استنزاف المياه... ظاهرة تعجل بحروب مستقبلية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مع الاستنزاف الجائر للمياه في معظم بلدان العالم الشحيحة بمصادر المياه والمهددة بالجفاف والنضوب، أضحى العالم اليوم على شفا حرب بسبب أزمة المياه لاسيما الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، التي لا تملك الحلول والبدائل لهذه الأزمة القادمة التي تنذر بنشوب حرب من أجل الغذاء، لا سيما وجود هناك أكثر من بليون إنسان يفتقرون إلى مياه الشرب الآمنة حول العالم، كما تتحمل البلدان الصناعية جزءا من المسؤولية في هذه الازمة العالمية وذلك بسبب عادات الاستهلاك السلبية المتبعة فيها، ومن ناحية ايجابية بينت دراسة استطلاعية أعدتها الأمم المتحدة ان أكثر من 80 بالمئة من البلدان قد أدخلت إصلاحات على سياساتها المتعلقة بالمياه خلال السنوات العشرين الماضية. وقد حسّنت هذه الإصلاحات إمكانية الوصول إلى مياه الشرب، والصحة البشرية، كما تشهد الدول النامية تحسنا في الحصول على المياه تُنسب وخاصةً القارة الافريقية، حيث سيكون لمصدر مياه مكتشف حديثا فى نامبيا تأثير كبير على التنمية فى البلد الأكثر جفافا في أفريقيا والواقع جنوب الصحراء الكبرى، اذ تقع نامبيا على طبقة مياه جوفية جديدة قد تبقى لقرون، من جهة أخرى  يتنبأ الخبراء بأن عدد سكان الكرة الأرضية سيبلغ تسعة مليارات شخص عام 2050، ويخشون من أن قطاع المياه لن يكون قادراً على مواكبة الطلب المتسارع على انتاجه، مما يعني أن الحروب القادمة سيتم خوضها من أجل الحصول على مياه صالحة لاستخدام.

اخطر مشاكل العالم

فقد دعا علماء من 15 دولة الى استجابة سياسية افضل لتوفير المياه والطاقة للتغلب على التحدي المتمثل في اطعام عالم سيصل عدد سكانه الي تسعة مليارات نسمة في غضون 30 عاما، وصدر البيان المشترك عن بعض اكاديميات العلوم البارزة في العالم قبل قمة لمجموعة الثماني في الولايات المتحدة. ويأتي البيان في اطار تجميع الجهود التي تستهدف تركيز اهتمام قادة العالم على الموضوعات التي يعتبرها مجتمع العلماء حيوية، وللمرة الاولى يقول العلماء ان النقص المنتظر في امدادات المياه والطاقة يجب ان يعالج كمسألة واحدة، وقال البيان المشترك "الكثير من الضغوط على الامدادات المتاحة من المياه والطاقة اصبحت محسوسة في العديد من الدول والمناطق والمزيد منها متوقع، وما زال الوقود الاحفوري والطاقة النووية والطاقة المولدة من المصادر المائية يقدمون الحصة الاكبر من الطاقة التي يستهلكها العالم وهي مصادر للطاقة تعتمد على المياه بشكل كبير في التبريد او تشغيل التربينات البخارية او توليد الكهرباء مباشرة. بحسب رويترز.

وتستخدم كميات كبيرة من الطاقة في ضخ وتنقية وتحلية المياه ونقلها حول العالم، وقال البيان محذرا "دون التفكير في المياه والطاقة معا سيحدث النقص وهو ما يزيد العجز في الاثنتين". ويجب على السياسيين ان يمضوا قدما في السياسات التي تدمج المياه والطاقة معا وتؤكد على الحاجة للترشيد والكفاءة والتعاون عبر الحدود بين الدول، كما يحتاج العالم الى زيادة صلابته امام الكوارث مثل تلك التي تنشأ عن موجات المد البحري العاتية (تسونامي) والزلازل وغرق الشواطيء بسبب تزايد مستويات البحار، وقال مايكل كليج من الاكاديمية الامريكية للعلوم "الكوارث ستحدث بالتأكيد". واضاف ان الزيادة في سكان العالم -الذين يبلغ عددهم في الوقت الحالي سبعة مليارات- تتركز في المناطق الساحلية الاكثر تعرضا للكوارث مما يجعل تصميم وسائل للصمود امام الكوارث أمرا ضروريا.

