شبكة النبأ: حتى بعد انتهاء الحروب في
اي جزء من اجزاء العالم يبقى خطر الموت قائما بسب وجود بعض الاسلحة
المتروكة ومنها الألغام التي تستخدم كفخاخ بهدف اضعاف قدرات الخصوم
ايام النزاع والاقتتال والتي باتت اليوم من اهم المشاكل واكثرها تعقيدا
بسب تهديدها المستمر الذي حصد ارواح الالاف من الابرياء، ويرى الكثير
من المراقبين والمتخصصين ان تلك الاخطار لا يمكن ان تزول الا من خلال
وجود اتفاق دولي خاص يحتم تحريم وحظر مثل هكذا اسلحة كما يؤكدون على
ضرورة وجود جهات دولية متخصصه مدعومة بكل الوسائل المالية والتكنلوجية
المتطورة قادرة على تطهير المناطق المزروعة بالألغام في كل دول العالم
وخصوصا الدول الفقيرة التي لا تتوفر فيها مثل تلك الامكانات، وفي هذا
الشأن يواجه سكان العاصمة الصومالية مشكلة الألغام الأرضية والمتفجرات
التي خلفتها المعارك في مقديشو، خلال السنوات الماضية، وتمنع عودة بعض
سكان المدينة الي إعادة بناء منازلهم المدمرة. وتقول الحكومة الصومالية
إن مقاتلي حركة الشباب هم الذين يزرعون الألغام والعبوات الناسفة في
الشوارع والأسواق كأسلوب جديد للحرب. وتشكل هذه المتفجرات ومخلفات
الحرب مشكلة أمنية لسكان العاصمة الصومالية ، إذا لا يكاد يمر يوم الا
ويتم اكتشاف لغم أرضي أو عبوة ناسفة في أماكن عامة وحكومية، فضلا عن
تلك التي تنفجر وتخلف الضحايا من قتلى وجرحى.
وقد استنفرت الحكومة الصومالية أجهزتها الأمنية المختلفة من
استخبارات وشرطة لمواجهة هذه الظاهرة الا أن كم المتفجرات المكتشفة في
تصاعد مستمر. ويقول أحمد معلم فقي رئيس جهاز الاستخبارات الصومالي " إن
حرب الألغام والمتفجرات لا تقل أهمية عن الحرب الميدانية التي تخوضها
القوات الحكومية ضد متمردي حركة الشباب".
ولا تتوافر تقنية الكشف عن المتفجرات الا في نطاق محدود للأجهزة
الأمنية، وأضاف رئيس جهاز الاستخبارات الصومالي أن "عمليات قوات الأمن
أضعفت قدرة مقاتلي حركة الشباب علي مواصلة الحرب، وبعد انهزامها
العسكري تحولت الي أسلوب زرع الألغام والمتفجرات في الشوارع والفنادق
والأسواق والأماكن العامة دون تمييز.
يعد الأطفال الفئة الأكثر تضررا من المتفجرات حيث يلهون بمخلفات
الحرب التي تركت في مناطق القتال، دون أن يدركوا مخاطرها . وتقول
الشرطة الصومالية إنها تنفذ خطة لتوعية السكان بتجنب المواد المجهولة
الملقاة في الشوارع أو في الأماكن المهجورة ، وإبلاغ الشرطة بذلك.
وقال العقيد طيب أحمد رئيس أكاديمية الشرطة الصومالية حيث تتلقي
الكوادر الصومالية تدريبات مكثفة في نزع الألغام " نستخدم وسائل
الإعلام لتوعية السكان بخطورة الألغام والمتفجرات، وقد أثمر ذلك ،
وحاليا نتلقي معظم الاتصالات عن طريق الأهالي الذين يقومون بإبلاغ
الشرطة عند الاشتباه في مواد متفجرة". بحسب بي بي سي.
أما قوات الاتحاد الإفريقي فتقوم بنزع الألغام من خلال مسؤوليتها عن
تأمين الطرق الرئيسية في مقديشو ، كما تقوم منظمة "ماين أكشن" التابعة
للأمم المتحدة بتدريب الكوادر الصومالية علي نزع الألغام وإبطال
المتفجرات. ولا توجد إحصائيات دقيقة حول ضحايا الألغام والمتفجرات في
العاصمة الصومالية ، لكنها تحصد أرواح السكان بشكل يومي، وتشكل هاجسا
مرعبا لحركة الشوارع والأسواق ، ويراها كثيرون منهم بأنها استمرار
للحرب بطريقة أخرى .
