البحرين... بين تشريع القمع وتسييس القضاء

 

شبكة النبأ: لاتزال السلطات البحرينية تواصل حملتها القمعية بحق مواطنيها الراغبين بأجراء بعض الاصلاحات السياسية، ويرى بعض المراقبين ان تلك السلطات قد تمادت بانتهاك حقوق الانسان وباتت تتمادى باستخدام اساليب العنف والقسوة واستصدار بعض القرارات والاحكام القضائية الجائرة بحق معارضيها متحديه بذلك كل القرارات والمواثيق الدولية، وفي هذا الشأن فقد دعت منظمة العفو الدولية سلطات البحرين الى الافراج عن 13 معارضا ادينوا بتهمة التآمر على المملكة وينتظر ان يصدر حكم الاستئناف بشأنهم. وقالت المنظمة في بيان "يتعين على سلطات البحرين ان تنهي هذه المهزلة القضائية وان تلغي الاحكام بحق 13 مناضلا معارضا والافراج الفوري عنهم وبلا شروط".

واضافت حسيبة صحراوي المديرة المساعدة للمنظمة للشرق الاوسط وشمال افريقيا "انهم سجناء راي معتقلون فقط لممارستهم سلميا حقوقهم في حرية التعبير والتجمع والاجتماع". ويحاكم الناشطون المعتقلون وبينهم عبد الهادي الخواجة الذي كان نفذ اضرابا عن الطعام استمر 110 ايام احتجاجا على سجنه، منذ 22 ايار/مايو امام محكمة استئناف ، بحسب العفو الدولية. ودعت المنظمة في بيانها السلطات الى "الاذن بتحقيق فوري ومستقل بشان مزاعم تعذيب بعض المتهمين" و "احالة المسؤولين عن هذه التجاوزات الى القضاء".

واكد بعض هؤلاء المعارضين ال 13 امام محكمة الاستئناف انهم تعرضوا لسوء المعاملة بعد توقيفهم في آذار/مارس 2011 في سياق قمع حركة الاحتجاج ضد النظام. وحكمت محكمة استثنائية في حزيران/يونيو 2011 على 21 معارضا بينهم سبعة غيابيا، بتهمة التآمر على النظام. وحكم على سبعة منهم بالسجن المؤبد والبقية بأحكام بالسجن لفترات تراوحت بين عامين و15 عاما. وفي 30 نيسان/ابريل قضت محكمة النقض بأجراء محاكمة جديدة امام محكمة الاستئناف. وافرج عن احد المعارضين حيث حكم عليه بالسجن عامين بعد خفض محكمة النقض الحكم الى ستة اشهر.وبدات محاكمة هؤلاء المعارضين بعد قمع تظاهرات للشيعة الاغلبية في البحرين استمرت شهرا في آذار/مارس 2011. وطالب المتظاهرون بمملكة دستورية حقيقية في هذه المملكة الخليجية الصغيرة التي تحكمها اسرة سنية.

في السياق ذاته اعتقل 11 شخصا خلال تظاهرات ليلية تخللتها اعمال عنف في عدة قرى في البحرين حسب ما اعلن رئيس الامن العام، في حين تحدث شهود عيان عن استخدام الشرطة رصاص الشوزن. وأوضح رئيس الامن العام اللواء طارق الحسن لوكالة الانباء البحرينية أن "مجموعة من المخربين قاموا بإيقاف سيارة تقودها مواطنة بحرينية بالقرب من مدخل قرية أبوصيبع الشيعية واعتدوا عليها بالزجاجات الحارقة (المولوتوف)، وأسفر ذلك عن تعرض سيارتها لتلفيات". واضاف "كما خرجت مجموعة أخرى على شكل مسيرة غير قانونية في منطقة بني جمرة وقاموا بأعمال شغب وتخريب تمثلت بألقاء (المولوتوف) والاسياخ الحديدية". وتابع أن "الاجهزة الامنية تمكنت من القبض على 11 من المخربين وجار اتخاذ الاجراءات القانونية تمهيدا لإحالتهم الى النيابة العامة".

واوضح شهود عيان ان العشرات من الرجال والنساء خرجوا في تظاهرات دعا لها "ائتلاف شباب 14 فبراير" المعارض للحكومة، وذلك في ذكرى استقلال البحرين حملت عنوان "عيد الحرية". واعلنت البحرين استقلالها رسميا عن الانتداب البريطاني في 14 اب/اغسطس 1971، وتتحاشى الجهات الرسمية البحرينية تنظيم اية احتفالات في هذا التاريخ.

