كثيراً ما تستهويني قراءة العبارات التي تُكتب على زجاج السيارات في
شوارع بغداد. هذه الهواية أخذت حيزاً كبيراً لدي ولدى الكثير من الناس
بسبب طول فترات الإنتظار أمام السيطرات الأمنية المنتشرة في كل مكان،
وكثرة الإزدحامات المرورية التي ساهمت في إيجاد قُراء جيدين للعبارات
التي تكتب على زجاج السيارات.
ومن الملاحظ ان ظاهرة الكتابة على السيارات ظاهرة ليست جديدة على
المجتمع العراقي، فسابقاً كانت تكتب العبارات على السيارات القديمة
والعربات المتهالكة، حيث نجد عبارات مثل (الحنينة) أو (الصابرة) مكتوبة
على زجاج السيارات وهذه الكتابات تعبر عن مدى تعلق أصحاب هذه السيارات
القديمة بسياراتهم.
اما اليوم فإننا نجد هذه الظاهرة انتشرت إنتشاراً واسعاً لدى سائقي
السيارات الحديثة وخاصة عند فئة الشباب الذين يتفاخرون بسياراتهم
ويكتبون عبارات تنم عن ذلك كعبارة (يامدللني) أو عبارة (الحلوة تفاحة
للسفر والسياحة)، فضلاً عن الكثير من العبارات التي هدفها الاساس هو
لفت انتباه الناس.
أحياناً كثيرة تعكس هذه العبارات شخصية صاحب السيارة فمنها ماهو
ديني مثل كتابة بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث أو الحكم كعبارة (إتقِ
شر من أحسنت إليه)، كما ان أغلب هذه الكتابات تتناول موضوع الحسد خوفاً
من عيون الناس، ومن أشهر هذه الكتابات التي كثيراً ما نشاهدها على
السيارات عبارة (عضة أسد ولانظرة حسد) و(الحسود لايسود) وعبارة (1+1=2
يارب أحميني من العين).
وأحياناً تحمل هذه العبارات طابع فكاهي وساخر وكثيراً ماتكتب على
زجاج السيارات القديمة أو العربات التي تجرها الحيوانات ومن هذه
العبارات (تكبر وتصير همر) أو عبارة (حتى هدف حياتي طلع تسلل) أو
العبارة الشهيرة جداً (إتركني مخطوبة).
ومن المؤكد ان هذه الظاهرة لاتخلو من سلبيات فبعضهم من يكتب عبارات
تخدش الحياء وهي لاتنسجم ولاتتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع العراقي،
وهذا شيء مرفوض طبعاً.
ومثل هذه العبارات لا تلقى استحسان الناس ولاتجد تقبل عندهم لكون ان
المجتمع العراقي مجتمع انتقادي ولا يمكن تمرير عبارات بذيئة تعبر عن
قلة الوعي لدى كاتبها.
نأمل ان لاتؤثر مساحة الحرية التي يتمتع بها الناس بعد سقوط النظام
على حالة الوعي والنضوج لدى المواطن، لتنحرف هذه الحرية عن مسارها لدى
بعض سائقي السيارات، ويترجم فهمها الخاطئ إلى عبارات تكتب على زجاج
السيارات، وتكون مُسيئة للذوق العام.
alikhassaf_2006@yahoo.com |