مالي... من قتال الارهاب الى حرب الجراد!

 

شبكة النبأ: وصلت سحب من جراد الصحراء إلى شمال مالي الذي يسيطر عليه المتمردون، فأدى انعدام الأمن إلى إعاقة مكافحة الحشرات، ما أثار مخاوف من أن تدمر هذه الحشرات البلاد التي تعاني أصلاً من الجفاف والنزاع ونزوح أكثر من 360,000 شخص. وقد غزت أسراب من الجراد الصغير مدينتي كيدال وأجولهوك في شمال مالي، وهي المنطقة التي سيطر عليها المقاتلون الإسلاميون والمتمردون المسلحون بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في العاصمة باماكو وأدى إلى الإطاحة بالرئيس أمادو توماني توري في مارس الماضي، وقال ماندا ساديو كيتا، مسؤول البرامج في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في مالي أنه "من الصعب معرفة الوضع بالضبط لأنه ليس آمناً أن نرسل فرق علمية إلى هناك. ولا يمكننا تقييم ومكافحة الجراد بعد الآن". ووفقاً لما ذكرته الفاو، من الصعب للغاية مكافحة الجراد الصحراوي– الذي يعتبر واحداً من عشرة أنواع من الجراد ذو القرون القصيرة – بسبب تواجده في مناطق ضخمة تصل مساحتها إلى 30 مليون كيلومتر مربع وتتسم بانعدام الأمن وتردي أحوال الطرق إضافة إلى الطبيعة النائية لتلك المناطق من بين عوامل أخرى، وعادةً ما يطير الجراد مع الريح ويسافر بسرعة ما بين 16 إلى 19 كيلومتراً بالساعة، ويمكنه أن يغطي مسافات تصل إلى 130 كيلومتراً في اليوم. وأضاف كيتا أن "مالي هي البلد الأكثر أهمية في منطقة الساحل في مجال الحماية ضد انتشار الجراد لكنها الحلقة الأضعف". وقد انتشرت هذه الحشرات جنوباً من مناطق تفشي الجراد على طول الحدود الجزائرية الليبية، حيث أخذت الأسراب في الانخفاض بعد اتخاذ تدابير المكافحة، لكن في بداية يونيو ذكرت الفاو أن الجراد قد تفشى في شمال النيجر، في عام 2004 قامت أسراب من الجراد، تغطي منطقة طولها 20 كيلومتراً وعرضها 5 كيلومتراً، بتدمير المراعي والمحاصيل والنباتات في أنحاء الساحل من داكار– عاصمة السنغال التي تقع على ساحل المحيط الأطلسي– وحتى نجامينا، عاصمة تشاد على بعد نصف قارة. ولم يكن هناك دليل على أن غزوات الجراد تحدث على فترات منتظمة. وقال د. أمادو ديارا، المتخصص في مكافحة الحشرات في معهد الساحل الذي يشكل هيئة للبحوث الإقليمية: "نحن بحاجة إلى المزيد من البحث. فنحن نادراً ما نفهم سبب تواجد الجراد في سنة ما وعدم تواجده في سنة أخرى". وأضاف ديارا: "بعد عام 2004، قمنا بتنظيم ندوات إقليمية وتعبئة أنفسنا، كما طلبنا الكثير من المبيدات للحشرات، الأمر الذي لم نفعله خلال الغزو السابق للجراد. فقد تعلمت البلاد هذا الدرس"، وقد أدت الأمطار الغزيرة الأخيرة في مالي إلى إنتاج النباتات الطازجة التي من المرجح أن تؤدي إلى نمو وانتشار الحشرات الشرهة. فقبل أن يجتاح المتمردون شمال مالي اتخذت السلطات الاستعدادات اللازمة لغزو الجراد المحتمل، إلا أن المتمردين قاموا بسلب ونهب المستودعات التي يتم فيها تخزين المواد الكيميائية في بلدة غاو الشمالية، كما استولوا على حوالى 30 شاحنة نقل صغيرة يتم استخدامها في أغراض التوزيع بالإضافة إلى معدات أخرى. كذلك، قام المتمردون باحتلال الأبنية في مركز لمكافحة الجراد. وفي تصريح قال كيتا: "كان من الممكن أن تسيطر مالي بشكل فعال على الحشرات إذا لم يتم تدمير قاعدتها."

وما زال موقع ملايين اللترات من المواد الكيماوية السامة مجهولاً وهناك قلق بشأن الآثار التي من الممكن أن تكون لتلك المواد على الإنسان والبيئة إذا تم التعامل معها أو التخلص منها بلا مبالاة. وحذر كيتا من أنه "إذا تم التخلص من تلك المواد الكيميائية في الأدغال سيكون هناك أزمة بيئية خطيرة. فسيعاني الناس الذين يعيشون على مقربة من الأنهار من مشاكل صحية خطيرة". هذا ولا يزال هناك مركز واحد صغير لمكافحة الحشرات موجود خارج باماكو في الجنوب. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) .

وتتمثل أول التدابير المباشرة لوقف انتشار الجراد في التخطيط لعمليات في الشمال ورش الحشرات بالمبيدات قبل أن تنمو أجنحتها. ولكن عقبات انعدام الأمن والتجهيزات في الأراضي الواسعة حيث يسيطر المتمردون تجعل ذلك مستحيلاً، لا سيما في بلد يكافح لحل أزمة سياسية بعد الانقلاب. وتقوم وزارة الزراعة بدراسة خيار يتمثّل بزيادة عمليات مكافحة الجراد في شمال مالي وعلى طول الحدود مع النيجر، جارتها الشرقية إلى بوركينا فاسو في الجنوب. وفي ظل هذه الظروف يمكن أن يكون ذلك مجدياً ولكنه سيكلف 780 مليون فرنك أي حوالى 1.5 مليون دولار وفقاً لما ذكرته الفاو، وقد ناقشت الحكومة المالية في شهر يونيو إمكانية تنفيذ العملية مع الفاو واللجنة الدائمة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل والجهات الفاعلة الأخرى. وقال موديبو تراوري، مسؤول البرامج في الفاو أنه "قد أصبح من المهم جداً إقامة خط دفاعي في أسرع وقت ممكن". هذا وتواجه الدول في منطقة الساحل نقصاً حاداً في الغذاء يمكن أن يؤثر على أكثر من18 مليون شخص، ولكن في مالي ومع وجود الانقسامات السياسية والنزاعات التي لم تحل، سيكون غزو الجراد كارثةً حقيقيةً، هذا وقد تعطلت عمليات الإغاثة بعد قيام المتمردين بنهب سيارات ومعدات العديد من منظمات الإغاثة عندما اكتسحوا شمال مالي بعد الانقلاب، تاركين السكان المتضررين من الجفاف بدون مساعدات. وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن أكثر من 3.5 مليون شخص في مالي يعانون من الجوع. وقال كيتا، مسؤول البرامج في منظمة الأغذية والزراعة: "لو كان هناك غزو مثلما حدث في عام 2004 لكان الوضع كارثياً"، مضيفاً أنه سيتم تدمير المحاصيل والمراعي وسيفقد مربو الماشية الرحل قطعانهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/تموز/2012 - 23/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م