تونس... ديمقراطية أزمات متجددة

شبكة النبأ: لاتزال التحديات والمشاكل تعصف بالواقع السياسي في تونس والتي تسببت بحدوث الكثير من الأزمات التي ألقت بضلالها على الشارع التونسي الذي أصبح يخشى من اتساع رقعة الخلاف بين الإطراف السياسة الأمر الذي قد تستغله أطراف أخرى كانت ولا تزال تسعى الى الاستفادة من هكذا الأزمات لأجل تحقيق بعض مكاسبها، وفيما يخص الاوضاع السياسية في تونس فقد أعلن محمد عبو وزير الاصلاح الاداري استقالته من منصبه احتجاجا على "استحواذ رئيس الحكومة على صلاحياته" في اقوى اشارة على تصدع الائتلاف الحكومي الذي تقوده حركة النهضة الاسلامية.

وقال عبو وهو الامين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية المشارك في الائتلاف الحكومي المكون من النهضة الاسلامية وحزب المؤتمر والتكتل العلماني في مؤتمر صحفي ان"السبب الرئيسي للاستقالة هو أن الحكومة رفضت القيام بدور الرقابة على الإدارات ورفضت التغيير بينما "أنا أرى أن الإدارة التونسية في حاجة إلى التغيير باعتبارها مليئة بالفساد". واضاف عبو وهو مناضل حقوقي عرف بمعارضته الشرسة للرئيس السابق زين العابدين بن علي ان رئيس الحكومة لم يعطه الصلاحيات لاحداث الاصلاحات مضيفا انه غير قادر على فتح ملفات الفساد الكبرى.

وتواجه الحكومة الاسلامية اكبر ضغوط منذ فوزرها في الانتخابات التي جرت العام الماضي بعد تقدم 73 معارضا بطلب لسحب الثقة منها على خلفية تسليم المحمودي مما يهدد البلاد بشبح اكبر ازمة سياسية منذ قيام الثورة في 14 يناير كانون الثاني العام الماضي. ورفض عبو ربط استقالته بتسليم المحمودي وقال ان تتعلق بمحدودية صلاحياته فقط. وتتهم المعارضة حركة النهضة الاسلامية بالسعي للسيطرة على مفاصل الدولة ومنح دور هامشي لشركائها في الحكم. وينفي مسؤولون من النهضة هذه الانتقادات ويقولون ان الحركة تتعرض لهجمات مستمرة تهدف للاطاحة بالحكومة. بحسب رويترز.

في السياق ذاته نفت الحكومة التونسية التي تقودها "حركة النهضة" الاسلامية، اتهامات بمحاولة السيطرة على وسائل الاعلام في تونس او بممارسة الرقابة عليها. وقال لطفي زيتون الوزير المستشار لدى حمادي الجبالي، رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة، في مؤتمر صحفي "ليس هناك أي جهة في الحكومة تراقب ما تبثه وسائل الاعلام". ووصف الوزير ب"المفاجئ" إعلان "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال" (مستقلة) حل نفسها معللة ذلك برفض حكومة الجبالي تفعيل المرسومين (القانونين) 115 و116 اللذين ينظمان قطاع الاعلام واستقلاليته في تونس.

وقال "وقع إصدار هذين المرسومين في عهد الحكومة السابقة" برئاسة الباجي قايد السبسي وحكومة الجبالي تلقت من نقابة الاعلام والثقافة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمال في تونس) ومديري مؤسسات إعلامية "عديد الطلبات بالتريث" قبل تطبيق المرسومين. وأضاف "ليست مهمة الحكومة إصلاح الاعلام أو الوصاية عليه مشروع إصلاح الإعلام الآن هو بيد المجلس الوطني التأسيسي".

وينتظر أن يتم عرض المرسومين على المجلس التأسيسي الذي يعود له القرار الفصل في تطبيق المرسومين من عدمه. وينظم المرسوم 115 "حرية الصحافة والطباعة والنشر". وينص المرسوم 116 على "إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري" وهي هيئة "تعديلية" تتولى تعيين مسؤولي المؤسسات السمعية والبصرية العمومية وتحمي استقلاليتها إزاء السلط العمومية.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2011 صادقت حكومة رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قايد السبسي على المرسومين 115 و116.