وبحسب شهود عيان، تدخلت قوات الامن واطلقت الغاز المسيل للدموع ورصاص الشوزن (يستخدم لصيد الطيور) مما تسبب في وقوع عدة اصابات. وتشهد القرى الشيعية مواجهات ليلية بين قوات الامن وعدد من المحتجين الشيعة. واعلنت النيابة العامة البحرينية في بيان ان "مجموع المحبوسين والموقوفين على ذمة قضايا الإرهاب والتجمهر والشغب منذ شباط/فبراير 2011 وحتى الآن هو 923 شخصا". بحسب فرنس برس.

وشككت جمعية الوفاق الشيعية في هذه الارقام وتحدثت عن 4500 معتقلا، بينهم 1400 شخص ما زالوا موقوفين. وما زال التوتر حادا في البحرين منذ قمع السلطات في اذار/مارس 2011 حركة احتجاج شعبية ضد الحكومة يقودها الشيعة الذين يشكلون اكثرية السكان في البلاد.

تفريق احتجاجات

قال نشطاء إن ابنة ناشط بحريني معارض بارز و40 آخرين اعتقلوا بعد استخدام قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش لتفريق مئات المحتجين الذين طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية. وأضافوا أن 45 شخصا على الاقل أصيبوا خلال العملية التي قامت بها قوات الأمن لتفريق ثلاث مظاهرات منفصلة في مناطق متفرقة من المملكة. وأخمدت البحرين انتفاضة قادتها الأغلبية الشيعية العام الماضي بعد الانتفاضات التي اجتاحت تونس ومصر لكن المسيرات الاحتجاجية والتجمعات الحاشدة لاتزال مستمرة مما يؤدي في بعض الأحيان لوقوع اشتباكات بين الشرطة وشباب من الشيعة.

ويقول شيعة البحرين إنهم عانوا طويلا من التهميش في الحياة السياسية والاقتصادية وهو ما تنفيه الحكومة. ورفض حكام البحرين السنة مطلب المعارضة الرئيسي وهو برلمان منتخب له صلاحيات كاملة لإقرار القوانين وتشكيل الحكومات. وقال رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الانسان محمد المسقطي إن الناشطة زينب الخواجة اعتقلت في وقت مبكر حين حاولت القيام باعتصام فردي احتجاجي بشارع البديع قرب العاصمة المنامة. وقال المسقطي إن زينب شاركت في الاحتجاجات ثم اتجهت الى ذلك الشارع لبدء اعتصام حين اعتقلت.

وأضاف المسقطي أن المعلومات التي استطاع أن يجمعها من محامي وأسر المحتجين تشير الى أنه تم إلقاء القبض على 40 آخرين على الأقل وقال إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات خطيرة. وقال المسقطي إن المظاهرات الثلاث أخمدت باستخدام الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش وأضاف أن تقارير أفادت بإصابة ما بين 40 و45 شخصا على الأقل. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الداخلية في بيان على موقعها على الانترنت إن "مثيري شغب" ألقوا قنابل مولوتوف على مركبة تابعة للوزارة قرب بني جمرة لكن السائق ومرافقه نجوا دون أن يمسهما سوء. وكانت زينب الخواجة قد اعتقلت في 21 من ابريل نيسان لمحاولتها تنظيم احتجاج بالمنامة خلال سباق جائزة البحرين الكبرى ببطولة العالم للفورمولا 1 للسيارات. وصدر حكم في مايو ايار بسجنها لمدة شهر وغرامة 200 دينار (530 دولارا) في تهمة منفصلة تتصل بإهانة موظف حكومي.

وقال محاميها محمد الجيشي إنه لا يعرف بعد الاتهامات الموجهة إليها تحديدا.

احكام قضائية

في السياق ذاته يصدر القضاء البحريني حكمه في استئناف تقدم به الناشط والمدون نبيل رجب المسجون بعد إدانته بتهمة "استخدام الانترنت للدعوة لاستقالة رئيس الوزراء البحريني". من ناحية أخرى، أرسل 19 عضوا في الكونغرس الأمريكي رسالة إلى ملك البحرين يطالبون بإطلاق سراح رجب واحترام حق الشعب البحريني في حرية التعبير. ويواجه رحب تهما أخرى تتعلق بمشاركته في أنشطة سياسية منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في البحرين خلال شهر فبراير/شباط من العام الماضي.

