منظمات وقوانين... ثقافة وأجندات

 

شبكة النبأ: اثار اعتماد قانون جديد في روسيا استياء العديد من نشطاء المنظمات الحقوقية وخاصة الامريكية، مما أدى إلى توتر العلاقات مع الولايات المتحدة مجددا، إذ يصف هذا القانون الروسي المنظمات غير الحكومية التي تستفيد من تمويل خارجي وتمارس نشاطا سياسيا بانها عميلة للخارج ويفرض عليها رقابة مشددة، في حين يرى منتقدون أن هذه القوانين تأتي في سياق حملة أوسع تستهدف الحريات المدنية وحركة المعارضة المناهضة لبوتين، من جهة أخرى أثار عرض التلفزيون الرسمي المصري لإعلان يحذر المواطنين من التحدث بشكل منفتح إلى الأجانب موجة من التعليقات الساخرة والاستياء بين النشطاء السياسيين، معتبرين أن هذا الإعلان يهدف إلى تشويه الثورة ووصم الثوار وكأنهم خونة يعبثون بالأمن القومي المصري، مما اضطر التلفزيون المصري لوقف اعلان يمكن ان يفسر على انه تحريض على الاجانب والايحاء بانهم جواسيس وذلك اثر قيام نشطاء على المواقع الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر وغيرها بالتنديد به متهمين التلفزيون المصري بدفع الشعب الى فقد الثقة في الجميع، كما اثار اعتقال مصري اميركي في القاهرة قبل استئناف محاكمة المنظمات الاهلية توترات عنيفة مع الولايات المتحدة، وقد شهدت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة ازمة خلال الشهور الاخيرة بسبب منع اعضاء منظمات حقوقية اميركية من مغادرة البلاد واحالتهم الى المحاكمة بتهمة ممارسة انشطة غير مشروعة، وبسبب النشطات المختلفة للمنظمات المجتمع المدني في بعض الدول ذات نظام سياسي شبه قمعي كما في روسيا ومصر أصبحت تلك المنظمات ما بين ممارسة النشاط الإنساني ومصيدة الاتهام السياسي.

روسيا تزيد القيود وتتجاهل أمريكا

فقد سارعت الحكومة الروسية باقرار قانون سيحكم الرقابة على جماعات الحقوق المدنية مما أدى إلى توتر العلاقات مع الولايات المتحدة التي تخشى من اتخاذ إجراءات صارمة ضد معارضي الرئيس فلاديمير بوتين، وأيد مجلس النواب الروسي بأغلبية ساحقة مشروع القانون في القراءتين الثانية والثالثة في إجراءات جرى التعجيل بها وفي تحد لانتقاد وزارة الخارجية الأمريكية رفضته وزارة الخارجية الروسية في بيان مقتضب باعتباره تدخلا صارخا في شؤون روسيا، وأبرز إقرار القانون بسرعة الأهمية التي يعلقها بوتين على القانون الذي سيجبر المنظمات غير الحكومية الممولة من الخارج التي تمارس "نشاطا سياسيا" أن تسجل نفسها لدى وزارة العدل باعتبارها "وكلاء أجانب" وأن تقدم للمسؤولين تقارير عن أنشطتها مرتين في الشهر، وفي حال حصول انتهاكات ستتعرض لغرامة تصل الى 300 الف روبل (7500 يورو) وعقوبة السجن قد تصل الى عامين، ويقول منتقدون إن تعبير "الوكلاء الأجانب" يعود الى فترة الحرب الباردة وإن كثيرا من الروس سينظرون إلى أعضاء المنظمات التي تحمل هذا الوصف باعتبارهم خونة، ويقولون إن الهدف من القانون هو حرمان هذه الجماعات من الأموال وترويعها لاجبارها على الصمت، وقالت إيلينا تشيمكوفا وتعمل مديرة في جماعة ميموريال الروسية لحقوق الإنسان "القانون يضر بعملية تطور المجتمع المدني. لا يدعم انفتاح بلدنا." وتابعت ببساطة هذا القانون له هدف واحد وهو تقديم مبرر رسمي لأن تصف خصومك بأنهم أعداء للدولة. بحسب رويترز.

وقال الوزير السابق بوريس نمتسوف وهو أحد منظمي الاحتجاجات ضد الرئيس الروسي "بوتين نفسه هو الذي أوحى بهذا القانون ودفع به كقانون قمعي للمظاهرات، وواجه بوتين في الأشهر السبعة الماضية أكبر احتجاجات منذ صعوده الأول إلى السلطة وسن بالفعل قانونا يزيد من الغرامات المحتملة على المتظاهرين بينما داهمت الشرطة منازل بعض منظمي الاحتجاجات، وينظر البرلمان أيضا قانونا جديدا يحكم الرقابة على مواقع الانترنت التي تستخدمها المعارضة لنشر الأخبار عن الاحتجاجات وكذلك تشريعا يجعل قوانين التشهير أكثر صرامة والتي تخشى المعارضة من أنها قد تستخدم ضدها.