اليمن حرب والغام
على صعيد متصل تسببت مخلفات الحرب من المتفجرات والألغام بمقتل 27
شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 36 آخرين خلال الشهرين الماضيين، في محافظة
حجة التي تقع في شمال غرب اليمن، وفقاً لتقرير أصدرته وزارة الداخلية
في 14 أبريل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الجرحى سيعانون من
عاهات دائمة من جراء هذه الحوادث. ووفقاً لوكيل محافظ حجة، إسماعيل
المهيم، فإن الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص، وهذا الوضع يعيق عودة
الآلاف من النازحين. وأفاد محمد راشد، أخصائي في حماية الطفل في مكتب
الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة حجة، أنه "نظراً لعدم توفّر خرائط
للألغام أو خبراء في إزالتها، سيتعرض المزيد من الأطفال لخطر كبير إذا
عادت الأسر النازحة إلى ديارها. ونحن في محافظة حجة نخشى من احتمال
تكرار القصص المأساوية حول ضحايا الألغام الأرضية من الأطفال في محافظة
صعدة".
كما تشير تقديرات غير رسمية إلى زرع ما لا يقل عن 3,000 لغم أرضي في
محافظتي كشر ومصطبة منذ اندلاع الاشتباكات الطائفية في نوفمبر 2011،
حسبما ذكر الموقع الإخباري المحلي المستقل marebpress.net. وفي السياق
نفسه، أفاد الشيخ يحيى قاسم السعيدي، المتحدث باسم قبائل كشر إلى أنه "تمّ
زرع الألغام الأرضية داخل الجثث، فقد انفجر لغم داخل إحدى الجثث ، ما
أسفر عن مقتل خمسة أشخاص كانوا في طريقهم لدفن الجثة." ومن جانبه، قال
فواز فليتة، وهو أستاذ مدرسة في محافظة مصطبة "لقد ناشدنا الجهات
المعنية لبدء أعمال إزالة الألغام وإطلاق حملات التوعية حول مخاطرها
لإنقاذ أرواح الأطفال الأبرياء، ولكننا لم نلقَ رداً منها".
والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر لأنهم عادة لا يدركون المخاطر
ويتسمون بالفضول في نفس الوقت. وقد حذر أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج
غير الحكومية المحلية لحماية الأطفال، من أن العديد من الأطفال يظنون
خطأ أن المتفجرات من مخلفات الحرب هي مجرد ألعاب، فيلتقطونها أثناء رعي
الغنم.
وقام صحفيون بزيارة الطفلة رهف هادي التي تبلغ من العمر ثماني سنوات
في أحد مستشفيات مدينة حجة، وهي من محافظة كشر. وكانت رهف التي تعاني
من آلام شديدة، قد أصيبت بجروح خطيرة في وجهها وبطنها وظهرها وذراعها
الأيسر من جراء انفجار وقع في 12 أبريل بالقرب من منزل عائلتها، ما أدى
أيضاً إلى مصرع أخويها الأكبر سناً، عبده ومشتاق. وقالت عائشة، والدة
رهف أن المسكنات التي تحصل عليها خمس مرات في اليوم لم تعد فعالة، وما
من علامات تشير إلى تعافيها بعد... وأضافت أنها غير قادرة على الأكل
والنوم لأنها ترى معاناة رهف أمام عينيها.
وكان لأحد الانفجارات تأثير مباشر على عودة النازحين. ففي شهر مارس
الماضي، قُتل سبعة أشخاص وأصيب 15 آخرين من جراء انفجار داخل منزل في
قرية الحزة في محافظة كشر. وقد قُتل محمد الديشي (40 عاماً) في هذا
الانفجار، حيث جاء إلى قريته للاطمئنان على منزل العائلة بهدف
الاستعداد لعودته مع زوجته وأولاده الخمسة، الذين كانوا يعيشون في
مدرسة في منطقة خير المحرق في محافظة حجة. وقال محمد التام، محقق في
مديرية الأمن في محافظة حجة، لشبكة الأنباء الإنسانية أن هذا الانفجار
جعل مئات النازحين في منطقة خير المحرق يلغون رحلات العودة التي خططوا
لها.