سياسات المياه

فيما تقول دراسة استطلاعية أعدتها الأمم المتحدة ان أكثر من 80 بالمئة من البلدان قد أدخلت إصلاحات على سياساتها المتعلقة بالمياه خلال السنوات العشرين الماضية. وقد حسّنت هذه الإصلاحات إمكانية الوصول إلى مياه الشرب، والصحة البشرية، وكفاءة استهلاك المياه في الزراعة، لكنها حققت نجاحاً أقل في مجالات الري، وجمع مياه الأمطار والاستثمار في خدمات النظام البيئي المتعلق بالمياه العذبة، قدّرت الدراسة الاستطلاعية الإجراءات التي اتخذتها أكثر من 130 حكومة قومية لتنفيذ الأساليب المقبولة دولياً في إدارة واستخدام المياه والمعروفة بالإدارة المتكاملة للموارد المائية (IWRM)، التي تم تبنّيها في قمة الأرض التي عقدتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو سنة 1992. تدمج الإدارة المتكاملة للموارد المائية الاحتياجات المحلية والزراعية والصناعية والبيئية ضمن خطط المياه القائمة بهدف تحقيق التوازن بين الطلبات المختلفة بدلاً من اعتبار كل حاجة على انفراد، نُشرت الدراسة الاستطلاعية في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة للدعوة إلى اجتماع ريو+20 في حزيران/يونيو المقبل. وتأتي الدراسة في الوقت الذي تضع فيه الولايات المتحدة إستراتيجية لتخفيف الضغط الذي ستتعرض له الموارد المائية في مختلف أنحاء العالم في العقود القادمة. وبالاستفادة من تشكيلة واسعة من الخبرات والموارد، سوف تركز شراكة المياه للولايات المتحدة على مضاعفة الانتباه الدولي حول الحاجة إلى سياسة مائية أذكى والمحافظة أكثر على المياه وعلى استخدام أكثر فعالية، وستقدم الشراكة أيضاً المساعدة والخبرات إلى البلدان الأخرى وهي تعمل لتحقيق الأمن المائي للمستقبل. وقالت نائبة وزيرة الخارجية للديمقراطية والشؤون العالمية، ماريا أوتيرو، وهي تشرح الخطة أمام الحضور في واشنطن العاصمة، في 9 أيار/مايو، ان الجهود الأميركية ستساعد البلدان النامية في "تحديد الأولويات بحيث تكون المياه والصرف الصحي جزءاً من خططها القومية، وجزءاً من موازناتها وجزءاً من تفكيرها بصورة عامة".

وقد أجرى برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة (UNEP) الدراسة بالنيابة عن برنامج الأمم المتحدة للمياه، وحملة بين الوكالات تركز على هذه المسألة. وتبين أن أكثر من 90 بالمئة من الدول التي شملها الاستطلاع وجدت ان سياسة الإصلاح الخاصة بالمياه كانت لها نتائج إيجابية. وفي ما يلي بعض الأمثلة: ذكرت إستونيا ان تبني رسوم المياه وضرائب التلوث ساعدت في تحسين كفاءة استهلاك المياه وخفضت التلوث في بحر البلطيق، ذكرت تشاد ان إمكانية وصول السكان إلى إمدادات المياه ازدادت من 15 بالمئة سنة 1990 إلى 50 بالمئة سنة 2011، بنت تونس 110 محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، رأى آخيم شتاينر، المدير التنفيذي لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، "ان اعتماد اسلوب أكثر استدامة للمياه نتج عنه فوائد ملموسة بالنسبة للمجتمعات الأهلية والبيئة". وأردف: "سوف تتوفر للحكومات في مؤتمر ريو+20 فرصة للبناء على هذه الابتكارات ورسم الطريق المستقبلية للتنمية المستدامة، حيث سيصبح ممكناً تلبية احتياجات سكان العالم المتوقع ارتفاع عددهم إلى 9 بلايين نسمة بحلول العام 2050، وكي يحصل ذلك بطريقة عادلة"، وذكر بيان صحفي صادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في 4 أيار/مايو، بأن البلدان النامية لا تزال تعرب عن الحاجة إلى المزيد من بناء القدرات، والاستثمارات، وتطوير البنية التحتية لأجل تحقيق المزيد من التقدم في تنفيذ الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

