شبكة النبأ: أزمة سياسية جديدة تمر
بها الكويت أتت على خلفية قرار المحكمة الدستورية التي قررت بطلان مجلس
الأمة الكويتي الأمر الذي رفضته أطراف المعارضة، ويرى بعض المراقبين
المعارضة الكويتية قد تسعى الى تصعيد الموقف من خلال دعوة ناخبيها
للنزول الى الشارع وهو ما قد يسهم بخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني
في الكويت خصوصا وان بعض أطراف المعارضة تسعى بشكل جدي الى تغير الواقع
السياسي الحالي على غرار التحولات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، وهذا
ما يدركه الساسة في الكويت الذين يسعون دائما الى التهدئة وإيجاد
الحلول وتقديم التنازلات، وفي هذا الشأن ذكرت وكالة الأنباء الكويتية
(كونا) ان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت كلف الشيخ جابر
مبارك الحمد الصباح بتشكيل حكومة جديدة. وقد يساعد هذا الأجراء في
تخفيف الأزمة السياسية التي تمر بها الكويت. ويتعين على الشيخ جابر أن
يختار الآن مجلسا للوزراء من 15 عضوا ويتوقع محللون أن يحل أمير الكويت
بعد ذلك مجلس الأمة تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة. وستتخذ هذه الخطوة
على الأرجح بعد شهر رمضان.
وقدمت الحكومة السابقة التي كان يرأسها الشيخ جابر استقالتها بعد أن
حلت المحكمة الدستورية مجلس الأمة الذي كان يهيمن عليه إسلاميون
معارضون وأعادت المجلس السابق الذي كان أكثر قربا من الحكومة. وأدت
الحكومة اليمين أمام البرلمان المنحل مما يعني أن أنشطتها أصبحت نظريا
غير دستورية ولذلك تقدمت باستقالتها.
وقال محللون ومشرعون أن أعادة تعيين الشيخ جابر مبارك الصباح كانت
خطوة متوقعة بشكل كبير وليس من المعتقد أن تختلف الحكومة الجديدة عن
سابقتها. وقال صالح عاشور العضو بالبرلمان "في الغالب لن يكون هناك
وزراء جدد .. لان هذا كان قرارا استثنائيا لحل المشكلة." وستؤدي
الحكومة الجديدة اليمين أمام البرلمان الذي إعادته المحكمة. وقال محلل
سياسي أن هذه الخطوة تبدو صعبة لان أغلبية الأعضاء المنتخبين في
البرلمان المؤلف من 50 عضوا قالوا أنهم سيقاطعون البرلمان الذي أعادته
المحكمة الدستورية والذي أثيرت حوله مزاعم فساد.
وقال المحلل السياسي الكويتي غانم النجار "السيناريو المحتمل هو عدم
انعقاد البرلمان الذي أعيد للعمل بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني
وحينها سيضطر أمير البلاد لحل البرلمان وستجرى انتخابات جديدة." وأجريت
أخر انتخابات في الكويت في فبراير شباط الماضي. ولم تتأثر الكويت كثيرا
بالانتفاضات الشعبية التي تجتاح المنطقة العربية منذ العام الماضي لكن
التوترات تزايدت بين الحكومة والنواب المعارضين الذين يسعون لان يكون
لهم دور في تشكيل الحكومة. وتشكلت ثماني حكومات في الكويت خلال السنوات
الست الماضية بسبب الخلافات السياسية بين البرلمان والحكومة وهو ما
أعاق الإصلاحات الاقتصادية. ويعتبر البرلمان الكويتي من أكثر
البرلمانات تحررا في المنطقة ويمتلك سلطات تشريعية. ويشغل المناصب
الرئيسية في الحكومة أفراد من العائلة الحاكمة وللأمير الشيخ صباح (83
عاما) القول الفصل في الشؤون السياسية وله حق حل البرلمان.
العبث بالاستقرار
في السياق ذاته أعلنت المعارضة الكويتية انها تحمل "أصحاب النفوذ
والسلطة" المسؤولية عن العبث في وحدة الشعب واستقراره، متهمة المحكمة
الدستورية بتجاوز حدود ولايتها و"التدخل" في العمل السياسي، بحسب بيان.