إعلان الجواسيس

فيما انتقد النشطاء ومرتادو مواقع التواصل الاجتماعي الإعلان، فقال بعضهم إنه "مخطط للقضاء على الثورة"، فيما رأى آخرون أن الإعلان إنما ينم عن جهل من صانعيه وممن أذاعه لأنه في دولة تعتمد على السياحة كمصدر دخل أساسي لا يجب الترهيب والتخويف من التعامل مع الأجانب، وكان التلفزيون المصري بقنواته المختلفة قد بث هذا الإعلان الذي يظهر فيه أجنبي يدخل إلي مقهى ويتحدث إلى ثلاثة مواطنين مصريين إحدهم فتاة تتشح بكوفية فلسطينية وفي خلفية الصورة لافتة كتب عليها "عيش حرية عدالة اجتماعية"، وأثناء حديث الشخص الأجنبي إليهم عن أمور مثل التآمر على الجيش وأزمة الوقود وغلاء الأسعار، يقوم بإرسال هذه المعلومات عبر هاتفه النقال إلي رؤساءه. وينتهي الإعلان الذي لا تتجاوز مدته 40 ثانية بعبارة "كل كلمة بثمن ... الكلمة تنقذ وطن"، وقالت الناشطة أسماء محفوظ في اتصال مع بي بي سي إن هذا الإعلان يتماشى مع نفس الأسلوب الذي يهدف إلى تشويه الثورة والثوار وأنه يعكس قدراً كبيراً من السلبية متمثل في ضعف أجهزة الدولة في التصدي للجواسيس وطالبة الشعب باليقظة وصرف السياح الأجانب عن زيارة مصر، وتضيف محفوظ أنها تشعر بأن الإعلان كان يقصد التوعية ولكنه فشل في ذلك فشلاً ذريعاً باستخدام لغة دون مستوى الثورة، وأوضحت الناشطة التي حكم بحبسها من قبل امحكمة العسكرية قبل أن يصدر بحقها عفو من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن التوعية الحقيقية المطلوبة هي التوعية بكيفية التعبير عن الرأي والوسائل الصحيحة للتعامل مع الأجانب. بحسب البي بي سي.

وكان مصدر بالتليفزيون الرسمي قد أكد على أن هذا الإعلان إنما هو إعلان توعوي يقصد رفع مستوى اليقظة لدى الشباب المصري، ولكن المصدر رفض التعليق على كون هذا الإعلان إنما يبث بناءاً على توجيه من إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، وعلى موقع تويتر، أنشأ النشطاء صفحة باسم "ريلي" وذلك أن الكلمة الانجليزية الوحيدة التي نطق بها من قام بدور الجاسوس كانت (Really). وعلى هذه الصفحات توالت آلاف التغريدات التي تهاجم جميعها الإعلان، ومن بين ما كتب الصفحة "علي كدا الواد اللي بيحط لي الفحم علي الشيشة جاسوس" و " أكتر بلد فى العالم بتدعى ربنا يرزقها بالسياح هى البلد الوحيدة اللى بتحرض شعبها على منع السياح" و "انا مش هقعد على قهوه تانى" و "الاعلان الذى ارهب اسرائيل و كرهني في عيشتي انا شخصيا!"، ومما قيل أيضاً رفضا لما جاء في نص الإعلان "على فكرة الميدان مليان جواسيس اللي بياكل ذرة واللي بيشرب عصير واللي متخفي وشايل علم مصر" و "يا جماعة أرجوكم محدش يقع بلسانه قدام حد أجنبي و يقول إن مصر حر معظم السنة"، يبلغ عدد القنوات التلفزيونية التي يبثها التليفزيون الرسمي المصري 28 قناة ونحو 58 محطة إذاعية.

محاكمة المنظمات الأهلية

في سياق متصل اعتقل مصري اميركي في القاهرة بعد عودته الى مصر قادما من الولايات المتحدة لاستئناف محاكمة اعضاء المنظمات الاهلية، من مصريين واجانب، حسب ما اعلن متحدث باسم الخارجية الاميركية، وقال المتحدث مارك تونر ان "شريف منصور الموظف السابق في (المنظمة غير الحكومية الاميركية) فريدوم هاوس عاد الى مصر واعتقل لدى عودته"، مؤكدا معلومات بهذا الخصوص نشرتها صحيفة واشنطن بوست على موقعها الالكتروني، وتستأنف محاكمة 43 عضوا في المنظمات الاهلية، 16 مصريا و27 مواطنا اجنبيا (معظمهم اميركيون)، اتهمهم القضاء المصري بتلقي تمويات اجنبية غير شرعية والتدخل في الشؤون السياسية المصرية، وكانت محاكمتهم اثارت توترات عنيفة مع الولايات المتحدة، وبعد اشهر من الضغوط التي مارستها واشنطن، غادر 13 متهما اجنبيا بينهم ستة اميركيين، مصر في الاول من اذار/مارس بعدما رفع عنهم قرار منع خروجهم من الاراضي المصرية، واضاف تونر"نواصل القول بكل وضوح اننا ننظر الى هذه المحاكمات على انها محاكمات سياسية"، واضاف ان واشنطن تحث السلطات المصرية على وقف الملاحقات ضد هؤلاء الافراد وحل المشاكل بين حكومة وحكومة. بحسب فرانس برس.

وبحسب تصريحات اوردتها صحيفة واشنطن بوست، فان شريف منصور رغب في العودة الى مصر لانه لم يشأ التخلي عن الاعضاء المصريين في المنظمات الاهلية الملاحقين في هذه القضية والذين لم يغادروا البلاد، وبعد ان اتهم السلطات الاميركية بالسلبية، دعا الى "رد استثنائي على هذه القضية الاستثنائية"، وحسب واشنطن بوست، فان اميركيا اخر هو روبرت بيكر الموظف السابق في المنظمة غير الحكومية الاميركية "المعهد الوطني الديموقراطي"، اختار البقاء في القاهرة عندما غادر الاميركيون الاخرون البلد وسوف يحضر جلسة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/تموز/2012 - 28/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م