سوريا... معارضة دموية بأجندات طائفية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم يدر في خلد مصطفى جواد ان سيفقد احد ولديه قتيلا في دمشق بعد ان استطاع ان يبعدهما عن دائرة العنف الطائفي التي اجتاحت العراق قبل سبع سنوات من الان، ليلقى هذا المصير المؤلم في سوريا.

وقتل خلدون بحسب رواية والده المفجوع مصطفى بعد ان اقدمت جماعة من ما يسمى بالجيش السوري الحر على اختطافه من وسط منطقة السيدة زينب خلال اجتياحها للعاصمة السورية يوم الخميس الماضي.

وقال مصطفى في حديث لشبكة النبأ المعلوماتية، "اقتادوه من الشارع بعد ان دون ذنب سوى انه عراقي شيعي لا اكثر". وأضاف، "لم يتجاوز في العمر 17 عاما، وهو لم يكن يؤيد اي طرف من النزاع".

وتابع الاب وهو يغص بمرارة فقدان ابنه، "وقعت الكثير من حالات الاختطاف الا ان الخاطفين كانوا يفرجون عن العراقيين مقابل فدية مالية في كل مرة".

وتواردت الاخبار من داخل البلدات السورية عن قيام الجهات المسلحة بارتكاب العديد من جرائم القتل والتصفيات الجسدية بحق الشيعة والعلويين والمسيحيين هناك، بعد ان هيمنت الجماعات التكفيرية على فصائل المعارضة المسلحة.

حيث اشارت التحقيقات التي جرت حول مذبحة الحولة الى تورط الجماعات المسلحة في ارتكابها، في محاولة لاتهام النظام السوري بذلك، فيما ذكر العشرات من الشهود على قيام تلك الجماعات بتهجير قرى وقصبات لأسباب طائفية.

وتغص مواقع الانترنت سيما التواصل الاجتماعي بالمئات من الفيديوهات التحريضية ضد العلويين والشيعة والمسيحيين، فيما اصدر بعض مشايخ الوهابية والسلفية فتاوى تدعو الى قتل الطائفي.

ويتهم العديد من المراقبين للشأن السوري كل من السعودية وقطر وتركيا في دعم الجهات الارهابية وتمويلها، املا في اسقاط الرئيس السوري، حيث امنت الاسلحة والتدريب والدعم المعنوي والاعلامي، الى جانب استقطاب تنظيمات القاعدة لزجها في الداخل السوري.

معارك ضارية

من جهتها شنت القوات السورية المدعومة بطائرات هليكوبتر ودبابات هجوما من جديد في دمشق ضد مقاتلي المعارضة. واستهدفت قوات الاسد التي توغلت ايضا في منطقة يسيطر عليها المعارضون في حلب جيوب المعارضين ذوي التسليح الخفيف الذي تنقلوا في الشوارع سيرا على الاقدام وقاموا بمهاجمة منشآت امنية وحواجز طرق.

وقال سكان ان صوت القصف في العاصمة كان كثيفا عند الغسق الى حد انهم لم يتمكنوا من تمييزه عن صوت مدفع الافطار. وقال ناشطون بالمعارضة ان طائرات هليكوبتر اطلقت صواريخ على حي قرب منطقة السيدة زينب الجنوبية مما اوقع عشرات من الضحايا. ولم يكن لديهم تفاصيل اخرى.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بيان في جنيف ان "الناس في دمشق يواصلون البحث باستماتة عن الامان. واغلق اغلب المحال التجارية وكانت السيارات في الشوارع قليلة لكنها اكثر قليلا مما كانت عليه خلال الايام الاخيرة. وعادت قوات الامن لترابط مرة اخرى إلى بعض نقاط التفتيش التي خلت من الجنود في الاسبوع الماضي.

واغلقت محطات بنزين كثيرة لنفاد الوقود منها بينما اصطفت السيارات في طوابير طويلة امام المحطات التي لم ينفد فيها الوقود بعد. كما تحدث سكان ايضا عن طوابير طويلة من السكان عند المخابز.

وجاء هجوم الجيش في العاصمة بعد ان اغتال معارضون اربعة من كبار المسؤولين الامنيين للاسد الاسبوع الماضي في اطار هجوم لستة ايام في العاصمة أطلقوا عليه "بركان دمشق."

مقتل عائلة مسيحية

الى ذلك استنكرت منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) الجريمة النكراء التي اقدمت على ارتكابها الفلول الارهابية في سوريا بحق احدى العوائل المسيحية الامنة في دمشق، محملة الجهات الداعمة والممولة لقوى الظلام التكفيرية في السعودية وقطر وتركيا مسؤولية تلك الجريمة المؤلمة.

وقالت المنظمة، "اكدت تقارير اعلامية على قيام مجموعات ما تسمى بتسميات دينية بقتل افراد عائلة من الطائفة المسيحية بدم بارد دون ذنب او جريرة، يدفعهم التعصب الاعمى وفتاوى التكفير السياسي القادمة من مشايخ تدعم العمل المسلح".

وافادت المنظمة، "إن المسلحين أقدموا على اعتراض السيارة الخاصة العائدة للواء المتقاعد نبيل زغيب في منطقة "باب توما" قبل إنزاله من السيارة مع أفراد عائلته جميعا، وهم زوجته السيدة فيوليت زغيب وابناه جورج وجيمي ، وإطلاق النار عليهم وقتلهم جماعيا. وفيما قالت المعلومات الأولية إن الشاب جيمي أصيب بجروح بالغة لكنه لم يتوف ، قالت معلومات أخرى إنه توفي في العناية المشددة في المشفى".

