الازمة السورية تغذي العنف في العراق وتعيد الحياة للقاعدة

 

شبكة النبأ: كان هجوما جريئا ومعقدا حريا بالقاعدة في اوج نشاطها في العراق. انفجرت قنبلتان لم يفرق بينما سوى دقائق معدودات لتقتلا وتبترا اطرافا وتصرفا الانظار عن قيام مجموعة من الانتحاريين باقتحام مقر للشرطة في بغداد لتحرير مسلحين مسجونين.

والهجوم الكبير الذي وقع على وحدة شرطة مكافحة الارهاب في بغداد هو الاحدث الذي تشنه جماعة دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة تنفيذا لتهديدها باستعادة ما خسرته في قتالها ضد القوات الامريكية بل ان قائدها هدد بشن هجمات في الولايات المتحدة. وفي النهاية اخفق المسلحون في اطلاق سراح السجناء ولكن الرسالة الموجهة كانت واضحة.. عدنا.

ومع تسلل مسلحين سنة إلى سوريا المجاورة لمحاربة الرئيس بشار الأسد يقول خبراء في مجال الامن إن القاعدة تجمع اموالا وتضم مقاتلين جددا بل وترتفع معنوياتها على جانبي الحدود لتستعيد حيويتها بعدما ما تكبدته من خسائر على ايدي القوات الامريكية وحلفائها العراقيين طيلة سنوات.

وتبغض جماعة دولة العراق الإسلامية وجماعات سنية متشددة اخرى الاقلية العلوية وهي احدى الفصائل الشيعية التي ينتمي إليها الاسد الذي يرون انه يضطهد السنة. بحسب رويترز.

وتناصب الجماعة العداء ايضا الشيعة بصفة عامة وتعارض حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها شيعة. وإيران القوة الشيعية الكبرى في المنطقة حليف وثيق للأسد ولها نفوذ هائل لدى بغداد.

ويبدو أن القاعدة تستغل التوتر بين السنة والشيعة التي يؤججها تفاقم الصراع الطائفي في سوريا. ويغضب كثيرون من سنة العراق بالفعل ما يعتبرونه اصرارا من جانب المالكي على تقليص حصتهم في السلطة.

وقال رمزي مارديني المحلل في معهد دراسات الحرب في واشنطن "الازمة السورية تتيح مجالا يجتذب منه جناح القاعدة المهيمن في العراق مسلحين وموارد لخدمة قضيته. ربما يكون ذلك احياء للثقة في قطاع من المتطرفين السنة."

وفقدت القاعدة - التي كانت من قبل المحرك لاعمال العنف التي شنها السنة ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة - كثيرين من قادتها في مواجهات مع القوات العراقية والامريكية.

وانقلبت القبائل السنية عليها بداية من عام 2007 وقاتلت القاعدة باسلحة امدتها بها القوات الامريكية ويرجع ذلك في جزء منه لاستيائها مما سببوه للمدنيين من مآس دون تمييز.

وهدأت اعمال العنف الطائفية في العراق الذي غرق في حمام من الدم في عامي 2006 و2007 ولكن منذ رحيل اخر مجموعة من القوات الامريكية في ديسمبر كانون الأول تعلن القاعدة مسؤوليتها في كل شهر عن هجوم ضخم واحد على الاقل ومنسق بشكل جيد.

ويبدو مستبعدا عودة اعمال العنف الطائفية الشاملة ولكن احتمال سقوط الأسد في سوريا يثير قلق الزعماء الشيعة في العراق الذين يخشون ان تتولى السلطة حكومة سنية متشددة ما يقوي شوكة المسلحين السنة في العراق.

وبالفعل تقول بغداد إن مقاتلي القاعدة من اصحاب الخبرة يعبرون الحدود التي تمتد لمسافة 680 كيلومترا للتواصل وشن هجمات ضد حكومة الأسد. ويقول خبراء ان هذا يمنح جماعة دولة العراق شرعية جديدة في اعين بعض السنة.

