لندن والالعاب الاولمبية... تكلفة امنية باهضة

شبكة النبأ: تعيش بريطانيا التي تستضيف دورة الالعاب الاولمبية 2012 اجواء مختلفة عن باقي بلدان العالم حيث تشهد هذه البلاد اليوم ومع اقتراب موعد اقامة الدورة اجراءات امنية وادارية مشددة شملت كل الاجهزة الحكومية ومؤسساتها لاجل الحفاظ على سلامة وامن المشاركين، ويرى بعض المراقبين والمتخصصين ان الحكومة البريطانية تواجه تحدي خطير خصوصا مع وجود توقعات بشن بعض الاعمال الارهابية من قبل عناصر تنظيم القاعدة وفي هذا الشأن قال أعضاء في البرلمان البريطاني إن الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية 2012 في لندن وضعت أجهزة المخابرات البريطانية تحت ضغط كبير في وقت تجري فيه البلاد أكبر عملية امنية وقت السلم في تاريخها. وفي المراجعة السنوية قالت لجنة المخابرات والأمن في البرلمان إن تنظيم القاعدة والجماعات المنتمية له إلى جانب الجماعات المسلحة المعارضة للاتفاق السلمي في أيرلندا الشمالية ما زالت تمثل أكبر قدر من الخطر على بريطانيا.

لكن اللجنة التي تقدم نصائح لأجهزة المخابرات قالت إن المكافحة الناجحة للإرهاب بدأت تؤتي ثمارها. وقال مالكوم ريفكيند رئيس اللجنة "يرى جهاز المخابرات أن هناك مؤشرات للتفاؤل الحذر فيما يتعلق بتراجع عدد الهجمات التي تستهدف الأمن القومي في 2011." لكن العمل المكثف المصاحب لاستعدادات أولمبياد لندن الذي يبدأ يوم 27 يوليو تموز زاد من الضغط على عمل جهاز المخابرات الداخلية (ام.آي 5) ويمثل "تحديا حيويا لكل الأطراف المعنية".

وجاء في تقرير المراجعة أن انتفاضات الربيع العربي في أنحاء العالم العربي طغت على أنشطة أجهزة الأمن في 2011 مضيفا أن هذه التطورات فاجأت الكثيرين في أجهزة المخابرات. وقال ريفكيند "من المستحيل غالبا التكهن بمثل هذه الأحداث. لكن يظل هناك سؤال حول ما إذا كان من المفترض أن تتكهن الأجهزة فور بدء تكشف الأحداث بإمكانية انتشار الاضطرابات سريعا في أنحاء المنطقة."

وفي وقت سابق حذر جوناثان ايفانز رئيس جهاز المخابرات الداخلية في أول كلمة علنية له منذ عامين من أن مقاتلي القاعدة يستغلون الدول التي أطاحت بزعمائها خلال الانتفاضات العربية كقواعد لتجنيد شبان غربيين لشن هجمات على بريطانيا. وقال ريفكيند "أعاد جهاز المخابرات ترتيب أولويات عمله بحيث يتمكن من مواجهة مخاطر محتملة من القاعدة والجماعات المرتبطة لها والمعارضين الجمهوريين (الايرلنديين) ودول معادية وجهات أخرى في الفترة التي تسبق الأولمبياد او خلاله." وأضاف "وتسبب هذا إلى جانب عبء عملية إصدار التصاريح (للأولمبياد) والأعمال المرتبطة بذلك في وضع جهاز المخابرات تحت ضغط كبير على مدى العام المنصرم."

وقالت اللجنة أيضا إن الهجمات الالكترونية تمثل خطرا حقيقيا على أمن بريطانيا وتساءلت عما إذا كان قد تم إحراز قدر كاف من التقدم فيما يتعلق ببرنامج للأمن القومي الالكتروني يتكلف 650 مليون جنيه استرليني (مليار دولار) كان قد أعلن قبل 18 شهرا. وقال ريفكيند "هناك حاجة لجهد اكبر إذا كان لنا أن نمضي قدما في هذا المجال المتسارع الخطى."