وقالت المعارضة في البيان "نوجه رسالتنا صريحة ومباشرة الى أصحاب
النفوذ والمصالح والى من بيدهم السلطة بوجوب وقف العبث الجاري في
النظام الدستوري وبوحدة الشعب واستقراره، ونحملهم المسؤولية الكاملة
عما يحدث من جراء ذلك العبث".
وقضت المحكمة الدستورية، وأحكامها نهائية، ببطلان انتخابات مجلس
الأمة الخاضع لسيطرة المعارضة الإسلامية والقبلية، وبإعادة المجلس
السابق الذي حله أمير البلاد في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وشكل
الموالون للحكومة غالبية في المجلس السابق. واتهم البيان المحكمة
الدستورية ب"تجاوز حدود ولايتها والتدخل في العمل السياسي فمنحت نفسها
سلطة تعلو على سلطة رئيس الدولة وسلطة مجلس الأمة".
ودعا البيان القضاة الى "النأي بأنفسهم عن العمل السياسي ودروبه
ومسالكه، وان لا ينحازوا الى اي طرف وان يمارسوا عملهم بحياد تام".
وكان امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح قرر حل مجلس الامة السابق
في اعقاب حراك احتجاجي شبابي غير مسبوق طالب بالإصلاح وبإقالة رئيس
الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.. وبعد ايام، اصدر امير
الكويت مرسوما آخر حدد انتخابات جديدة في الثاني من شباط/فبراير. كما
اعتبر البيان ان حكم المحكمة الدستورية يعد "بمثابة الاعتداء المادي
على السلطتين التشريعية والتنفيذية ويكشف بجلاء عن اقتراب الدولة من
مرحلة هيمنة سلطة من السلطات على غيرها وعلى نحو يلغي سلطات الدولة
ومبادئ النظام الدستوري". بحسب فرنس برس
وختمت المعارضة بيانها داعية "أعضاء المحكمة الدستورية والمجلس
الأعلى للقضاء الى تصحيح الأوضاع وإعادة الأمور الى نصابها قبل فوات
الأوان". ومن المتوقع ان يؤدي هذا القرار غير المسبوق من قبل المحكمة
الدستورية الى أزمة سياسية جديدة في هذا البلد الغني بالنفط. وتصاعد
التوتر بين البرلمان والحكومة التي يشغل فيها اعضاء في الاسرة الحاكمة
المناصب الاساسية.
من جانب اخر خرج آلاف الكويتيين في تظاهرات احتجاجا على قرار
المحكمة الدستورية بإبطال انتخابات مجلس الأمة في الوقت الذي دعت فيه
المعارضة لإقامة ملكية دستورية ونظام برلماني كامل. وقال النائب
المعارض مسلم البراك امام تجمع "هذه بداية الطريق الى الملكية
الدستورية". وهذه اول مرة تدعو فيها المعارضة الكويتية الرئيسية الى
إصلاحات كبيرة اذ عادة ما يطالب النشطاء الشباب بذلك. وتجمع انصار
المعارضة امام البرلمان في مدينة الكويت احتجاجا على حكم المحكمة.
وامام حشد قدر المنظمون عدده بانه بلغ نحو 30 الف شخص دعا البراك
الحكومة الى إصدار مرسوم جديد بحل برلمان 2009 الذي اعيد بموجب قرار
قضائي. وأكد النائب الإسلامي فيصل المسلم ان جماعات المعارضة وافقت على
خوض الانتخابات المقبلة على نفس البرنامج الذي يدعو الى إصلاحات
دستورية وتشريعية شاملة. وقال عبيد الواسمي عضو البرلمان المنحل ان على
الحكومة ان تقبل إصلاحات دستورية أساسية تقود الى تشكيل حكومة منتخبة
ونظام برلماني كامل. وتعيش الكويت ازمات سياسية متتالية منذ العام
2006، وغالبا ما تعزى هذه الأزمات الى صراعات داخل الأسرة الحاكمة.
