الامن الغذائي... يطلق صافرة الانذار العالمي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تهدد العالم أزمة الغذاء جديدة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الحبوب الذي يزيد المخاوف بشأن الأمن الغذائي، ففي كل عام، يموت 3.5 مليون طفل دون الخامسة لأسباب ترجع إلى نقص التغذية، إذ ان السبب المباشر لغليان الأسعار هو الجفاف الذي فتك بمحصول الذرة في الولايات المتحدة، ولكن هذه العدوى قد تنتقل إلى سلع زراعية أخرى وتعرض الملايين حول العالم إن لم يكن لخطر نقص الغذاء، فلتضخم أسعاره، كما تشكل الخسائر الغذائية من خلال الهدر الغذائي، واهمال إنقاذ الغذاء العالمية، من جهتها قالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) ان العالم يمكنه ان يطعم نفسه بانتاج أقل من الغذاء مما كان متوقعا من قبل اذا تحول للزراعة المستدامة وقلص الفاقد واوقف الاستهلاك المفرط،  في حين يرى محللون اقتصاديون أن الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء العالمي سيرفع معدلات التضخم خلال العام الجاري 2012. كلها أمور تنذر بخطر كبير الذي يحدق في أمن العالم. ويبقى بحث صناع القرار السياسي في الوقت الحاضر أهم الحلول لمشاكل التغذية في المستقبل.

فمع التزايد السريع للطلب على الغذاء، يصبح المخزون الغذائي على الكرة الأرضية غير مستقر. فموارد الغذاء في العالم مهددة نتيجة لارتفاع الطلب عليها من جهات متعددة، لذا يحذر خبراء من فوران شعبي في البلدان الأكثر تأثراً بأسعار الغذاء على غرار ما حصل إبان الفصل السابق من الأزمة، حيث اندلعت هذه الأحداث في أكثر من ثلاثين بلداً، وتبقى التساؤلات قائمة، فهل يعطى العالم الأولوية لتوفير الغذاء؟ وكيف سيتم إطعام العالم بالمستقبل؟ في ظل تزايد الأزمات والكوارث الإنسانية.

