سوريا... دفاع مشروع ونظام دولي جائر

 

شبكة النبأ: اتساع رقعة القتال على الأرض السورية أصبح اليوم خطر يهدد جميع أبناء سوريا التي باتت مسرح لتنفيذ مخططات الإجرام والتآمر التي رسمها حلفاء الشر المتمثل بـ قطر والسعودية وتركيا تلك الدول التي أسهمت بشكل مباشر في تأجيج الصراع بأهداف طائفية وهو ما دفع بعض الإطراف الإرهابية ومنها تنظيم القاعدة الإرهابي الى استغلال تلك الأوضاع والاستفادة من المساعدات التي تقدم من قبل تلك الدول خصوصا بعد الهزائم المتكررة التي لحقت بهذا التنظيم في الفترة الأخيرة، ويرى بعض المراقبين الحقائق المعلنة والعمليات الإجرامية التي تقع في سوريا هي دليل واضح على وجود علاقة ورابط مشترك بين لتك الإطراف وتنظيم القاعدة الذي أصبح ينفذ عملياته الإجرامية بكل يسر وسهولة وهذا ما دفع قادة التنظيم الى الدعوة المستمرة بضرورة نقل المعركة الى الساحة السورية بهدف إعادة تنظيم الصفوف وفي هذا الشأن فقد عرضت مواقع إلكترونية دأبت على نشر تسجيلات لتنظيم القاعدة رسالة مصورة للرجل الثاني في التنظيم، أبويحيى الليبي، تناول فيها الوضع في سوريا، داعياً "المجاهدين" من العراق والأردن وتركيا إلى "نصرة إخوانهم،" ومنتقداً الغرب ونظام دمشق، دون أن يتضح تاريخ رسالة القيادي المتشدد الذي قالت السلطات الأمريكية إنها قتلته بغارة في باكستان. وقال الليبي، في الرسالة التي حملت عنوان "مآسي الشام بين إجرام النصيرية ومكائد الغرب،" إن أكثر من عام قد مضى "على اشتعال ثورة المسلمين في الشام ضد الطاغوت النصيري المستبعد" في إشارة إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية.

وأضاف الليبي أن العالم "رأى صوراً متنوعة وبشعة من الإجرام (الذي ارتكبه) جنود الطغيان وأعوانه من الرافضة،" واتهم الغرب "بالتواطؤ بهذه الجرائم (عبر) المبادرات السخيفة،" والتي اعتبر أنها "لن تزيد الشعب إلا نكالاً ولن تزيد النظام إلا تبجحاً بجرائمه ضد النساء والرجال والولدان." ودعا الليبي السوريين إلى "الصبر والتمسك بدينهم والتوكل على الله" وحذرهم من "الضعف والتردد" وقال "ما من خيار أمامكم إلا الصبر على هذه المحنة والثبات على طريق التضحية والاستمرار في مواجهة هذا النظام العاتي بكل وسيلة." واعتبر الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أن ما وصفها بـ"مؤامرات الغرب، وعلى رأسه أمريكا،" تنسج ضد الثورة السورية، مضيفاً أن "المؤامرة" تعمل لتكون أقصى مطالب الثورة هي "حماية المدنيين، ما يعني تثبت أركان النظام وإتاحة المجال أمامه لالتقاط أنفاسه من جديد، فمتى كانت الأمم المتحدة وأمريكا والغرب يحرصون على دماء المسلمين؟"

وانتقد الليبي ترقب الدعم الغربي واصفاً إياه بأنه "ركض وراء السراب،" وأضاف: "ندعو أبطالنا المجاهدين من العراق والأردن وتركيا أن يهبوا لنصرة أخوانهم وأن يجعلوا نحورهم دون نحورهم وأن يبذلوا في سبيل ذلك كل غال ونفيس من الأموال والمهج." وأكد الليبي أن تنظيم القاعدة لن يقنع بأن يجعل "حظه" من نصرة السوريين "مجرد النحيب وذرف الدموع وإصدار بيانات الشجب والتنديد" واعتبر أن القرآن يدعو إلى القتال لـ"وقف بأس الكافرين ودفع إجرامهم،" مقراً في الوقت عينه بأن "سبيل لقتال والجهاد ليس سهلا، لكنه أيضاً ليس طريقا مسدودة."