وقال الصحفي المستقل كمال العبيدي رئيس "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال" في مؤتمر صحفي إن "منظمات مهنية وحقوقية تونسية ودولية شهدت بتطابق المرسومين 115 و116 مع المعايير الدولية لحرية التعبير". واتهم حكومة حمادي الجبالي ب"تجاوز السلطة" لرفضها تطبيق مرسومين صادقت عليهما حكومة سابقة. وقال إن "تواصل الحصار على عملية إصلاح الإعلام" في تونس دفع الهيئة التي يرأسها إلى وضع حد لعملها. ونبه إلى "تزايد المؤشرات التي تدل على وجود تهديد جدي لحرية التعبير واستقلالية المؤسسات الإعلامية" في تونس منذ بداية السنة الحالية.

وانتقد تعيين الحكومة الاثنين الماضي مديري الإذاعات التسع العمومية في البلاد "دون تشاور مع الجهات والهياكل المهنية والنقابية المعنية" وندد بتواصل "نفس الأسلوب المعتمد في التعيينات والإقالات في العقود الماضية". وقال "لاحظنا جميعا استعانة الحكومة في أكثر من مناسبة وأكثر من موقع بأدوات التضليل والرقابة (المستعملة) في العهد السابق".

ودعا العبيدي الصحافيين في تونس إلى "الدفاع عن حرياتهم وعن استقلالية مؤسساتهم الإعلامية إزاء صناع القرار واللوبيات السياسية والمالية". وتأسست "الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال" في 2 آذار/مارس 2011 بقرار من الرئيس السابق فؤاد المبزع بهدف "تقديم مقترحات حول إصلاح الاعلام والاتصال مع مراعاة المعايير الدولية في حرية التعبير" بحسب النص القانوني المحدث للهيئة.  ورفعت الهيئة في نيسان/أبريل 2012 إلى رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي، تقريرا تضمن "مقترحات وتوصيات تتعلق بإصلاح المؤسسات الإعلامية العمومية، وضمان استقلاليتها باعتماد معايير الشفافية والمساءلة والكفاءة في الإدارة" بحسب كمال العبيدي الذي انتقد "عدم اكتراث أصحاب القرار" بالتقرير.

من جانب اخر أعلن مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسي ان رئاسة الجمهورية التونسية التي قررت إقالته من منصبه "لم تقدم أي تفسير أو تعليل واضح أو مقنع" حول أسباب الإقالة. وقال النابلي (64 عاما) في مؤتمر صحافي إن الرئاسة لم "تعط فرصة للبنك المركزي التونسي للتعرف على الإشكال المطروح بل وقع اتخاذ قرار (الاقالة) من جانب واحد ودون تقديم تفسير إلى الرأي العام وحتى إلى المجلس الوطني التأسيسي" (البرلمان) المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011.

وتابع "نرحب بل نطالب بالرجوع إلى المجلس لحسم هذا الموضوع ونحن على ذمته (المجلس) لتقديم كل البيانات و التفسيرات المطلوبة". وأضاف "ليست لي أي مشكلة أو صراع شخصي مع رئيس الجمهورية (منصف المرزوقي)، وفي الحقيقة ليست لي معرفة شخصية به كل ما رأيته هو الإصرار من بعيد عن إقالة المحافظ لأسباب مجهولة" قائلا "هذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى شرعية القرار المتخذ".

وأشار إلى أن "إقالة المسؤول الأول لمؤسسة حساسة مثل البنك المركزي في نظام يتمتع بقدر أدنى من الحوكمة الرشيدة ومن استقلالية للبنك المركزي تخضع ضرورة لضوابط متعارف عليها فيجب أن يستند قرار الإقالة إلى ثبوت إخلالات خطيرة أو عدم القدرة على تحمل المسؤولية لأسباب صحية". وشدد على ضرورة إبقاء "هذه المؤسسة الحساسة خارج التجاذبات السياسية الضيقة والحسابات قصيرة المدى". وأعرب عن "الأسف" لانه تم "إقحام البنك المركزي في الصراعات السياسية وإخضاعه للاعتبارات الشخصية التي تبعد كل البعد عن السياسة النقدية والبنكية والمصالح الحيوية لاقتصاد البلاد" محذرا من "خطورة" هذا الأمر.

ودعا إلى "احترام المؤسسات وحمايتها من خطر التركيع للمصالح الضيقة والسياسية على حساب المصلحة الوطنية". ونفى اتهامات بأن يكون "لعب دورا فاعلا في تخفيض الترقيم (الائتماني) السيادي لتونس من طرف (وكالة) ستاندارد أن بورز". وفي 23 أيار/مايو 2012 خفضت الوكالة التصنيف الائتماني السيادي لتونس بدرجتين.