أزمة غذاء

فقد أدى ما يبدو انه أسوأ جفاف تشهده الولايات المتحدة في ربع قرن لموجة صعود في أسعار السلع الأولية بالأسواق العالمية وسجلت أسعار الحبوب الأساسية مستويات مرتفعة كانت قد أدت في آخر مرة شهدتها الأسواق لأزمات غذاء في بعض المناطق، وتقوم دول كثيرة تعتمد بشدة على الاستيراد بتقليص وارداتها في الوقت الحالي والاعتماد على مستوى جيد لديها من المخزونات على أمل أن تدخل حبوب من مصادر أخرى السوق وتدفع الأسعار للانخفاض، لكن هذه الآمال قد تتبدد لو عادوا جميعا للجوء إلى السوق في نفس الوقت، وليس من الغريب أن ترتفع الأسعار نحو 40 بالمئة في الأسابيع الماضية مع تضاؤل التوقعات لإنتاجية محاصيل الحبوب بسبب الجفاف الشديد. وسجل سعر فول الصويا مستوى قياسيا يلاحقه القمح، وقال شون ماكمبرديج المحلل لدى يجفريز باتشي "فرص الانتاج بدت رائعة وربما ولدت احساسا زائفا بالأمن لدى هؤلاء المستخدمين النهائيين. في تلك المرحلة كنا نتوقع أسعارا (للذرة) دون خمسة دولارات لو ظل الطقس مناسبا لكننا الان ارتفعنا بشدة، ويبلغ سعر الذرة في العقود الاجلة المضمونة بمحصول 2012 أكثر من سبعة دولارات للبوشل ويرتفع السعر سريعا، وقال تجار إن المستهلكين في أوروبا وشمال افريقيا والشرق الأوسط قلصوا مشترياتهم المعتادة متوقعين أن تتراجع الأسعار، وقال تاجر"هذه بالنسبة لي قنبلة موقوتة. انا عادة واحد من الذين يتوقعون هبوط الأسعار لكنني لن اندهش لو بلغ سعر الذرة عشرة دولارات، وهناك أوجه شبه كبيرة بين الوضع الحالي وأزمات الغذاء التي شهدتها الأعوام القليلة الماضية بما في ذلك طقس قائظ ومحاصيل متضائلة وأسعار فلكية. ما علينا فقط سوى أن نضع موجة الجفاف ومحصول الذرة الأمريكي في 2012 مكان انهيار المحصول الروسي في 2010، وتمتد أوجه الشبه أيضا إلى وضع الاقتصاد الكلي فقد شهد عام 2008 - وهي آخر مرة بلغت فيها الأسعار هذه المستويات الحالية - تفجر أزمة مالية متفاقمة بانهيار بنك ليمان براذرز. والان زعزعت أزمة الديون الاوروبية استقرار منطقة اليورو وهناك مناطق أخرى على حافة الهاوية، أدى عدم اليقين لتقلبات في جميع الأسواق هذه المرة كما حدث في المرة الماضية لكن القاسم المشترك المتمثل في العرض والطلب كان هو القوة الدافعة في أحدث صعود لأسعار الحبوب وكانت الأحوال الجوية العامل الأساسي الوحيد ذي الحيثية، هذا الشراء المحموم يؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من تضخم أسعار الغذاء وقد يكون ارتفاع الاسعار المحلية نقطة اللاعودة في دول يعاني سكانها بالفعل، وتبدي هيئات شراء الحبوب الرسمية في أكبر الدول المستوردة مثل مصر وإيران والصين والهند تفاؤلا حتى الآن وهم متحدون في ايصال رسالة الثقة في مستويات المخزونات المحلية وقدرتهم على تفادي صعود الأسعار الحالي، وقالت مصر أكبر مستورد للقمح في العالم والتي تستورد أكثر من عشرة ملايين طن سنويا إن لديها مخزون استراتيجي يكفي تقريبا لأكثر من ستة أشهر حتى يناير كانون الثاني، وقال نعماني نعماني نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية الأسبوع الماضي "بالطبع من غير المرجح أن ندخل الأسواق الان لشراء قمح للشحن في اغسطس لأن مشترياتنا من القمح المحلي تجعلنا في وضع مريح للغاية، وفي آسيا تكون لدى الصين والهند مخزونات وفيرة من القمح والارد بفضل حصاد شبه قياسي في السنوات القليلة الماضية. وقالت مصادر في قطاع تصدير الذرة الأمريكي إن الصين وكوريا الجنوبية حجزتا شحنات اضافية تحسبا لمشاكل في المعروض وارتفاع الأسعار، وأعاد صعود الأسعار للأذهان ذكريات أزمة الغذاء في 2007 و2008 حينما أضافت منظمة الأمم المتحدة للاغذية والزراعة (الفاو) 75 مليونا لتقديرها لمن يعانون جوعا مزمنا في العالم. وحددت تقديرات أخرى الزيادة بما يصل إلى 160 مليونا، وارتفع مؤشر مجلس الحبوب العالمي لأسعار الحبوب والبذور الزيتية الأسبوع الماضي لأعلى مستوياته منذ يوليو تموز 2008. والمؤشر متوسط مرجح لأسعار القمح والذرة وفول الصويا وعلف الصويا والارز والشعير والسرغوم وبذور اللفت، وبالرغم من ان مخزونات الحبوب حاليا أعلى منها في 2008 بنسبة 25 بالمئة وفقا لبيانات المجلس فإن الشيطان يكمن في التفاصيل إذ تمتلك الصين مخزونا كبيرا من القمح والذرة ومن المستبعد أن تضخه في الأسواق العالمية، وارتفع استهلاك الحبوب بشكل مطرد في السنوات القليلة الماضية. وتوقع مجلس الحبوب في وقت سابق هذا الشهر نمو الاستهلاك 1.8 بالمئة في 2012-2013 مدعوما بارتفاع استهلاك اللحوم خاصة في الدول النامية. بحسب رويترز.

