توقف زميلي (ماهر الساعدي) في ظهيرة الثالث والعشرين من تموز الجاري
عند نقطة التفتيش او ماتعرف في العراق بالسيطرة وتوجه بالسؤال الى
عناصر السيطرة الذين احتموا بالسقيفة لعلها تقيهم ضربة الشمس اللاهبة
التي صهرت قطعة الشحم قبل ايام وأحرقت المحرار الذي وضعه احد الاصدقاء
تحت خيوطها النارية فوجده متفحما، ولكنها لم تقهم حر تموز الذي بلغت
درجته 55 مئوي بينما كان محرار السيارة يقرأ الدرجة (54 مئوي) في الظل
الحرور بينما تصر هيئة الانواء الجوية على تجاهل الحقيقة خشية ان تحرج
الحكومة فتجبرها على تعطيل الدوام الرسمي، او ان تثير الرعب في قلوب
المواطنين الذين يتوقعون في اية لحظة انفجار سيارة مفخخة عليهم وليس
انفجار الشمس المحرقة، لهذا نجد ان درجة الحرارة لديها هي (49 مئوي)،
توقف ليسألهم كم تبلغ درجة الحرارة؟ وراح كل واحد يتوقع كم تبلغ درجة
الحرارة لحظتها، فأجاب احدهم بأنها قد تكون مابين 52 – 53 مئوي.
وتذكرت لحظتها دعوة السيد محافظ بغداد الدكتور صلاح عبد الرزاق الى
جعل اليوم الذي تبلغ فيه درجة الحرارة (50 مئوي) عطلة رسمية وهاهي
تتجاوزه بخمس درجات والناس تمارس حياتها بشكل طبيعي ولم يتوقف العمل في
مؤسسات الدولة، وهذه الدرجة العالية في درجات الحرارة تتسبب في زيادة
الاحمال على الشبكة الوطنية التي تهاجم وتتعرض للانتقاد من جميع
الاطراف وأولها لجنة الطاقة البرلمانية وكذلك الخبراء في مجال الشؤون
الاقتصادية الذين يرون ان مقدار المبالغ المصروفة على الكهرباء منذ عام
2003 بلغ مقدار ميزانية ثلاث او اربع دول خليجية من دون التدقيق في لغة
الارقام هذه، حتى بلغ انعدام الثقة لدى المواطن حدا كبيرا ماعاد معه
يؤمن بان ثمة ضياءً في نهاية النفق لازمة هي في الاصل سياسية وليست
فنية، فدول وفي مقدمتها اسرائيل تعمل على ابقاء العراق ضعيفا حتى قيام
الساعة، وأول هذه الخطوات حرمان العراقيين من نعمة الكهرباء التي هي
عصب الحياة.
وقد يتساءل مواطن ما مستبعدا نظرية المؤامرة هذه التي قد يرانا
فيها نسوغ مايراه بعض السياسيين فشلا في قطاع الكهرباء، على الرغم من
تغيير الوزراء الذين تعاقبوا على مسؤولية الوزارة، والأمر طبيعي،
فالكهرباء ليست صناعة بسيطة يمكن ان يتحقق فيها الانتاج في غضون اشهر،
انما الامر يحتاج الى سنين، وقد صبرنا حتى مللنا الصبر هذا ولكن
لانهاية للازمة، لأنها كما اشرت سياسية تتحكم بها دول وفي مقدمتها
اسرائيل وتنفذها الولايات المتحدة الامريكية وتوظفها لمصلحتها دول
مجاورة جعلت من محنة العراقيين بابا للارتزاق تحت عنوان الاستثمار في
قطاع الكهرباء، فكيف اذن ستنتهي الازمة على الرغم من تواصل العمل في
مشاريع الوزارة؟ وعلى الرغم ايضا من اضافة طاقات جديدة، ولكن الوقود
وشحته سيبقى العلامة الفارقة فضلا عن سواه في هذه الازمة التي لاتنتهي.
ان عودة الكهرباء الى وضعها الطبيعي معناه عودة العراق معافى مزدهرا
اقتصاديا، لان عجلة الصناعة ستدور وستمتص البطالة التي وجدت المنظمات
الارهابية التي تقف خلفها دول تخدم اسرائيل فرصة في تجنيد بعض العاطلين
عن العمل ممن لادين لهم، وعودة الكهرباء يعني الاستقرار الاقتصادي لان
الصناعة ستنهض من جديد ولا استيراد لأغلب مفردات الحياة اليومية حتى
صرنا نستورد الفحم والحجر وكل شيء واُغرق السوق بمنتجات رديئة، وهكذا
انهارت الصناعة الوطنية وانهار معها اقتصادنا الوطني.
وحسنا فعل الزميل (مصعب المدرس) المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء حين
وضع النقاط على الحروف في قضية بولغ فيها وصارت رهن المزاد السياسي،
تلك التي تتعلق بما انفق على قطاع الكهرباء منذ عام 2003 وحتى يومنا
هذا، واضعا الحقيقة امام من يعنيهم الامر وخاصة اولئك الذين يرجمون
بالغيب من اجل تسجيل (موقف وطني) يتصورون امكانية تسجيله عبر بوابة
الكهرباء في مرحلة عصيبة تبلغ درجة الحرارة فيها 55 مئوي، لنجد ان نصف
الميزانيات التي خصصت لوزارة الكهرباء منذ عام 2003، ولغاية يومنا هذا،
والبالغة (37) مليار دولار، موزعة الى ميزانيتين، تشغيلية واستثمارية،
التشغيلية والبالغة (16) مليار دولار صرفت كرواتب واجور العاملين في
المديريات العامة للوزارة ومشاريعها المنتشرة في عموم البلاد، بضمنها
مبالغ صرفت لوزارة النفط، تصل الى مليار دولار سنوياً عن شراء الوقود
المجهز لمحطات الوزارة، فضلاً عن الوقود الذي تم شراؤه من دول الجوار،
كما تتضمن الموازنة التشغيلية شراء الطاقة الكهربائية من ايران وتركيا
ومبالغ اخرى خصصت لأغراض الصيانات البسيطة، اما ما يخص الموازنة
الاستثمارية، والبالغة (21) مليار دولار، منها (7) مليارات محجوزة
حالياً لدى صندوق تنمية العراق (DFI) في واشنطن، عن ضمانات مصرفية
لشركات سبق لها ان ابرمت عقوداً مع وزارتنا وتم حجز المبالغ المذكورة،
كضمانات مصرفية، تطالب حالياً وزارتنا من المصرف العراقي للتجارة (TPI)،
اسقاطها من ذمتها وإعادتها الى وزارة المالية، وبذلك يكون المتبقي من
الموازنة الاستثمارية والبالغ (14) مليار دولار، قد صرف في العقود التي
ابرمتها الوزارة، لتنفيذ مشاريع محطات الإنتاج وخطوط نقل الطاقة
ومحطاتها، ومحطات وشبكات التوزيع، الى جانب مبالغ صرفت خلال السنوات
الماضية لصيانة وإعادة تأهيل الوحدات التوليدية وخطوط النقل وشبكات
التوزيع. |