شبكة النبأ: لايزال الوضع الامني
المتدهور في سوريا يشغل بال الكثير من المراقبين والمهتمين فتلك
الاوضاع المتدهورة وانقسام الجماعات المتمردة او ما يسمى بالمعرضة
السورية المدعومة من قبل بعض الاطراف والدول الخارجية التي تسعى الى
اثارة الفتن والحروب بدوافع طائفية بهدف ابعاد شبح التغير عن بلدانها
اصبح اليوم يثير الكثير من الشكوك بمصداقية تلك الجماعات واهدافها
المعلنه، ويرى بعض المراقبين ان تلك الجماعات الارهابية اصبحت اليوم
تتاجر بدم المواطن السوري لاجل تحقيق بعض المكاسب والامتيازات السياسية
واصبحت ابعد ما يكون عن مصالح الشعب السوري مخالفين بذلك كل شعاراتهم
وكلماتهم وهذا ما يثبته انقسامهم المستمر فقد أبرز شجار نشب في اجتماع
للمعارضة السورية في القاهرة الانقسامات بين من يسعون للاطاحة بالرئيس
السوري بشار الاسد وقدم عذرا للقوى الدولية لخوفها من التدخل لصالح
معارضة منقسمة.
وحدث الشجار الذي ثار في ممرات فندق فاخر في القاهرة في نهاية
اجتماع استمر يومين برعاية جامعة الدول العربية وبدعوة من وزراء عرب
واتراك بغرض اظهار وحدة الصف. لكن مؤشرات التضامن كانت محدودة مع
الخلافات الواضحة بين نحو 200 شخصية معارضة ما بين اسلاميين وعلمانيين
أغلبهم يقيمون في المهجر بشأن شكل سوريا بعد الاسد. وقال الناشط جواد
الخطيب (27 عاما) الذي ابكاه مشهد خروج نشطاء اكراد من القاعة بعد
تبادلهم اللكمات مع خصوم داخل قاعة الاجتماعات بينما شيعهم خصومهم
بالسباب "هذه الخلافات ستشوه صورة المعارضة وتقضي على روح مقاتلينا في
الداخل."
وتحجم الدول الغربية عن القاء ثقلها وراء المعارضة المتشرذمة. ويقوي
هذا الموقف من مزاعم الاسد بأن البديل الوحيد لحكمه هو الفوضى. وعرقلت
روسيا محاولات الامم المتحدة لادانة حليفها القديم في الوقت الذي ضغطت
فيه الدول الغربية باتجاه فرض اجراءات عقابية على سوريا من خلال قرارات
لمجلس الامن لكنها في الوقت نفسه لا ترغب في تكرار التدخل العسكري الذي
لجأت إليه في ليبيا والذي ساهم في الاطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي.
وقال نديم شهادي مسؤول برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة تشاتام هاوس
ومقرها لندن بعد يومين من المحادثات ان ما حدث يدعم وجهة نظر موسكو في
انه لا بديل للاسد. وقال ان ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما بعد ان
سحبت قواتها من العراق تريد ايضا تفادي التورط في صراع جديد. وقال ان
على الجميع ان يواجهوا الامر بأن الولايات المتحدة لا تريد ان تفعل
شيئا وان الانقسام في صفوف المعارضة مبرر ملائم لها كي لا تتحرك.
ولم تستطع المعارضة الاتفاق على اللجنة وغادر كثيرون بتحفظات على
الوثائق التي عرضت عليهم والتي حددت الخطوط العريضة للمبادئ التي تحكم
سوريا خلال المرحلة الانتقالية ووضع دستور جديد. وقال سلمان الشيخ من
مركز بروكينجز الدوحة ان اجتماع القاهرة كان كبيرا أكثر من اللازم
ويحاول جمع عدد كبير من الناس بعضهم لا يملك المصداقية على الارض على
اي حال. واضاف انه لم يكن يتوقع الكثير من الاجتماع قبل ان يحضره وانه
لذلك ليس مندهشا من النتيجة التي وصل إليها.