وعلى حدود العراق الغربية مع سوريا وبالقرب من نقطة البوكمال اثارت الاضطرابات على الجانب الاخر من الحدود تعاطفا في منطقة سنية تشاركها روابط قبلية وعائلية.

ويقول مسؤول امني عراقي بارز إن نفوذ القاعدة كبير في بعض القرى الحدودية النائية وتقع مناوشات يومية بين القوات العراقية ومهربين ومسلحين يرسلون مقاتلين واسلحة لسوريا.

وقال سيث جونز خبير مكافحة الارهاب في مؤسسة راند في واشنطن ومؤلف كتب عن القاعدة "الشرعية الدينية للحرب السورية وزيادة التمويل والمقاتلين يفيد دون شك القاعدة في العراق."

ومع رحيل القوات الامريكية زالت معها قدرة مخابراتها على جمع المعلومات مما يمنح المسلحين حيزا أكبر للعمل في معاقلهم السابقة مثل محافظة الانبار ومناطق تشهد اقتتالا سياسيا تنشغل به القوات المسلحة.

وفي بداية شهر رمضان اصدر القائد المحلي للقاعدة أبو بكر البغدادي بيانا نادرا يعلن فيه الجهاد مجددا لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها القاعدة في معارك مع قوات امريكية على مر الاعوام. وفي رسالة حماسية لمقاتليه حذر البغدادي الامريكيين من أن الحرب بدأت للتو وان المقاتلين سيحاربوهم في عقر ديارهم.

وحتي قبل دعوة حمل السلاح شهد شهر يونيو حزيران بعضا من اعنف الهجمات التي القي اللوم فيها على القاعدة في العراق وذلك منذ الانسحاب الامريكي بما في ذلك تفجيرات على زوار شيعة وهجوم انتحاري على مركز ديني للشيعة في بغداد. وكان شهر يوليو تموز الأكثر دموية في العامين الماضيين إذ قتل 325 شخصا معظمهم من المدنيين.

ورغم انحسار التأييد للقاعدة في العراق نتيجة سقوط ضحايا من المدنيين فان التفجيرات في الوقت الراهن تستهدف اهدافا شيعية ومكاتب حكومية وقوات امن محلية سعيا لاشعال التوتر الطائفي وتقويض سلطة المالكي.

وتحولت الجماعة - التي كانت تجتذب من قبل مقاتلين اجانب يثيرون حفيظة السكان المحليين - لمجموعة رئيسية من العراقيين وقد قوى من عزيمتهم القتال ضد القوات الامريكية والزج بهم في سجون امريكية.

وقال جون دريك من ايه.كيه.اي جروب للاستشارات "اظهرت هذه المنظمات مقاومة بالتكيف وتشكيل خلايا صغيرة منتشرة." وأضاف أنه ينظر لتنظيم القاعدة في العراق الآن على انه "تنظيم أكثر محلية لذا يمكنه ان يكسب دعما أكبر من بعض المواطنين العراقيين."

ويعترف مسؤولون عراقيون بان القاعدة - التي اضحت اضعف بكل تأكيد وقلت قدرتها على الاحتفاظ باراض عما كانت عليه قبل اعوام - تسللت من جديد لمعاقل قديمة ساعدها على ذلك عدم تحرك الحكومة بسبب الفساد والاقتتال السياسي.

وتعتبر الموصل المدينة الشمالية - التي اطلق عليها الجنود الامريكيين في يوم ما اسم مثلث الموت - العاصمة غير الرسمية لجماعة دولة العراق ويقول مسؤولون انهم يجمعون ملايين الدولارات شهريا من خلال عمليات ابتزاز.

وفي مدينة بعقوبة - حيث اصابت الخلافات السياسية بين زعماء سنة وشيعة واكراد الحكومة المحلية بالشلل - استقال أكثر من عشرين مختارا (رئيس حي) ينقل معلومات لقوات الامن من منصبه في يوليو خوفا من القاعدة.

وقال رئيس مجلس البلدية عبد الله الحيالي ان سبب سلسلة الاستقالات هجمات القاعدة التي استهدفت المخاتير واسرهم.

