تونس... ديمقراطية على مقاس الدعوة السلفية!

 

شبكة النبأ: لاتزال الساحة التونسية تشهد الكثير من التحديات والمشاكل والازمات التي اثر بشكل سلبي على الواقع السياسي في هذه البلاد، ويخشى الكثير من ابناء تونس من دخول البلاد في دوامة العنف و والاقتتال الداخلي بسب مواقف بعض الاطراف الاسلامية المتشددة التي تسعى الى الوصول من خلال خلق الازمات والمشاكل المتكررة بهدف فرض الراي والحصول على بعض المكاسب المهمة، مشيرين بذلك الى الفوضى الاخيرة التي شهدتها البلاد والتي قامت بها مجموعات سلفية متشددة وفي هذا الشأن قضت محكمة الناحية بمدينة قرطاج (شمال العاصمة) بسجن عدل تنفيذ (حاجب محكمة) متهم بالتسبب في موجة العنف الأخيرة في تونس، شهرين نافذين أو بتغريمه 2000 دينار (1000 يورو) حسبما أفاد محاميه الذي قال إن على موكله الاختيار بين إحدى العقوبتين. واندلعت يومي 11 و12 حزيران/يونيو 2012 أعمال عنف وتخريب، قادها سلفيون مدعومون ببلطجية، في ثماني محافظات، احتجاجا على عرض فنانين تشكيليين تونسيين لوحات "مسيئة للإسلام" في مهرجان ثقافي أقيم يوم 10 يونيو/حزيران في "قصر العبدلية" الأثري بمدينة المرسى (شمال العاصمة).

ودفعت أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل شاب سلفي برصاص الشرطة، وإصابة أكثر من مائة آخرين، السلطات إلى فرض حظر تجول في المحافظات الثمانية أيام 12 و13 و14 حزيران/يونيو. واعتقلت السلطات 141 متورطا في أعمال العنف، معظمهم سلفيون، وقالت إنهم سيحالون على القضاء بموجب "قانون مكافحة الارهاب" الصادر سنة 2003 في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويوم 10 حزيران/يونيو 2012 دعا عدل التنفيذ محمد علي بوعزيز في رسالة كتبها على صفحته الشخصية في فايسبوك "إخوة الإسلام" إلى التظاهر أمام "قصر العبدلية" للمطالبة بإزالة اللوحات الفنية التي قال إنها تضمنت "اعتداء على الذات الإلهية وتطاولا على المقدسات الدينية الاسلامية". وخلال اليوم نفسه توجه إلى مسجد يرتاده سلفيون متشددون في مدينة المرسى، وأبلغهم بأن اللوحات الفنية "تنتهك مقدسات الإسلام"، فهاجموا قصر العبدلية، وحطموا بعض اللوحات المعروضة داخله. وقال محامي عدل التنفيذ إن موكله "دعا فقط إلى التظاهر ضد اللوحات الفنية التي اعتبرها صادمة، ولم يدع إلى ثورة ضد الدولة".

وذكرت وسائل إعلام محلية ان محمد علي بوعزيز عضو سابق في حزب "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم في عهد الرئيس التونسي المخلوع، واتهمته بتعمد إثارة "الفتنة" في البلاد. وانتقدت نقابة عدول التنفيذ في تونس تصرفات محمد علي بوعزيز وطالبت بإحالته على مجلس تأديب النقابة.  وفي 15 يونيو/حزيران 2012 قال بوعزيز في مقابلة مع "راديو إكسبرس إف إم" التونسي الخاص إن ما فعله كان "لغاية دفع خطر يهدد الفنانين الذين كانوا سيذبحون"، وأعلن أنه سيترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس. بحسب فرنس برس. 

