فنون... اعمال تجسد الوجه الحسن للانسان

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تبرز أهمية الفن في إحداث التقارب بين الشعوب، فهو أحد أشكال الوعي الاجتماعي  منذ نشأة الإنسان وحتى عصرنا الراهن، إذ  تلتقي فيه ثقافات الشعوب وتجارب الفنانين، التي تكون مشبعة بسمات محلية وتراثية، لتشكل مختبرا فنيا تتجمع فيه كثير من التجارب، التي تساهم في إنتاج إبداعات واتجاهات فنية جديدة، فالفن يخلق نوع من أنواع الثقافة كالحوار والتعاون     وغيرها الكثير الكثير من اشكال الثقافة في مجالات الحياة كافة، وتقدمها الأعمال الفنية بلمسات إبداعية تروي مشاعر ورموز ممزوجة من الفرح الى معاناة والعكس ايضا، مثل فن النحت والرسم وهما من أقدم الفنون، في حين أصبح التصوير الضوئي من ابرز الفنون في وقتنا الحاضر، لما له من اهمية كبيرة وحضارية تجسد صور الحياة. وتشكل صالات المعارض الفنية والثقافية والمتاحف، مسرحا يحتضن الأعمال الفنية. 

إذ تكمن أهمية الفن بانه يلعب دوراً هاماً في توسيع مجال الرقعة الجمالية وذلك عن طريق قدرته في تحويل القبيح إلى جميل، ومهما اختلف الزمن والمكان يبقى الفن عنوان، لكل إبداع تبدعه يد الإنسان، يمكن إن نطلق علية كلمة فن، طالما انه يحقق قيمة جمالية جوهرها إرادة الإنسان في تحقيق الجميل، لذا تشكل الفنون العالمية من خلال ما تقدمه من آفاق ثقافية وفنية عديدة، مزيجا يجسد بالفنون وينتقل بين تاريخ الحضارات وعصر الحداثة.

تماثيل متناهية الصغر

في سياق متصل فبعض النحاتين يستخدمون المرمر والاحجار والبعض الاخر يستخدم الاسمنت او المعدن لكن النحات التايواني شين فرونخ-شيان يستخدم حبات الارز والرمل وخيوط تنظيف الاسنان لصنع اشكال منمنمة بالغة الصغر لا يتجاوز حجمها ظفر الابهام، كان احدث ابداعاته تنينا مصنوعا من الرقائق الذهبية ومادة صمغية سوداء طوله 1.2 سنتيمتر وارتفاعه 0.9 سنتيمتر بأرجل ومخالب يمكن رؤيتها بالعين المجردة بشق الانفس، يقول شين عن تنينه الذي يصفه بانه الاصغر في العالم "الجزء الاصعب من صناعة التنين هو نحت اطرافه ومخالبه. هذه هي الاجزاء الاكثر دقة بجانب فكه المفتوح وشعيراته، وأضاف "بعد ان اكتمل التنين كان علي ان اولي اهتماما الى جسده ليبدو كتنين محلق فوق السحب والتي هي روح التنين، واتخذ شين (56 عاما) المصمم المتقاعد حديثا من مصنع النحت والطباعة الرئيسي في تايوان من نحت التماثيل المنمنمة هواية قبل ثلاثة عقود. بحسب رويترز.

واكتمل التنين بعد عمل شاق استغرق ثلاثة اشهر وبعد ان فشل عدة مرات. وعرض عمله في عطلة نهاية الاسبوع في اطار عادة مازالت مستمرة لنحت حيوانات الابراج الاثني عشر الصينية، والعام المقبل هو العام القمري للتنين.