ويذكر ايضا ان الجيش البريطاني قد ابلغ سكان منطقة سكنية راقية قرب المتنزه الاولمبي في شرق لندن انه سينصب بطارية صواريخ فوق سطح برج في نطاق مجمعهم السكني للدفاع عن اولمبياد 2012 هذا الصيف. وقالت وزارة الدفاع البريطانية ان هذا الموقع واحد من بين عدد من المواقع حول العاصمة يفكر فيها الجيش كقواعد لنصب صواريخ ارض جو لحماية اولمبياد لندن من التعرض لهجوم جوي.

وهذه اول مرة تنشر فيها مثل هذه الصواريخ في لندن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية مما اصاب بعض السكان في منطقة باو كوارتر السكنية بالصدمة. وقال بريان ويلان وهو صحفي يبلغ من العمر 28 عاما "لم يجر تشاور ولم يقرع احد على ابوابنا. "تستيقظ ذات صباح وتجد منشورا يقول لك انهم سيضعون صواريخ على السطح."

واضاف ان هذا الاجراء غير عادي واثار قلق صديقته. وقال "لا استطيع تخيل الظروف التي ستجبركم على اطلاق صواريخ فوق منطقة ذات كثافة سكانية عالية." واعلن وزير الدفاع فيليب هاموند هذه الخطط اول مرة في نوفمبر تشرين الثاني قائلا ان بريطانيا ستحذو حذو اولمبياد سابقة مثل دورة العاب بكين في 2008 حيث نصبت صواريخ ارض جو على بعد كيلومتر جنوبي ملاعبها. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الدفاع في منشور ارسل الى قاطني البرج انها اختارت برج المياه السابق في مجمع باو كوارتر لانه يتيح "رؤية ممتازة للمنطقة المحيطة والاجواء كلها فوق المتنزه الاولمبي." واضافت ان هذا البرج في حقيقة الامر هو "المكان الملائم الوحيد في هذه المنطقة لشبكة صواريخ اتش في ام"الصواريخ العالية السرعة"." ووضع بطارية صواريخ على سطح مبنى واحد من بين عدد من الاجراءات الاستثنائية التي يمكن لسكان لندن توقعها خلال ذلك المهرجان الرياضي الذي يحظى باهتمام كبير والتي من بينها فرض قيود على استخدام بعض حارات الطرق لتخصيصها للاولمبياد وميزانية امنية تزيد عن مليار جنيه استرليني (1.6 مليار دولار).

هجوم الثعالب

 في السياق ذاته هاجمت مجموعة من الثعالب ميدانا للرماية بالقرب من إحدى الثكنات العسكرية في ووليتش ببريطانيا خلال منافسة تجريبية للميدان في إطار الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية. والمثير للدهشة أن هذه "الحيوانات الماكرة" تمكنت من الفرار أمام أعين أكثر من ثمانمئة من أمهر الرماة على مستوى العالم جاءوا للمشاركة في اختبار ميدان الرماية.

وأتلفت الثعالب خلال الهجوم المعدات التي تم تجهيزها في الموقع فقد قامت بقطع الأسلاك وأتلفت مكبرات الصوت، إضافة إلى فضلاتها التي لوثت منصة الرماية. وقال منظم الحدث بيتر أندرهيل "لقد امتلأ المكان بالثعالب، إنني متأكد أنهم كانوا أكثر من واحد". أما ريتشارد فولدز بطل العالم في الرماية عام 2000 الذي كان شاهدا على الواقعة فقد قال " بينما كنا نضع بنادقنا في المستودع لمحت بطرف عيني شيئا يتحرك بسرعة خاطفة. وقد شاهد مدربنا هذه الواقعة وأقسم على أنه رأي ثعلبا".

وأضاف فولدز "الشائعات تتردد عن وجود عدد قليل منها في ميدان الرماية. إن وجودها أضفى نوعا من المرح إلى هذا الحدث. إن معظم الرماة هنا مغرمون بهذه الثعالب". وكانت الثعالب تعيش في المكان "قبل بناء الميدان ولهذا فإنها تقتحم السياج ليلا وتعبث في أمتعتنا وتتجول كما يحلو لها وتلوك ما تصل إليه أفواهها" حسبما قال أندرهيل، المعين من جانب شركة لوكوغ لتنظيم منافسات الرماية.