ومن الجدير بالذكر أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقدر عدد
النازحين بسبب الصراع الطائفي في الشمال منذ شهر نوفمبر الماضي بأكثر
من 50,000 شخص. وفي محافظة صعدة القريبة، نقلت وسائل إعلام محلية عن
عبد العزيز حنش، منسق شؤون ضحايا الألغام الأرضية، قوله أن أكثر من
2,000 شخص قد أصيبوا بإعاقات مختلفة من جراء الألغام والمتفجرات من
مخلفات الحرب، ولكن "لا أحد يتحدث عن هؤلاء الضحايا... فكثير من الناس
لم يفقدوا منازلهم أو أعمالهم أو أفراد أسرهم فحسب، بل فقدوا أيضاً أحد
أطرافهم أو قدراتهم."
ووفقاً لمرصد الألغام الأرضية والقنابل العنقودية، تعتبر دولة اليمن
ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة نتيجةً للصراعات التي يعود
تاريخها إلى عام 1962. وكانت معظم تلك الألغام قد زُرعت في المناطق
الحدودية بين شمال وجنوب اليمن قبل توحيدهما في عام 1990. ولكن
اعتباراً من شهر أغسطس 2008، أصبحت جميع المحافظات ملوثة بالألغام.
ووفقاً لمسؤولين محليين، تشكل الألغام الأرضية عقبة أساسية أمام
عودة النازحين داخلياً في محافظتي عدن ولحج. هذا وقال محسن بن جميلة،
عضو المجلس المحلي لمدينة جعار، الذي نزح مع عائلته إلى عدن في يوليو
2011، أن عشرات العائلات التي لم تتضرر منازلها قررت عدم العودة إلى
ديارها بعد سماعها أنباء تفيد أن الألغام الأرضية تودي بحياة الكثيرين
كل يوم.
وأكد غسان فرج، الأمين العام للمجلس المحلي في زنجبار مصرع ما لا
يقل عن 42 شخصاً في انفجار ألغام أرضية بالمحافظة في اسبوعين فقط.
وأضاف أن "تسعة وعشرين منهم لقوا مصرعهم في زنجبار، عاصمة محافظة أبين،
وقُتل تسعة آخرون في منطقة جعار وأربعة في منطقة الكود. كما أصيب عشرات
آخرون. وفي مدينة زنجبار، تبدو آثار الألغام المزروعة واضحة جداً في
الشوارع الرئيسية والضواحي على حد سواء. ونتيجةً لذلك، لم يتمكن معظم
سكان البلدة من العودة إلى ديارهم".
ويتم بذل الجهود باستمرار بغية إزالة الألغام من المنطقة. فقد بدأ
مؤخراً البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بالعمل على إزالة الألغام
الأرضية من زنجبار وجعار وخنفر ولودر. وأفاد منصور العزي، مدير
البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، "لقد تم زرع عدد كبير من الألغام
المضادة للمركبات وللأفراد ... وقد تستغرق عملية إزالة الألغام الأرضية
من محافظة [أبين] بالكامل أكثر من ثلاثة أشهر." هذا وقد أزالت فرق
هندسية أكثر من 3,000 لغم أرضي ومخلفات ذخائر غير منفجرة من مدينتي
زنجبار وجعار، وفقاً لتقرير صادر عن مكتب حاكم أبين. بحسب شبكة الأنباء
الإنسانية إيرين.
من جهة أخرى، ذكر محمد الشدادي، وهو عضو في البرلمان عن محافظة أبين
وأحد المشاركين في هذا الاجتماع، أنّ مجلس الوزراء اليمني أمر مؤخراً
البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بالعمل على إزالة الألغام من جميع
المناطق التي كانت تحت سيطرة مقاتلي جماعة أنصار الشريعة.
تنظيف العراق
من جانب اخر يقوم العراق برسم خرائط مفصلة للمناطق الملوثة بالألغام
الأرضية والذخائر غير المنفجرة، ولكن وفقاً لمسؤول حكومي، من المرجح
ألاّ يتم تطهير تلك المناطق في الموعد المحدد بحلول عام 2018. ومن جهته،
أفاد كمال حسين لطيف، نائب وزير البيئة، أن "عدم وجود خرائط مفصلة
للألغام الأرضية يمثّل أحد المشكلات الرئيسية، وهو ما عطل جهودنا في
إزالة الألغام لأن النظام السابق قام بزرعها بصورة عشوائية". وأضاف
لطيف: "قمنا بالتعاون مع وزارتي الداخلية والدفاع منذ عام 2011 للبدء
بالمسح الخاص بنا، والذي سيساعدنا على تحديد المناطق الملوثة بدقة.