أندرياس كوفمان النمسوي

فقد نشط النمسوي أندرياس كوفمان في صفوف اليسار المتطرف كما درس مادة الأدب في مدرسة بديلة قبل أن يرث مئات ملايين اليوروهات ويطلق لنفسه تحديا: إعادة بعث "لييكا" حية.. تلك العلامة التجارية الخاصة بآلات التصوير الفوتوغرافي الأسطورية والتي كانت تحتضر في العام 2005، بالنسبة إلى أندرياس كوفمان (58 عاما)، فإن شراء المصنع الألماني لقاء عشرات ملايين اليورو بدأ ب"خيبة أمل"، ويشرح من يترأس اليوم لجنة المراقبة أن "المؤسسة كانت في حال سيئة جدا، حتى أن القيمين عليها كانوا يشككون في جودة المنتجات"، وبعد مرور ست سنوات، يقترب هذا الخمسيني صاحب الوجه المستدير، من ربح رهانه، فقد أعلنت "لييكا" ارتفاع مبيعاتها بنسبة 31,8% مسجلة 115,6 مليون يورو خلال الأشهر الستة الأولى من العملية التي تأجلت إلى 2011/2012، والأفضل من ذلك يكمن في أن مؤسسة "بلاكستون" للاستثمارات، واحدة من الأضخم عالميا، استثمرت مؤخرا 160 مليون يورو في العملية، وهو دليل لا شك فيه، إذا ما قارن منتجاته بسيارات بورش أو فيراري "التي يتم تعليل ارتفاع كلفتها إلى تقنيتها المكلفة"، فإن كوفمان وريث ثروة عائلية جمعت من صناعة الورق، ليس مقامرا، وهو الذي يقول بأن طفولته كانت "زاهدة" في جنوب ألمانيا، يرغب في أن يعيش أطفاله كما فعل هو حيث "لم يقض حياته وهو يبذر ثروته"، خلال 16 عاما درس مادة الأدب في المؤسسة التربوية "شتاينر-فولدورف" التي تعتبر مدرسة ذات أصول تعليم بديلة راجت في سبعينات القرن الماضي. إلى ذلك شارك في تأسيس حزب الخضر الألماني في العام 1980، ويقول "كنت حرا للقيام بما أشاء"، بما أن العائلة كانت قد اتخذت عهدا على نفسها بعدم العمل في المؤسسات التي تملكها، لكنه نكس بعهده عندما ابتاع "لييكا". فالعلامة التجارية ذات القرص الأحمر الغالية على قلب رواد التصوير الفوتوغرافي الصحافي من أمثال روبرت كابا وأنري كارتييه-بروسون، لم تعد سوى ظل نفسها إذ ترزح تحت الديون بالإضافة إلى كونها ضحية هفوة استراتيجية كبرى متعلقة بالصورة الرقمية، وبدأ كوفمان "إعادة تنظيم المؤسسة" بعدما اشترى حصص مجموعة البضائع الفاخرة "إيرميس"، أما خطته فالتحول إلى الرقمي مع المحافظة على الأسطورة التي تحيط بآلات التصوير هذه، وهي من بين تلك الأخيرة التي يتم جمعها في أوروبا، على بعد 60 كيلومترا من فرانكفورت (غرب). ويأتي ذلك في ظل احتمال امتعاض "النواة الصلبة للمحبي (لييكا)" الذين يثقون بالشريط الخام، والعلامة التجارية التي اشتهرت بعدسياتها المرئية المصنعة يدويا، تعزز اتفاقيتها مع المصنع الآسيوي "باناسونيك" ذات الشعبية الكبيرة، بحيث يقدم لها تقنيته الرقمية مقابل عدسات لييكا والحق باستخدام القرص الأحمر الشهير على بعض من آلات التصوير التي يصنعها، ويبرر كوفمان الأمر قائلا "لا معنى لإنتاج آلات التصوير هذه بأنفسنا" كما من شأن ذلك أن يجعلنا نربح عملاء جدد لا يملكون الإمكانيات لشراء آلة تصوير 100% "لييكا"، فالمنتجات الرئيسية للعلامة التجارية، تلك التي يبجلها "أتباع لييكا" باهظة جدا. بحسب فرانس برس.