لكن حتى داخل سوريا هناك انقسامات بين الجماعات الاسلامية وغير
الاسلامية وبين هؤلاء الذين يدعون إلى الاحتجاجات السلمية مقابل من
يدعمون الصراع المسلح. وقال متحدث باسم الجيش السوري الحر المعارض في
تركيا الذي يقود الانتفاضة المسلحة ضد الاسد ان الجيش ارسل ممثلا عنه
إلى القاهرة لكن قائدا ميدانيا - قاسم سعد الدين - قال في بيان ان
الجيش السوري الحر قاطع المحادثات.
اسلحة خفيفة
على صعيد متصل يقول ضباط من المخابرات البحرية والجيش السوري الحر
ان المعارضة السورية تهرب اسلحة صغيرة الى داخل سوريا عبر شبكة من
الطرق البرية والبحرية تتحرك فيها شاحنات وسفن عبر تركيا ولبنان
والعراق. وتنفي القوى الغربية والاقليمية اي اشارة الى ضلوعها في تهريب
الاسلحة وينصب تركيزها في المنطقة الحدودية الحساسة على ضمان الا تجد
الاسلحة القوية مثل الصواريخ الأرض ( جو طريقها الى اسلاميين او متشدين
آخرين.
ويقول مقاتلو الجيش السوري الحر ان سلاسل الامداد بالذخيرة لا تزال
ضعيفة. ويقول مقاتلو المعارضة ان ذخيرتهم نفدت في اشتباك في وقت سابق
الامر الذي اجبرهم على التراجع من احد معاقلهم في محافظة ادلب في
الشمال. وقال مصدر امني ان ذلك النذر اليسير من الاسلحة غير المتطورة
نسبيا الذي يصل للقوات المعارضة للرئيس بشار الاسد يتولى تمويله اساسا
اثرياء في السعودية وقطر بلاضافة الى مغتربين سوريين مؤيدين للانتفاضة.
كما يحصل المقاتلون المعارضة على سلاح يجري الاستيلاء عليه من الجيش
السوري او يجلبه المنشقون عنه. وقال ضابط من الجيش السوري الحر في
سوريا "هناك ثلاثة منافذ نحصل منها على الاسلحة وهي ليست سرية - لبنان
وتركيا والعراق... الاسلحة التي تدخل تركيا تدخلها بحرا وفي حاويات."
وتقول تركيا التي تستضيف قيادة الجيش السوري الحر في المنطقة الحدودية
وتتصدر الجهود الدبلوماسية للاطاحة بالاسد انها لا تزود المعارضين
بالاسلحة ولا تسمح بمرور الاسلحة عبر موانيها او اراضيها. غير ان
مسؤولين يسلمون بتهريب كمية صغيرة من الاسلحة عبر الحدود التي تمتد نحو
900 كيلومتر والتي يصعب تسيير دوريات فيها ويسهل التهريب من خلالها.
وقال ضابط بالجيش المعارض "بالطبع الاسلحة التي بحوزتنا والتي نحصل
عليها لا يمكن ان تحسم المعركة مع الاسد وتقضي عليه. نحتاج أكثر.. أكثر
بكثير.. لكنها تساعد على إلحاق ضرر." وقالت عدة مصادر امنية
وبالمخابرات البحرية ان الاسلحة الخفيفة تشترى بصورة اساسية من منطقة
البحر الاسود. وقال مصدر بالمخابرات البحرية "مصدرها بالتأكيد منطقة
البحر الاسود وتأتي بالسفن. نحن نتحدث فقط عن الاسلحة نصف الالية التي
يمكن الحصول عليها بسهولة وحرية وبسعر زهيد. يتكلف كل منها بضع مئات من
الدولارات فقط."