من جانب اخر أصبح الفنانون التونسيون يتجنبون لفت الأنظار إليهم منذ ان اقتحم سلفيون قصر العبدلية ودمروا عددا من الأعمال في معرض (ربيع الفنون) احتجاجا على الأعمال الفنية التي اعتبروها مسيئة للإسلام ثم أثاروا شغبا لأيام. ومن أكثر الأعمال المعروضة إثارة للجدل نساء محجبات على شكل أجولة للتدريب على اللكم. وهناك عمل آخر يصور نساء يرتدين الخمار وسط كومة من الحجارة في إشارة إلى حد الرجم لمن يرتكبن الزنا. أما العمل الذي أثار أكبر قدر من الغضب هو كتابة عبارة "سبحان الله" بالنمل. وفي حين أن وزير الثقافة ووزير الشؤون الدينية التونسيين أدانا العنف الذي أسفر عن مقتل شخص فإنهما انتقدا أيضا الفنانين لتجاوزهم خطوط حرية التعبير.

وهدأت الأجواء منذ ذلك الحين. لكن ما حدث كان أحدث واقعة تثير مخاوف بين المثقفين العلمانيين من أن المتعصبين دينيا وليس جهاز الشرطة بدأوا يقلصون من الحريات التي تم اكتسابها منذ الإطاحة بالرئيس العلماني السابق زين العابدين بن علي. وقالت الفنانة "في أيام النظام السابق إذا لم تمس بن علي أو المحيطين به فلن يحدث لك شئ... الآن تعريف الممنوعات بدأ يتسع ومن الممكن أن يشمل أي شئ لأن الفن يتعلق أساسا بالتأويل."

كما أثارت تصريحات رجل دين تونسي بارز -وجهت لها انتقادات لاحقة بعد ان طالبت بقتل هؤلاء الفنانين المتجاوزين- المزيد من المخاوف من احتمال تعرضهم لأي اعتداء بدني. ويكشف هذا النزاع انقساما أوسع نطاقا هيمن على السياسة التونسية منذ أكتوبر تشرين الأول عندما أدت أول انتخابات في دول الربيع العربي إلى تولي السلطة حكومة تتزعمها حركة النهضة الإسلامية المعتدلة والتي كانت محظورة خلال عهد النظام السابق.

وعلى أحد الجانبين يقف الكثير من التونسيين الذين يعتبرون الثورة فرصة للتعبير عن هويتهم الدينية التي كان يقمعها بن علي وزعيم الاستقلال الحبيب بورقيبة الذي قمع الإسلاميين بكل أطيافهم فسجن الآلاف أو نفاهم. وعلى الجانب الآخر هناك النخبة التونسية المحبة للثقافة الفرنسية ومثقفوها في المدن والفنانون والأكاديميون ورجال الأعمال والذين يتمسكون بشدة بمبادئهم العلمانية ويعتبرون نهاية النظام الشمولي فرصة لتوسيع حرية التعبير.

تجلس مريم بودربالة وهي إحدى أمناء معرض (ربيع الفنون) محتضنة ركبتيها وتتنقل في حديثها بين الانجليزية والفرنسية التي تتحدثها بشكل عادي تماما نظرا لأنها تربت في فرنسا. وفي منزلها هناك أعمال فنية أصلية معلقة على الجدران مما يكسب منزلها جوا مريحا يهيمن عليه الفن.

وقالت "بعد الثورة كان الفنانون يشعرون بالحرية. كانوا يريدون التعبير بحرية. أنتجوا أعمالا فنية قوية جدا." وأضافت "لم يكن الفنانون يتوقعون مثل رد الفعل هذا. لهذا يشعرون بأن وضعهم هش. لجأوا للحكومة لكنها لا تدعمهم لذلك يشعرون أن ظهورهم للحائط."

وقالت بودربالة إن الفنانين يجب أن يتقربوا أكثر للمواطن العادي ويتجنبوا الاكتفاء بالنخب. واتفقت الفنانة التي رفضت ذكر اسمها على أن من الواجب إخراج الأعمال الفنية من المعارض إلى الشوارع. لكن الهوة كبيرة للغاية. فمن الشبان الملتحين الذين يبيعون كتيبات دينية أمام مسجد الفتح في تونس العاصمة إلى محبي الموضة الذين يرتادون النوادي في المناطق الثرية يعيش التونسيون في عالمين مختلفين تماما.