استغلال المياه الجوفية

في حين يعيش ربع سكان الأرض تقريباً، أي 1,7 بليون نسمة، في مناطق تفرط في استغلال احتياط المياه الجوفية، بحسب دراسة نشرتها مجلة «نايتشر»، وشرح عالم المياه الكندي توم غليسون أن «البلدان الأكثر استغلالاً للمياه الجوفية هي الولايات المتحدة والهند والصين وباكستان وإيران والسعودية والمكسيك. أما سكان الهند والصين، فهم أكثر من يعاني العواقب»، وبغية قياس هذه الظاهرة في شكل أوضح، اقترح الباحثون أداة جديدة سمّوها «بصمة المياه الجوفية»، أي مساحة منطقة تعتمد على استخراج المياه الجوفية. ثم يقارن الباحثون هذه البصمة بمساحة احتياط المياه الجوفية الذي يغذي المنطقة. وتبين لهم أن البصمة العالمية، أي استعمال المياه الجوفية في العالم، أكبر بثلاث مرات ونصف المرة من مساحة الطبقات الجوفية. لكنهم قدّروا أن الإفراط في استغلال المياه الجوفية لا يطاول سوى 20 في المئة من طبقات المياه الجوفية في العالم. فبصمة المياه الجوفية أكبر بـ 98 مرة من مساحة احتياط المياه الجوفية في حوض بحر قزوين الجنوبي، و98 مرة في حوض الغانج العلوي في الهند وباكستان، وبتسع مرات في السهول العظمى في الولايات المتحدة، وأشار غليسون إلى أن «الإنسان يفرط في استغلال المياه في الأحواض المهمة من أجل الزراعة، خصوصاً في أميركا الشمالية وآسيا». بحسب فرانس برس.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن استخراج المياه الجوفية تضاعف ثلاث مرات في السنوات الخمسين الماضية، وهو يوفر تقريباً نصف كمية مياه الشرب في العالم، ويأمل معدو الدراسة المساهمة في نشر هذه الأداة الجديدة التي من شأنها أن تكمل أدوات أخرى معتمدة حالياً كبصمة الكربون (قياس انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناجمة عن نشاط ما أو منطقة ما) والبصمة البيئية (قياس مساحة اليابسة والمياه المستعملة من فرد أو شعب أو في نشاط معين).

بحر هائل من المياه الجوفية

على الصعيد نفسه قال باحثون ان بعضا من اشد المناطق الصحراوية جفافا في افريقيا يضم مخزونات هائلة من المياه الجوفية يمكن أن توفر حماية من اثار التغير المناخي لسنوات قادمة، وللمرة الاولى أعد مركز المسح الجيولوجي البريطاني وكلية لندن خرائط توضح أماكن طبقات المياه الجوفية في أنحاء القارة وأحجام مخزوناتها، وقالوا في بحثهم "توجد أكبر كميات المياه الجوفية في طبقات رسوبية في شمال افريقيا .. في ليبيا والجزائر ومصر والسودان، وقدروا أن مخزونات المياه الجوفية في انحاء القارة تعادل 100 ضعف ما على سطحها من مياه أو 0.66 مليون كيلومتر مكعب، الا ان الباحثين حذروا في دورية رسائل الابحاث البيئية من أنه ليس كل تلك المخزونات قابل للاستخراج، وحيثما أمكن ذلك فان الاستخراج على نطاق ضيق باستخدام المضخات اليدوية سيكون أفضل من مشروعات الحفر الكبيرة التي يمكن ان تستنزف المخزونات سريعا وتؤدي الى عواقب غير معلومة، والمياه الجوفية ليست حلا جذريا لنقص المياه في القارة لكنها يمكن ان تشكل جزءا مهما من استراتيجية لمواجهة زيادة حادة متوقعة في الطلب على المياه مع نمو عدد السكان، وفي الوقت الحالي تشير بعض التقديرات الى أن عدد الافارقة الذين لا يمكنهم الوصول الى مياه شرب امنة يتجاوز 300 مليون شخص وان خمسة بالمئة فقط من الاراضي القابلة للزراعة يقوم على الري الدائم، وقال الدكتور ستيفن فوستر كبير مستشاري جماعة الشراكة العالمية بشأن المياه والخبير في قضايا المياه الجوفية "يمكن أن يكون استخدام المياه الجوفية مجديا اقتصاديا وفنيا في بعض المناطق لحل مشكلة النقص في المحاصيل لكني اشك في أن يصح هذا في كل المناطق. سيحتاج ذلك الى تقييم تفصيلي، وأشار الى أن بعض المشروعات فشلت بسبب التكلفة ومشاكل خاصة بالنقل والامداد. بحسب رويترز.