وقال مصدر بصناعة الاسلحة الدولية ان شحنة واحدة على الاقل ضمت
حوالي 2000 من بنادق الكلاشنيكوف الروسية وبنادق القناصة ارسلت عبر
تركيا الى المعارضة السورية في الاسابيع القليلة الماضية. واضاف "اتوقع
ان يأتي المزيد قريبا من نفس الاماكن التي أتت منها هذه الاسلحة. وهناك
مصانع اسلحة كافية حول البحر الاسود... الاسلحة التي تأتي حاليا صغيرة
وخفيفة."
ويقول متتبعون لحركة السلاح ان بلغاريا ورومانيا واوكرانيا لديها
جميعا مخزونات من الاسلحة الخفيفة على غرار الاسلحة الروسية التي انتجت
في دول الاتحاد السوفيتي السابق عندما كانت تقام المصانع بمساعدة
موسكو. وقال جيمس بيفان من مركز ابحاث أسلحة الصراعات الذي يتتبع حركة
السلاح للحكومات والمنظمات "الجيش السوري يستخدم بالاساس (اسلحة)
الاتحاد السوفيتي او دول حلف وارسو." وأضاف "عندما ننظر الى اي قوة
متمردة نجد أنها تميل إلى استخدام نفس الاسلحة التي يستخدمها معارضوها
لانها عندما تستولي على اسلحتهم فسيمكنها استخدام نفس الذخيرة."
وقال مسؤول سابق بقطاع الامن في بلغاريا ان البحر الاسود اكثر طرق
الاسلحة واقعية. واضاف "نظرا للتناقص التدريجي للقوات المسلحة
البلغارية وبيع اسلحة والتخلص من ذخيرة فإنه يمكن ضمان إمدادات سهلة
نسبيا لعقد مثل هذه الصفقات." وقالت وزارة الخارجية البلغارية ان
الرقابة على صفقات الاسلحة مشددة للغاية بما يجعل مثل هذه الشحنات غير
ممكنة ونفت تصدير بلغاريا اسلحة لسوريا. وقالت فيسيلا تشيرنيفا
المتحدثة باسم وزارة الخارجية "جهودنا تتركز على العمل مع شركائنا
العرب والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وتركيا في جهود دعم
المعارضة لوضع خطة موثوق فيها لجعل سوريا حرة وديمقراطية."
وقال جهاز الامن في اوكرانيا ان كييف لديها نظام قوي للرقابة على
مبيعات الاسلحة. وقالت وزارة الخارجية الرومانية ان بوخارست تفرض قيودا
من شأنها منع وصول الشحنات الى سوريا. وقال محللون انه برغم هذه القيود
فإن دول البحر الاسود تظل منافذ ممكنة بالنظر الى ربحية مثل هذه
التجارة والتراخي الامني. وقال مسؤول بحلف شمال الاطلسي ان الحلف "ليس
لديه تفويض ولا دور في اعتراض شحنات اسلحة من اي نوع في البحر الاسود."
وقالت مصادر امنية بحرية ان الشحنات الاسلحة تنقل في الاغلب في سفن
الى تركيا لارسالها الى المعارضين داخل سوريا. ويصعب تتبع سفن الحاويات
لذلك ينظر اليها في انحاء العالم كتهديد امني. كما أن أجهزة الفحص التي
تكفي للتعامل مع الشحنات الضخمة ليست متاحة بكل ميناء.
وقال الضابط بالجيش السوري الحر انهم اشتروا ايضا بنادق وقذائف من
العراق جرى نقلها عبر الحدود بالشاحنات او على أظهر البعير. كما تنقل
أسلحة من لبنان. ويدفع المعارضون نحو 350 الف ليرة سورية (4000 دولار)
ثمنا لصاروخ الكاتيوشا و100 الف ليرة للصاروخ المضاد للدبابات. واضاف
الضابط "نحصل على صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ كاتيوشا بالاضافة الى
ذخائر مثل الرصاص والمقذوفات. نشتريها من تجار اسلحة. الامر سهل في
لبنان... الاردنيون اوقفوا اغلب امداداتنا من هناك."