وطراز "أم 9" النسخة الرقمية من أول آلة تصوير مصغرة والتي حققت ثروة "لييكا"، من خلال رفع قيمة آلات التصوير التي تعمل بالشريط الخام منذ العام 1924، تبلغ قيمته 5 آلاف يورو، وإذا ما رغب العميل بإضافة إشارة "لييكا آي جي - مايد إن جيرماني"، فسوف يكلفه الأمر 280 يورو إضافي، إلى ذلك، أطلقت المجموعة أيضا تشكيلة من آلات التصوير العاكسة، تعتبر بدعة لأصوليي التصوير، وتبلغ كلفتها حوالى 20 ألف يورو، فبهذه الأسعار "نصنف كمنتجات فاخرة في الصين، المرحلة الاستراتيجية المقبلة ل+لييكا+"، حيث سوف تستهدف حديثي الثراء بدعم من "بلاكستون"، وبفضل هذا السوق الجديد يالإضافة إلى البلدان العربية، ينوي كوفمان مضاعفة رقم أعماله السنوي مرتين بحلول العام 2016 ليبلغ حوالى 500 مليون يورو.

مصورون حربيون

على الصعيد نفسه فبعد العراق وأفغانستان، وجد مايكل كامبر له "ميدان حرب" جديد في... نيويورك، فقد افتتح للتو هذا المصور الحربي المخضرم أول صالة عرض للصور الفوتوغرافية في برونكس، آملا أن تكون صلة وصل بين فن التصوير وهذا الحي سيئ السمعة، افتتح مركز برونكس للتوثيق "برونكس دوكومانتري سنتر" منذ شهر مع عرض مخصص لتيم هيذيرينغتون وهو مصور بريطاني توفي في نيسان/أبريل خلال عملية قصف لمدينة مصراته معقل الثوار الليبيين الذي كانت قوات معمر القذافي تحاصرها في ذلك الحين، وكان المراسل البالغ من العمر 40 عاما مقربا جدا من مايكل كامبر، وكان حي برونكس الاكثر فقرا وتنوعا من حيث الأعراق في الولايات المتحدة يسحره أيضا، وفي إشارة إلى أحياء نيويورك التي تعج بالمتاجر الرائجة وصالات العرض الفنية، قال كامبر لوكالة فرانس برس "لطالما تحدثت مع تيم عن (المصورين) الذين يتوجهون دوما إلى الجمهور عينه ويعرضون أعمالهم في تشيلسي وسوهو"، كان تيم هيذيرينغتون "يحب حي برونكس ويحبذ فكرة افتتاح صالة عرض فيه لأن سكانه غير قادرين عادة بالوصول إلى هذه المعارض"، على حد قول المصور الذي قام ما بين 2003 و 2010 بتغطية حرب العراق لصالح صحيفة "نيويورك تايمز" المرموقة، وسرعان ما لاقت صالة العرض استحسان جيرانها، فتحولت إلى ملتقى لأطفال الحي بعد خروجهم من المدرسة وكثيرون من المارة يزورونها من باب الفضول، وعلق أحد زائري المركز وهو في الثلاثينات، "إنه لعمل رائع حقا. شكرا لكم!"، في صالة العرض التي لا تزال رائحة الطلاء تفوح منها، علقت على الجدران الصور الأخيرة التي التقطها تيم هيذيرينغتون في ساحة المعركة، وإلى جانب المدخل، علقت الخوذة والصدار الواقي من الرصاص اللذان كان يرتديهما المصور عندما أصابته قذيفة هاون هو وزميله كريس هوندروس الذي قضى أيضا في الهجوم، وتذكرت دانييل جاكسون مديرة المركز قائلة "كانت لنا محادثة طويلة قبيل ذهابه إلى ليبيا حول فن التصوير وضرورة إخراجه من المتاحف" ووضعه في متناول الجميع، ومن جهته أضاف مايكل كامبر "كان يظن أن وسائل الإعلام تستخدم في بعض الأحيان للدعاية مقدمة للجمهور كل ما كان يرغب في مشاهدته"، ويضم المبنى الذي اشتراه بالكامل مايكل كامبر صالة عرض في الطبقة السفلية في حين يشغله مراسلين مصورين شباب في الطبقات العليا. وقد اعترف بانجمان بوتي وهو فرنسي تخرج منذ فترة وجيزة من المركز الدولي للتصوير "إن السكن هنا يشكل بحد ذاته مصدر إلهام". بحسب فرانس برس.

