الثورة الشرقية تفاقم من تصدع المملكة السعودية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بات النظام السعودي يشعر بالخطر المحيق بعد تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية في المملكة وعجزه في اخماد الاصوات المطالبة بسقوطه، خصوصا بعد ان تطور المشهد في المنطقة الشرقية الى مستو خطير لم يعهد النظام منذ ان بسط سلطانه بالنار والحديد مطلع القرن الماضي.

اذ لم ترهب المحتجين مشاهد القتل والقمع التي تمارسها القوات العسكرية السعودية بحقهم، فقد نقلت المشاهد التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت استبسال كبير للشباب المشارك في التظاهرات في مواجهة العسكر.

فيما سجلت العديد من الاشتباكات بين المدنيين العزل وقوات الامن المدججة بالسلاح متسببة في سقوط الضحايا بين الطرفين، الامر الذي يعد نقله نوعية في طبيعة الصراع القائم بين الشعب والعائلة الحاكمة.

وكانت عملية اعتقال الشيخ نمر النمر التي اقدمت على تنفيذها السلطات السعودية بشكل عنيف مؤخرا سببا في تأجيج الاحتجاجات بشكل واسع بين صفوف المواطنين، بعد ان اتسمت الفترة التي سبقتها بهدوء نسبي.

اطلاق النار على متظاهرين

واصيب العديد من المتظاهرين الشيعة بجروح عندما اطلقت قوات الامن السعودية النار على تجمع ضم مئات الاشخاص في منطقة القطيف شرق البلاد.

وقالت وزارة الداخلية بحسب بيان لها اوردته كالة الانباء السعودية الرسمية انه لم يصب احد بجروح. وبحسب الوزارة فان قوات الامن تصدت الى ما وصفتهم مشاغبين يحرقون اطارات مطاطية وتم توقيف عدد كبير منهم بينهم محمد الشاخوري المدرج اسمه ضمن لائحة تضم 23 شخصا ملاحقا من السلطات.

وذكر شهود ان الشاخوري اصيب بالرصاص في الظهر والعنق ثم نقل الى مستشفى عسكري قرب الظهران. واضافة الى استخدام الرصاص الحي، اطلقت الشرطة للمرة الاولى الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رفعوا صورا لمعتقلين شيعة خصوصا رجل الدين النافد نمر باقر النمر.

وتزايدت في الاونة الاخيرة الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين الشيعة الذين يشكلون اقلية في السعودية ويطالبون بالمساواة مع السنة في التوظيف والخدمات الاجتماعية. وفي تموز/يوليو قتل متظاهران شيعيان ما ادى الى تعرض مبان حكومية في القطيف لهجمات.

وتعد المنطقة الشرقية الغنية بالنفط المركز الرئيسي للشيعة الذين يشكلون نحو 10 بالمئة من السعوديين البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة. ويتهم ابناء الطائفة الشيعية السلطات السعودية بممارسة التهميش بحقهم في الوظائف الادارية والعسكرية وخصوصا في المراتب العليا للدولة.

وتقول منظمات حقوقية ان قوات الامن اعتقلت اكثر من 600 شخص في القطيف منذ ربيع العام 2011 لكنها اطلقت سراح غالبيتهم.

وقالت السعودية انها القت القبض على عدد من "مثيري الشغب" في المنطقة الشرقية بينما قال ناشط ان قوات الشرطة اصابت واحتجزت محتجين بعد تنظيمهم مظاهرة سلمية.

وأبلغ ناشط -قال انه شهد الاضطرابات لكنه طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من انتقام السلطات، وقال "لم يكن هناك وجود للشرطة اثناء المسيرة وعندما انتهت بدأت العربات المدرعة دخول المدينة وعندها بدأ المحتجون في قطع الطرق بالاطارات المشتعلة والقاء زجاجات المولوتوف."

واضاف الناشط ان الشرطة في العربات المدرعة بدأت اطلاق النار على المحتجين في الساعات الاولى من الصباح مما تسبب في اصابة نحو 14 شخصا.

كما اعتقلت السلطات السعودية في محافظة الجبيل الناشط الاجتماعي في بلدة العوامية علي جاسب ال تحيفة. وذكرت مصادر حقوقية أن عناصر أمنية اقتادت ال تحيفة من مقر عمله الواقع في مدينة الجبيل الصناعية دون معرفة اسباب ومكان اعتقاله.