وفي حين أن المحللين يقولون إن أعدادهم ليست كبيرة فإن السلفيين يريدون أن يعيشوا في دولة إسلامية تحكمها الشريعة. وهم لا يؤمنون بالديمقراطية والكثير منهم لم يشارك في الانتخابات. وهم يريدون جعل القرآن دستورا ويرفضون المناقشات التي تجري بين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين حول شكل الدستور الجديد الذي تجري صياغته حاليا. والكثير من المواطنين العاديين لا يتعاطفون كثيرا مع الفنانين.

وقال منصف عصيمي الذي يدير مقهى للأنترنت في حي للطبقة العاملة بتونس العاصمة والذي شهد أسوأ أعمال الشغب "يجب على العلمانيين أن يتوقفوا عن استفزاز المسلمين لأن ذلك سيكون له رد فعل حتى بين من لا يصلون." ووعدت حركة النهضة التي وجدت نفسها محاصرة بين هاتين الرؤيتين المتضاربتين لتونس الجديدة بعدم اعتبار الشريعة مصدرا للتشريع في الدستور الجديد. لكن تصاعد العنف أثار مخاوف من احتمال أن يكون الحزب الحاكم غير قادر أو غير راغب في كبح جماح المتطرفين الذين يسعون إلى فرض قيمهم.

وتسببت هجمات على بائعي المشروبات الكحولية في سيدي بوزيد حيث بدأ الربيع العربي في اشتباكات الشهر الماضي. كما أن سلفيين أثاروا شغبا في بلدة جندوبة بشمال غرب البلاد. واستمرت مواجهة كثيرا ما اتسمت بالعنف في جامعة منوبة بين سلفيين يطالبون بالسماح للطالبات بارتداء النقاب وبين العميد الذي يرفض الإذعان لهذه المسألة لشهور.

وقال راشد الغنوشي زعيم النهضة مرارا إن في تونس الجديدة لن يسجن أي إسلامي بسبب رأيه كما كان يحدث خلال عهد بن علي بل بناء فعله. وتشير حركة النهضة إلى موقفها الصارم من أعمال الشغب باعتبارها دليلا على أنها تفي بوعدها فيما يتعلق بمعاقبة المسؤولين عن العنف.

لكن العلمانيين يشكون في أن حركة النهضة متعاطفة مع المتطرفين على أفضل تقدير أو متواطئة معهم على أسوأ تقدير لتحويل تونس في نهاية الأمر إلى دولة إسلامية.

ولم يتغير الكثير في وضع التونسيات منذ الثورة لكن مريم زغيدي المتحدثة باسم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تشعر بقلق على حقوق أساسية في الزواج والطلاق نالتها المرأة منذ استقلال البلاد عام 1956 . ويطالب دعاة حقوق المرأة بضرورة أن يكفل الدستور الجديد حقوق النساء لحمايتها من أي قيود دينية. وقالت "السلفيون هم أشخاص يتصرفون بشكل غير ديمقراطي في الشارع. إنهم أشخاص يتبنون العنف وهذا أمر مقلق لأن كل ما حدث منذ ثورة 14 يناير وحتى الانتخابات كان سلميا." وأضافت "علينا أن نسأل... لماذا لا تتصرف الحكومة ولا تقل شيئا حيال هذا الأمر؟"

وما زال النبيذ المصنوع محليا يتدفق على المطاعم التونسية كما أن الشواطئ مليئة بالنساء اللاتي يرتدين لباس البحر ذا القطعتين في عطلة نهاية الأسبوع. لكن أعمال الشغب أدت إلى تصدر الجدل حول القيود المفروضة على حرية التعبير الأجندة السياسية. وتعرضت وسائل الإعلام بالفعل للتهديد. ففي وقت سابق من العام الجاري قضت محكمة على مدير قناة نسمة التلفزيونية بدفع غرامة لعرضه فيلم (برسيبوليس) للرسوم المتحركة بسبب تجسيده الذات الإلهية. كما حكم على ناشر صحيفة بدفع غرامة لنشره صورة لاعب كرة قدم تونسي الماني مع صديقته شبه العارية.

