الجزائر... اصلاحات لا تزال عاجزة في تغيير الواقع

 

شبكة النبأ: تحديات كبيرة لاتزال تواجه المواطن الجزائري الذي اجبر الحكومة على القبول بأجراء بعض الاصلاحات السياسية والغاء العديد من القرارات السابقة بخصوص المعارضين والاسلامين تلك الضغوط اثمرت بأجراء الانتخابات التشريعية لكن وبرغم من هذا الانجاز المهم الذي حققه الشارع الجزائري لايزال ينتظر النتائج والتي يعتقد الكثير من المراقبين انها ما زلت بعيدة بسبب صعوبة المرحلة الحالية فالحكومة الجزائرية اليوم تعيش حالة من الشلل جراء مناقشات بشأن من يجب ان يصبح الرئيس القادم الامر الذي يكشف عن انقسامات داخل النخبة الحاكمة وقد يهز استقرار البلاد الهش. وابقى التماسك والهيمنة اللذان تدير بهما المؤسسة الحاكمة في الجزائر المستعمرة الفرنسية السابقة المصدرة للنفط على استقرارها حتى في الوقت الذي تأثر فيه جيرانها بانتفاضات "الربيع العربي" خلال الثمانية عشر شهرا الماضية.

ومن شأن انهيار هذا التماسك ان يشعل من جديد الصراع مع اسلاميين متشددين ويرسل موجات من عدم الاستقرار عبر منطقة اوسع تعاني بالفعل من اضطرابات بعد الربيع العربي ومن الممكن ان يعرض للخطر صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي التي تعتمد عليها اوروبا. وأوضح علامة على الخلاف داخل النخبة الحاكمة هي ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يعين رئيسا للوزراء بعد اكثر من شهر من الموعد الذي كان من المتوقع ان يعلن فيه قراره.

وينص الدستور الجزائري على وجوب استقالة رئيس الوزراء احمد اويحيى بعد انتخابات برلمانية اجريت في العاشر من مايو ايار والتي كان على بوتفليقة ان يكلف بعدها اويحيى بتشكيل حكومة جديدة او يعين شخصا جديدا للمنصب. ولم يحدث اي من هذين الخيارين. ويمكن لعدد قليل من البعيدين عن دوائر صنع القرار الزعم بمعرفة ما يدور داخل نظام الحكم في الجزائر وهو احد اكثر انظمة الحكم في العالم غموضا واستعصاء على الاختراق. ولم يعط مكتب الرئيس اي اشارة على سبب التأجيل.

وافضل تصور هو ان عشائر متنافسة وجماعات مصالح تناضل من اجل ان يتولى مرشحها السلطة من بوتفليقة (75 عاما) عندما تنتهي فترته الثالثة وربما الاخيرة بعد عامين من الان. والمؤشرات هي ان المؤسسة منقسمة بصورة عامة الى معسكرين. الاول يريد البناء على ارث بوتفليقة والتواصل مع ذلك النوع من الاسلاميين المعتدلين الذين وصلوا الى السلطة في اماكن اخرى من المنطقة منذ الربيع العربي. بينما يريد المعسكر المنافس انفصالا واضحا عن بوتفليقة وهو معسكر شديد العلمانية ويشك في الاسلاميين.

واختيار رئيس الوزراء مرتبط بهذا الخلاف لأنه اذا تقلد اي من المتنافسين على الرئاسة منصب رئيس الوزراء فسيكون من الواضح انه على الاقل الان الخليفة الذي يدعمه بوتفليقة. وقال المحلل فريد فراحي "من سيحل محل بوتفليقة هو القضية الرئيسية في الجزائر حاليا وهذا يفسر سبب تأجيل تعيين حكومة جديدة. كل قرار سيكون له تأثير على الانتخابات الرئاسية.

وكانت الطريقة الهادئة التي استطاعت بها الجزائر تفادي انتفاضات الربيع العربي جديرة بالملاحظة. وفي ظل امتلاكها لاحتياطيات نقدية ضخمة من تصدير النفط والغاز تمكنت من استخدام الانفاق العام لتهدئة الاضطرابات الشعبية. اما المعارضة فهي ضعيفة. ولا توجد شهية تذكر لأحداث تغيير جذري إذ ان ذكريات الصراع الذي دار في التسعينات وأودى بحياة 200 الف شخص لا تزال حاضرة في الاذهان.

وبدلا من ذلك فإن التحدي الحقيقي أمام الجزائر هو ما اذا كانت النخبة التي تتقلد السلطة منذ الاستقلال عن فرنسا قبل 50 عاما يمكنها الابتعاد عن تمزيق نفسها بِشأن خلافة بوتفليقة التي تحل بعد عامين. وقال ريكاردو فابياني محلل شؤون شمال افريقيا في اوراسيا جروب "اعتقد ان 2014 هو نقطة ساخنة محتملة فيما يتعلق بالاستقرار السياسي في الجزائر ...افكر اكثر بشأن المساعي المحمومة والصراعات داخل (النظام)."

وينص الدستور الجزائري على ان السلطة يتقلدها الرئيس والبرلمان المنتخبان بطريقة ديمقراطية.