ويقول مقاتلو المعارضة ان بحوزتهم ايضا الالاف من بنادق إف.إن فال
البلجيكية. وقال بيفان من مركز ابحاث أسلحة الصراعات "احد اكثر انواع
البناق الهجومية انتشارا في العالم إف.إن فال بلجيكية الصنع والتي تعود
الى الستينات. ربما كانت عتيقة لكن مداها اكبر كثيرا من مدى الاسلحة
المصممة على غرار الكلاشنيكوف المتداولة في المنطقة."
وقال مصدران امنيان بحريان انهما على علم بمحاولات لتوفير اسلحة
للمعارضة السورية عن طريق شركات امن خاصة في جنوب افريقيا. وقال مصدر
المخابرات البحرية "تجري مناقشة تجريب فائض الاسلحة داخل جنوب افريقيا.
نتحدث عن اجولة مليئة بالنقود. الامر سهل وبسيط على هذا النحو ولا يمكن
تتبعه."
غير ان متعاقدا يعمل في مجال الدفاع بجنوب افريقيا قال ان الحكومة
تضع مصدري الذخيرة تحت ملاحظة مشددة وأضاف "من العادي جدا أن يقترح
مواطنون بجنوب افريقيا او يرتبوا عقودا في الشرق الاوسط لكن الحكومة لن
تسمح ان تذهب الاسلحة بشكل مباشر او غير مباشر لجماعة متمردة... لن
تخاطر اي شركة لانها ستخسر الكثير."
ويقول مسؤولو الامن القومي في الولايات المتحدة ودول متحالفة معها
انهم مستاؤون من عدم قدرة قوات المعارضة على تشكيل حركة وطنية متماسكة
واستمرار الخلافات بين فصائلها. وتخشى الولايات المتحدة وحلفاؤها ايضا
من تزايد تواجد المتشددين الاسلاميين بين قوات المعارضة. وقال نيك برات
الذي ساهم في تسليح وتدريب ميليشيات مناهضة للاتحاد السوفيتي في
افغانستان لحساب وكالة المخابرات المركزية الامريكية في الثمانينيات
انه يتعين على من يوفرون امدادات لحركات تمرد في الخارج توخي الحذر.
واضاف برات الكولونيل المتقاعد بمشاة البحرية الأمريكية "يجب ان يكون
هناك اتصال مباشر في ارض الميدان مع الاشخاص الذين سيستخدمون هذه
الاشياء لتطمئن إلى ان الاسلحة لا تذهب للايدي الخطأ."
وتابع "الأمر غير المرغوب فيه هو التعامل مع طرف ثالث يتحكم في
التوزيع نيابة عنك. فربما تنتهي الامدادت في اماكن ومع اشخاص لا
تريدهم." ومن غير المرجح حتى هذه اللحظة ان تبدي الولايات المتحدة او
حلفائها في اوروبا استعدادا للقيام بتحرك كبير للاسراع بتسليح
المعارضين السوريين. ولا يلوح في الافق أي دعم مماثل لذلك الذي قدم
لقوات المعارضة في ليبيا العام الماضي.