وذكر أعضاء البرلمان وأغلبهم من حزب النهضة أن من الممكن تجنب حدوث أعمال عنف في المستقبل من خلال إصدار قانون لمكافحة التجديف والذي سيثني الناس عن إنتاج أعمال استفزازية. ويقول علمانيون إن هذا سينقل تونس إلى مرحلة خطيرة. وهم يتساءلون عمن سيحدد مثل هذه الخطوط الحمراء. بحسب رويترز.

وبالنسبة لبودربالة فإن الحكومة تستغل الاضطرابات التي حدثت خلال معرض ربيع الفنون والذي كان المعرض السنوي العاشر واعتبره كثيرون الأقوى فنيا كذريعة لفرض المزيد من القيود على الحريات في تونس الجديدة. وقالت "هذه أولى الخطوات نحو الدكتاتورية. إنهم يخشون الفنانين لأنهم لا يمكن السيطرة عليهم. فرض قوانين بها خطوط حمراء على أساس دينية يعني السيطرة."

ومضت تقول "الكثير من الناس سيراقبون انفسهم ذاتيا. يخافون لأنها ستصبح مسألة حياة أو موت لكن... الفنانين يتكيفون مع أي وضع... الفنانون أصحاب رؤى. إنهم يجدون وسيلة دائما."

المرزوقي يدين

على صعيد متصل أدان الرئيس التونسي "المؤقت"، المنصف المرزوقي، الدعاوى التي أطلقها بعض رجال الدين مؤخراً، بإهدار دم عدد من الفنانين، الذين قدموا أعمالاً فنية اعتبرت "مسيئة" للذات الإلهية، والتي أثارت موجة جديدة من العنف في الدولة التي شهدت انطلاق شرارة "الربيع العربي." وعبرت رئاسة الجمهورية التونسية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية "وات" عن "إدانتها المطلقة للدعوات غير المسؤولة، لإهدار دم الفنانين، التي صدرت أحياناً حتى من على منابر الجوامع"، وأكدت أن "حرية الرأي والتفكير والإبداع الفني، حقوق لا رجعة فيها."

ونقلت الوكالة عن الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية قوله إن "سعي البعض لاستعمال هذه الحريات، بغية الاستفزاز الرخيص لمصالح شخصية، أو تفويضها لأغراض بث الفتنة، يجب أن لا ينسينا أنها من مكتسبات الثورة، ومن ضروريات تقدم شعبنا، وأنه يجب المحافظة عليها ودعمها، بالرغم من كل الصعاب والمطبات." وأشار البيان إلى أن رئيس الجمهورية قام بـ"الاتصال بالوزارات المعنية، لطلب القيام بكل ما يلزم من الإجراءات التأديبية، والمتابعة القضائية لكل الأشخاص الذين صدرت عنهم مثل هذه الدعوات، أو ستصدر في المستقبل، وذلك أياً كان موقعهم، وانتماؤهم السياسي أو العقائدي." وعبرت رئاسة الجمهورية، بحسب البيان نفسه، عن "ارتياحها الكبير لأداء أجهزة الأمن والجيش، ونجاحها في فرض سلطة القانون وتطويق أثار الأزمة الأخيرة"، منوهة بكل "الأطراف دون استثناء، التي دعت إلى التهدئة، وتفويت الفرصة على أعداء الثورة والوحدة الوطنية."

من جانبها، نددت وزارة الثقافة بـ"الدعوات الخطيرة وغير المسؤولة لإهدار دم الفنانين والمبدعين، سواء على المنابر أو عبر الإرساليات القصيرة، وبعض المواقع الإلكترونية"، وأكدت الوزارة "رفضها المطلق لأي شكل من أشكال التهديد لسلامة الفنانين، وتدعو السلط الأمنية والقضائية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم." وكان الشيخ حسين العبيدي، رئيس "الهيئة العلمية لجامع الزيتونة"، قد دعا في خطبة الجمعة، إلى "قتل الفنانين التشكيليين الذين اتهموا بالإساءة في لوحاتهم إلى المقدسات." بحسب CNN.

وشهدت تونس، أولى الدول العربية التي أطاحت ثورة شعبية فيها بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، أحداث عنف، وأعمال تخريب على خلفية احتجاج مجموعات محسوبة على "التيار السلفي"، على لوحات عرضت بقصر "العبدلية" بالمرسى، اعتبرت أنها تتضمن إساءة للذات الإلهية.