ورأى الليبي أن السوريين أرادوا ربما أن تكون ثورتهم سلمية ولكن الله قد يكون "اختار غير ذلك،" مندداً ضمناً بالدعوة إلى "أوهام السلمية بعد هذه التضحيات الباهظة أمام هذا العدو المتوحش" ورأى أن "السلمية" لم تعد إلا "ضربا من العجز الذي لا يليق بأمة الجهاد والصبر والفداء." وتوجه الليبي في رسالته بالقول: "يا أبطال الشام، شمروا، ويا أسود العراق، هبوا، ويا ليوث الأردن، انفروا، ويا رجال تركيا، تقدموا، فإنها أعراض أخواتكم وأمهاتكم ودماء أبنائكم وإخوانكم وحرمات أهلكم ودياركم قد عبث بها الأراذل فكونوا سداً واحداً متراصاً صداً لهجمتهم." وختم الليبي تسجيله الذي امتد لقرابة 15 دقيقة بالقول: "لا بقينا إن بقي طاغيتها يتبجح ولا نجونا إن نجا."

وكان مسؤولون أمريكيون قد أكدوا في الخامس من يونيو/حزيران ، مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، أبو يحيى الليبي، في غارة نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار، منطقة القبائل الباكستانية، قرب الحدود مع أفغانستان، والتي تشهد نشاطاً ملحوظاً لمسلحي القاعدة وحركة طالبان. بحسب CNN.

ويُعد مقتل الليبي، الذي يُعتقد أن اسمه الحقيقي محمد حسن قايد، واحداً من أكبر النجاحات المحققة ضد تنظيم القاعدة، منذ تصفية زعيمه، أسامة بن لادن، على يد وحدة خاصة من القوات الأمريكية قبل 13 شهراً، في بلدة "أبوت أباد" قرب العاصمة الباكستانية إسلام أباد، مطلع مايو/ أيار من العام الماضي. ولم يتضح التاريخ الصحيح لتسجيل هذه الرسالة، وما إذا كان الليبي قد سجلها قبل الغارة التي قالت واشنطن إنها استهدفته من خلالها، أم أنها سُجلت مؤخراً كوسيلة لنفي مقتله، ولا يمكن من خلال سياق الرسالة تحديد ذلك بشكل دقيق.

حرب أهلية

على صعيد متصل أفادت الأنباء الواردة من سوريا، باندلاع اشتباكات عنيفة على أطراف العاصمة دمشق بين ومنشقين وذلك حسبما قال نشطاء معارضون. وتشير التقارير إلي أن الاشتباكات اندلعت قرب الأطراف الجنوبية للعاصمة وشملت أحياء التضامن والميدان والمناطق المحيطة بمعسكرات اللاجئين الفلسطينيين، ما دفع السكان إلى النزوح.

ويأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها باتت تعتبر الصراع الراهن في سوريا حربا اهلية تخضع بالكامل لأحكام اتفاقية جنيف، التي تتضمن القواعد الخاصة بالتعامل مع الأوضاع الناجمة عن اندلاع حرب اهلية. واضافت اللجنة أن ذلك يسمح بالملاحقة القضائية لأي ممن يشتبه في ارتكابه جرائم حرب من كل الاطراف المشاركة في القتال هناك. وكان الصليب الاحمر قد اعتبر المناطق المحيطة بحمص وادلب وحماه مناطق حروب. ونفت الحكومة السورية المزاعم التي تقول إنها استخدمت اسلحة ثقيلة.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر، التي تشرف على تطبيق اتفاقية جنيف، إن القتال في سوريا انتشر بصورة اوسع من المناطق الرئيسية للنزاع في حمص وحماة وادلب. وقال هشام حسن المتحدث باسم الصليب الاحمر اصبحت تعتبر في "نزاع مسلح غير دولي" وهو المصطلح التقني للحرب الاهلية. وقال حسن "المهم في الامر هو تطبيق قوانين الاغاثة في اي مكان تندلع فيه اشتباكات القوات الحكومية والجماعات المعارضة".

وتقول اموجين فوكس مراسلة بي بي سي في جنيف إن تصريح الصليب الاحمر هام لأن مهمته هي مراقبة القتال وابلاغ الاطراف المتقاتلة بما عليها من التزامات. ووفقا لاتفاقية جنييف فإن الهجمات على المدنيين والعاملين في الحقل الطبي وتدمير الخدمات الرئيسية مثل المياه والكهرباء ممنوع ويمكن يتعامل معه القضاء كجرائم حرب. ومن الآن فصاعدا فإن جميع الاطراف المتقاتلة في سوريا تخضع رسميا لقوانين القتال ويمكن ان ينظر فيها امام محكمة جرائم الحرب اذا جرى خرق قوانين الحرب. بحسب بي بي سي.