وأشارت رسالة أعضاء الكونغرس، التي أرسلت إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إلى أن البحرين طبقت إصلاحات منذ الاحتجاجات المناهضة للحكومة. غير أنها قالت إن محاكمة رجب "تخالف تطمينات الحكومة بعدم محاكمة الأفراد بسبب الخطاب السياسي السلمي". وكانت جماعات حقوق إنسان بارزة عدة من بينها جماعة هيومان رايتس فيرست ( حقوق الإنسان أولا) قد طالبت بإطلاق سراح رجب.

من جهة اخرى افاد مصدر قضائي ان محكمة في المنامة بدأت بمحاكمة بحريني متهم بتنفيذ اعتداء بواسطة قنبلة اسفر عن اصابة شرطيين اثنين في نيسان/ابريل. وقررت المحكمة ارجاء القضية إلى 22 اب/اغسطس للسماح للمتهم بتوكيل محام. واوضح المصدر ان "القضية تعود الى 15 نيسان/ابريل عند مشاهدة رجال الشرطة مجسما على شكل نصب دوار اللؤلؤة بالقرب من مركز سترة الاجتماعي في غرب البحرين، فاقتربوا منه لأبعاده عن الطريق، فانفجر وخرجت منه شظايا اصيب على إثرها عدد من أفراد الشرطة".

وقال ان "النيابة العامة البحرينية وجهت للمتهم تهم حيازة وصنع المفرقعات تنفيذا لغرض إرهابي، والشروع في قتل رجلي الشرطة أثناء تأديتهما وظيفتهما". وكان القضاء البحريني حكم في نهاية ايار/مايو على ستة متهمين شيعة بالسجن 15 عاما بعد ادانتهم بالتخطيط لتنفيذ هجمات، احدها كان يستهدف الجسر الذي يربط البحرين بشرق السعودية.

وافادت وزارة الداخلية البحرينية ان "اكثر من 700 من افراد الامن العام اصيبوا منذ بداية العام بإصابات بسيطة ومتوسطة وبليغة جراء" الحركة الاحتجاجية المستمرة والتي تقودها الغالبية الشيعية ضد الحكومة. وقالت منظمة العفو الدولية ان ستين شخصا قتلوا منذ بدء التظاهرات في منتصف شباط/فبراير 2011. بحسب فرنس برس.

الى ذلك، اودعت النيابة العامة البحرينية ا حدثين في مركز خاص لرعاية الاحداث بعد اتهامهما بإشعال حريق في اطارات في الشارع. وقال رئيس نيابة المحافظة الشمالية نواف العوضي في بيان بأن "النيابة العامة استجوبت ثلاثة متهمين، بينهم قاصران، لما نسب اليهم من واقعة اشعال حريق في اطارات في الطريق العام". وسبق ان اودعت السلطات عدة احداث في مراكز خاصة بسبب الضلوع في الاحتجاجات واعمال الشغب التي تشهدها القرى الشيعية.

تعذيب اطباء

على صعيد متصل اعلنت النيابة العامة البحرينية في بيان انها وجهت الى 15 شرطيا تهمة تعذيب الاطباء واعضاء الكادر الطبي الذين اعتقلتهم السلطات على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البحرين. وقال رئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة نواف حمزة ان الوحدة باشرت التحقيق في الشكاوى التي وردت اليها من بعض افراد الطاقم الطبي في مجمع السلمانية الطبي، وهو المستشفى الحكومي الرئيسي في البحرين، ب"تعرضهم لصور مختلفة من إساءة المعاملة أو المعاملة القاسية أثناء الاجراءات الجنائية التي اتخذت قبلهم العام الماضي".

واوضح حمزة ان النيابة "استمعت إلى الشاكين جميعا وعددهم 15 شاكيا وشاكية، وتمت احالة بعضهم الى الطبيب الشرعي وتوقيع الكشف الطبي عليهم، كما تم الاستماع الى تسعة شهود إثبات، وبناء على ذلك تم استجواب 15 من المتهمين على كافة مستويات المسؤولية وتوجيه الاتهام اليهم، وجار حاليا اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصرف النهائي في الدعوى". بحسب فرنس برس.