وشرح مايكل كامبر "أردنا أن يقيم مصورون هنا ويعملوا في الوقت عينه، وأن يتوقف المارة للمشاهدة ويساهم الأطفال في الاعمال. أردنا من خلال هذا المبنى أن نبني مجتمعا جديدا"، ويعتبر حي برونكس الواقع شمال مانهاتن إحدى الهيئات الإدارية الخمس التابعة لنيويورك لكنه لا يتشارك الكثير مع هذه المدينة الكبيرة، وفي هذا الحي، يعيش اكثر من شخص واحد من أصل أربعة تحت خط الفقر (مقابل 15% بشكل عام في المدينة في العام 2010) ويبلغ عدد سكانه 1,4 ملايين نسمة هم بنسبة 53% لاتينيون و36% سود (مقابل 17% و 15% في العام 2010) كما تفوق نسبة الجرائم تلك السائدة في المدينة الكبيرة، بأربع مرات، واعترفت دانييل جاكسون بأن "الوضع صعب في هذا الحي حيث تندر المنظمات الثقافية ولا نجد إلا أربع دور سينما. فالسكان سعيدون بقدومنا".

كوداك ملهم الفنانين

على صعيد أخر وقبل مئة عام، كانت شركة "كوداك" التي أشهرت إفلاسها في كانون الثاني/يناير مصدر وحي لفنانين كثيرين وقد استخدم رسامون فرنسيون امثال بونار وفويار آلاتها لالتقاط صور نادرا ما نشرت لكنها باتت اليوم معروضة إلى جانب لوحاتهما في واشنطن، وتقول اليزابيث ايستون مفوضة معرض "سنابشوت" (صور سريعة) التي تنظمها "فيلبيبس كوليكشن" في واشنطن من الرابع من شباط/فبراير الى السادس من ايار/مايو ان الة كوداك للتصوير "كانت اشبه بجهاز آي فون الحالي"، واضافت المفوضة التي أعدت العدة لهذا المعرض قبل ان تعرف "أن الشركة الأميركية الشهيرة ستعلن إفلاسها" أن آلة التصوير هذه "كانت في متناول الجميع، ما سمح بالتالي للهواة بالتقاط الصور للمرة الأولى في التاريخ"، وكانت شركة "كوداك" قد أطلقت أول آلة تصوير محمولة في العام 1888. وكان على المستخدمين إعادتها إلى المصنع بعد التقاط 100 صورة. وبعد اعتماد تقنية الفيلم في العام 1895، "تيسر عليهم تظهير الأفلام عند اخصائيين في جوارهم"، على ما شرحت إليزابيت إيستون، ومن بين هؤلاء الهواة، رسامون من الحقبة ما بعد الانطباعية من أمثال إدوار فويار وبيار بونار وموريس دوني وفيليكس فالوتون التقطوا آلاف الصور التي لم تعرض يوما في حياتهم، فبقيت غالبيتها في المحفوظات العائلية. بحسب فرانس برس.

ويقدم معرض "ذا فيليبس كوليكشن" إلى جانب 70 لوحة ورسما، 200 صورة لسبعة فنانين من بينهم هنري ريفيير والبلجيكي هنري إيفينيبول والهولندي جورج هندريك برايتنر. ويأتي ثلث هذه الاعمال من متحف أورسي في باريس والجزء المتبقي موزع ما بين مجموعات عامة وخاصة، وتتنوع الصور المعروضة فهناك الصور التي ألتقطت لغاية التحضير لرسم اللوحات وتلك التي التقطت خلال إجازات عائلية من دون أن تكون قد استخدمت بالضرورة في اللوحات المرسومة، فهنا صورة لزوجة بونار، مارت وهي في الحمام أو عارية في الحديقة استخدمت في انجاز رسم زيتي. وهناك صور لأولاد موريس دوني وهم في إجازة التقطها الرسام شأنه في شأن كل الأباء الذين يصورون أبناءهم.. لكنه استخدمها أيضا في لوحاته، اما هنري ريفيير فهو قد حصل على إذن للصعود الى برج إيفل قبيل إنجازه والتقط 36 صورة فائقة الحداثة بخطوطها الهندسية شبه التجريدية وحولها إلى ليتوغرافيا، ويشار إلى أن الصور المعروضة هي نسخ قديمة وحديثة في الوقت عينه.

