اصدارات جديدة: العمامة والافندي

سوسيولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الديني

 

 

 

 

 

الكتاب: العمامة والافندي

الكاتب: فالح عبد الجبار

ترجمة: امجد حسين

الناشر: منشورات الجمل/ بيروت/ لبنان

عدد الصفحات: 590 صفحة من القطع الكبير

عرض: حيدر الجراح

 

 

شبكة النبأ: حتى اللحظة الراهنة، ليبيا تشذ عن المسارات التي قادت اليها حركات الاحتجاج العربي، فالانتخابات الاولى التي جرت فيها بعد سقوط نظام معمر القذافي قادت الى فوز العلمانيين وحلول الاسلاميين بمراتب متأخرة عنهم.

في تونس، الدولة العلمانية شديدة التمترس خلف شعاراتها وقراراتها العلمانية، منذ حكم بورقيبة وخليفته المطاح به زين العابدين بن علي توجهت الى الاسلاميين وجعلتهم يتفوقون على غيرهم من حركات سياسية علمانية في انتخاباتها.

مصر ايضا، بمجلسها العسكري وقراراته، وبمشيخة الازهر فيها، الذي حاول ان يقف في منطقة وسطى بين، مؤسسة تمثل جميع اخفاقات النظام السابق، وحركة الاخوان المسلمين المتسيدة للشارع المصري، مصر ايضا اختارت توجها اسلاميا لحكمها الجديد بعد منافسة محتدمة بين من يمثل الارث العسكري والسياسي القديم، وبين من يمثل ما يعتقده جمهور الناخبين هو الاحق بقيادة مصر في مرحلتها الجديدة.

اليمن حافظت على شكلها المعتاد والمتعارف عليه، بعد رحيل علي عبد الله صالح، واحتفظت بشكل النظام القديم بتغيير في بعض الوجوه والاسماء، مع صعود مسلح وعنيف لتنظيمات القاعدة والاسلام السلفي الذي لا يرضى الا بتغيير راديكالي يطيح بالجميع.

سوريا وما يحدث فيها، وقبل اي تغيير محتمل تهيء لصعود الاسلام السلفي فيها، رغم وجود مجتمع مدني ومعارضة علمانية فيها منذ عقود طويلة، الا ان تطور الصراع من تظاهرات سلمية الى استخدام للسلاح والقوة العسكرية في هذا الصراع يكشف عن صعود لتيارات الاسلام السلفي الذي يتخوف الجميع منه، وهو ما تكشفه جميع الافلام الوثائقية التي تعرضها العربية والجزيرة في تغطيتها للاحداث في سوريا، وارتفاع صيحات الله اكبر، وشعارات المتظاهرين واسماء الحركات المسلحة.

ما الذي يعنيه ذلك؟

صعود تلك الحركات هو وجه من وجوه الانسداد السياسي في تلك الدول، الذي ترافق مع بناء الدولة الوطنية فيها بعد حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي وتحولها الى انظمة عسكرية وبوليسية، تنفق الكثير من اموال موازناتها على المعدات العسكرية متجاهلة البناء والتنمية ومشاكل الفقر والتوزيع العادل للثروات والدخول.

وهو ايضا انحدار يترافق مع هذا الصعود المتوقع وغير المفاجيء لهذه الحركات السياسية نتيجة لعملها في بيئات تحتاج الى تقديم خدمات للسكان برعت فيه هذه الحركات، لكن تلبية الحاجات المتنامية للسكان سيجعلها تقف امام اسئلة كثيرة وكبيرة ستجد نفسها مضطرة للبحث عن اجابات لها من اجل بناء دولة مدنية، لا تستطيع الشروع فيها امام مرجعيات ليست مهيئة لمثل هذا التعاطي مع مقولات من مثل حقوق الانسان او حريات التعبير او الديمقراطية او الليبرالية الاقتصادية، وهي ستجد نفسها مستقبلا تنكفيء الى الوراء لعدم تلبية المطالب الجديدة الناشئة والتي ستفرضها الكثير من المتغيرات.