وتابعت المنظمة في بيان لها نشر على  الانترنت، "في الوقت الذي تعلن منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) براءة الدين الاسلامي الحنيف من جرائم تلك الجماعات ومعتقداتها المنحرفة، تدين المنظمة بأشد لهجة تلك الجريمة النكراء، وتطالب المجتمع الدولي بالعمل على وقف دعم الجماعات المسلحة المشبوهة وتنظيمات القاعدة الارهابية الممولة من بعض دول الخليج. حيث تعد هذه السابقة الخطيرة التي شهدها الحي الدمشقي العريق الذي تقطنه اغلبية مسيحية مؤشرا على نوايا تلك الجماعات في استهداف الاقليات الاثنية والعرقية في سوريا".

واتهمت المنظمة، "عصابات "لواء الإسلام" تنشط بشكل خاص في منطقة دوما وحرستا و "القزاز" والأحياء الشرقية الأخرى من دمشق، وهي الأحياء المتاخمة لحي "باب توما".

وقالت، "سبق لعصابات "لواء الإسلام" أن ارتكبت عمليات إعدام جماعية وفردية في منطقة "دوما"، بما في ذلك شنق شاب متخلف عقليا في ساحة البلدة وسط احتفال جماهيري حضره الآلاف من "تنسيقية دوما" ومناصريها، عقابا له على التقاطه صورة مع جندي سوري على أحد الحواجز العسكرية".

سائقو الشاحنات التركية ناقمون على الجيش السوري الحر

من جانب آخر على الجانب التركي من الحدود مع سوريا، قبالة معبر باب الهوى السوري، تجمع العشرات من سائقي الشاحنات الاتراك وهم يرمقون بنظرات ملؤها الغضب مسلحي الجيش السوري الحر الذي سيطروا على المعبر، مؤكدين ان هؤلاء احرقوا شاحناتهم ونهبوا حمولاتها.

وهؤلاء السائقون الغاضبون تجمعوا في الجانب التركي من الحدود عند معبر جيلواجازو في محافظة هاتاي (جنوب)، وهم ينتظرون منذ اسبوع استعادة شاحناتهم التي تركوها في الجانب الاخر من الحدود وفروا بارواحهم عندما هاجم مقاتلو الجيش السوري الحر المعبر وسيطروا عليه اثر معارك مع قوات الرئيس بشار الاسد.

ويقول احدهم ويدعى حسن عباس اوغلو "منذ سبع سنوات وانا انقل السجاد عبر هذا المعبر، ولكن هذه المرة بالكاد تمكنت من النجاة بنفسي".

وهذا السائق استعاد لتوه شاحنته التي لم تصب باي اذى ولكن حمولتها نهبت بالكامل كما يقول، مؤكدا انه اضطر ايضا لدفع مبلغ 700 دولار لمن استولوا عليها لكي يعيدوها اليه. وفي هذا الاطار يتهم الجيش السوري الحر بانه لم يحرك ساكنا لمنع عمليات النهب التي حصلت على المعبر. بحسب فرانس برس.

ويتألف الجيش السوري الحر بشكل اساسي من جنود انشقوا عن النظام، وهو يعتبر القوة المسلحة الرئيسية للمعارضة السورية. والعديد من قادة هذا "الجيش" لاجئون في تركيا في مخيم لا يبعد كثيرا عن معبر جيلواجازو.

واذا كان عباس اوغلو اتهم عناصر هذا "الجيش" بغض الطرف عن عمليات النهب التي حصلت فان آخرين يتهمونهم مباشرة بانهم هم الذين ارتكبوا هذه السرقات.

والجمعة شاهد مراسل وكالة فرانس برس مسلحين ممن سيطروا على معبر باب الهوى وهم يستولون على حمولة شاحنات تركية ويوزعونها على الاهالي الذين تضرروا كثيرا من المعارك المستمرة منذ اشهر في هذه المنطقة.

وفي هذا يقول السائق علي جنغيز الذي يعمل على خط الترانزيت بين تركيا والسعودية عبر سوريا ان "كل شاحناتنا احرقت"، مؤكدا ان "المقاتلين الثوار دمروا شاحناتنا خلال المعارك".

واكد محافظ هاتاي جلال الدين ليكيسيز خلال مؤتمر صحافي في جيلواجازو ان حوالى 30 شاحنة تركية علقت في الجانب السوري من الحدود وتعرضت للنهب، مشيرا الى ان تسعا من هذه الشاحنات احترقت والبقية استعادها اصحابها.

ولم يشأ المحافظ اتهام عناصر الجيش الحر مباشرة بنهب هذه الشاحنات، وقال "لقد وردتنا معلومات بان شاحناتنا احرقت ونهبت على ايدي مجموعات تعتاش من التهريب". ودعا المحافظ ايضا المواطنين الاتراك الى تجنب السفر الى سوريا. وقال "انصحهم بعدم السفر الى سوريا. الوضع ليس آمنا هناك".

وادت اعمال العنف التي لا تنفك تتزايد في سوريا، اضافة الى الفتور الدبلوماسي بين انقرة ودمشق، الى تراجع كبير في التبادلات التجارية بين الجارين، وهي تبادلات تشكل مورد رزق اساسي لسكان محافظة هاتاي، ولكنها لم توقف هذه التبادلات بالكامل، على الرغم من دعوة وزارة الخارجية التركية مواطنيها الى عدم التوجه الى سوريا لدواع امنية.

ولكن سائقي الشاحنات في جيلواجازو يقولون انه سواء أكان هناك خطر ام لم يكن فلا بد من العودة الى سوريا. وفي هذا يتساءل جنغيز "كيف سنعتاش اذا؟ علينا ديون! هل الحكومة هي التي ستعوض علينا خسارتنا؟".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/تموز/2012 - 5/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م