة التي تديرها الدولة استخدمت الروبية الهندية للمرة الأولى لدفع جزء من ثمن شحنة نفط إيرانية استوردتها في مايو ايار وهي خطوة ستساعد نيودلهي في تصحيح الاختلال التجاري مع طهران. وقال مسؤول إن شركة تكرير حكومية أخرى هي منجالور للتكرير والبتروكيماويات أكبر مشتر هندي للنفط الإيراني ستدفع ثمن مشتريات بالروبية. والهند هي ثاني أكبر مشتر للنفط الإيراني لكنها واجهت صعوبة في إيجاد سبل لدفع ثمن النفط بعد أن أعاقت العقوبات الغربية وصول المدفوعات إلى طهران. واتفقت الدولتان في يناير كانون الثاني على تسوية 45 بالمئة من تجارتهما النفطية بالروبية. بحسب رويترز.

وجرى تحويل مدفوعات هندوستان من خلال بنك خلق التركي وبنك يو.سي.أو الهندي. وقال ب. موكيرجي المدير المالي في هندوستان بتروليوم "هذه أول مدفوعات لنا منذ فتح هذا الباب. دفعنا 45 بالمئة بالروبية و55 بالمئة من خلال بنك خلق." وقال مصدر في الشركة مطلع على المسألة إن هندوستان دفعت 2.75 مليار روبية هندية (49.25 مليون دولار) إلى إيران من خلال بنك يو.سي.أو و60 مليون دولار من خلال بنك خلق.

سفن النفط

على صعيد متصل رفضت شركات النقل البحري الكبرى في الهند عرضا حكوميا لنقل النفط الإيراني قائلة إن الغطاء التأميني الذي توفره الدولة غير كاف. ويعني هذا الرفض أن شركات التكرير الهندية ستضطر لاستخدام شركات التأمين الإيرانية والناقلات الإيرانية لنقل وارداتها من الخام الإيراني. ومنعت العقوبات شركات التأمين وإعادة التأمين من توفير غطاء تأميني للناقلات التي تحمل النفط الإيراني في أي مكان في العالم مما دفع نيودلهي لوضع سياستها الخاصة لذلك.لوتوجد في الغرب نحو 90 في المئة من شركات التأمين على الناقلات في العالم.

وقال س. هاجارا رئيس مجلس إدارة شركة الملاحة الهندية أكبر مالك للسفن في الهند "هناك مشكلات عديدة في السياسة المطروحة...لن نستخدمها مادامت هناك مشكلات." وتوفر شركات التأمين الحكومية الهندية غطاء تأمينيا يبلغ 50 مليون دولار لكل رحلة للناقلة ضد مخاطر التلوث والإصابات الشخصية و50 مليون دولار أخرى للتأمين على جسم السفينة والمعدات. وهذا يساوي جزءا صغيرا من الغطاء التأميني المعتاد البالغ مليار دولار الذي توفره شركات إعادة التأمين لناقلة عملاقة تحمل نحو مليوني برميل من الخام ضد الإصابات الشخصية والتلوث.

ورفضت شركة الشحن الخاصة جريت إيسترن شيبنج أيضا نقل النفط الإيراني بالغطاء التأميني الذي تقدمه الشركات الهندية الحكومية. وقالت أنجالي كومار المتحدثة باسم الشركة "أبلغنا شركة منجالور للتكرير والبتروكيماويات أننا لن نتمكن من نقل شحنات من البلد الواقع تحت العقوبات بسبب عدم كفاية الغطاء التأميني الذي توفره شركة يونايتد إنديا للتأمين."

من جهة اخرى قالت مصادر في قطاع النقل البحري إن إيران أصبحت المشتري الرئيسي للنفط الخام من سوريا لتساعد نظام بشار الأسد في التغلب على العقوبات الغربية إذ أن ناقلات إيرانية عادت إلى سوريا للمرة الثالثة منذ ابريل نيسان. ومع أن إيران تجد صعوبة في بيع نفطها الخام بسبب العقوبات إلا أن اثنتين من سفنها أخذتا نفطا سوريا في أواخر يوليو تموز بعد شراء شحنة أصغر في مطلع الشهر نفسه. وآسيا هي الوجهة المرجحة للنفط السوري لكن المصادر قالت إنه مازال من غير الواضح أين انتهى المطاف بالشحنات السابقة.

وأخذت الناقلتان إم.تي تور وإم.تي أمين اللتان ترفعان علم سيراليون والمملوكتان لشركة الخطوط الملاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تشملها عقوبات الأمم المتحدة نحو 140 ألف طن من الخام السوري الثقيل لكل منهما من ميناء طرطوطس السوري. وأظهرت بيانات لتتبع السفن أن الناقلة تور تعبر الآن قناة السويس متجهة إلى خليج عمان بينما لا تزال الناقلة أمين في البحر المتوسط وقال مصدر ملاحي إنها تتجه إلى الخليج.

وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات نفطية على سوريا العام الماضي في محاولة للضغط على نظام الأسد من خلال إيقاف واردات المنتجات النفطية الحيوية والإيرادات التي تأتي من بيع النفط الخام. واستطاعت سوريا مواصلة استيراد المنتجات النفطية من روسيا وغاز الطهي من اليونان لكن تشديد العقوبات قطع هذه السبل في ابريل نيسان. وتبدو الحكومة الآن شديدة الاعتماد على إيران التي ترزح هي نفسها تحت عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب طموحاتها النووية. بحسب رويترز.

وفي وقت سابق من العام الجاري اتجهت الناقلة تور وهي محملة بالخام السوري إلى سنغافورة لكنها عادت ورست في ميناء بندر عباس في إيران. وفي بداية يوليو أخذت الناقلة أمين شحنة من الخامين الخفيف والثقيل من مينائي طرطوس وبانياس وسلمت ناقلة إيرانية أخرى اسمها الفان شحنة من 30 ألف طن من الديزل الإيراني مقابل البنزين ثم عادت إلى ميناء بندر عباس في إيران.

من جانب اخر قالت تنزانيا ان وكيلا ملاحيا مقره في دبي قام برفع علم تنزانيا فوق 36 ناقلة نفط ايرانية دون علم او موافقة تنزانيا. واضافت انها الان بصدد الغاء تسجيل هذه السفن بعد ان خلص تحقيق في اصل هذه السفن بانها من ايران اصلا وبدأت تنزانيا تحقيقا في اتهامات بانها قامت برفع علمها على ناقلات نفط من ايران وطلبت من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي مساعدتها في التأكد من اصل ناقلات النفط تلك التي كانت ترفع علم تنزانيا.

الطلب على النفط الخام

في السياق ذاته اظهرت بيانات جمركية أن جنوب افريقيا لم تستورد اي كميات من النفط الخام الايراني في يونيو حزيران في دلالة على ان بريتوريا ربما تخلت عن شحنات الخام الايرانية لتجنب العقوبات الامريكية والاوروبية. وفي مايو أيار بلغت واردات جنوب افريقيا من إيران 285524 طنا. وكانت جنوب افريقيا صاحبة أكبر اقتصاد في افريقيا تستورد ربع احتياجاتها من الخام من ايران لكنها تعرضت لضغوط غربية لخفض الواردات في اطار عقوبات تهدف لوقف مساعي ايران المزعومة لصنع قنابل نووية. وزادت واردات الخام من السعودية في يونيو لاكثر من المثلين إلى 1.17 مليون طن مقارنة بالشهر السابق. واستوردت جنوب افريقيا ايضا امدادات من نيجيريا والاكوادور وانجولا. وبلغ اجمالي الواردات 1.95 مليون طن.

ومن المنتظر أن تستورد آسيا كميات قياسية من النفط من غرب أفريقيا هذا العام حيث أدت زيادة إمدادات الخام عالي الجودة إلى تراجع أسعار الصادرات ونأى بعض المشترين عن إيران موردهم التقليدي. وأظهر استطلاع لرويترز شمل مصادر تجارية وملاحية أن مصافي في الصين والهند واندونيسيا ودول آسيوية أخرى اشترت نحو 1.74 مليون برميل يوميا من خام غرب أفريقيا للتحميل في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بزيادة نحو ثمانية في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وقال تاجر نفط كبير لدى شركة تكرير أوروبية "سيشهد هذا العام مستوى قياسيا جديدا." ويؤدي النمو الاقتصادي القوي في الصين واقتصادات صناعية أخرى في أنحاء آسيا إلى زيادة متسارعة في الطلب على النفط الخام. بحسب رويترز.

وخام غرب أفريقيا منخفض الكبريت ومعظمه ثقيل نسبيا مما يلائم طلب آسيا على زيت الوقود الصناعي الثقيل ونواتج التقطير مثل الكيروسين. ونيجيريا وأنجولا أكبر منتجين للنفط في أفريقيا في وضع يؤهلهما لتلبية تلك الزيادة في الاستهلاك. وتظهر بيانات رويترز أن الصادرات من منطقة غرب أفريقيا إلى آسيا زادت أكثر من 50 في المئة على مدى السنوات الخمس الماضية.

أول خط بحري لتبادل الغاز

على صعيد متصل أعلن مساعد وزير النفط الإيراني رضا ضيغمي عن تدشين خط بحري لمبادلة الغاز السائل في بحر قزوين. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن ضيغمي إعلانه تدشين أول خط بحري لمبادلة الغاز السائل بين إيران والدول المطلة على بحر قزوين، وقال إنه "فيما مضى كانت مبادلة الغاز السائل تتم عبر السكك الحديد، واليوم للمرة الأولى تتم مبادلة الغاز السائل عبر السفن في بحر قزوين". بحسب يونايتد برس.

وأضاف أن "مبادلة المشتقات النفطية في إيران لم تتوقف.. وبتدشين الخط البحري لمبادلة الغاز السائل، فإن تكاليف نقل هذه المشتقات النفطية قد انخفضت". ومن خلال تدشين هذا الخط البحري، سيتم استخدام سفينة واحدة حاملة للغاز بدلاً من 60 إلى 70 شاحنة صهريج بسعة 15 إلى 18 ألف طن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/آب/2012 - 9/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م