وقال جراهام كاندي وهو ضابط سابق بالجيش البريطاني وصاحب خبرة في
العمليات الخاصة "في المواقف التي تشبه الموقف في سوريا تتعلق أولويات
الحكومة البريطانية بجمع المعلومات وتفهم ما يحدث وليس بدعم جماعة او
اخرى. المزيج القبلي والعشائري اكثر تعقيدا بكثير منه في ليبيا." واضاف
كاندي صاحب الخبرة في مجال مكافحة الارهاب بالشرق الاوسط ومناطق اخرى
"أي خدمة مخابرات ذات جدوى ستتمركز حول المناطق الحدودية وستعمل على
معرفة الشبكات التي تدعم اللاعبين." وتابع "سيراقبون من يحصل على ماذا
لان نفس الشبكات التي توفر الامدادات لجماعات المعارضة ربما تكون ايضا
هي نفس الشبكات التي تقدم الامدادات للمتطرفين. لا نريد ان ينتهي صاروخ
سام-7 في ايدي منظمة لها صلات بجاليات في المملكة المتحدة." وقال
العراق ان لديه معلومات مؤكدة تفيد بأن متشددين بتنظيم القاعدة يعبرون
الحدود من العراق الى سوريا لتنفيذ هجمات هناك. بحسب رويترز.
واتهم الاسد قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة بتمويل من
يصفهم "بالارهابيين". ووافقت مجموعة "اصدقاء سوريا" التي تضم دولا
عربية وغربية على زيادة المساعدات للمعارضين السوريين زيادة كبيرة
وتزويدهم باجهزة اتصالات. وقال توربيورن سولتفيت وهو محلل بارز بشركة
مابلكروفت المتخصصة في تحليل المخاطر "من المرجح ان تزيد ضراوة الصراع
على مدى الاسابيع والاشهر القادمة خاصة في ظل حصول القوات المعارضة
للنظام على تسليح افضل لكن لا توجد مؤشرات كبيرة على ان أيا من
الجانبين سيتمكن من تحقيق انتصار حاسم باستخدام القوة وحدها على المدى
القصير."
نقل أسلحه الكيماوية
في السياق ذاته قال مسؤولون اسرائيليون وغربيون ان سوريا تنقل سرا
فيما يبدو بعض الأسلحة الكيماوية من مواقع التخزين لكن ليس من الواضح
ما إذا كانت هذه العملية هي مجرد إجراء أمني احتياطي وسط فوضى الصراع
هناك أم انه اجراء أكثر من هذا. يرى بعض المحللين أن هذه الخطوة تخدم
غرضا مزدوجا يتمثل في الحفاظ على الأسلحة من حركة التمرد الآخذة في
التوسع وحرمان خصوم سوريا في الغرب من أي ذريعة للتدخل بهدف تأمين
المواد الخطرة.
وتنفي الحكومة السورية تنفيذ هذه العملية التي وردت اول تقارير
بشانها في صحيفة وول ستريت جورنال لكن لا توجد معلومات حاسمة بشأن
المواد التي تشملها هذه العملية. وتشير تقارير الى ان مخزون سوريا غير
المعلن يشمل غاز الاعصاب (السارين) وغاز الخردل والسيانيد. كن التقارير
تسهم في اعطاء انطباع بتداعي سيطرة الحكومة على أجزاء من سوريا وتزيد
على الارجح القلق الدولي بشأن ما يعتقد أنه أكبر مخزون من الأسلحة
الكيماوية في الشرق الأوسط.
وقال مسؤول اسرائيلي ان هذه التحركات تعكس مع ذلك محاولة من جانب
الرئيس بشار الأسد لاتخاذ "ترتيبات لضمان عدم وقوع الأسلحة في أيد غير
مسؤولة". أضاف "هذا من شأنه أن يدعم الاعتقاد بأن هذا الأمر يتم
التعامل معه بطريقة مسؤولة حتى الان".
وفي واشنطن أكد مسؤول في الأمن القومي ان الحكومة الامريكية تلقت
تقارير بشان عمليات نقل للأسلحة الكيماوية لكنها غير متأكدة من الأسباب.
وقال مسؤول امريكي ثان ان عمليات النقل التي وردت تقارير بشانها "جديدة
نسبيا" لكنها ليست بالضرورة مخيفة للغاية. وقال المتحدث باسم وزارة
الدفاع الامريكية (البنتاجون) جورج ليتل ان البنتاجون يعتقد ان الأسد
ما زال يسيطر على الأسلحة الكيماوية لكن الولايات المتحدة وشركاءها
يراقبون عن كثب. وأضاف "سنحذرهم بالطبع (السوريين) بقوة من أي نية
لاستخدام تلك المخزونات. سيكون ذلك تجاوزا لخط أحمر خطير".
