قطر والزعامة العربية

علي وحيد العبودي

ما من دولة ابدت جهودا كبيرة كالذي ابدته قطر خلال الاحداث التي رافقت ربيع الثورات العربي وخصوصا دعمها السياسي والمالي اللامحدود لبعض الدول التي شهدت هذه الثورات والموجات الاحتجاجية.

ونتيجة لغياب بعض القوى الكبرى في المنطقة برزت قطر كلاعب دبلوماسي عربي، مدعومة بقوة مالية كونها تملك ثالث اكبر احتياطي للغاز في العالم وهي تمتلك كذلك قناة الجزيرة التي تعتبرها الاكثر نفوذا في العالم العربي.

فالدعم الاعلامي هو الاهم في هذا الحراك السياسي الذي اتبعته هذه الدولة، حيث بات واضحاً للقاصي والداني الدور السلبي الذي تلعبه قناة الجزيرة من خلال السياسة الاعلامية التحريضية التي تنتهجها في تناولها للاحداث الجارية في المنطقة العربية.

 فهذه القناة المثيرة للجدل بعد ان كانت في بداية انطلاقها مشروعا قطريا خالصا اصبحت الان تعمل وفق خط سياسي وضمن اطار مشروع كبير اكبر حتى من قطر نفسها على الرغم من انها بدت بشكل واضح تفضح نفسها وافعالها خاصة في تغطياتها الاعلامية للثورات العربية وتأجيجها بمواقفها اللاحيادية، فتارة تجدها تساند الحكومات الدكتاتورية وتارة اخرى تقف مع الشعوب الداعمة للتغيير والمطالبة بحرية الرأي والديمقراطية!!.

هذه الدولة التي لايتجاوز عدد سكانها المليون نسمة واصلت سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان التي شهدت التغيير، حتى وضعت يدها على الملف السوري ايضا لتحاول ان تلعب الدور المفصلي فيه للضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرارات دولية وعقوبات ضد حكومة دمشق بعد ان كان لها اليد الطولى في قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية. فهي منذ اللحظات الأولى لبدء الأحداث تعمل على تدويل الملف السوري وفتح الأبواب على مصاريعها أمام التدخل الخارجي تماماً كما حصل مع ليبيا.

ان ما فعلته قطر في ليبيا ومصر وما تريده من تأجيج للأحداث في سورية يطرح تساؤلات كثيرة منها هل تريد هذه الدولة الصغيرة زعامة عربية بحكم ما تملكه من مال وإعلام؟ ولو كانت كذلك فانها لا تملك الزخم السياسي والثقل التاريخي والاستقلالية لتكون مؤهلة لهذه الزعامة.

فقطر تدعي دعمها للقضية الفلسطينية، وهي تستقبل ويلتقي قادتها بالإسرائيليين الملطخة أيديهم بدماء أبناء جلدتهم العرب، بل لم تقف عند هذا الحد فهي اعلنت المشاركة في مؤتمر بتل أبيب يرمي الى النقاش في التحديات التي تواجه إسرائيل إقليمياً !!.

والسؤال هنا كيف يمكن أن نفهم هذا التناسب غير المنطقي بين العهر السياسي والحجم الصغير سياسياً وتاريخياً وبين المكانة التي يحلم بها أمراء قطر بإسم الوقوف إلى جانب الشعوب ومساندتها على نشر الديمقراطية ولو كان ذلك عبر التدخل في شؤون الدول الأخرى؟!

وإذا كان من حق دولة قطر هذه البلد القابع في أطراف الخليج أن تكون فاعلة في الأحداث لينعم شعبها بالعيش الرغيد والرخاء، فلا يحق لها أن تتجاوز حدود ذلك الدور وتكون عامل اضطراب وفوضى وأداة تحريض وقاعدة متقدمة لقوى تستهدف دول المنطقة.

alikhassaf_2006@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/آب/2012 - 25/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م