كما نفى أن يكون عرقل المساعي لاستقطاب موارد مالية من الخارج. وقال النابلي "هي اتهامات خطيرة بالخيانة وتحامل كاذب ليس له أساس من الصحة" ملوحا ب"مقاضاة كل من قام بترويج هذه التهم". وفي 27 حزيران/يونيو 2012 أعلنت الرئاسة التونسية في بيان أن الرئيس منصف المرزوقي قرر بالتوافق مع رئيس الحكومة" حمادي الجبالي، "إنهاء مهام مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسي" دون ذكر للأسباب. بحسب فرنس برس.

واندلعت خلافات في وقت سابق بين الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية والنابلي الذي يدافع بقوة عن "استقلالية" البنك المركزي التونسي. وواجهت النهضة اتهامات بمحاولة "السيطرة" على البنك المركزي باعتباره أهم مؤسسة مالية في البلاد. وبحسب النابلي فان "استقلالية البنك المركزي تبقى الضامن الوحيد لاعتماد سياسة نقدية سليمة" على أن "يبقى (البنك) مسؤولا أمام المجموعة الوطنية، ويخضع للمساءلة كما هي الحال في أي نظام ديمقراطي". وتم تعيين النابلي محافظا للبنك المركزي التونسي بعد الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وفي 30 أيار/مايو الفائت فاز النابلي بجائزة "أفضل محافظ بنك مركزي في إفريقيا لسنة 2012" التي تمنحها مجلة "أفريكان بانكر".

انتهاء الازمة

على صعيد متصل اعلن الرئيس التونسي منصف المرزوقي انتهاء الازمة بينه وبين رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي سلم ليبيا في 24 حزيران/يونيو البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد معبر القذافي، بدون علم المرزوقي. وقال المرزوقي في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "في مصلحة استقرار البلاد اعتبر أننا تجاوزنا هذه الأزمة لكن يجب استثمارها باستخلاص النتائج لتفادي هزات اخرى". واضاف ان اربعة وزراء في حكومة الجبالي قدموا له "اعتذارات" وان احزاب "حركة النهضة" (اسلامية) و"التكتل" و"المؤتمر" (يساريان وسطيان) التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس أبدت "تمسكا بالتحالف وبالوفاق وبالديموقراطية".

وتأزمت العلاقة بين المرزوقي مؤسس حزب "المؤتمر" والجبالي أمين عام "حركة النهضة" بشكل غير مسبوق منذ تشكيل الائتلاف الحاكم قبل أكثر من ستة أشهر. وتقول الرئاسة التونسية ان قرارات تسليم المطلوبين للعدالة خارج تونس هي من صلاحيات المرزوقي في حين تعتبر الحكومة انها من صلاحيات الجبالي. وأوصى المرزوقي بـ"العودة إلى الوفاق والتشاور المستمر بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التأسيسي لتمتين التحالف الثلاثي الحاكم حيث لا بديل عنه (الوفاق) إلا مغامرات سياسية لا أحد يدري أين يمكن أن تقود البلاد".

ودعا إلى "إعادة التركيز بقوة على حقوق الإنسان في ممارساتنا سواء تعلق الأمر بحق اللجوء او حق الرأي والتعبير والمعتقد واللباس". ونبه الى ان "لا مجال لقبول التجاوزات المتكاثرة (لحقوق الانسان) والتي تثير قلقا متصاعدا عند جزء من المجتمع خاصة عند نسائنا". وقال مراقبون ان المرزوقي يقصد الجماعات السلفية المتشددة التي تريد فرض اللباس الاسلامي على النساء.

واعتبر ان "هذه القيم (حقوق الانسان) يجب أن تركز بكل وضوح في الدستور ويجب أن يشرك المجتمع المدني في صياغتها". وقال ان "خارطة الطريق المجمع عليها حاليا (داخل الائتلاف الحاكم) هي اعادة اللحمة داخل الائتلاف والانتهاء من صياغة مشروع الدستور (الجديد لتونس) اواخر اكتوبر (تشرين الاول) 2012 وامضاء العقد الاجتماعي بين الاطراف الاقتصادية والاجتماعية في 14 كانون الثاني/ يناير 2013 واجراء الانتخابات (العامة) في شهر مارس (اذار) 2013". بحسب فرنس برس.

ودعا إلى "احياء اللجنة المستقلة للانتخابات التي قامت بعمل جبار في الانتخابات السابقة حتى نكون جاهزين لواحد من اهم مواعيدنا مع المستقبل". واضاف "يجب ان نعد لانتخابات بلدية سريعة، ربما في صيف 2013، للحد من حالة التسيب التي اصبحت عليها قرانا ومدننا، وهي حالة لم تعد محتملة والسبب في ذلك غياب بلديات ممثلة وذات مصداقية وموارد تمكنها من القيام بدورها الرئيسي في ارساء الديموقراطية المحلية والمشاركة الشعبية التي بدونها لا وجود لديموقراطية مكتملة".

