اعتقال النمر.. شرارة الربيع

نزار حيدر

ان حديث الاسرة الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية، آل سعود، عن مساعيها لنشر الديمقراطية في بعض البلاد العربية التي تشهد حركات تمرد دموية مدعومة بالمال والاعلام السعودي وبفتاوى التكفير والكراهية التي يصدرها فقهاء البلاط، يثير السخرية.

 ان نظاما يسحق حقوق الانسان بشكل منظم، ويقمع المرأة بشكل مفرط فيحرمها من ابسط حقوقها الانسانية، وان نظاما لا يتحمل ان يسمع نقدا من مواطن فيلجا الى اعتقاله بعد اطلاق الرصاص عليه ثم يعرضه لأشد انواع التعذيب النفسي والجسدي، كما يحصل اليوم للشيخ المجاهد نمر باقر النمر، لا يحق له ان يتحدث عن الديمقراطية، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك فان كل حركات التمرد التي تشهدها بعض البلاد العربية والمدعومة من قبل اسرة آل سعود الفاسدة، تحولت الى حركات طائفية، دموية قاتلة ومدمرة، لان الدعم المشروط الذي تقدمه المملكة العربية السعودية لها يفرض عليها اجندات الهدم والقتل واراقة الدماء بشكل تعسفي، بسبب ان نظام هذه الاسرة لا يؤمن قيد انملة باي من مفاهيم الديمقراطية كالحرية والكرامة والمساواة، فضلا عن كفره بادواتها كالانتخابات وحرية التعبير والاعلام وغير ذلك.

 ان نظاما فاسدا يحرض على العنف والقتل والارهاب، كيف يحق له ان يتحدث عن الديمقراطية؟ ان حديثه عنها يشبه الى حد بعيد حديث المومس عن الشرف، وحديث العاهر عن الاخلاق، وحديث الملحد عن الايمان، ولذلك فهو يعتبر، مثلا، جرائم التنظيمات الطائفية الارهابية في سوريا مثلا، مساع لبناء الديمقراطية، فيدعمها بكل اشكال الدعم، المالي والتسليحي والدبلوماسي وغير ذلك، اما حديث الشيخ النمر وامثاله عن حقوق المواطنة، وعلى راسها حق المساواة في الحقوق والواجبات والانتماء للوطن، فهي مساعي تخريبية الهدف منها تقويض السلم في البلاد، ولذلك يبادر الى قمعها وسحقها بشكل دموي.

 في عرف هذا النظام الفاسد، فان القتل واستباحة الدماء البريئة والتدمير وانتهاك الاعراض، كلها ادوات لبناء الديمقراطية، اما كلمة الحق عند سلطان جائر والتي لا تتسلح الا بالمنطق والدليل والبرهان والسلم، ككلمة الحق التي اطلقها الشيخ النمر من على منبر الجمعة، فهي اجندات خارجية تسعى لتخريب البلاد واثارة الفتنة في المجتمع، انه التضليل الاموي الذي يخدع الراي العام من خلال تزييف الحقائق.

 ان آخر من يحق له ان يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان هو نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، فهو اسوأ نظام سياسي عرفته البشرية، تأسس على قاعدة الهدم والقتل منذ ان بايع كبيرهم ابن سعود شيخ الحزب الوهابي عبد الوهاب في الدرعية ولحد الان، فاذا قلب المراقب المنصف طرفه في الاتجاهات الاربع من الكرة الارضية، فسيجد الاثار المدمرة لتلك البيعة ظاهرة للعيان، ليس في بلاد المسلمين فحسب، وانما في كل بلاد العالم.

مغزى تعيين الامير بندر على راس جهاز المخابرات السعودية

 من المعروف ان هذا الامير تربى وترعرع في احضان اجهزة المخابرات والاستخبارات الاميركية على مدى اكثر من عقدين من الزمن عندما كان سفيرا لبلاده في العاصمة الاميركية واشنطن، وهو لم يقطع صلاته بها ابدا، بل انه كثير السفر الى الولايات المتحدة ولقاءاته بالمسؤولين الامنيين في واشنطن، على الرغم من فك ارتباطه بسفارة بلاده في الولايات المتحدة، ولذلك، فان تعيينه على راس جهاز المخابرات في بلاده، ايذان بانطلاق مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق الاستخباراتي بين واشنطن والرياض، وهو اشارة واضحة الى ان حكومة البلدين قلقتان من تطور الاوضاع في الجزيرة العربية التي لازالت تنظر اليها واشنطن على انها البقرة الحلوب التي يجب ان تظل تدر بخيراتها للغرب وتحديدا للولايات المتحدة، ولذلك نرى ان واشنطن لازالت تعتبر الاسرة الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية حليفا استراتيجيا لها على الرغم من علمها المطلق بفسادها السياسي والاداري، وانتهاكها الصارخ لحقوق الانسان في البلاد، ما يدلل على ان شعارات مثل حقوق الانسان ونشر الديمقراطية وغير ذلك، لازالت ادوات سياسية تسخرها واشنطن من اجل تحقيق مصالحها الاستراتيجية وان جاءت على حساب حقوق الانسان وقيم الديمقراطية في البلدان التي تعتبرها واشنطن حليفتها، مثل المملكة العربية السعودية والاردن والمغرب وغيرها.