السلفيون في الكويت
من جهة أخرى وعندما اعترض سلفيون في الكويت على ملتقى للشباب حول
السياسة والدين في وقت سابق من العام الجاري انطلقوا إلى. موقع تويتر
ومواقع أخرى شهيرة وليس للشوارع. وفي حين أن مبادئ السلفيين في الكويت
مماثلة لمبادئ السلفيين في أي مكان آخر فإن الطرق التي يتعبونها
للتأكيد على نفوذهم أكثر تعقيدا إذ يضغطون على أعضاء الحكومة ويطرحون
تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الندوات.
وهناك حرية نسبية متاحة للسلفيين في الكويت ويعتبرون أنفسهم قدوة
للسلفيين الذين يشاركون في السياسة للمرة الأولى بعد انتفاضات الربيع
العربي.. وقال شفيق الغبرا استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت "يشارك
السلفيون في النظام السياسي للكويت. إنهم منتخبون وبمرور الوقت
سيتغيرون وقد تغيروا فعلا... إنها عملية تمر بها هذه المنطقة والكويت."
وأبطلت محكمة في 20 يونيو حزيران نتائج الانتخابات البرلمانية التي
أجريت في فبراير شباط على أساس أن العملية لم تكن دستورية وأعادت
البرلمان السابق مما يعني المزيد من الاضطرابات السياسية في البلاد
التي شهدت تشكيل ثماني حكومات خلال ست سنوات. وقبل أمير الكويت الشيخ
صباح الأحمد الجابر الصباح استقالة الحكومة في خطوة من الممكن أن تساعد
على إنهاء الأزمة السياسية التي أعقبت حكم حل البرلمان.
وسيعين الأمير حكومة جديدة وبعدها يتوقع محللون حل البرلمان الذي
أعيد ليتسنى إجراء انتخابات برلمانية جديدة وربما يكون ذلك بعد شهر
رمضان الذي يبدأ في 19 يوليو تموز. وخلال فترة الأربعة أشهر بين
الانتخابات وحكم المحكمة عمل النواب السلفيون على إسماع أصواتهم في
إطار كتلة معارضة تمثل الأغلبية إلى جانب إسلاميين أكثر اعتدالا خاصة
في قضايا تتعلق بالدين وحرية التعبير. وأيدت الكتلة اقتراحا بتعديل
الدستور لجعل كل التشريعات تتسق مع الشريعة ودعت إلى فرض عقوبة الإعدام
على جرائم التجديف بعد قضية شهيرة سجن فيها شاب كويتي لإهانته النبي
محمد على تويتر.
ويرى محللون أن من أسباب الحرية النسبية الممنوحة للإسلاميين في
الكويت هو أن الأسرة الحاكمة يمكنها السيطرة على قوتهم كما هو الحال مع
كل الجماعات السياسية. وهم يعتقدون أن إشراكهم في النظام السياسي يؤدي
إلى جعل آرائهم أكثر اعتدالا. وقال الغبرا "الناس يستطيعون التصدي لهم
ومناقشتهم ورفض ضغوطهم."
والأحزاب السياسية محظورة في الكويت كما أن الأمير يمكنه الاعتراض
على أي تشريع وهو ما حدث مع أحدث مقترحات طرحت مؤخرا. لكن المحللين
يقولون إن الإسلاميين يمكنهم أن يشيروا إلى نجاح تشريعي وأشكال أخرى من
النجاح في السنوات القليلة الماضية بما في ذلك الفصل بين الجنسين في
الجامعات وفرض قيود على الرياضات المختلطة والرقص والحفلات الموسيقية
الحية. كما اقترحوا تشريعا يمنع النساء من شغل مناصب قضائية.