بيوت الدمى

من جهة أخرى يعرض متحف في لاهاي بيوت دمى ثمينة تعود إلى نساء هولنديات وألمانيات ثريات عشن في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وقد اعتبرن أن الدمى وبيوتها ليست حكرا على الفتيات الصغيرات، وتقول جت بيجزل-دوميس أمينة معرض "أكس أكس سمول" الذي يقام في متحف لاهاي البلدي حتى 25 آذار/مارس، "كانت (بيوت الدمى) هواية للسيدات ونشاطا اجتماعيا أيضا. فقد كانت الأموال طائلة وأوقات الفراع كثيرة"، برزت موضة بيوت الدمى المخصصة للنساء في نورمبرغ (جنوب شرق ألمانيا) في أوائل القرن السابع عشر وانتشرت بشكل خاص خارج حدود نهر الراين وفي هولندا المجاورة التي شهدت خلال "العصر الذهبي" ازدهارا لا مثيل له بفضل التجارة البحرية، وكانت بيوت الدمى تعج بكنوز ثمينة ويصل ارتفاعها وعرضها إلى مترين وكان ثمنها يوازي أحيانا ثمن منزل حقيقي، فقد أنفقت زوجة تاجر حرير ثري من أمستردام تدعى بترونيلا أورتمان أكثر من عشرين ألف غيلدر هولندي على بيت الدمى خاصتها "أي ما يوازي ثمن منزل كبير يقع على طول قناة في أمستردام"، بحسب ما توضح بيجزل-دوميس، أما جدران بيت الدمى التابع لساره روتيه زوجة تاجر ثري كان يعيش على ضفاف نهر أمستل في ضاحية أمستردام، فمزينة بلوحات صغيرة يبلغ حجمها بضع سنتمرات مربعة وقد رسمها فنانون حقيقيون، وفي غرفة الطعام طاولة وضعت عليها أواني وأطباق من الفضة، بالإضافة إلى خزانة مزودة بأوان خزفية كثيرة ومكتبة مليئة بكتب صغيرة جدا، وفي المتحف أيضا، في أحد البيوت المجاورة، نجد خادمة منهمكة في المطبخ بينما يستريح رب المنزل في البهو على وقع دقات ساعة حائط. ويشرح أمين المتحف قائلا "في تلك الحقبة، كان حرفيون وفنانون حقيقيون يصنعون كل شيء، وكانت بيوت الدمى تشكل هواية ممتعة تتيح إنفاق الأموال الفائضة وترمز إلى مركز اجتماعي معين، لكنها اضطلعت في الوقت نفسه بدور اجتماعي وتربوي كبير، فقد كانت هولندا المعروفة بالحرية الدينية تضم عددا كبيرا من أتباع الكالفينية (أحد المذاهب المسيحية البروتستانتية). وقد كان للبروتستانتية، بحسب بيجزل-دوميس، أثرها في الدور التربوي الذي لعبته بيوت الدمى، وتخبر أمينة المتحف "كانت الحياة المنزلية في البلدان البروتستانتية أهم بكثير منها في البلدان الكاثوليكية التي كانت الكنيسة محورها. بحسب فرانس برس.