ويعد آل تحيفة من الناشطين الشباب في العوامية وله مساهمات في العديد من الانشطة الثقافية والاجتماعية في البلدة. وذكر مركز العدالة لحقوق الانسان في وقت سابق أن السلطات احتجزت العام الماضي نحو 600 معتقلا على خلفية الاحتجاجات السياسية في المملكة. بحسب شبكة راصد الاخبارية.

وقال المركز أن نحو 150 معتقلا لايزالون رهن الاعتقال في سجن المباحث في الدمام لصلتهم بالمسيرات الاحتجاجية في القطيف.

الآلاف يشيعيون الشهيد القلاف

في سياق متصل شيّع الآلاف في بلدة سنابس بمحافظة القطيف الشهيد الشاب حسين القلاف الذي قتل برصاص عناصر الأمن. وقتل الشاب القلاف (17 عاما) برصاص الأمن حين كان يقود دراجة نارية بعد وقت قصير من استهداف مجهولين دورية أمنية في حادثة منفصلة ذهب ضحيتها شرطي. وقالت السلطات السعودية أن "اربعة من مثيري الشغب المسلحين من راكبي الدراجات النارية" أطلقوا النار على الدورية الامنية.

ويلقي الأهالي ظلالا من الشكوك على الرواية الرسمية في وقت شدد شهود عيان في شهادات خاصة بأن الشاب الراحل لم يكن مسلحا لحظة اطلاق النار عليه.

وشارك الآلاف من الأهالي في التشييع الذي اخترق الشارع الرئيسي في بلدة سنابس مسقط رأس الشهيد وصولا إلى مثواه الأخير بمقبرة جزيرة تاروت حيث ووري الثرى. وأظهرت صور اصابة الراحل بطلقة نارية مباشرة في القلب. وسار خلف موكب الشهيد الذي غطي جسده بأغصان شجر الريحان المئات من النساء والأطفال.

الامام الشيرازي العالمية

من جهتها طالبت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية السلطات السعودية بالتراجع عن التصريحات غير المدروسة التي اطلقها وزير الداخلية السعودي مؤخرا حول سماحة العلامة المجاهد الشيخ نمر النمر دام عزة.

واعتبرت المؤسسة تلك التصريحات أمرا يشجع على إثارة الشارع السعودي بشكل عام والشيعة بشكل خاص، مشيرة الى انها تنال من رمز محترم من الطائفة الشيعية المسلمة في تلك السعودية، واستهداف غير مبرر لقياداتها الوطنية والدينية.

وشددت المؤسسة الامام الشيرازي العالمية في بيانها على ضرورة اعتذار وزير الداخلية السعودي والافراج الفوري عن سماحة العلامة المجاهد الشيخ نمر النمر وكافة المعتقلين بأسرع وقت، كبادرة لوأد الفتنة وتهدئة النفوس.

منظمة العفو

كما دعت منظمة العفو الدولية، السلطات السعودية إلى توجيه الاتهام إلى رجل الدين الشيعى الموقوف نمر النمر أو الافراج عنه. وأسفت المنظمة فى بيان لعدم توجيه أى تهمة حتى الآن إلى نمر النمر بعد شهر من توقيفه، طالبة من السلطات السعودية توجيه اتهام إليه أو الإفراج عنه.

وفى نهاية يوليو، اعتبر وزير الداخلية السعودى الأمير أحمد بن عبد العزيز أن طروحات النمر تدل على أنه "ناقص العقل أو مختل" مؤكدا أن السلطات لن تقبل بأى تجاوز لأمن الدولة فى منطقة القطيف.

رحيل عقيلة الشيخ نمر النمر

الى ذلك نعى جمع من رجال الدين ببلدة العوامية بمحافظة القطيف رحيل الحاجة منى الشرياوي عقيلة الشيخ نمر باقر النمر والتي وافها الأجل فجر الأحد اثر مرض عضال المّ بها... وفي بيان صادر قدم الموقعون  تعازيهم للشيخ النمر "لفقده زوجه ورفيقة دربه في العلم والجهاد" وكما قدموا التعازي لعائلتي الشرياوي والنمر.

وشيع أهالي محافظة القطيف الراحلة الشرياوي في مدينة صفوى مسقط رأسها. وطالب البيان السلطات والجهات المعنية بالإفراج "الفوري" عن الشيخ النمر، ودعا "السماح له بإكمال علاج إصابته الناتجة عن الاعتداء المباشر عليه بالرصاص الحي".