كما اقترح النواب السلفيون قانونا يحظر المعاكسات والملابس غير
اللائقة في الأماكن العامة في وقت سابق من العام الجاري. وحظرت الكويت
برنامج (ستار أكاديمي) للمواهب عام 2004 لأنه تضمن نساء يغنين للرجال
وملابس غير محتشمة والرقص بعد شكوى من نواب سلفيين. ويشعر ليبراليون
بالقلق من أثر تلك التطورات في الكويت التي رغم أنها مجتمع محافظ
اجتماعيا فإنها لا تقيد الحريات الشخصية لدرجة المملكة العربية
السعودية.
وقال علي الأحمد وهو معارض سعودي وباحث في معهد شؤون الخليج في
واشنطن "أتذكر مشاهدة التلفزيون في الكويت.. عندما كان بالأبيض
والأسود.. كنا نرى مؤديات يرتدين تنورات فوق الركبة على المسرح." وأضاف
"كل هذا تغير بسبب تأثير السعودية." وقال إن نقطة التحول حدثت بعد غزو
صدام حسين الرئيس العراقي الراحل للكويت مما جعل الكثير من الكويتيين
يخرجون من بلادهم متجهين إلى السعودية حيث تأثروا أكثر بالفكر الوهابي.
وخلال احتلال العراق للكويت كان الأمير الكويتي وأعضاء حكومته
يحكمون من السعودية. وهناك روابط دينية وقبلية وثقافية وتجارية بين
البلدين. واعتبر بعض المحللين ان التأثير السعودي الذي اتضح من خلال
السلفيين وراء القرار الذي اتخذ مؤخرا بإلغاء ندوة شبابية كانت ستضم
معارضين سعوديين. وكان "ملتقى النهضة" يهدف إلى الجمع بين الليبراليين
والإسلاميين والشيعة والسنة من أنحاء العالم العربي لبحث شؤون دينية
وسياسية.
وقال مشاركون إن سلفيي الكويت ضغطوا على وزارة الداخلية لمنع
الملتقى. ورفضت الوزارة التعقيب على الدور الذي قام به السلفيون. وقال
مسؤول في وزارة الداخلية طلب عدم نشر اسمه بسبب عدم السماح له بالتعقيب
على هذه المسألة "الوزارة لم تمنعهم بل لم يكن لديهم تصريح لتنظيم
الملتقى في مكان عام."
وقال مشاركون إن السلفيين اعترضوا على بعض المشاركين ومنهم سعوديون
يثور حولهم جدل في بلادهم. واعترضوا على وجه الخصوص على مشاركة رجل
الدين السعودي سلمان العودة الذي ينظر له على أنه متعاطف مع جماعة
الأخوان المسلمين التي يعتبرها السلفيون مبالغة في اعتدالها. كما أن
العودة واجهته مشاكل مع السلطات السعودية لإشادته بانتفاضات الربيع
العربي. وكان من المقرر أيضا أن تتحدث هالة الدوسري النشطة السعودية في
مجال حقوق المرأة.
وقال بعض المشاركين في الملتقى إن هذه الواقعة دليل على تزايد
النفوذ السلفي وبالتالي النفوذ السعودي. ونفى النائب السلفي العميري أن
يكون السلفيون هم الذين أجبروا السلطات على إلغاء ملتقى النهضة وقال
إنه في حين أن السلفيين تربطهم أفكار مشتركة مع نظرائهم في السعودية
فإنه ليست بينهم صلات سياسية. بحسب رويترز.
وقال إبراهيم العدساني مدير مركز الوعي في الكويت لتحسين العلاقات
العربية الغربية إنه في حين أن سلفيي الكويت لهم علاقات مع السعودية
فإنهم بصفة عامة يتعرضون لسوء الفهم. وأضاف "ربما يبدو كلامهم أصوليا
خاصة عندما يصوتون لصالح أشياء مثل عقوبة الإعدام. لكن تذكروا أنهم
نواب ولديهم ناخبون يتطلعون لهم" مما يعني أن أفعالهم براجماتية أكثر
مما قد يظهر خطابهم. ومضى يقول "الناس يخلطون بين الأصوليين
والتقليديين. هناك أشخاص تقليديون وهم في تزايد. إنهم يريدون العودة
لتقاليدهم. إنهم يعتقدون أن الثقافة الغربية غزت بلادهم." |