الى جانب ذلك اكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي ان بلاده غير مهددة بالتطرف الاسلامي موضحا ان حركة النهضة الاسلامية لا تحكم البلاد وحدها وانما تتقاسم السلطة مع احزاب وسط اليسار. واعتبر المرزوقي ان السلفية "ضارة لكنها ليست بالقوة التي يمكن ان تشكل خطرا على الجمهورية". وتابع "عندما اراد السلفيون تفجير الوضع بحجة الاساءة الى الدين، (لم يتمكنوا) وتراجعوا لانهم فهموا ان كافة القوى الامنية مستعدة تماما لضربة قوية".

وبحسبه فان الامر يتعلق اولا وقبل كل شيء ب"شباب من افقر الناس في المجتمع والبؤس هو الذي يتسبب في مثل هذه التصرفات". وشدد المرزوقي على ان التونس غير محكومة من طرف حركة النهضة الاسلامية المتحالفة مع حزبي التكتل والمؤتمر من اجل الجمهورية لرئيس الدولة.

واوضح ان "القول بان تونس يحكمها اسلاميون انحراف. فتونس يديرها ائتلاف حكومي يملك فيه الشركاء العلمانيون نفس ثقل الشركاء الاسلاميين".

واكد ان قادة "النهضة اناس ادخلناهم نوعا ما في الديمقراطية في سنوات 1980 و1990" واصفا الحركة بانها تعادل "الاحزاب الديمقراطية المسيحية في اوروبا". واعتبر العديد من المحللين ان هذا الائتلاف غير عادل وتسيطر عليه النهضة، كما تخشى المعارضة من انزلاق نحو الهيمنة الاسلامية بالرغم من التأكيد المتواصل للنهضة بانها مع النظام الجمهوري.

وكرر الرئيس التونسي اكثر من مرة انه "لم يبع نفسه للشيطان" مرحبا "بتجربة فريدة في العالم العربي لتفادي المواجهة الايديولوجية". وذكر ان النهضة اعادت التأكيد على احترام حقوق الانسان والمرأة والحريات بعد ازمة حزيران/يونيو التي اندلعت بعد قرار رئيس الوزراء الاسلامي حمادي الجبالي تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق المحمدي البغدادي الى طرابلس بدون موافقة رئاسة الجمهورية.

وقال "كاد ان ينفجر هذا الائتلاف بسبب عدم احترام احد اهم بنود الاتفاق: عدم المساس بحقوق الانسان" مشيرا الى انه "وضع استقالته في المحك". واكد "تلقيت كافة انواع الضمانات من طرف النهضة ومن رئيس الحكومة". وفي الوقت الذي توجه اتهامات للحكومة بالرغبة في التحكم في الاعلام، نفى الرئيس هذه الاتهامات ووصفها بانها "دليل على سوء النية". وقال "لم تشهد الصحافة خلال تاريخ تونس الطويل حرية اكبر من التي تعيشها اليوم". وتابع "الحكومة تتعرض يوميا للتهجم والاساءة وهذه الانتقادات دليل على ان تونس دولة ديمقراطية بحق" وحتى الشتائم ضد رئيس الجمهورية وخاصة على الانترنت "مؤشر جيد". بحسب فرنس برس.

واضاف "حتى وان كانت الرسوم الكاريكاتورية غير حقيقية في بعض الاحيان الا اني افرح ان يتم رسمي لان هذا يدل على اننا لم نصبح نظاما ديكتاتوريا". وفي المجال المؤسساتي قال الرئيس التونسي انه متأكد من ايجاد توافق حول الدستور القادم لتنظيم انتخابات في ربيع 2013. وبينما تريد حركة النهضة نظاما برلمانيا حقيقيا، يدعم حلفاؤها نظاما مختلطا بين الرئاسي والبرلماني. وختم المرزوقي "النهضة مع الاجماع وفي اعتقادي فان الحكمة السياسية ستدفعهم الى التفاوض حول نظام نصف رئاسي ونصف برلماني".