وكما طالب الموقعون الإفراج عن السجناء المنسيين وكافة سجناء الرأي "لاسيما الشيخ توفيق العامر" وحذروا في الوقت نفسه من التعرض "للرموز الدينية، الأمر الذي يعمق حالة التوتر والاحتقان الشعبي ويفاقم الأزمة الراهنة".

فتوى حول عدم جواز بيع العقارات للشيعة

على صعيد متصل قررت السلطات السعودية سحب فتوى كان قد أصدرها أحد علماء الدين الكبار بعدم جواز بيع العقارات للشيعة في البلاد، كما حذرت من الدعاء بتعميم الهلاك على "اليهود والنصارى"، مشيرة إلى أن "الصحيح هو الدعاء على "المعتدين" فقط.

قررت السلطات السعودية سحب فتوى كان أصدرها أحد علماء الدين الكبار بعدم جواز بيع العقارات إلى أبناء الطائفة الشيعية الذين يمثلون 5% من عدد السكان البالغ عددهم 27 مليون نسمة.

وأصدر فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية تعميما على أئمة مساجد الشرقية "بمنع تعليق فتوى عضو هيئة كبار العلماء الراحل الشيخ عبدالله بن جبرين على لوحة الإعلانات، والتي تقضي بعدم جواز بيع العقارات لأبناء الشيعة".

وحذر التعميم "بملاحظة من يقوم بوضع الفتوى والإبلاغ عنه". وكان الشيخ ابن جبرين أفتى أنه لا يجوز بيع العقارات "للرافضة" (الشيعة) إذا كانت في محيط أهل السنة وفي القرى والمدن التي أهلها من السنة.

من جانب آخر، حذرت وزارة الشؤون الإسلامية السعودية أئمة المساجد من الدعاء "بهلاك اليهود والنصارى" أثناء خطبة الجمعة أو في الصلاة. ووجهت وزارة الشؤون الإسلامية السعودية تنبيهاً إلى أئمة المساجد بعدم الاعتداء في الدعاء أو الدعاء بأدعية "مخالفة" لم ترد عن النبي محمد.

ووجهت الوزارة بعدم رفع الصوت في القراءة والدعاء حتى لا يؤذِي الآخرين، وحتى لا يحدث تداخل بين أصوات الأئمة والمصلين في المساجد المتجاورة. وحذرت الوزارة من الدعاء بتعميم الهلاك على اليهود والنصارى، مشيرة إلى أن "الصحيح" الدعاء على "المعتدين" فقط وأن التعميم "لا يجوز شرعاً".

التدخل الروسي

دوليا... نددت السعودية بتدخل موسكو "السافر وغير المبرر" في شؤونها الداخلية ردا على تصريحات مسؤول روسي حول صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في المنطقة الشرقية في المملكة.

واعرب مفوض وزارة الخارجية الروسية لحقوق الانسان كونستانتين دولغوف على الموقع الالكتروني للوزارة عن "قلقه الشديد" حيال مقتل شابين في القطيف اثر توقيف رجل دين شيعي متشدد. واشار الى "مخاوف" بشان استقرار المملكة داعيا الرياض الى التحرك تجنبا لصراع "طائفي" وضمان "احترام حقوق الانسان وضمنها حرية التعبير".

ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية ان السعودية "اطلعت باستهجان واستغراب شديدين على التصريحات التي تشكل تدخلا سافرا وغير مبرر بأي حال من الأحوال في شؤون المملكة، ويتنافى في الوقت ذاته مع الاصول والقواعد السياسية والدبلوماسية".

واشار الى ان حكومة المملكة "تستنكر هذا التصريح العدائي، وتود ان تذكر المسؤول الروسي بأنها كانت ولا تزال حريصة على احترام قواعد الشرعية وسيادة الدول واستقلالها، بما في ذلك حرصها على عدم التدخل في شؤون روسيا، وسياساتها في التعامل مع الاضطرابات داخل حدودها والتي اودت بارواح العديد من الضحايا".

وتابع "تأمل المملكة ان لا يكون صدور مثل هذا التصريح الغريب، يهدف الى صرف النظر عن المجازر الوحشية والشنيعة التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه، وبدعم ومساندة لاطراف معروفة تعرقل أي جهد مخلص لحقن دماء السوريين". وتؤشر حدة التصريحات المتبادلة الى ازدياد حدة التوتر بين البلدين بخصوص الازمة السورية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/آب/2012 - 25/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م