وتقول مصادر تجارية إن إيران في الوقت الذي تلتقط فيه أنفاسها من نوبة شراء مكثف في وقت سابق من العام الحالي خوفا من العقوبات وتحصي محصولها المحلي فهي تراجع الأسعار يوميا وعينها على مشتريات أكبر من القمح، ودخلت مفاوضات حول صفقات قمح بملايين الاطنان بين ايران وباكستان طريقا مسدودا ومن شأن انهيارها أن يزيد حدة احتياج طهران لشراء القمح، وتعاني سوريا من مشكلة مزمنة إذ أن الأثر غير المقصود من العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد جعل الدولة التي مزقتها الازمة غير قادرة على شراء كميات كبيرة بما يكفي لتلبية احتياجاتها من واردات الحبوب التي تبلغ نحو ثلاثة ملايين طن، وفشلت مرارا محاولات سوريا لتنفيذ صفقات مع ارتفاع الأسعار بشكل متزايد، وقال الان فريزر محلل شؤون الشرق الاوسط في ايه.كيه.إي "في ضوء أن الاقتصاد مبعث قلق بالفعل سيؤدي ارتفاع أسعار الحبوب لضغط متزايد على الحكومة السورية. احتياطي النقد الأجنبي هبط لمستوى قياسي جديد ويتراجع بمعدل سريع مع تراجع التجارة وقدرة البلاد على جمع الضرائب، وتتوقع تايلاند أكبر بلد مصدر للدجاج المجمد في اسيا أن يغذي ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا تضخم اسعار المواد الغذائية مع ارتفاع تكلفة العلف الحيواني، والعزوف عن الاستيراد لتجنب أثر ارتفاع الأسعار يبدو امرا معقولا، ويحجم المغرب حاليا عن الشراء لكنه يحتاج لاستيراد أعلى كمية من الحبوب في ثلاثة عقود نتيجة ضعف المحصول المحلي. وهبط محصول الحبوب في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا من 8.4 مليون طن في 2011 إلى 5.1 مليون طن هذا العام، وقال تاجر حبوب في سنغافورة "رفض المشترون العروض في الأسبوعين الماضيين متوقعين انخفاض الأسعار، "رأينا ذلك في كوريا الجنوبية والفلبين وفيتنام ولكن إلى متى يمكنهم الانتظار؟"، وسيبذل المستوردون قصارى جهدهم للصمود انتظارا لمحصول الحبوب الجديد في سبتمبر ايلول وأكتوبر تشرين الأول من عدة مصادر منها شرق أوروبا حيث أصبحت دول البحر الأسود موردا رئيسيا للحبوب في الأسواق العالمية بأسعار رخيصة، إلا أن هذه المناشئ تتعرض لضغوط هي الأخرى، فقد أجبر الطقس الحار والجاف روسيا وأوكرانيا وقازاخستان على تقليص توقعاتها للمحصول وقد ينخفض المحصول الاجمالي للمنطقة بمقدار 35 مليون طن على الأقل مقارنة مع 2011.

الغذاء المهدور

فيما ناشدت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة، الحكومات والمنظمات إلى تبني مشاريع من شأنها الحد من الهدر الغذائي في العالم الذي بلغ حجمه 1.3 مليار طن وبقيمة تتجاوز التريليون دولار في العام 2011، وقال المحلل الاقتصادي، قاسم الحموري في تصريح لموقع CNN بالعربية "الفجوة الكبيرة بين طبقة الأغنياء والفقراء في العالم أدت إلى إهدار أحجام ضخمة من الأغذية التي يمكن أن تحل مشكلات متصلة مباشرة بمعدلات الفقر والبطالة في العالم، وبين الحموري "إن الحد من معدلات هدر الأغذية وإيجاد وسائل لإيصالها للفقراء سيؤدي إلى إيجاد طبقة عاملة جديدة قادرة على الدخول بسوق العمل والمساهمة في مجتمعاتهم الأمر الذي سينعكس على النمو الاقتصادي في الدول، وأشار الحموري إلى "هناك العديد من التجارب الناجحة والتي يمكن من خلالها الحد من الهدر الغذائي مثل، إيجاد هيئات ومنظمات تعني بأخذ الفائض الغذائي من الأغنياء وإيصاله إلى الفقراء. بحسب السي ان ان.