هذا المآل سبق اليه العراق الاخرين، فبعد العام 2003 شهدنا صعود تيارات الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، متطرف ومعتدل، نتيجة للانسداد السياسي وحكم الحزب الواحد لطيلة اربعة عقود من تاريخ العراق، لكن الفشل الذي رافق تلك الحركات في برامجها اخذ يتكشف عن تراجع لحضورها في الشارع العراقي، واصبح الجميع يلعن تلك الاحزاب والحركات السياسية، وحتى رموزها وقادتها، واصبحت الارضية مهيأة لبروز تيارات علمانية وليبرالية، ستطيح بالكثير من تلك الاحزاب والحركات والشخصيات عن مواقعها.

الحالة العراقية جديرة بالدراسة، سواءا ما كان منها متعلقا بالحاضر والمستقبل او بالتاريخ القريب، والذي قاد الى تلك النتائج.

كتاب العمامة والافندي محاولة للبحث في جذور عدد من الحركات السياسية العراقية الاسلامية التي تقود العمل السياسي العراقي حاليا، ومحاولة الاجابة عن كثير من الاسئلة التي رافقت نشأتها ومسيرتها وكيف وصلت الى ما وصلت اليه من خلال منشوراتها وبياناتها وتصريحات وكتابات قادتها ورموزها.

يرى الكاتب ان الاستبداد يجرد المجتمع من دفاعاته الذاتية الحديثة، بينما يترك المؤسسات القرابية والدينية بلا مساس،. بيد ان للدين جذورا دنيوية: فهو يلعب دور الترياق في مواجهة الحرب والموت، والجريمة والدعارة. وهو دالة على الهوية، ومحفّز لاعمال البر والاحسان، ومصدر للدعم المعنوي، وبديل عن الايديولوجيات الشائعة.

وتستحق النقطة الاخيرة شيئا من التفصيل في رأي الكاتب، ففي العام 1967، اي في اعقاب هزيمة حزيران، في الحرب العربية – الاسرائيلية، اخذت مكانة الناصرية بالهبوط بينما تصاعدت مكانة التدين الشعبي والنزعة الاسلامية. غير ان العراق كان وقتذاك يمثل حالة معاكسة: فقد تولت القومية العربية – الاشتراكية السلطة في تلك النقطة تحديدا. والان حيث تبدو النزعة الاسلامية في طور الافول في المنطقة، فهل يستطيع العراق ان يثبت كونه حالة معاكسة مجددا؟

ان تسليط الضوء على الاسلام والنزعة الاسلامية في مقدمة الكتاب قد ينقل صورة اكبر من الواقع، وبالتالي صورة مضللة.

فهذه القوى بارزة الان في غياب المنافسين. فالقوى الحداثية ورجال الدين العقلانيون المؤيدون للسياسات العلمانية لم يدلوا بدلوهم بعد. اذ بخلاف العصب المسلحة القادمة من الاحياء الفقيرة التي اعتادت ان تتحرك في صفوف اليسار الاسلامي في الستينات، فان القوى العلمانية الحديثة لا ينقصها شيء، سوى انها تبدو راكدة في الوقت الحاضر في الاقل. ولربما يكون هذا هو السبب الذي يجعل العراق يبدو وكانه ارض تطغى عليها حشود الشيوخ القبليين ورجال الدين المعممين.

غير ان الوضع بشكل عام لا يبدو محسوم النتائج. ما الذي سيتبقى من سياسة العصب المسلحة في الشوارع اذا ما وضع حد لها، او اذا ما اعيد تزويد الناس بالخدمات ومن ثم تمسي الاعمال الدينية الخيرية واشراف رجال الدين امورا فائضة عن الحاجة، او فضلا عن ذلك اذا ما اعيد بناء الروابط والجمعيات العلمانية والمدنية؟

ان الكثير يتوقف على ما سيفعله الحكم المدني القائم فعلا او على ما هو راغب في فعله. هل سيختار مقاربة الحد الادنى؟ ام يتوجه نحو الدمقرطة والعلمنة؟

جاء الكتاب في خمسة اجزاء وسبعة عشر فصلا، حملت الاجزاء العناوين التالية:

الجزء الاول: الدولة، الامة، النزعة الاسلامية

الجزء الثاني: النشوء والطفرة

الجزء الثالث: الفضاءات الثقافية: المرجعية والطقوس الشعبية

الجزء الرابع: التصادم في عهد البعث

الجزء الخامس: الايديولوجيا: النظريات الاجتماعية – السياسية والنظريات الاقتصادية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/تموز/2012 - 5/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م