ويقول الباحثون ان بعض أكبر تلك المخزونات موجود في أشد المناطق جفافا داخل وحول منطقة الصحراء الكبرى لكنها على عمق يتراوح بين 100 و 250 مترا تحت سطح الارض، وقالت الدراسة التي قادها الدكتور الان ماكدونالد من مركز المسح الجيولوجي البريطاني "سيكون من غير الممكن الوصول بسهولة الى مستويات المياه الاعمق من 50 مترا باستخدام مضخة يدوية، "عند الاعماق الاكبر من 100 متر ترتفع تكلفة الحفر بشدة نظرا للحاجة الى معدات أكثر تطورا، ويقول الباحثون ان الخرائط التي استندت الى رسوم توضيحية أعدتها حكومات والى بحوث أجريت على المئات من طبقات المياه الجوفية تهدف لدعم "تقييم أكثر منطقية لامن المياه والضغوط المائية."

بنجلاديش

 على صعيد مختلف ينبغي على حكومة بنجلاديش بذل المزيد من الجهود بغية تلبية الاحتياجات الملحة من مياه الشرب في العاصمة دكا، حيث حذر الخبراء من أن الأمور ستزداد سوءاً ما لم يتم تكثيف الجهود. ووفقاً لتقارير هيئة المياه والصرف الصحي في بنجلاديش، فإن المدينة تحتاج إلى حوالى 2.2 مليار لتر مياه يومياً، فيما لا يمكنها إنتاج سوى 1.9 إلى 2 مليار لتر، وقال خير الإسلام، الممثل المحلي لمنظمة ووتر إيد غير الحكومية في بنجلاديش، أن "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر فعالية الآن. فالخطوات التي اتخذتها الحكومة في معالجة هذه المشكلة غير كافية حتى اليوم"، ويبلغ عدد السكان الرسمي في مدينة دكا 12.8 مليون نسمة لكن التقديرات غير الرسمية تذكر أن الرقم الحقيقي يقارب 15 مليون نسمة، بما في ذلك نحو 3.4 مليون يعيشون في الأحياء الفقيرة. كما يهاجر حوالى 300,000 إلى 400,000 شخص إلى المدينة كل عام، حيث أصبح عدد سكان المدينة أربعة أضعاف عما كان عليه منذ 25 عاماً. ووفقاً للبنك الدولي، فإن تلك المدينة الضخمة تشهد أعلى نسبة من النمو السكاني في العالم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من مشاكل المياه في دكا ناتجة عن اعتمادها المفرط على المياه الجوفية. ويقول خبراء المياه في هذا السياق، أن دكا تحتاج إلى زيادة معدلات استخدام مصادر المياه السطحية مثل الأنهار والبرك والقنوات. وقد أشار البنك الدولي إلى أن هيئة المياه والصرف الصحي في دكا تحصل على معظم احتياجاتها من المياه من خلال الاستغلال المفرط للمياه الجوفية.