احزاب وحركات

من جانب اخر حصل حزب رئيس الوزراء السابق الباجي السبسي الذي قاد الحكومة الثانية بعد سقوط نظام بن علي البلاد على ترخيص حزبه الجديد "نداء تونس"، كما افاد المتحدث باسم الحزب. وقال رضا بلحاج "اصبحنا اليوم حزبا شرعيا مسجلا في الجريدة الرسمية". واشار بلحاج الى انه قبل فتح باب الانضمام للحزب تم احصاء 100 الف متعاطف مع "نداء تونس" بقيادة ثاني رئيس حكومة بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي والذي اشرف على انتخابات تشرين الاول/اكتوبر.

وفي انتظار تنظيم المؤتمر سيتم تسيير الحزب من قبل 11 عضوا مؤسسا على راسهم الباجي قايد السبسي (86 سنة) احد ابرز الوجوه السياسية في تونس منذ استقلال البلاد في 1956. واوضح المتحدث ان الحزب سيعلن قريبا عن برنامجه تحضيرا لانتخابات اذار/مارس 2013. ويسعى السبسي الوزير السابق في حكومة اول رئيس لتونس حبيب بورقيبة الى خلق قوة سياسية موازية لحركة النهضة الاسلامية التي تحكم البلاد منذ انتخابات تشرين الاول/اكتوبر 2011. وشغل السبسي منصب رئيس البرلمان في عهد بن علي ثم قاد الحكومة المؤقتة بعد سقوطه. بحسب فرنس برس.

واشار بلحاج الى ان "نداء تونس" حزب "وسطي يدافع على مكاسب الدولة الحديثة واهداف الثورة وانجازات الحكومة الانتقالية (التي قادها السبسي)". ويضم الحزب اعضاء سابقين في التجمع الدستوري الديمقراطي للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، المحل بقرار قضائي. وبالترخيص بصفة قانونية لحزب نداء تونس يفتح المجال ام البجي قايد السبسي للعودة الى الحياة السياسية التونسية في وقت تواجه الحكومة انتقادات وتشهد المعارضة اليسارية انقسامات.

في السياق ذاته عقدة حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس اول مؤتمر انتخابي علني لها لاختيار زعيم للحركة في مؤتمر يرجح ان يدعم صورتها كحركة اسلامية معتدلة. وأصبحت حركة النهضة الاسلامية أكبر قوة سياسية في تونس منذ فوزها في انتخابات المجلس التأسيسي العام الماضي بأكثر من 40 بالمئة من المقاعد. وكونت ائتلافا مع حزبين علمانيين هما المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل.

وسيكون هذا المؤتمر شديد الاهمية بالنسبة للحركة والبلاد عموما حيث يعتقد محللون ان بقاء رجل الدين المعتدل راشد الغنوشي على رأس الحركة سيمكنها من استمرار نهجها المعتدل بينما يخشى من ان تصبح الحركة اكثر تشددا في حال فوز احد القيادات من جناح الصقور. وقال الغنوشي في تصريحات صحفية عشية المؤتمر "التحدي الابرز لهذا المؤتمر هو الحفاظ على الخط المعتدل للحركة لتكون حاملة لتطلعات التونسيين وامالهم في حياة اكثر رخاء."

وسيتم خلال المؤتمر الذي وصفته الصحافة المحلية بأنه حدث تاريخي انتخاب قيادات جديدة للحركة تشمل الرئيس والأمين العام وأعضاء المكتب التنفيذي الى جانب تحديد الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية التي ستنتهجها في الفترة المقبلة. كما سيتم انتخاب مجلس شورى سيكون السلطة الاعلى وبامكانه عزل رئيس الحركة وتحديد سياسات الحركة وفقا لمسؤولين من حركة النهضة.

ومن المنتظر ان يتم ترشيح الغنوشي لمنصب رئيس الحركة الى جانب اسماء اخرى اكثر تشددا من بينها الحبيب اللوز والصادق شورو اللذان ايدا ادراج الشريعة الاسلامية في دستور تونس الجديد وهو ما رفضه الغنوشي. وبالفعل وافقت الحركة على التخلي عن ادراج الشريعة بالدستور الجديد للبلاد الذي يجري صياغته.

ويرجح مراقبون واعضاء من النهضة الابقاء على الغنوشي (70 عاما) لدوره الوفاقي في الحركة.