وقالت دينا اصفند ياري محللة الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات
الاستراتيجية بلندن "لا يمكننا أن نفترض سوء النية".وأضافت إن غاز
الخردل يمكن أن يستخدم ضد "أهداف تكتيكية" مثل قوات متقدمة. وقالت "هذا
هو السبب في ان نقلها يبدو امرا مثيرا للريبة لأنه يبدو وكأنه يتحرك
لاستخدامها حتى وإن كان ينقلها إلى مواقع أكثر أمنا."
وتعتقد الدول الغربية أن دمشق لديها أكبر مخزون في العالم من
الأسلحة الكيماوية غير المعلنة بما في ذلك غاز الخردل وغاز الأعصاب
القاتل (في.إكس). ويمكن لهذه الترسانة أن تمنح الأسد وسيلة لاستعراض
القوة محليا وفي المنطقة وتحقيق التوازن مع الأسلحة النووية
الإسرائيلية غير المعلنة. في لندن قالت وزارة الخارجية البريطانية ان
سوريا بلد "مثير للقلق" ولها سجل حافل من برامج الأسلحة السرية. ومن
وجهة نظر إسرائيل فان أكبر "خط أحمر" يتمثل في نقل أسلحة من هذا القبيل
إلى جماعة حزب الله الشيعية عدوها اللدود في لبنان. ويقول مسؤولون
اسرائيليون ان تسرب تلك الأسلحة على المستوى المحلي داخل سوريا أقل
إثارة للقلق لان مثل هذه الأسلحة ليس من السهل ان تعمل في ظل عدم وجود
بنية تحتية عسكرية.
لكن محللين يقولون ان دمشق تشعر بالقلق من أن مجرد ظهور أنها لا
تتمتع بالسيطرة بنسبة مئة في المئة على هذه المواد يمكن أن يؤدي لعمل
عسكري من قبل الغرب لتأمين هذه المواقع ومنع وقوعها في ايدي متشددين
اسلاميين. وقال شاشانك جوشي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة وهو مركز
متخصص في الابحاث العسكرية "ربما لا تكون المواد المذكورة محمية بشكل
كاف أو أنها قريبة من المناطق المضطربة".
وزاد تركيز الاسد على احتمال أن تكون بعض القوى الغربية ربما تسعى
للسيطرة على الأسلحة الكيماوية بسبب اجراء مناورات عسكرية متعددة
الجنسيات بمشاركة قوات امريكية في الاردن في وقت سابق هذا العام. وقال
جوشي إن الولايات المتحدة كانت تتدرب على مثل هذا النوع من العمليات
وهي تضع في حسبانها الترسانة النووية الباكسانية وبالتالي فإن القصص
التي كانت تتسرب من الأردن تمثل اشارة امريكية بالغة الوضوح على "اننا
نستعد لمواجهة هذا الاحتمال". واضاف جوشي قائلا "من الواضح أن ذلك قد
أثر على الأسد." وتشير تقارير وسائل الاعلام الغربية الى ان المواقع
المشتبه بها تقع في حوالي ست مدن وبلدات بما في ذلك العاصمة دمشق
واللاذقية وحماه وقرب حلب. بحسب رويترز.
وقال ليونارد سبيكتور مدير مكتب واشنطن بمركز جيمس مارتن لبحوث
ودراسات الحد من انتشار الأسلحة إن هناك العديد من السيناريوهات بشأن
إمكانية فقد السيطرة على كميات من الترسانة الكيماوية. وكتب سبيكتور
قائمة بهذه السيناريوهات في مقال نشر في 26 يونيو حزيران في موقع ييل
جلوبال على الانترنت على النحو التالي:
-يمكن نقل حراس هذه الاسلحة إلى خطوط المواجهة في الحرب الأهلية
الوشيكة.