من جهة أخرى، يشير الانقطاع في التيار الكهربي وانخفاض منسوب المياه خلال موسم الجفاف السنوي الذي يمتد من مارس إلى مايو إلى أن هيئة المياه والصرف الصحي غير قادرة على استخراج ما يكفي من المياه لتلبية الاحتياجات اللازمة. والجدير بالذكر أن النقص في المياه في بداية أبريل في بعض أجزاء المدينة كان حاداً للغاية لدرجة أن الكثيرين لم يحصلوا على مياه لعدة أيام، بينما اشتكى آخرون من أن المياه غير صالحة للشرب، ما أدى إلى احتجاج عشرات الأشخاص على هذا الوضع الصعب، وفي تقرير صدر مؤخراً عن المركز الدولي لبحوث أمراض الإسهال في بنجلاديش، تتمّ حالياً معالجة حوالى 700 مريض يومياً يعانون من الإسهال في بنجلاديش، مقابل معدّل 250 إلى 300 مريض يومياً في الأيام العادية، ويؤكد فيروزي أحمد، أستاذ سابق في كلية الهندسة والتكنولوجيا في بنجلاديش وخبير في مجال المياه، أن مشاكل المياه التي تواجه المدينة سنوياً ناتجة إلى حد كبير عن الاعتماد المفرط على المياه الجوفية. وأضاف قائلاً: "كان يجب أن يتم في وقت مبكر اتخاذ المبادرات لخفض الاعتماد على المياه الجوفية وزيادة استخدام المياه السطحية".

من جهةٍ أخرى، ذكر تقسيم خان، المدير الإداري لهيئة المياه والصرف الصحي في دكا، أن الحكومة مدركة تماماً للمشكلة وقد اتخذت بالفعل عدداً من الخطوات لمعالجتها، بما في ذلك شراء المولدات الكهربائية لاستخراج المياه الجوفية أثناء انقطاع الكهرباء. وأضاف خان أن "هذه مشكلة بسيطة. ففي مدينة ضخمة، خالية من التخطيط مثل دكا، من الطبيعي أن يواجه أربعة أو خمسة بالمائة من السكان مشكلة في الحصول على المياه. فضلاً عن ذلك، يتمّ الآن وضع خطة طويلة الأمد للحد من اعتماد المدينة على المياه الجوفية. شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

من جهته، أفاد مجبور رحمن، خبير في مجال المياه وأستاذ في كلية الهندسة والتكنولوجيا في جامعة بنجلاديش، أن "ما تقوم به هيئة المياه والصرف الصحي هو زيادة الإنتاج عند وقوع الأزمات" مضيفاً أن استراتيجية الحكومة لزيادة الإنتاج عند تزايد الطلب لن تنجح بكل بساطة، وكانت الأمطار التي تساقطت في منتصف أبريل قد حسنت الوضع بعض الشيء ولكن ليس من المتوقع أن تزول المشكلة نهائياً. وقد حذر رحمن من أنه لا يتم إدارة مصادر المياه بشكل مناسب، ما يعرض المدينة إلى خطر النقص الحاد في المياه في المستقبل، ذاكراً الاعتماد الشديد على مئات الآبار الأنبوبية لاستخراج المزيد من المياه في جميع أنحاء المدينة، ويتم إنشاء الآبار الأنبوبية عن طريق حفر مواسير في الأرض، يبلغ قطرها عادةً بين 10 و 20 سم، لتصل إلى منسوب المياه الجوفية. أما المصفاة الموجودة في القاعدة، فتمنع شفط الحصى في الماسورة بواسطة مضخة توضع في الأعلى، ما يسحب المياه إلى السطح وإلى خزان صغير أو إلى سد يتم بناؤه لتخزين المياه فيه. ويعتمد عمق الآبار الأنبوبية على عمق منسوب المياه الجوفية، وتدير هيئة المياه والصرف الصحي نحو 600 بئر أنبوبي في المدينة لاستخراج المياه، علماً أن هناك حوالى 2000 بئر أنبوبي خاص منتشر في جميع أنحاء المدينة. ويعتمد 87 بالمائة من سكان دكا على استخدام المياه الجوفية، ومعظمها من الآبار الأنبوبية العميقة، بينما يستخدم باقي السكان المياه السطحية المعالجة، وفي كل عام في مثل هذا الوقت، تدفع أزمة المياه المتكررة بالناس في دكا إلى الاحتجاج. وفي عام 2010 اضطر الجنود إلى حراسة مضخات المياه في بعض المناطق. وقد دعت جماعات حقوق البيئة والحقوق المدنية مثل حركة حقوق المواطنين والنادي الأخضر في بنجلاديش والمجلس التنفيذي لأصدقاء البيئة، وحركة "دكا التي يمكن العيش فيها" إلى استقالة رئيس هيئة المياه والصرف الصحي في بنجلاديش، وقد أشار تقرير الأمم المتحدة لعام 2012 الصادر في أبريل والخاص بالتحليل والتقييم العالمي لمياه الشرب والصرف الصحي إلى أن 70 بالمائة من البلدان تتخلف عن التوجهات اللازمة لتحقيق الأهداف في ما يتعلّق بالحصول على مياه الشرب.