وبالتالي، كانت البلدان البروتستانتية تولي أهمية أكبر للمنازل ولكيفية الاعتناء بها"، وتضيف أن الأصدقاء والجيران كانوا يأتون لمشاهدة المنازل برفقة أولادهم في معظم الأحيان، كي يبينوا لهم كيفية إدارة المنزل أي الأسرة بشكل جيد، لكن بيوت الدمى وملحقاتها باتت بعد الثورة الصناعية متشابهة وتتبع معايير موحدة. وتقول بيجزل-دورميس "صحيح أن السلالم لم تكن دائما ممتازة في الماضي لكنني أحبها كثيرا لأني تضفي رونقا على المنزل"، وما زالت بيوت الدمى تثير إعجاب الكثيرين والدليل على ذلك أن أكثر من 86 ألف زائر أتوا لمشاهدة تلك المعروضة في لاهاي منذ تشرين الثاني/نوفمبر، وتقول إيفا ميتس وهي هولندية في ال78 من العمر بينما تتأمل بإعجاب كرسيا خشبيا بالكاد يبلغ ارتفاعه سنتيمترين اثنين "إنها جميلة جدا وصغيرة جدا. نتعلم منها الكثير عن نمط الحياة في الماضي وعن طريقة عيش الأسر وعن الأزياء وحياة النساء".

سيوف الأزمنة الغابرة

على صعيد مختلف فيلومينو دو غوزمان لا يعرف شيئا عن اسبرطة القديمة واسكتلندا العصور الوسطى واليابان الاقطاعية، غير أن هذا الحداد الفيليبيني يتقن نسخ الخناجر والسيوف التي كان يستخدمها المحاربون في الأزمنة الغابرة ويبيع منتجاته في العالم أجمع، في باحة مشغله الواقع في شمال الفيليبين، يطرق قرابة 15 مزارعا الحديد الذي يأتي بغالبيته من النوابض المعدنية في الشاحنات القديمة، وهم يصنعون نسخات من سيوف المصارعين الرومان والجنود الإغريق ومحاربي الساموراي اليابانيين بالإضافة إلى نسخات من أسلحة مستوحاة من أفلام هوليوود الضاربة على غرار "بريفهارت" و"كونان ذي باربيرين" و"رامبو"، لم يقصد فيلومينو دو غوزمان الجامعة يوما ولا معرفة كبيرة له بالتاريخ لكنه يحب أن يتعلم من خلال مشاهدة الأفلام. ويقول لوكالة فرانس برس خلال زيارة لمشغله "أحب أفلام هوليوود كثيرا. وقد شاهدت +بريفهارت+ و+غلادييتور+ و+ذي لورد أوف ذي رينغز+ ... كلها على أقراص مدمجة"، وهو كان في ما مضى سرجنت في الجيش الفيليبيني. وعندما ترك صفوف الجيش قبل 30 عاما، تابع دروسا لتعلم سبك المعادن كانت تقدمها الحكومة بالمجان. بحسب فرانس برس.