وقال اللوز "هذا المؤتمر متميز لانه اول مؤتمر علني بعد ثورة الحرية وبعد وصول النهضة للسلطة..العديد من المواضيع ستثار في المؤتمر اهمها موضوع هوية البلاد وموقع الدين في السياسة والسياسات الاجتماعية والثقافية والتنموية للحركة". ورفض اللوز تأكيد او نفي انه سيكون من المرشحين لرئاسة الحركة مضيفا "الحركة لا تضم صوتا واحدا بل فيها اتجاهات واصوات متعددة وليس فيها مفهوم الزعيم الاوحد ولكن اهمية المرحلة تقتضي وجود رجل يجمع الشمل."

من جهته رجح نجيب مراد عضو النهضة بالمجلس التأسيسي الابقاء على الغنوشي زعيما للحركة معتبرا ان ذلك يدعم الاعتدال في الحركة. وهذا المؤتمر هو التاسع في تاريخ النهضة التي كانت محظورة في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. وتأسست الحركة عام 1972 تحت اسم (حركة الاتجاه الاسلامي) ثم غيرت اسمها عام 1981 إلى (حركة النهضة).

وتتابع المعارضة والرأي العام المحلي باهتمام بالغ مؤتمر النهضة اكبر حزب سياسي في تونس لاهمية النتائج التي سيفرزها على المستقبل السياسي للبلاد التي تحاول تجاوز مرحلة الانتقال الديمقراطي نحو ترسيخ نظام ديمقراطي. وتشهد تونس توترا بالفعل بين الاسلاميين والمعارضين. وقد يساهم فوز قيادة متشددة بزعامة حركة النهضة في تأزم العلاقة أكثر مع الشق العلماني الذي يرى ان قيم الحداثة اصبحت مهددة بالفعل منذ وصول النهضة للسلطة.

ويقول الصحفي والمحلل نبيل زغدود "اهمية المؤتمر تكمن في انه سيحسم الصراع بين التيار المتشدد والمعتدل داخل الحركة..المؤتمر سيحسم توجه الحركة اما استنساخ التجرية التركية او الاتجاه نحو افغنتها (نسبة لافغانستان)". واضاف انه يتوقع على نطاق واسع اعادة انتخاب الغنوشي للمكانة التي يحظى بها معتبرا "انه قادر على التوفيق بين شقي الحركة وللمكانة الروحية المتميزة التي يحظى بها." بحسب رويترز.

وحصلت النهضة على ترخيص للعمل القانوني بعد أقل من شهرين على الإطاحة بنظام بن علي الذي هرب إلى السعودية في 14 يناير كانون الثاني 2011 . وعاد الغنوشي إلى تونس إثر الاطاحة بنظام بن علي بعد 20 عاما قضاها في منفاه ببريطانيا. ويحضر مؤتمر النهضة التاسع عدة شخصيات عربية بارزة منها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ومصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي.

توقيف والدة البوعزيزي

من جهة اخرى قررت محكمة في سيدي بوزيد وسط غرب تونس توقيف والدة محمد البوعزيزي، البائع المتجول التونسي الذي شكل احراقه لنفسه نهاية العام 2010 الشرارة الاولى للثورة التونسية التي انتهت بالاطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واعلن المدعي العام الذي قرر الاعتقال ان منوبية البوعزيزي (60 عاما) اوقفت بعد مشادة كلامية مع قاض داخل قاعة المحكمة.

وقال ابنها سالم البوعزيزي ان والدته تشاجرت مع كاتب في المحكمة وليس مع قاض بعد ان قام بتوجيه اهانات لها ودفعها للخروج واعقب ذلك تبادل للشتائم بين الجانبين. واضاف "لقد تعرضت للاهانة، يجب على الادارة ان تتعلم احترام الناس". واوضح ان والدته كانت موجودة في المحكمة للتوقيع على اوراق تسمح لها بالحصول على تعويضات ممنوحة من الحكومة "لاهالي شهداء الثورة". بحسب فرنس برس.

وفتح المدعي العام تحقيقا واستمع الى شهادات عدد من الذين كانوا داخل قاعة المحكمة، بعد ست ساعات على توقيف منوبية البوعزيزي. وقال احد الشهود ان المرأة "هددت باحراق المحكمة". وافاد محام ان البوعزيزي قد تواجه تهمة شتم موظف رسمي خلال ادائه مهامه، الا انه تعذر الاتصال بالنيابة العامة لتأكيد هذه المعلومات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/تموز/2012 - 26/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م