-ويمكن أن يتركوا مواقعهم لحماية الأسر مع استمرار الاضطرابات.
-ويمكن أن ينشقوا إلى صفوف المعارضة المسلحة وينقلوا السيطرة على
مخزونات الأسلحة إلى الجيش السوري الحر.
- اعتمادا على تطورات المعركة يمكن أن يتخلى الأسد عن حراس الأسلحة
إذا وقعت على سبيل المثال مواقع ضمن مساحات من الأراضي التي تسيطر
عليها قوات المعارضة.
-يمكن أن تجتاحها قوات المعارضة إذ ربما يحاول زعماء الجيش السوري
الحر أن يظهروا أن الرئيس السوري بدأ يفقد قبضته على السلطة من خلال
الاستيلاء على موقع يرمز إلى قوة الأسد العسكرية.
وكتب سبيكتور "في أي من هذه المواقف الفوضوية من الممكن ان تدفع
الرشى وعمليات المساومة للخروج من البلاد ما تبقى من الحراس على تقديم
ما تحت أيديهم من اشياء ثمينة."
الى جانب ذلك قالت مسؤولة كبيرة في منظمة العفو الدولية ان مقاتلي
المعارضة السورية يرتكبون انتهاكات لحقوق الانسان خلال قتالهم قوات
الرئيس بشار الاسد. وقالت دوناتيلا روفيرا وهي محققة لدى منظمة العفو
الدولية قضت عدة اسابيع في سوريا في الاونة الاخيرة ان من الواضح ان
بعض انصار المعارضة لجأوا الى اساليب وحشية مع استهدافهم افراد قوات
الامن .
واردفت قائلة "أسروا اشخاصا ورأينا أدلة على قيامهم بضربهم..وفي بعض
الحالات قاموا بقتلهم.
"هل الامر يمكن ان يسوء عن ذلك؟ بالتأكيد يمكن." وقالت في كلمة
القتها في وقت سابق امام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان قوة
المعارضة المسلحة تتزايد ومع زيادة الاشتباكات يقوم الافراد بارتكاب
انتهاكات لحقوق الانسان من خلال ضرب واعتقال وقتل جنود الاسد. وتتعقب
منظمة العفو الدولية هذه الانتهاكات الى حد ما من خلال الشرائط المصورة
التي يبثها على موقع يوتيوب على الانترنت افراد الجيش السوري الحر عند
مقابلتهم المعتقلين. بحسب رويترز.
وفي احدث مذبحة تحدثت عنها التقارير قالت المعارضة ان القوات
الحكومية هاجمت قرية التريمسة في محافظة حماة المتمردة بطائرات
هليكوبتر ومدفعية ودبابات. وقدرت مصادر المعارضة ان مجمل عدد القتلى
يتراوح بين 100 واكثر من 200 على الرغم من عدم ظهور رواية مستقلة بشأن
الهجوم. وانحى التلفزيون الرسمي السوري باللائمة في المذبحة على"جماعات
ارهابية مسلحة." وقالت دمشق مرارا انها تواجه تمردا مدعوما من الخارج
تشنه جماعات مختلفة من بينها قوى متحالفة مع القاعدة.
لولا دعم الشعب
في السياق ذاته قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه كان من الممكن
الإطاحة به منذ زمن طويل مثل شاه إيران ما لم يكن يحظى بدعم الشعب
السوري له. وقال الأسد لصحيفة جمهوريت التركية التي نشرت المقابلة التي
أجرتها مع الرئيس السوري في ثلاث حلقات متتالية "كان يظن الجميع أنني
سأسقط في وقت محدد. أخطأوا جميعا في حساباتهم." وصرح بأن سوريا تتعرض
لهجوم من متشددين إسلاميين أرسلتهم دول عربية لا تتمنى خيرا لبلاده
وتتعرض لتهديد بسبب العداء الغربي والتركي.