واشار الى ان هذه الخطوة تأتي "تأكيدا على التزام حكومة المملكة بمعاقبة كافة من ارتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان وتعويض الضحايا بما يتناسب مع الجرم والضرر". ومن المقرر ان تصدر محكمة التمييز البحرينية في الاول من تشرين الاول/اكتوبر المقبل حكمها في قضية 9 اطباء شيعة صدرت بحقهم احكام بالسجن من محكمة استثنائية العام الماضي بسجنهم 15 عاما قبل ان تخفف محكمة استئناف عادية مدة السجن لتتراوح ما بين شهر وخمس سنوات. ووجهت النيابة العامة للأطباء عدة تهم، منها احتلال المستشفى الحكومي والتمييز في العلاج، والتحريض على كراهية النظام وبث اخبار كاذبة.

وزير العدل و المعارضة

الى جانب ذلك التقى وفد من جمعية الوفاق البحرينية الشيعية المعارضة مع وزير العدل الشيخ خالد بن علي ال خليفة، الا ان الجمعية اكدت في بيان ان اللقاء لا علاقة له بالحوار والازمة السياسية في المملكة. وقالت الجمعية في بيان انها التقت وزير العدل "بناء على دعوته ضمن لقاءات بعض المكونات السياسية" و"اللقاء لا علاقة له بالحوار وحل الأزمة السياسية التي تعصف بالوطن بقدر ما هو لقاء للتواصل والتداول فيما يخص شؤون الجمعيات السياسية".

واكدت الجمعية التي تمثل التيار الرئيسي بين الشيعة البحرينيين الذين يشكلون غالبية بين السكان، انها "تأمل ان تكون اللقاءات جادة وليست مجرد كونها جزء من حملة علاقات عامة تقوم بها السلطة على اكثر من صعيد". وبحسب الجمعية، فان وفدها اكد للوزير تمسك المعارضة بمطالبها السياسية واهمها قيام "الحكومة المنتخبة وصولا الى المجلس المنتخب وتصحيح المنظومة الامنية". وذكرت الوفاق انها "منفتحة على اي لقاءات او مداولات سياسية تصب في صالح تحقيق مطالب شعب البحرين". بحسب فرنس برس.

من جهتها، اكدت وكالة الانباء البحرينية ان وزير العدل التقى وفد الوفاق ضمن "لقاءاته مع رؤساء وممثلي الجمعيات السياسية"، وقالت ان هذه اللقاءات "اتسمت بالإيجابية". وبحسب الوكالة، جدد وزير العدل خلال هذه اللقاءات "التشديد على وجوب النأي بالشأن الداخلي عن اية صراعات اقليمية او استقطابات طائفية او تدخلات خارجية".

وقالت وكالة أنباء البحرين ان الشيخ خالد اجتمع مع العديد من زعماء المعارضة في الآونة الأخيرة. ومن بين الجماعات التي تم تمثيلها في الاجتماع حزب (وعد) اليساري الذي كان زعيمه بين 13 شخصا احتجزوا لتزعمهم انتفاضة العام الماضي من جانب متظاهرين يطالبون بمزيد من الديمقراطية.

ونقلت وكالة أنباء البحرين عن الشيخ خالد الذي ينتمي للأسرة الحاكمة والذي دعا الى عقد الاجتماع قوله انه يتعين على المعارضة ان تتخذ مواقف واضحة ومحددة. وأضاف انه يجب ان يكون موقفا واضحا يعكس رغبة مخلصة لتمهيد الارض لعمل سياسي بناء. بحسب رويترز.

وقال حزب (وعد) انه ناقش مطالبه المتعلقة بالإصلاح السياسي مع وزير العدل لكن الحزب عبر عن القلق من ان تكون الحكومة بدأت الحوار بغية اثارة التعاطف معها في جلسة مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بشأن البحرين في جنيف في سبتمبر ايلول. وقال راضي الموسوي نائب الامين العام لحزب وعد الذي حضر الاجتماع ان الوزير قال أنهم جادون في الحوار ويحتاجون الى رأي المعارضة بشأن كيفية بدء الحوار. وأضاف الموسوي ان حزبه قال انهم يحتاجون الى حكومة منتخبة تعكس الارادة الشعبية وبرلمان منتخب له سلطات تشريعية كاملة. وقال الموسوي ان حزب وعد أثار قضية معاملة المعتقلين وحريات الاعلام واعادة توظيف البحرينيين الذين فصلوا لدورهم في احتجاجات العام الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/آب/2012 - 27/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م