وأوضح اندرهيل " دأبت الثعالب على أن تقرض الأسلاك البصرية، وأتلفت بعض مكبرات الصوت أيضا. وإزاء هذا، بدأنا في اتخاذ بعض التدابير الاحترازية لتغطية معداتنا حتى نضمن عدم وصول الحيوانات إليها بسهولة وتدميرها كلها". وأضاف "علينا أن نتعايش مع الثعالب. هناك حراس ليليون وإن دعت الضرورة فبإمكانهم إبعادهم". وحينما سئل عما إذا كان بعض الرياضيين يفضلون اللجوء لإشهار بنادقهم لتطهير ميدان الرماية من هذه الحيوانات البرية المزعجة، قال اندرهيل " نحن رياضيون بالدرجة الأولى، لم نأت هنا لنطلق النار على الحيوانات، لا نطلق النار سوى على الأهداف المرسومة لنا. وفي الحقيقة، معظم الرياضيين أحبوا هذه الحيوانات".

وتثير هذه الحوادث من الجدل الدائر حول استخدام ميدان الرماية في ووليتش في منافسات الرياضة. وطالت الانتقادات مسؤولي الأولمبياد لعدم توفيرهم إرثا مناسبا لممارسة منافسات الرماية الكبرى. ويرى اندرهيل أن " الأمر لا يتعلق بالطوب والأسمنت، إنه يتعلق بالجماهير والقدرة على التواصل مع الشباب بخاصة، وتشجيع العامة على الانضمام لميادين الرياضة". وطبقا للخطة، سيتم نقل أجزاء من البناية المقامة كميدان للرماية إلى غلاسكو حتى تستخدم في دورة ألعاب الكومنولث. وأضاف اندرهيل "هناك الكثير من الأعمال الجارية وراء الستار من أجل أن نخلف بعض التراث لهذه الرياضة ". بحسب رويترز.

ويلتقط فولدز طرف الحديث قائلا " حسنا.. بإمكاننا الحديث دون انقطاع حول موضوع الإرث المتروك لهذه الرياضة. أؤيد من يقول إنه من المحزن أن رياضة الرماية في بريطانيا لن ترث شيئا يذكر بعد دورة الألعاب الأولمبية ولكن تاريخ ميادين الرماية الأولمبية لم يكن مذهلا على مدار السنوات العشرين وربما الثلاثين الماضية". وأضاف فولدز "معظم المباني التي أنشئت بغرض استخدامها في الدورات الأولمبية تمت إزالتها، إن المحافظة على بناية بهذا الحجم الضخم من شأنه أن يكبد الخزانة مبلغا هائلا من المال".

سباق مع الزمن

على صعيد متصل يعمل طاقم مصنع "Premier Group " في كوفينتري على مدار الساعة من أجل تصنيع 11150 شعلة يتناوب على حملها نحو 8 آلاف شخص خلال رحلة طويلة. ولذا احتاج المصنع إلى عمالة إضافية وصلت إلى خمسين شخصا لتصنيع الشحنة المطلوبة. ولا يكشف المصنع من الخارج عما يحدث بالداخل، بل تم تغطية بعض اللافتات الإرشادية في إطار إجراءات أمنية، تضمنت قيام الشرطة بتوفير الحماية أثنا نقل الشعلات بين عدد من الأماكن. كما تستخدم شفرات وأقفال خاصة للمحافظة على أماكن التصنيع والتخزين.

ويقول مدير التصنيع غيز هالتون إن هذه أهم طلبية عملت عليها الشركة. وأضاف هالتون: "كان العمل مستقرا، على الرغم من أن قطاع التصنيع كان يعاني من ضربة شديدة بسبب الركود. ويظهر ذلك أننا نستطيع القيام بأشياء متنوعة، ويمكننا القيام بأشياء أخرى." وتُصنع الشعلات من صفائح ألومنيوم تطوى وتقطع باستخدام جهاز ليزر يعمل على مدار الساعة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011. ولدى الشركة حاليا 9000 شعلة في مراحل متنوعة من الإنتاج، ويستخدم جهاز الليزر في عمل الثقوب بالمشاعل. بحسب بي بي سي.