حيث أثبتت هذه التجربة جدوتها في العاصمة الأردنية عمان التي تبنت مشروع بنك للطعام يعنى بإيصال الفائض الغذائي إلى الفقراء، وأكد "أهمية تنمية الشعور لدى الأغنياء، من خلال العديد من الوسائل وفي مقدمتها الإعلام الذي يمكن من خلاله إيصال فكرة الشعور بالسعادة والرضا عن النفس بعد تقديم جزء من الأغذية الفائضة عن حاجة الأغنياء إلى الفقراء، وناشدت منظمة الأغذية والزراعة من خلال تقرير نشرته على موقعها الرسمي، شركاءها الرئيسيين والشركات والمنظمات في جميع أنحاء العالم الانضمام إلى مبادرة "إنقاذ الغذاء" العالمية الرامية إلى تقليص الخسائر الغذائية وفاقد الأغذية والهدر الغذائي.

اطعام العالم

كما قالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) ان العالم يمكنه ان يطعم نفسه بانتاج أقل من الغذاء مما كان متوقعا من قبل اذا تحول للزراعة المستدامة وقلص الفاقد واوقف الاستهلاك المفرط، وتقدر المنظمة ان العالم سيحتاج لرفع انتاج الغذاء بواقع 60 في المئة بحلول عام 2050 مقارنة بما كان عليه في الفترة من 2005 إلى 2007 اذا استمرت اشكال الاستهلاك الحالية لسكان العالم الذي يتوقع ان يرتفع عددهم إلى تسعة مليارات من سبعة مليارات الآن، وقالت في تقرير بشأن سياستها قبل قمة التنمية المستدامة في ريو دي جانيرو ان من الممكن اطعام السكان بزيادة في الانتاج اقل من ذلك، وذكر التقرير انه على جانب الانتاج يتعين ان تخفض الانظمة الزراعية والغذائية تأثيرها البيئي السلبي بما في ذلك استنزاف الماء والتربة فصلا عن انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض، وعلى جانب الاستهلاك ينبغي خفض الفاقد والمهدر من الغذاء الذي وصل إلى 1.3 مليار طن سنويا أي نحو ثلث الانتاج العالمي من الغذاء للاستهلاك البشري. بحسب رويترز.

الدول العربية

على الصعيد نفسه أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين والزراعيين على أن الأرقام الأخيرة الصادرة عن البنك الدولي، والتي تشير إلى ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 8 في المائة، يعتبر تحذيراً كبيراً لغالبية الدول العربية، التي يبلغ اعتمادها على استيراد الأغذية من الدول الأخرى نحو 90 في المائة، وقال الخبير الزراعي فؤاد سلامة، إن "ارتفاع أسعار الغذاء في هذه الأوقات الصعبة، تعتبر إشارة خطيرة، حيث أنها تتزامن مع أزمات اقتصادية لا تزال العديد من الدول واقعة تحت تأثيرها، الأمر الذي يزيد الأعباء على ميزانياتها المثقلة أصلاً بالعجز والمديونية، وأضاف سلامة: "لابد للدول العربية، وخصوصاً النفطية منها، التفكير الجدي بالاستثمار في مجال الزراعة، سواء من خلال الاستثمار الداخلي أو الخارجي، عن طريق ضخ بعض الأموال في الدول العربية المجاورة، والتي تتمتع بمناحات زراعية مختلفة، وخصوصاً في دول مثل الأردن ولبنان واليمن، وجاء في التقرير، الذي نشر على الموقع الرسمي للبنك الدولي، أن أسعار الغذاء العالمية زادت 8 في المائة في الفترة من ديسمبر/ كانون الأول 2011 إلى مارس/ آذار 2012، بسبب ارتفاع أسعار النفط، وسوء الأحوال المناخية، وزيادة الطلب في آسيا على الواردات الغذائية. بحسب السي ان ان.