 مع كل ذلك، فان الجزيرة العربية مقبلة على ربيع يكتسح نظام القبيلة الفاسد بمنظومته الشاملة التي تحكم بلدان الخليج، وان اعتقال الشيخ النمر، وعلى طريقة الكاوبوي الاميركي، هو ايذان بانطلاق شرارة هذا الربيع، وسترضخ الولايات المتحدة الاميركية وبقية حليفاتها في الغرب، ان عاجلا ام آجلا، الى هذه الحقيقة لتعمد الى تغيير سياساتها ازاء شعوب منطقة الخليج، كما فعلت الامر ذاته من قبل، مرغمة، في مصر واليمن وتونس، بعد ان تتيقن من ان هذه الشعوب، هي الاخرى، تسعى للحرية والكرامة اسوة ببقية الشعوب العربية التي شهدت وتشهد ربيعا، كل بطريقته الخاصة، فلماذا تدعم واشنطن وحليفاتها في بلاد الغرب ربيع القاهرة مثلا او تونس او اليمن ولا تدعم ربيع البحرين او الجزيرة العربية؟

 ان هذه الازدواجية في المعايير والكيل بمكيالين يفضح سياسات واشنطن والغرب بشكل عام، ما سيساهم في صناعة اعداء حقيقيين لهم في المنطقة اذا ما استمرت بها غير مكترثة بمصير هذه الشعوب التي تواجه رصاص حليفها نظام القبيلة الفاسد وبدم بارد، فالحرية واحدة، والقيم الديمقراطية لا تتجزأ، ومن حق كل الشعوب العربية ان تتمتع بها.

هرب بعض الاميرات السعوديات

 من يريد ان يتعرف على (عفة) و (نزاهة) اسرة آل سعود فليزر كازينوهات القمار ونوادي الليل المنتشرة في لاس فيغاس وغيرها من مدن الولايات المتحدة الاميركية، ليطلع على خفايا الامراء والاميرات السعوديات، من الذين يحرقون ملايين المسلمين التي ينفقونها في موسح الحج ومواسم العمرة، وكذلك ملايين شعب الجزيرة العربية الذي يعاني الامرين من شظف العيش، على ملذاتهم الخسيسة، انهم يقطرون فسادا من قمة راسهم الى اخمص اقدامهم، وان ما يؤسف له حقا هو ان بعض المسلمين لا زالوا يغفلون الى الان عن هذه الحقائق فيتصورون بان كبير آل سعود هو بالفعل خادما للحرمين الشريفين وانهم رعاة الاسلام والمسلمين في العالم، وذلك بسبب سياسات التضليل الضخمة التي تمارسها وتنفذها الماكينة الاعلامية التي يديرها جهاز المخابرات السعودية في العالم، والمغلفة ببراقع الدين الحنيف.

 ان على المسلمين ان ينتبهوا الى خطر هذه الاسرة، والى خطر النظام الحاكم في الجزيرة العربية، الذي وظف عواطف المسلمين واموالهم، وسخر الدين والفتوى لإشباع نزواته وتوسيع نفوذه في العالم الاسلامي.

 عليهم ان ينتبهوا الى الخطر القادم من بلاط الاسرة الفاسدة الحاكمة في الجزيرة العربية، ليساعدوا الشعب على التخلص من نظام هذه الاسرة، فالى متى تبقى مقدسات المسلمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة مرتهنة بيد افسد اسرة مخادعة على وجه البسيطة؟ الى متى تظل اموال المسلمين التي ينفقونها في موسم الحج ومواسم العمرة من كل عام، يبذرها الامراء الفاسدين في مواخير عواصم الغرب والولايات المتحدة الاميركية؟ والى متى تظل اموال البترول تنفق على ملذات المراهقين والمراهقات من امراء واميرات اسرة آل سعود الفاسدة؟ والى متى يظل نظام هذه الاسرة الفاسدة يبذر بالاموال الطائلة في دعم جماعات العنف والارهاب والقتل والتدمير المنتشرة في البلاد العربية تحديدا؟ الم يان للمسلمين ان ينتبهوا الى كل ذلك فيتحملوا مسؤولياتهم، الاخلاقية على الاقل، فيرفضوا الانصياع لسياسات آل سعود التدميرية؟.

 لقد جمع نظام آل سعود استبدادين فتضاعف خطره، الا وهما الاستبداد السياسي والاستبداد الديني، مدعومان بالفتوى الطائفية والمال الحرام والدعاية التضليلية، وما لم يفكك المسلمون هذه المعادلة فسيظل دينهم مرتهن بيد هذه الاسرة الفاسدة، يشكل اكبر خطر عليهم وعلى علاقاتهم الانسانية مع الاخر.

* مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/تموز/2012 - 4/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م