وفي وقت سابق قال هافر لادسو قائد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة إن سوريا في حالة حرب اهلية. وكان الرئيس السوري بشار الاسد قال سابقا إن سوريا في حالة حرب. ويعتقد إن نحو 16 الف شخص قتلوا منذ اندلاع احداث العنف.

في السياق ذاته قالت الأمم المتحدة ان آلاف الأسر في سوريا فرت من منازلها في غضون الأسبوعين الماضيين بسبب القتال الضاري بين القوات لحكومية ومقاتلي المعارضة وان الكثيرين يواجهون نقصا في الطعام. وأضافت ان أسعار الغذاء قفزت إلى ثلاثة أمثالها في مناطق من سبع محافظات أصبحت فيها حياة المزارعين ورعاة الماشية عرضة للانهيار بسبب تأخر موسم حصاد القمح نتيجة نقص الديزل اللازم لتشغيل الآلات.

وقال ينس لايركي المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في بيان صحفي في جنيف "الوضع العام يتصف بانعدام الأمن والقتال المستمر وهو ما يعني عدم تمكن وكالات الأمم المتحدة من الوصول لكثير من المناطق." وقال مكتب تنسيق الشؤون الانسانية ان كثيرن من سكان مدينة دوما الواقعة على بعد 15 كيلومترا شمالي دمشق والذين يقدر عددهم بنحو 200 ألف نسمة فروا الى وسط العاصمة.

وأضاف مكتب تنسيق الشؤون الانسانية ان زهاء 30 ألف شخص فروا من مدينة دير الزور في شرق البلاد الى الشمال في اتجاه الحسكة والرقة. ويغادر مدنيون أيضا حماة وادلب والرقة ويتجهون الى حلب. وتشير تقديرات سابقة للهلال الأحمر العربي السوري الى نزوح 500 ألف شخص على الأقل داخل سوريا. وأجرت السلطات السورية ومسؤولون من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تقييما مشتركا لوضع الأمن الغذائي في سبع محافظات. وقال مكتب تنسيق الشؤون الانسانية "مشكلات الحصول على الديزل لتشغيل الآلات تعوق حصاد القمح وتواجه العائلات النازحة المقيمة في المدن وحولها تزايدا سريعا في انعدام الأمن الغذائي. هناك حاجة عاجلة لمساعدات غذائية وزراعية وللماشية قبل حلول الشتاء." بحسب رويترز.

ويزود برنامج الأغذية العالمي كل المحافظات السورية الأربعة عشر بالغذاء من خلال الهلال الأحمر العربي السوري وقال انه يتعشم ان تصل امداداته الى 850 ألف شخص. وقال لايركي "بعض المنظمات الدولية غير الحكومية . بدأت توزيع امدادات تتعلق بالصحة ومساعدات طبية وأشياء أخرى أساسية للسوريين المتضررين." وأضاف ان وكالات اغاثة سورية ستقدم مساعدات في المناطق التي لا يتسنى لوكالات الأمم المتحدة الوصول لها.

الى جانب ذلك شهدت الحدود بين لبنان وسوريا تبادلا لاطلاق النار من الجانبين، على ما افاد مسؤول امني. وهذه الحادثة تضاف الى سلسلة حوادث حدودية شهدتها المنطقة نفسها خلال الاسابيع الماضية. وقال المسؤول الامني الذي طلب عدم كشف اسمه "حصل تبادل لاطلاق النار من جانبي الحدود بين الدبابية (شمال لبنان) وحالات (في سوريا)"، من دون توضيح ما اذا اسفرت هذه الحوادث عن اصابات او تحديد مصدر اطلاق النار. واضاف "تم سماع دوي انفجار قذائف في الدبابية" الواقعة شمال مدينة طرابلس الساحلية شمال لبنان. وقال رئيس بلدية الدبابية جورج عبدالله ان "منازل عدة تضررت بما فيها منزلي".

وكانت الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن استأنفت مشاوراتها حول مشروعي قرار بشأن سوريا، الاول غربي يتضمن تهديدا لدمشق بعقوبات اقتصادية اذا لم تسحب قواتها واسلحتها الثقيلة من المدن في غضون عشرة ايام من تاريخ صدور القرار، والثاني روسي لا يتضمن اي تهديد، لكن بحسب دبلوماسيين فان المفاوضات بين الاعضاء تراوح مكانها.

ميدانيا تواصلت اعمال العنف في سوريا وحصدت 115 قتيلا، هم 50 مدنيا، بينهم اكثر من 20 امرأة وطفل، و39 عسكريا من القوات النظامية و26 من مقاتلي الجيش السوري الحر المؤلف من جنود منشقين ومن مدنيين حملوا السلاح ضد النظام، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/تموز/2012 - 27/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م