ونقل التقرير على لسان نائب رئيس البنك الدولي لشبكة الحد من الفقر وإدارة الاقتصاد، أوتافيانو كانتو، قوله: "بعد مضي أربعة أشهر متعاقبة من تراجع الأسعار، عاودت أسعار الغذاء الصعود، مُعرِّضة بذلك ملايين البشر لخطر الأمن الغذائي"، وأضاف كانتو: "يجب أن يظل موضوع الغذاء على رأس الاهتمامات والأولويات للمجتمع الدولي، وخصوصاً بالبلدان النامية، وبين التقرير أبرز العناصر الغذائية التي حققت ارتفاعات في الأسعار، مثل ارتفاع أسعار الذرة 9 في المائة، وزيت فول الصويا 7 في المائة، والقمح 6 في المائة، والسكر 5 في المائة.

الزيوت الغذائية و النفظ واشتداد الجفاف

في سياق متصل من المحاصيل غير الكافية إلى ارتفاع أسعار النفط مرورا بازدياد الطلب، العوامل جميعها متوافرة منذ بضعة أشهر لدفع أسعار الزيوت الغذائية إلى ارتفاع من المرتقب أن يتواصل، على ما يقول خبراء، فقد اعتبر بيير دو بييرو من شركة "هورايزن" للتحليلات أن "الزيوت جميعها معنية وتعاني من ازمة. ليس الوضع كارثيا لكن توافر هذه الظروف الحرجة جميعها يرفع الاسعار"، وقد وصل سعر زيت النخيل وهو أكثر الزيوت استهلاكا في العالم إلى أعلى مستوياته منذ 16 شهرا، فبلغ سعر الطن الواحد 3613 رينغيت (1175 دولارا) في بورصة كوالامبور. أما الصويا فهو يباع بأكثر من 14 دولارا للصاع (10 ليترات) في بورصة شيكاغو، في حين يتخطى سعر زيت بذور اللفت الخمسمئة يورو للطن الواحد في السوق الاوروبية، وقد ارتفعت أسعار هذه الزيوت جميعها ارتفاعا يراوح بين 14 % و 19 % منذ بداية السنة، وبما أن 50 % من المواد الغذائية المعالجة تحتوي على زيت النخيل، فقد يلقي ارتفاع الأسعار هذا بظلاله على المستهلكين، على المدى المتوسط، ولم تتوقف الأخبار السيئة عند هذا الحد، وهي قد تفاقمت خلال الايام الاخيرة مع إعلان المزارعين الأميركيين نيتهم زرع نسبة أقل من الصويا هذه السنة. فستتراجع المساحة المخصصة لزرع الصويا بنسبة 1% لتصل إلى 29,9 مليون هكتار (التراجع يصل إلى 5 % بالمقارنة مع العام 2010)، في حين تعد الولايات المتحدة أكبر منتج عالمي للصويا وجهة فاعلة في السوق، ويقلق هذا التراجع المحللين بعد أكثر في ظل موجة الجفاف التي ضربت أميركا الجنوبية وأدت إلى انخفاض المحاصيل في البرازيل والأرجنتين اللتين تقدمان مجتمعتين نصف الكميات المتوافرة على الصعيد الدولي، وقد أشارت المعطيات الأخيرة التي جمعها المجلس الدولي للحبوب إلى أن انتاج الصويا من شأنه أن ينخفض إلى 242,1 مليون طن خلال الفترة 2011 - 2012، مسجلا بالتالي ادنى مستوياته في خلال ثلاث سنوات. بحسب فرانس برس.