ويتم إرسال الشعلات إلى مكان آخر، ليتم تصميمها في شكل مخروط ثلاثي الأوجه وبعد ذلك تعاد للمكان الأول ليوضع عليها شعار أولمبياد 2012. ويوجد في كل شعلة مساحة للموقد واسطوانة غاز، وبعد ذلك يتم إرسال الشعلات إلى شركة أخرى لتلميعها وتبطينها بالنيكل قبل نقلها إلى مكان لطلائها بالذهب اللامع. ويقول غاري ميتشل، مشرف التصنيع "هذا أكبر تعاقد أعمل عليه، وإنه شرف لاختيار كوفينتري للقيام بذلك."

تصحيح صورة الإسلام

الى جانب ذلك وضمن المساعي التي تبذلها المنظمات الإسلامية لتقديم صورة صحيحة عن الإسلام والمسلمين، تُنظم ورشات تدريب للمتطوعين من الشباب المسلم في بريطانيا لتزويدهم بالمهارات اللازمة لتغيير الصورة السيئة عن الإسلام التي تخلقها بعض وسائل الإعلام في ذهنية الناس في الغرب.

وينظم هذه الورشات فرع رابطة العالم الاسلامي في بريطانيا بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي.

رابطة العالم الإسلامي منظمة إسلامية عالمية مقرها مدينة مكة وتتضمن مهمتها القيام بالدعوة للإسلام وشرح تعاليمه. ويتزامن ذلك مع تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية نددت فيه بـ"التمييز" ضد المسلمين في دول اوروبية وإشاعة الاحكام المسبقة ضد المسلمين لتحقيق مصالح سياسية.

ودعت المنظمة، في تقريرها الحكومات الاوروبية "الى بذل مجهود أكبر لمواجهة السلوك السلبي ضد المسلمين، الذي يؤجج التمييز، خصوصا في المؤسسات التعليمية واماكن العمل".

وحسب منظمي الورشات فإنها تهدف إلى "مد المسلمين الشباب بالمهارات اللازمة للقيام بتحسين صورة الإسلام بشكل فعال" كما يقول احمد مخدوم، المدير الإقليمي لرابطة العالم الإسلامي. ويضيف مخدوم قائلا إن ذلك بات مهما "في وقت نواجه هجمة شرسة من الإعلام الغربي". بحسب بي بي سي.

والمنظمون لهذه الورشات استعانوا بمدربين مختصين في التعريف بالإسلام مثل الدكتور نفيد أحمد، وهو طبيب جراح بريطاني. لكن الدكتور أحمد يصر على أن بريطانيا حالة استثنائية في هذا المضمار ويصر على أنه " في الحقيقة الرأي العام في بريطانيا لا يحمل صورة سيئة عن المسلمين". ثم يستطرد الطبيب الجراح قائلا إن هناك " فئة قليلة من البريطانيين الذين ينظرون للإسلام والمسلمين بعين الريبة".

من جهة اخرى نقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية الرسمية عن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قوله إنه يود حضور اولمبياد لندن الصيفي 2012 من اجل تشجيع الرياضيين الايرانيين الا ان السلطات البريطانية لديها "مشاكل" فيما يتعلق باستضافته. وقالت ايران التي لا تعترف باسرائيل في العام الماضي انها ربما تقاطع اولمبياد لندن لان رمز الدورة الذي يعرض رقم 2012 بطريقة ما يشبه كلمة "صهيون" ولذا فانها تعتبره "عنصريا".

ونقلت الوكالة الايرانية عن أحمدي نجاد قوله "اريد ان اكون مع الرياضيين الايرانيين في اولمبياد لندن 2012 لتشجيعهم الا انهم (الانجليز) لديهم مشاكل في ذلك." وتقول وسائل اعلام ايرانية ان 50 رياضيا ايرانيا تأهلوا للمنافسة في الاولمبياد حتى الان. والعلاقات بين ايران وبريطانيا متوترة بسبب البرنامج النووي الايراني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/تموز/2012 - 26/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م