فبدأ بصناعة سكاكين المطبخ بواسطة مسبك وضعه في باحة بيته وسط حقل بالقرب من حقلو الارز في منطقة بوزوروبيو الريفية على بعد 180 كيلومترا عن شمال مانيلا، ويؤكد "هذه مهنة جيدة لن تختفي قريبا. فالجميع يحتاج إلى سكاكين الحداد"، وكان جنود أميركيون في قاعدتين مجاورتين أول من اكتشف عمله فطلبوا منه أن يصنع لهم سكاكين ثم سيوفا. وكرت السبحة وازدادت الأشكال والزينات تعقيدا فغاص الحداد في كتب عن الأسلحة القديمة، وعرض أحد أصدقائه بعضا من سيوفه في الولايات المتحدة في التسعينيات فاتصل به موزع أميركي وهو بات يصدر منذ تلك الفترة غالبية منتجاته إلى الخارج ولا يزال يصنع أيضا سكاكين المطبخ وسواطير للمزارعين، وقد خاضت حفنة من الحدادين هذا المجال في الفيليبين لكن فيلومينو دو غوزمان يؤكد أنه أكبر مصدر بلا منازع، وغالبية المشترين من هواة معارك العصور الوسطى والشغوفين بالقصص التاريخية. ويروي الحداد "قالوا لي إن هؤلاء الأشخاص يرتدون ملابس من عصر النهضة ويشترون السيوف لمهرجاناتهم"، أكثر من 100 نموذج معروض على جدران المشغل من بينها سيف قصير من الإمبراطورية الرومانية وآخر جد كبير يشبه السيوف التي استخدمها إغريق اسبرطة ضد الفرس في معركة ترموبيليس في العام 480 قبل الميلاد، وقد باع المشغل أكثر من ألف نموذج من سيف الملك آرثر الشهير "إكسكاليبار" بسعر 600 دولار أميركي للنموذج الواحد، على ما يؤكد الحداد، ويرفض فيلومينو دو غوزمان الكشف عن الأرباح الحقيقية التي يجنيها لكنه يؤكد أنه تمكن بفضلها من إرسال أولاده الأربعة إلى الجامعة. ويشار إلى أن منزله فسيح ومريح هو امر مهم في بلد يعيش ربع سكانه بأقل من دولار في اليوم، ويوفر الحداد فرصة عمل إضافية لجيرانه المزارعين موضحا "هم مثلي لم يقصدوا المدرسة يوما. ونحن نعمل يدا بيد عندما تكثر الطلبيات الا انهم مزارعون في المقام الأول وتبقى المحاصيل أولويتهم ويمكن للطلبيات أن تؤجل ... وموزعي يتفهم الوضع"، لكن التفهم ليس من شيم الجميع ويوضح الحداد "أطلقت على أحد سكاكيني اسم +رامبو 3+. وقد وصلتني رسالة من منتجي فيلم +رامبو+ طلبوا مني فيها عدم استخدام هذا الاسم وإلا سيلاحقونني امام القضاء"، وبات السكين يحمل اليوم اسم "ذي ستالون".

المصور هوراسيو كوبولا

الى ذلك توفي المصور الارجنتيني الشهير هوراسيو كوبولا خريج كلية باوهواس للفنون التي استحالت تيارا فنيا رئيسيا في القرن العشرين الاثنين، عن 105 سنوات على ما افادت الغاليري الفنية خورخي مارا-لا روش، وكان متزوجا من المصورة الالمانية غريتي شترن التي التقاها في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية في فيمار (250 كيلومترا جنوب غرب برلين) خلال دراسته في باوهاوس. وقد اخرج هوراسيو كوبولا في برلين فيلم "تراوم" (الحلم) في العام 1933 مع فالتر اوبرباخ، وقد اقام بين العامين 1934 و1935 في لندن حيث صور فيلم "يوم احد في هامستيد هيث" وفي باريس حيث انجز صور بورتريه شهيرة لمارك شاغال وخوان ميرو، واشترى الة تصوير "لايكا" راحت تلازمه طوال الوقت ومن ثم انتقل للاقامة في بوينوس ايريس مع زوجته وحقق شهرة سريعة مع كتابه "بوينوس ايريس 1936"، وسيشكل مع غريتي شترن وآن-ماري هنريك المولودة ايضا في المانيا واناتول ساديرمان المولود في روسيا وخوان دي ساندرو المولود في ايطاليا، نادي كبار المصورين الارجنتينيين الضيق في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية. بحسب فرانس برس.

وقد ولد كوبولا في بوينوس ايريس العام 1906 في عائلة مهاجرين ميسورة وشب في بيئة محبة للموسيقى والادب والفلسفة. في العام 1929 وهو في سن الثالثة والعشرين اسس اول ناد للسينما في بوينوس ايريس، وقد لفت الانتباه اعتبارا من سن الحادية والعشرين مع سلسلة صور عن بوينوس ايريس ستستخدم فيما بد في الاصدار الاول لكتاب "ايفاريستو كاريغو" لخورخي لويس بورخيس، وقد وقع طي الاهمال في السبعينات ليبرز مجددا اعتبارا من الثمانينات وقد اقيم معرض لاعماله العائة الى الثلاثينات العام 2005 من تنظيم غاليري خورخي مارا-لا روش خلال معرض الفن الاسباني اركو وفي بوينوس ايريس كذلك. وفي السنة التالية كرس متحف الفن الاميركي اللاتيني في بوينوس ايريس معرضا استعاديا لاعماله في العشرينات والثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/آب/2012 - 8/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م