وقال الأسد "اللعبة الكبيرة التي استهدفت سوريا كانت أكبر بكثير مما
توقعنا. الهدف هو تفتيت سوريا أو إشعال حرب أهلية. المعركة ضد الإرهاب
ستستمر بكل حسم في مواجهة هذا الوضع. وسوف ننتصر على الإرهاب." وقال
لصحيفة جمهوريت "الأغلبية الساحقة من الشعب تؤيدني في هذه المسألة."
وقارن الأسد بين وضعه وبين شاه إيران الذي أطاحت به الثورة الإسلامية
عام 1979 . وقال الأسد مشيرا الى شاه ايران "كان يقود أهم دولة في
المنطقة.. وكان لديه جيش قوي وكان العالم أجمع يدعمه. فهل تمكن من
مواجهة شعبه؟ لا."
ومضى يقول "لو كنت في نفس الوضع.. أي لو كان شعبي لا يقف بجانبي لم
أكن لأستطيع المقاومة. كان سيطاح بي. كيف تمكنت حتى الآن من الصمود؟"
ولم يظهر من تصريحات الأسد انه متقبل لفكرة الانتقال السياسي التي
اقترحها كوفي عنان المبعوث الدولي بدعم كبير من الدول الغربية والعربية.
وقال "لا توجد قوة أيا كانت قادرة على هزيمة ثورة حقيقية للشعب...
لكننا الآن نشن حربا على جماعات إرهابية وليس على الشعب. وسنشن الحرب
لأن علينا أن نحمي أنفسنا ونحمي شعبنا." بحسب رويترز.
وأيد مؤتمر عقد في جنيف اقتراحات للانتقال السياسي في سوريا لكن
روسيا تنفي أن الخطة تلمح إلى ضرورة تنحي الأسد كما يصر الغرب. وسخر
الأسد من فكرة أن السوريين يريدون رحيله. وقال الرئيس السوري البالغ من
العمر 46 عاما "انظروا للوضع.. أمريكا عدوتي.. الغرب كله عدوي.. دول
المنطقة أعدائي... ما زلت صامدا بفضل شعبي... لماذا أقتل شعبا يقف إلى
جانبي؟"
نشر بريد الكتروني
من جانب اخر قال موقع ويكيليكس انه بدأ نشر اكثر من مليوني رسالة
الكترونية تم اختراقها لمسؤولين من الحكومة السورية. وذكر الموقع ان
الرسائل لن تحرج دمشق. وقال ويكيليكس في بيان ان رسائل البريد
الالكتروني المخترقة هي لشخصيات سياسية سورية ووزارات وشركات سورية في
الفترة من اغسطس اب 2006 وحتى مارس اذار 2012 .
ونسب البيان لمؤسس ويكيليكس جوليان اسانج قوله "المادة محرجة لسوريا
ولكنها محرجة في الوقت نفسه لمعارضيها." وأضاف "هي تساعدنا الا نصب
انتقادنا على جماعة بعينها او اخرى وتساعدنا على فهم مصالحها وافعالها
وافكارها. فقط عن طريق فهم هذا النزاع نأمل ان نسطيع ان نعمل على
تسويته." بحسب رويترز.
وقال ويكيليكس ان رسائل البريد الالكتروني التي اطلق عليها "الملفات
السورية" سوف تلقي الضوء على الاعمال الداخلية للحكومة والاقتصاد
السوري "وستكشف ايضا كيف ان الغرب والشركات الغربية تقول شيئا وتفعل
شيئا اخر." وقال ويكيليكس ان المعلومات تتضمن مراسلات خاصة بين رموز
بارزة في حزب البعث وتسجيلات لمعاملات مالية تم تحويلها من وزارات
سورية إلى دول اخرى. |