شبكة النبأ: (صيت الغنى ولا صيت الفقر)،
مثل شعبي مأثور اعتاد (سجاد حمد) على اطلاقه بشكل يومي اثناء مروره في
سوق طويريج الكبير، في إشارة يدرك مغزاها الكثير من المارة واصحاب
المتاجر في ذلك القضاء القديم.
الا ان ثرثرة سجاد غالبا ما تجد صدى رحبا لدى المستمعين لها، وتثير
استظراف الكثيرين من اهالي طويريج، سيما من هم على معرفة بشخصية
الهزلية، وما يرمي اليه!
وبحسب ما يجمع عليه الكثير من اهالي القضاء فان سجاد تجاوز عتبة عقد
عمره الخامس، ويعاني خللا عقليا منذ سنوات طويلة، حتى بات يتميز بأطوار
غريبة ألفها كل من يحيط به.
فيقول الشاب زيدون الدفاعي، احد سكنة القضاء في حديثه لـ(شبكة النبأ
المعلوماتية)، "سجاد احدى الشخصيات التهكمية المعروفة لدى الداني
والقاصي من اهالي طويريج، ويعاني كما يبدو من اضطرابات نفسية تصل الى
الجنون".
وعن مغزى اطلاق سجاد للأمثال يؤكد زيدون، "سجاد يختصر وضع قضاء
طويريج في هذا المثل".
ويبين، "هناك من يحسدنا على تولي احد ابناء القضاء اعلى منصب رسمي
في العراق، على الرغم من ذلك لم يعد على المدينة بنفع يذكر".
ويلفت، "الكثير ممن لم يطلعوا على طويريج يتمادون في تصوراتهم عنها".
ويقول زيدون، "البعض يشبه قضاء طويريج بناحية العوجة في محافظة
تكريت مسقط رأس الديكتاتور السابق صدام التي كانت تحظى برعاية وخدمات
ميزتها عن باقي مدن العراق في تلك الفترة".
ويستدرك ساخرا، "قد اتفق مع ما يذهب اليه البعض بإطلاق تسمية العوجة
على طويريج، في جانب واحد فقط هو ان كل شيء امسى يسير باعوجاج".
وهناك من يجزم من سكان القضاء بأن سجاد يتمتع بصحة نفسية سليمة، الا
انه استساغ تمثيل دور المجنون منذ مطلع الحرب العراقية الايرانية في
ثمانينيات القرن الماضي، حيث نجح في التهرب من التجنيد الالزامي.
ويشترك الكثير من مواطني طويريج مع "زيدون" في مشاعر الاحباط
الناجمة عن التدهور المستمر في الخدمات الاساسية واهتراء البنى
التحتية، حيث تبددت آمال السكان في ان يطرأ تحسن ملوس على هذا الصعيد
الخدمي للقضاء بعد تولي احد ابناءه منصب رئاسة مجلس الوزراء.
إذ ينتمي المالكي الى القضاء المذكور، وقضى فترة طفولته ومعظم سنوات
شبابه هناك، قبل ان يفر الى سوريا هربا من الملاحقة والاعتقال بعد
انتمائه لحزب الدعوة الاسلامية المحظور في تلك الفترة.
ويقع قضاء طويريج في منتصف الطريق بين محافظتي بابل وكربلاء، وتقدر
الاحصاءات شبه الرسمية الى ان نفوس السكان يتجاوزن (200) الف نسمة
بقليل، ويتربع على ضفاف الفرع الرئيسي لنهر الفرات الذي يقسم المدينة
الى قسمين كبيرين يربطهما جسر عريق.
ويعزو القائمون على ادارة ملف خدمات القضاء التدهور المستمر في
البنى التحتية الى قلة التخصيصات المالية الممنوحة من قبل الدولة،
فيقول عادل السركال الذي يعمل اعلاميا لدى حكومة كربلاء المحلية ويقطن
طويريج، "يعاني القضاء من التدهور مستمر في الكثير من البنى التحتية
نظرا لقلة التخصيصات المالية، مما انعكس سلبا على الخدمات".
ويضيف، "أغلب احياء القضاء غير معبدة، وتفتقر الى الكثير من الخدمات
الصحية، فضلا عن النقص الفادح في امدادات الطاقة الكهربائية".
ويردف ساخرا، "الشارع الذي يطل عليه منزل المالكي شبه مندثر وتكثر
على امتداده الحفر والتخسفات".
ولا يكتم السركال خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) استغرابه
من عدم التفات المالكي لحجم الدمار الذي لحق في الشارع المؤدي الى
منزله "خصوصا ان كثيرا ما يتردد اليه في العطل والمناسبات الخاصة".
اما الناشطة الثقافية زهراء محمد علي فتعرب عن شديد اسفها لما
اعتبرته جفاء من قبل رئيس الوزراء لمسقط رأسه ومدينة آبائه، على الرغم
مما وصفته بالدعم غير محدود الذي قدمه الاهالي للمالكي، فتقول، "كثيرا
ما يلجأ رئيس الوزراء الى القضاء لعقد اجتماعاته المهمة مع قياديي حزب
الدعوة اثناء الأزمات السياسية الطارئة".
وتضيف، "ركن المالكي الى طويريج في أكثر من مناسبة لعقد المؤتمرات
الصحفية وإطلاق التصريحات الحساسة خصوصا في فترة الانتخابات".
وتذكر زهراء ان المالكي زج بالآلاف من ابناء المدينة في القوات
الامنية لمكافحة الارهاب، وتأمين بعض المناطق الساخنة في بغداد.
وتردف "عمل المالكي لتجنيد الالاف من شباب القضاء قبيل انعقاد مؤتمر
القمة العربية التي اقيمت في بغداد قبل بضعة أشهر". مبينة، "اوكلت
اليهم مهام حماية الوفود العربية واماكن تواجدهم اثناء اجتماعات
القمة".
وتختتم متحسرة، "كل ذلك لم يشفع للقضاء لدى المالكي لانتشاله من
واقعه الآخذ بالتدهور".
وبين تضارب الآراء حول سلامة سجاد العقلية من عدمها، يتفق المختلفون
على صواب ما يردده من امثال ساخرة، تعكس في مغزاها حقيقة ما آل اليه
وضع قضاء طويريج، أو ما يصطلح على تسميته بعض العراقيين عوجة العراق
الجديد. |