طبقة مياه جوفية قد تبقى لقرون

الى ذلك سيكون لمصدر مياه مكتشف حديثا فى نامبيا تأثير كبير على التنمية فى البلد الأكثر جفافا في أفريقيا والواقع جنوب الصحراء الكبرى، وتشير التقديرات إلى أن طبقة المياه الجوفية المكتشفة أخيرا يمكن أن تكفى شمال ناميبيا لمدة 400 عاما بمعدلات الاستهلاك الحالية، ويقول علماء أن هذه المياه قد يصل عمرها إلى أكثر من 10 الاف عام ، لكنها أكثر صالحية للشرب من مصادر مياه أخرى أحدث، ومع ذلك، هناك مخاوف من أن عمليات الحفر غير المرخص بها قد تهدد مصدر المياه الجديد، بالنسبة لسكان شمال نامبيا، قد توجد المياه بوفرة أو تكون شحيحة للغاية، ويعتمد حوالى 800 ألف شخص يعيشون في هذه المنطقة على قناة عمرها يزيد عن أربعين عاما تأتي بالمياه عبر الحدود مع أنجولا، وطوال العقد الماضي حاولت الحكومة الناميبية التعامل مع غياب الإمدادات المستدامة بالشراكة مع باحثين من ألمانيا ومن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وتم تحديد طبقة مياه جوفية جديدة تسمى "أوهانغوينا الثاني"، تتدفق تحت الحدود بين أنغولا وناميبيا، و تغطى طبقة المياه الجوفية مساحة 70 كيلومترا في 40 كليومترا تقريبا على الجانب الحدودى النامبيى، ويقول مدير المشروع مارتن كوينجر من المعهد الاتحادى الألمانى لعلوم الأرض والموارد الطبيعية إن هذه الطبقة تمثل مصدرا ضخما للمياه، وأضاف: "كمية المياه المخزنة تكفى هذه المنطقة بشمال ناميبيا لمدة 400 عام على ضوء الاحتياجات الحالية"، مشيرا إلى أن المنطقة يعيش بها نحو 40 بالمئة من سكان نامبيا.

تعتمد هذه المنطقة على نهرين من أجل الحصول على المياه. لكن ذلك أدى الى فرض قيود على التنمية الزراعية في مناطق قريبة من مصادر المياه هذه، ويقول كوينجر إن طبقة المياه الجوفية الجديدة يمكنها تغيير طبيعة التنمية الزراعة في هذه المنطقة. وبالإضافة إلى توفير مصدر جديد للمياه المستخدمة في الزراعة، ستساعد هذه الطبقة الجديدة على تعزيز موارد المياه الصالحة للشرب، ويشير كوينجر إلى أن على الرغم من أن هذه الطبقة قد يبلغ عمرها 10,000 عام إلا أن المياه ما زالت صالحة للشرب، وتوجد طبقة مياه مالحة فوق الكشف الجديد مما أثار مخاوف من أن تشكل عمليات التنقيب غير المرخص لها تهديدا لجودة المياه، ويؤكد كوينجر على خطورة التنقيب العشوائي في هذه الطبقة، ويقول: "إذا لم يلتزم الناس بتوصياتنا الفنية ربما ينجم عن ذلك ظهور فتحة بين الطبقتين، وقد تأتي المياه المالحة الموجودة في الطبقة العليا على المياه العذبة الموجودة في الطبقة العميقة أو العكس، ومن أهم ميزات طبقة المياه الجديد أنها قد تساعد الناس على التكيف مع التغيير المناخي، ويقول باحثون إنها ربما تساعد على مواجهة الجفاف لمدة تصل إلى 15 عاما، ويهدف الباحثون إلى تطوير قدرة الشباب في ناميبيا على إدارة موارد المياه في دولتهم قبل نفاد تمويل من الاتحاد الأوروبي، وذلك بالإضافة إلى التعرف على مكان مورد مياه جديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/آب/2012 - 26/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م