تونس...الثورة المغدورة

نورالدين المباركي

بعد أكثر من سنة ونصف من ثورة تونس، لا يبدو أن هناك من استوعب جوهرها أكثر من الذين أشعلوا شرارتها ودفعوا بها إلى أن سقط رأس النظام.. إنهم الفقراء والمهمّشين والعاطلين عن العمل.

جوهر الثورة اجتماعي واقتصادي، ثورة من أجل التنمية العادلة والتوزيع العادل للثروة والحق في التشغيل، لخّصها بشكل مكثف وقوي شعار" التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق".

لا يمكن لأي جهة في الداخل أو الخارج أن تنفي هذه الحقيقة وتعطي للثورة مضمونا آخر غير هذا المضمون، ولا يمكن لأي طرف أن يعتبر استكمال أهداف الثورة بعيدا عن هذا المضمون الاجتماعي والاقتصادي.

الفقراء والمهمّشون والعاطلون عن العمل استوعبوا أكثر من غيرهم جوهر الثورة لأنهم مازالوا بعد أكثر من عام ونصف يرفعون المطالب ذاتها ومازال الحق في التشغيل والحق في التنمية الشعار الرئيس في احتجاجاتهم وان اختلفت القراءات السياسية لهذه الاحتجاجات من الحزب الحاكم إلى المعارضة.

****

لم يستوعب الفاعلون السياسيون في تونس جوهر الثورة وقيمتها وإن عبروا عن ذلك.. لقد أضفوا قراءاتهم السياسية والإيديولوجية على حراك الفقراء والمهمشين فحادوا بالثورة عن مسارها الحقيقي، والتجاذبات السياسية التي يشهدها المشهد السياسي العام هو أحد الإفرازات المكشوفة.

لا أحد اجتهد قولا وفعلا لمحاصرة هذا التجاذب الذي بدأ يتوسع ويتطور ليصل إلى معتقدات الناس ونمط عيشهم، يحدث كل هذا باسم الثورة !!

وأخطر مظاهر هذا التجاذب زرع بذور الفتنة بين التونسيين على خلفية انتماءاتهم ومعتقداتهم، وما فشل الاستعمار المباشر وغير المباشر في تحقيقه ثمة اليوم من ينفخ في الشرارة لتلتهم وحدة التونسيين.

ما حدث في القيروان وقابس وبنزرت هو نفخ في شرارة الفتنة وضرب لوحدة التونسيين وطعن للثورة في الظهر.

بعد أكثر من عام ونصف من انجاز التونسيين لثورتهم التي هزت العالم.. تبدو الثورة التونسية مطعونة ومغدورة.

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/آب/2012 - 7/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م