وقد شرحت جوزيفين هيكتور وهي محللة لدى شركة الأبحاث "أوكس فيلدز بارتنر" أن "ارتفاع أسعار الصويا يلقي بظلاله على قطاع صناعة الزيوت برمته"، يضاف الى ذلك ان السوق لا يمكنها هذه السنة ان تعول على زيت النخيل الذي يعتبر من ارخص الزيوت، واضافت أن "إنتاج هذا الزيت يراوح مكانه تقريبا، كما أن بعض البلدان التي لم تكن محاصيلها جيدة هذه السنة مضطرة إلى استيراده"، من ثم، ينبغي على تايلاند التي تتمتع عادة باكتفاء ذاتي أن تشتري الزيت المتوافر في الأسواق، بعد أن ضربتها موجة جفاف أدت إلى تراجع محاصيل أشجار النخيل في جنوب البلاد الذي يعول على هذا الزيت للقلي، والهند هي أيضا في عداد البلدان التي يتوقع انخفاض انتاجها السنوي. وقد يضطر أكبر مستورد زيوت في العالم إلى زيادة وارداته بما يعادل مليوني طن، وفق وزارة الزراعة الهندية، ولا شك في ان الظروف المناخية أدت إلى تدهور محاصيل زيت بذور اللفت في أوروبا، في ظل اشتداد موجة البرد في شباط/فبراير ونقص المياه حاليا. ويبقى المحللون متشائمين في ما يخص محاصيل هذه السنة، وحسب توقعات محللي شركة "أغريتيل" للاستشارات، "سيسجل عجز في اوروبا السنة المقبلة ايضا، وقد تتخطى الواردات ثلاثة ملايين طن"، وختاما، يؤثر ارتفاع أسعار النفط مباشرة على أسعار الزيوت إذ أن هذه الأخيرة تستخدم أكثر فأكثر في صناعة الوقود الحيوي. فكلما ازدادت أسعار النفط (كما هي الحال منذ أسابيع)، ارتفعت أسعار الزيوت.

أسعار الأغذية في 2012

من جهته قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن أسعار الأغذية قد تنخفض في عام 2012 بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي، ولكن لا يتوقع حدوث انخفاض كبير، وقال خوسيه غراتسيانو دا سيلفا، -البرازيلي الذي حل محل المدير السنغالي السابق جاك ضيوف مع بدء العام الجديد- إن نقص الأغذية من الأسواق قد يستمر وإن مزيدا من الناس قد يواجهون خطر الجوع بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي، وأضاف غراتسيانو دا سيلفا في مؤتمر صحفي في روما أن الأسعار لن تزيد كما حدث في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، لكنها لن تنخفض أيضا، فقد تحدث بعض التخفيضات ولكنها لن تكون كبيرة، وكانت أسعار الأغذية قد بلغت حدا كبيرا في شهر فبراير/شباط الماضي –كما تقول المنظمة- لكنها أخذت في الانخفاض منذ شهر يونيه/حزيران بسبب تحسن محصول الحبوب ولأن المخاوف من اضطراب الاقتصاد العالمي قد كبحها نمو الطلب، وقد أدى ارتفاع أسعار الأغذية إلى زيادة أسعار الوقود وأسهم في حدوث اضطرابات مدنية، وكان له يد فيما عرف بالربيع العربي، وقال غراتسيانو دا سيلفا إنه لا يتوقع أن يؤدي التباطؤ الاقتصادي في أوربا إلى التأثير في تمويل مشروعات منظمة الأغذية والزراعة، وذلك لأن نسبة مساهمة البلدان الأعضاء صغيرة ولا يتوقع قطعها، "أمامنا الكثير مما نعمله، فمع كثرة الجوعى، وكثرة العاطلين سنحتاج إلى طرق جديدة لمساعدتهم"، غراتسيانو دا سيلفا مدير منظمة الأغذية والزراعة، ولكنه أضاف أن تباطؤ الاقتصاد قد يزيد عدد الأشخاص الذين قد يتعرضون للجوع في العالم. بحسب البي بي سي.