تجريم التعدي على المقدسات

من جهته اصدر المؤتمر العام لحزب النهضة الاسلامي الحاكم في تونس بيانا ختاميا حدد فيه مبادئ البرنامج السياسي للحزب والنظام السياسي الذي يسعى لإقراره في البلاد، مؤكدا في احد بنوده وجوب ان يقر هذا النظام "تجريم التعدي على المقدسات". وقال رئيس المؤتمر وزير الصحة عبد اللطيف مكي في معرض تلاوته البيان الختامي ان المشاركين اوصوا ب"تجريم التعدي على المقدسات" واعتمدوا هذه التوصية بندا في برنامجهم السياسي.

ولم يعط مكي اي تفاصيل اضافية حول هذا الموضوع ولم يتم نشر كافة بنود المبادئ التي اقرها حزب النهضة. ويعتبر المساس بالمقدسات امرا حساسا في تونس خصوصا منذ حزيران/يونيو وموجة اعمال العنف التي اثارتها تحركات السلفيين المنددة بمعرض فني في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية بسبب بعض الاعمال الفنية التي اعتبرت مسيئة للإسلام.

وتسببت اعمال العنف هذه، وهي الاكبر منذ فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011، بإعلان حظر للتجول في عدد من المناطق التونسية. وكما كان متوقعا، اعيد انتخاب الزعيم التاريخي لحزب النهضة الاسلامي الحاكم في تونس راشد الغنوشي على رأس الحزب. وحصل الغنوشي على 744 صوتا من اصل 1025 مقترعا، اي 72,58% من اصوات المحازبين الذين شاركوا في المؤتمر العام التاسع. والغنوشي (71 عاما) هو احد مؤسسي حركة النهضة، التي تأسست مستلهمة مبادئها من جماعة الاخوان المسلمين في مصر.

من جانب اخر نظم حزب "جبهة الاصلاح" أول حزب سلفي مرخص له في تونس في "قصر المؤتمرات" بالعاصمة أول اجتماع عام تحت شعار "الشريعة مسارنا والاصلاح خيارنا". وحضر الاجتماع نحو 300 من أنصار الحزب كما حضره راشد الغنوشي رئيس "حركة النهضة" الاسلامية الحاكمة التي تسعى إلى اقناع السلفيين بالابتعاد عن العنف والانخراط في العمل السياسي السلمي.

وقال محمد خوجة رئيس "جبهة الاصلاح" في خطاب "نحن ببساطة مسلمون نؤمن بالإسلام عقيدة ومنهج حياة، نتمسك بالكتاب والسنة ونلتزم بهما قولا وعملا، عقيدتنا هي أساس فكرنا وركيزة تربيتنا، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة بفهم سلف الامة الصالح اسلامنا يجمع بين الثبات والمرونة ويؤمن بالتعايش السلمي وبتكامل الحضارات لا بصراعها".

ويعرف حزب "جبهة الاصلاح" نفسه بأنه "حزب سياسي أساسه الاسلام يعمل على تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية وعلى توحيد الأمة الاسلامية بإزالة الحدود واعتماد الانتخابات الحرة في كافة مجالات الحياة السياسية كوسيلة لفرز ممثلي الشعب والتعبير عن إرادته".

واضاف خوجة إن "الاسلام جاء بشريعة متحركة في ثبات، متحركة بحراك المجتمع، وثابتة ثبات الوحي، وهي صالحة لكل زمان ومكان". وأوضح أن حزبه تواصل مع المجلس الوطني التأسيسي في أكثر من مناسبة للمطالبة بان ينص الدستور الذي يعكف المجلس على اعداده على أن "الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع". بحسب فرنس برس.

وكانت حركة النهضة تخلت قبل اشهر عن مطلب سابق بان ينص الدستور على أن الشريعة هي مصدر رئيسي للتشريع. وأيدت الحركة الاحتفاظ بالفصل الأول من دستور 1959 الذي يقول إن "تونس دولة، حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها". وقال صلاح البوعزيزي الناطق الرسمي باسم حزب جبهة الاصلاح "نبرأ من كل قانون وضعي يسن في هذه البلاد ويتضاد مع الشريعة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/تموز/2012 - 2/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م