رمضان المبارك.. دعوة للتوفير

زاهر الزبيدي

قبل يومين من حلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله عليكم بالخير والبركة، الأسواق تكتظ عن بكرة ابيها بالمتبضعين على إختلاف جنسهم وعمرهم وكأن إعصار سيهب على المدينة وعلى الجميع أن يتهيأ له بالمؤنة التي تكفي حتى زواله.. مما يعيدنا بالتفكير الى الأيام التي كانت تسبق الأزمات الكبيرة التي يمر بها العراق حينما يتعرض للتهديد وكيف يبدأ الناس بتجميع المؤنة خوفاً من أن يحدث نقصان فيها في المرحلة التالية وأذكر أننا في 2003 لم تكن لدينا علب للاحتفاظ بالماء فوضعناه داخل أكياس نايلون كبيرة ما لبثت أن تمزقت !!

شهر رمضان المبارك أيها الأخوة ليس مناسبة لاتخام الكروش بمختلف أنواع الأطعمة أو حتى هو ليس بمناسبة لتجربة العشرات من الأكلات الجديدة أو تجربة المطاعم الجديدة.. وشهر رمضان المبارك ليس بمناسبة لعقد الولائم الكبيرة التي تنفق عليه مئات الآلاف.. إن شهرنا الفضيل لهو الفرصة الأمثل لنشعر بلذة الجوع المقدس ونشعر بجمالية ذلك الفراغ الذي يتركه في بطوننا وكيف يخف وزننا وكيف ننسى زمن التخمة والحموضة التي كانت تلازمنا حيثما أتخمنا أنفسنا بالطعام..

انه الفرصة المهمة ليجرب بها الأنسان كيف يدخر المبالغ الكبيرة التي تصرف على انواع الأطعمة في الأشهر العادية وهو الفرصة للراحة البدنية من تعب العمل لربات الأسر العراقية اللاتي يُجهدن أنفسهن في إعداد طعام لساعات عدة ونأتي لنلتهمه في دقائق.. فكم نحن شرهون أمام الأطعمة التي انتفخت منها كروشنا معلنة عن بدء زمن الخمول وعدم القدرة على الحركة والتعب السريع من أي مجهود وما تجره تلك السمنة من أمراض مستقبلاً.

العالم بدأ بتقنين أكله وشربه فمن النادر جداً أن تجد العوائل الغربية تملأ ثلاجاتها بالأغذية التي تكفي أسبوعاً ومن الأغذية الثقيلة، اللحوم، التي تكفي لمدة شهر.. انهم يشترون قوت يومهم ليومهم ويتركون التبذير وفساد الأغذية في الثلاجات على الرغم من أن كهربائهم بلا "رمشة" حتى كما أنهم قد بدأوا يعتاشون على النباتات التي أصبحت عنواناً للتغذية الجديدة.. ترى ماذا سيفعل رب الأسرة لدينا إذا ما دخل وقت فطوره ووجد أنواعاً من سلطة الخضار على المائدة ؟.. أعتقد بأنه سيترك حتى الصوم.. وكيف نرى أن رب الأسرة يكفهر وجهه عندما يجد أن طعامه لم يكتمل أو يجد أن طعامه خال من أي نوع من اللحم.. وكأن حياتنا أصبحت في تلك المادة التي لا تخفى تأثيراتها على الصحة.. ناهيك عن أننا في العراق ليست لدينا رقابة صحية على أنواع اللحوم التي تنوعت منها الموائد وليست لدينا كهرباء مستمرة لعمل الثلاجات.

رمضان المبارك فرصة لتوفر مبلغ من المال، قد يكون قليلاً نوعاً ما، ولكنه سيكون دليلاً مهماً على قابلية الأسر العراقية على الاقتصاد والتوفير وقد تستمر تلك الصفة لتلازم الأسرة حتى بعد شهر رمضان المبارك ليصبح حينها المال الذي تم توفير قد يغطي رحلة قصيرة الى أحدى دول الجوار...

العالم بدأ يتغير وعلينا أن نعيش هذا التغيير وأن نغير من عاداتنا وتقاليدنا.. فأطنان من الغذاء تهدر يومياً بفعل العزائم والهدر في المواد المطبوخة والتي تجد طريقها الى النفايات معلنة ذلك الهدر والإسراف الكبيرين في إقتصاديات العائلة فرب الأسرة ما أن يقرر أن يدعو عائلة ما لطعام حتى يبدأ شراء اللحوم بأنواعها والرز وغيرها من الفواكه حفاظاً على سمعة العائلة من أن تقدم طبقاً واحداً من الطعام.. وتبدأ الحفلة بتناول تلك الكميات من الأطعمة حتى تبدأ علامات التخمة.. علينا أن نتغير اليوم لنحصد ثمار التغيير قريباً ورمضان الفضيل فرصة للبدء بذلك ولنجرب كم هو جميل الجوع من أجل الله وأن يكون الجوع طريقاً لجنة الله، ورمضان كريم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/تموز/2012 - 5/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م