وقال غراتسيانو دا سيلفا "إن أمامنا الكثير مما نعمله، فمع كثرة الجوعى، وكثرة العاطلين سنحتاج إلى طرق جديدة لمساعدتهم"، ووعد غراتسيانو دا سيلفا في كلمته أمام الصحفيين بتركيز الجهود على الدول الفقيرة التي بحاجة أكثر إلى المساعدة الخارجية، وبأن الأولوية ستكون لأفريقية خاصة دول شمال القارة، ومن المقرر أن يزور غراتسيانو دا سيلفا القرن الأفريقي أوائل هذا العام، وتعد منظمة الأغذية والزراعة العالمية أكبر منظمة دولية، إذ تبلغ ميزانيتها السنوية نحو مليار دولار، ويصل عدد العاملين فيها 3,600 موظفا.

الولايات المتحدة

من جانب أخر أعلنت الولايات المتحدة زيادة مساعداتها الغذائية الي دول منطقة القرن الافريقي التي تعاني جفافا ويمزقها الصراع حيث يواجه ملايين الاشخاص خطر المجاعة او نقصا في الغذاء، وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في كلمة في حفل لبرنامج الامم المتحدة للاغذية "يسعدني ان أعلن تقديمنا 100 مليون دولار اضافية -هي بالاساس مساعدات انسانية- للمناطق المنكوبة بالجفاف في اثيوبيا وكينيا والصومال، واضافت كلينتون ان التمويل الجديد يضاف الي مساعدات انسانية وغذائية قيمتها حوالي 650 مليون دولار قدمتها الولايات المتحدة بالفعل، وتقول الامم المتحدة ان حوالي 3.6 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة في الصومال وان حوالي 12 مليون شخص يعانون نقصا في التغذية في ارجاء منطقة القرن الافريقي بما في ذلك اثيوبيا وكينيا. بحسب رويترز.

وتقول وكالات الاغاثة انها غير قادرة على الوصول الي اكثر من مليوني صومالي يواجهون خطر الموت جوعا في مناطق يسيطر عليها مقاتلو حركة الشباب المتشددة المرتبطة بالقاعدة، وقالت كلينتون ان الدعم الامريكي الاضافي سيساعد موظفي الاغاثة في الوصول الى المزيد من المحتاجين، واضافت قائلة "عشرات الالوف من الاشخاص -معظمهم اطفال- توفوا بالفعل ... وهناك ما يصل الي 750 ألف شخص يعانون حاليا اوضاعا تصل الي حد المجاعة وبالطبع فان ذلك يثير فيما بعد أزمة لاجئين."

انتاج المعكرونة

على صعيد مختلف تضاعف انتاج المعكرونة في العالم في السنوات الاخيرة ليتحول الى اكثر الاطباق استهلاكا في العالم على ما اظهرت اراقام نشرت بمناسبة اليوم العالمي للمعكرونة (وورلد باستا داي) في روما، ففي العام 2010، انتج 13,1 مليون طن من المعكرونة في العالم في مقابل 6,4 اطنان في العام 1998. يضاف الى ذلك الى ان عدد الدول المنتجة للمعكرونة تضاعف تقريبا ايضا لينتقل من 27 دولة العام 1998 الى 50 راهنا على ما اوضحت جمعية صناعات التحلية والمعكرونة الايطالية، وتأتي ايطاليا وبتقدم مريح في صدارة الدول المنتجة للمعكرونة مع حوالى 3,25 ملايين طن سنويا. وتحتل المرتبة الثانية الولايات المتحدة مع طنين، اكثر من نصف المعكرونة المنتجة في ايطاليا معدة للتصدير من بينها كمية متزايدة باتجاه روسيا فضلا عن الصين والهند والمملكة العربية السعودية، وبطبيعة الحال يعتبر الايطاليون اكبر مستهلكين للمعكرونة في العالم مع 26 كيلوغراما كمعدل وسطي سنويا للمواطن الواحد. وتلتها في المرتبة الثانية فنزويلا (13 كيلوغراما) فيما احتلت تونس المرتبة الثالثة (11,9 كيلوغراما)، وقال باولو باريلا رئيس الجمعية "في ظل ظروف عالمية معقدة جدا تلعب المعكرونة ويمكنها ان تلعب في المستقبل، دورا مهما جدا لمكافحة الجوع في العالم" مشددا كذلك على ان هذا المنتج "صحي وغير مكلف". بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/تموز/2012 - 2/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م