وبالرغم من ذلك، لن تستطيع البلاد أن تفي بالموعد المحدد، وتقوم بتطهير
جميع الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة بحلول عام 2018. وقد وضع
العراق لنفسه هذا الهدف عام 2008 عندما انضم إلى اتفاقية أوتاوا التي
التزم العراق بموجبها بعدم استخدام أو إنتاج أو حيازة أو تصدير الألغام
الأرضية."
وأول المحافظات التي سيتم فيها رسم خريطة للألغام هي محافظة ذي قار
التي تبعد 400 كيلومتر جنوب بغداد، حيث تم التأكد من أن مساحة 98
كيلومتراً مربعاً في المنطقة تعد منطقة خطرة. وسيستمر الفريق بالعمل
خلال هذا العام في المحافظات الجنوبية الأكثر تلوثاً مثل البصرة،
وميسان، والمثنى وواسط. وفي السياق نفسه، قال نائب وزير البيئة أن "هذه
المناطق تمثل 80 بالمائة تقريباً من المناطق الملوثة على مستوى البلاد.
فالخرائط التي من المفترض أن تكون جاهزة بنهاية العام، ستساعدنا على
وضع أفضل الخطط وتحديد الميزانية، كما ستساهم في تحديد عدد الفرق
اللازمة والوقت المطلوب لتطهير كل منطقة من الألغام."
ويعود تاريخ العديد من الألغام الأرضية في العراق إلى حقبة الستينات
عندما بدأ القتال بين الحكومة في بغداد والمتمردين الأكراد المؤيدين
للاستقلال في الشمال. وقد تفاقمت مشكلة الألغام الأرضية بسبب كل من
الحرب بين العراق وإيران التي استمرت من عام 1980 إلى 1988، وحرب
الخليج عام 1991 والغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية عام
2003. وتعتبر المنطقة الممتدة لمئات الكيلومترات على الحدود مع إيران
أكبر المناطق تلوثاً بالألغام. كما تنتشر كميات كبيرة من الذخائر غير
المنفجرة في جميع أنحاء المدن. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
يعد العراق الآن أحد أكثر البلدان تلوثاً بالألغام في العالم، حيث تغطي
الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة مساحة 1730 كيلومتراً مربعاً
فيه. وتسبب تلك الألغام أضراراً لحوالى 1.6 مليون عراقي في 1600 مجتمع
محلي، بما يعادل واحد على 20 عراقي.
كذلك، تعتبر حوالى 90 بالمائة من الأراضي الملوثة بالألغام أراضٍ
زراعية، كما تم العثور على العديد من الألغام الأرضية حول حقول النفط
الرئيسية. وقد وجدت دراسة حديثة صادرة عن وحدة تحليل المعلومات
المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة، أن دخل الفرد والانجاز
التعليمي يصبحان أقل في المناطق الملوثة بالألغام الأرضية. وطبقاً
لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الأسر في المناطق
المزروعة بالألغام تعاني أكثر من غيرها من انعدام في الأمن الغذائي،
كما أن معدل حصول السكان على خدمات الكهرباء والتعليم في المناطق
الملوثة بالألغام أقل من معدل حصولهم على تلك الخدمات في المناطق
الخالية من الألغام. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.
وأشارت التقارير في عام 2011 إلى وقوع حوالى 30 حادثاً على صلة
بالألغام، ما أدى إلى وفاة 33 بالمائة من المصابين. وطبقاً لبرنامج
الأمم المتحدة الإنمائي، فإن حوالى 60 بالمائة من حوادث الألغام
الأرضية التي تم الإبلاغ عنها، شملت أفراداً تتراوح أعمارهم بين 25 و
44 عاماً، في حين أن 47 بالمائة من حوادث الذخائر غير المنفجرة التي تم
الإبلاغ عنها شملت أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 5 و 14 عاماً. ونظراً
للإحباط الناجم عن بطء وتيرة إزالة الألغام، تخطط الحكومة أيضاً لإشراك
شركات خاصة لإزالة الألغام. وقال لطيف في هذا الصدد: "إذا عملت طبقاً
لمنهج وزارة الدفاع، سيستغرق الأمر 25 سنةً أخرى، لذلك نريد مشاركة
القطاع الخاص". |