ويهون بعض المسؤولين العراقيين من نفوذ القاعدة ويقولون إن الادلة من العديد من الهجمات الكبرى في الاونة الاخيرة توحي بانها من تنفيذ مسلحين اخرين على صلة بجماعات سياسية تحاول زعزعة استقرار الحكومة.

ويشيرون لسلسلة من الهجمات اسفرت عن سقوط أكثر من مئة قتيل في 23 يوليو تموز فيما اعلنت القاعدة المسؤولية ولكن ايا من الهجمات لم يكن تفجيرا انتحاريا وهو ما يميز عمليات القاعدة. واستخدمت في الهجمات عدة سيارات ملغومة فجرت عن بعد.

وتقاتل ست جماعات مسلحة سنية على الأقل من ضمنها اعضاء سابقون في حزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل صدام حسين بعد رحيل القوات الامريكية بينما تم حل معظم الميليشيات الشيعية او ضمها لقوات الامن الحكومية.

وهذا يشكل مزيجا معقدا من الجماعات السنية المسلحة تتصارع احيانا وتتعاون في احيان اخرى. ولكن هجوم يوم الثلاثاء الماضي في وسط بغداد بدا عملا نمطيا للقاعدة. فقد هرعت قوات الامن إلى موقع انفجار أول لسيارة ملغومة واعقبه انفجار اخر بعد خمس دقائق اوديا بحياة 25 شخصا على الاقل.

واقتحم ثلاثة مسلحين على الاقل يرتدون احزمة ناسفة وزي رجال الشرطة مقرا لمكافحة الارهاب وفجر أحدهم المتفجرات التي يحملها عند البوابة حسب ما أعلنته وزارة الداخلية التي انحت باللائمة على القاعدة.

ولم تستعد قوات الامن السيطرة على المبنى الا بعد معركة ضارية بالرصاص. وقال دانييل بايمان من مركز سابان التابع لمعهد بروكينجز الذي نشر في الاونة اخيرة دراسة عن الجماعات المنبثقة عن القاعدة "كانت الناس تقول في 2009 ان القاعدة انتهت. حتى وان اخفقت في استعادة اراض فان حقيقة قدرتها على منازعة (هذا القول) بصورة مقنعة أكبر دليل على نجاحها."

نفق للهروب

في سياق متصل صرح مسؤول عراقي يوم الاحد بانه تم ضبط مجموعة من سجناء القاعدة كانت تحاول حفر نفق للهروب من سجن ابو غريب بعد ان قال المتشددون انهم سيصعدون قتالهم ضد الحكومة.

وقال حيدر السعدي المتحدث باسم وزارة العدل العراقية في بيان ان 11 من "السجناء الخطرين" في ابو غريب حفروا ثلاثة امتار في الارض وشقوا نفقا لمسافة 20 مترا باستخدام مقلاة وجزء من مروحة سقف قبل ان يتم اكتشافهم.

وقال مسؤول اخر في الوزارة ان الرجال اعضاء في القاعدة. ويضم السجن عدة الاف من المتشددين المدانين. ويشتهر هذا السجن المفروض عليه حراسة مشددة بالانتهاكات خلال حكم صدام حسين وايضا في ظل الاحتلال الامريكي.

وقال السعدي ان الحراس خلال نوبة اخر الليل سمعوا عند منتصف الليل تقريبا بعض القرع والحفر تحت الخرسانة وان الحراس قاموا بعد ذلك بعملية اعتقال باسلوب مهني من خلال ملء النفق بالماء لاجبار السجناء على الخروج.

وكانت جماعة دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة قد حذرت الشهر الماضي من انها تخطط لاحياء حملتها التي ضعفت بعد سنوات من الخسائر ضد القوات الامريكية وحلفائها من العراقيين. بحسب رويترز.

ويقول خبراء امنيون ان متشددين سنة عراقيين سافروا الى سوريا لدعم مقاتلي المعارضة وان جماعة دولة العراق الاسلامية تحصل على اموال ومجندين كما يعبر المقاتلون الحدود ذهابا وايابا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/آب/2012 - 19/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م