غير ان دبلوماسيين ومحللين يقولون ان البلاد تحكمها بالفعل مجموعة يطلق عليها اسم "لوبوفوار" وهي كلمة فرنسية تعني السلطة تتألف من مجموعة من كبار المسؤولين الذين يلتقون خلف ابواب مغلقة. ويقول محللون ان بوتفليقة يتمتع بنفوذ كبير داخل مجموعة "السلطة" لكن يشاركه في هذا النفوذ مسؤولون غير منتخبين خاصة من الجهاز الامني القوي.

ويتداعى تماسك النظام في بعض الاوقات وهو شيء يحدث الان فيما يبدو فيما يتعلق بخلافة بوتفليقة. وقال محمد لاجاب المحلل ومدرس العلوم السياسية بجامعة الجزائر "توافق الرأي...لازم لتحقيق تغير سلس لكن عندما لا يكون هناك توافق فإن النظام يتوقف عن العمل مثلما هو الوضع الان. كل شيء مجمد من قمة الدولة الى قاعدتها." ويشير اناس ممن هم على معرفة بما يدور داخل مجموعة "السلطة" الى قائمة من الاشخاص الذين سيترشحون للرئاسة.

ومن بين هذه الاسماء: عبد العزيز بلخادم. وهو حليف لبوتفليقة ورئيس جبهة التحرير الوطني وهي الحزب الحاكم تقليديا. وفازت الجبهة بالانتخابات البرلمانية التي اجريت الشهر الماضي. وسيفتح الاقتصاد امام المستثمرين وسيتواصل مع الاسلاميين وهم مجموعة مؤثرة. ويعتقد البعض في النخبة العلمانية ان قربه من الاسلاميين يجعله محل شك ويفضلون انفصالا اوضح عن بوتفليقة. غير انه رغم ذلك قد يظهر كمرشح توافقي لانه يقف في منطقة وسطى بين المعسكرين الاسلامي والعلماني.

سعيد بوتفليقة. الاخ الاصغر للرئيس. واذا اصبح رئيسا فسيعد استمرارا للحكم الحالي. ويقاوم هذا الكثيرون في النخبة الذين يعتقدون ان نظام الاسرة الحاكمة امر خاطئ وانه قد حان وقت التغيير على اي حال. عمار غول. هو اسلامي معتدل كان وزيرا للأشغال العامة. وهو مقرب من معسكر بوتفليقة. وسيكون اختياره اشارة على ان الجزائر تتماشى مع التيار السائد في المنطقة وهو فوز الاسلاميين بالسلطة. لكن بالنسبة لكثيرين في النخبة سيكون اختيار اسلامي رئيسا امرا لا يمكن تحمله او استيعابه. احمد اويحيى. يعتقد كثيرون في مجموعة "السلطة" ان سعي رئيس حكومة تصريف الاعمال للسيطرة على الاقتصاد فشلت في توفير الوظائف وانه قد حان وقت رحيله.

شخص من خارج دائرة الحكم. في بعض الاوقات تختار النخبة مرشحا من خارج التيار الرئيسي لتظهر استعدادها لتبني الاصلاح. وقد يكون هذا احمد بن بيتور وهو من التكنوقراط واستقال عام 2000 من رئاسة الوزراء بعد صدام مع بوتفليقة. وقد يكون مولود حمروش خيارا اخر وهو ايضا رئيس وزراء سابق يقول انصاره انه اقيل عام 1991 لانه اراد ان يصلح الاقتصاد. وكلاهما علماني. بحسب رويترز.

وسيتعين على النخبة ان تنهي انقسامها بشأن الخلافة اذا كان لها ان تتصدى لسلسلة من التحديات التي تعترض طريقها. فأسعار النفط تنخفض عن 100 دولار للبرميل وهو مثار قلق لبلد تمثل الطاقة 97 في المئة من صادراته ويحتاج الى سعر مرتفع لتغطية سياساته القائمة على الانفاق الحر. وتندلع اعمال شغب واضطرابات بين الحين والاخر وهو دليل على ان جزءا كبيرا من السكان يشعر بخية امل ازاء حكامه. غير ان المعضلة المتعلقة بكيفية الانتقال الى الرئيس المقبل من المرجح ان تشغل مجموعة "السلطة" لبعض الوقت. وقال المحلل فراحي "من الصعب جدا توقع ماذا سيحدث مستقبلا لكن يمكننا ان نقول ان السباق في انتخابات الرئاسة بدأ في الجزائر بالفعل."

الانتخابات غير شفافة

من جانب اخر اعلن تقرير للجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية عرض على الصحافيين ان الانتخابات الجزائرية في العاشر من ايار/مايو كانت "غير شفافة وغير ذي مصداقية". وجاء في التقرير الذي تلاه رئيس اللجنة محمد صديقي ان "الانتخابات التشريعية ليوم العاشر من ايار/مايو 2012 شابها الكثير من التجاوزات والاخلالات من بداية العملية حتى نهايتها الامر الذي اساء لصحتها ونزاهتها"، مضيفا "ان اللجنة تعتبر ان الانتخابات فاقدة للمصداقية".

وادرجت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات المكونة من ممثلين ل44 حزبا شارك في الاقتراع، كافة التجاوزات التي اطلعت عليها منذ دعوة الناخبين حتى اعلان النتائج الرسمية من قبل المجلس الدستوري. ووقع 35 عضوا في اللجنة التقرير في حين غاب اربعة اعضاء ورفض ممثلا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي الفائزين في الانتخابات توقيعه وامتنع باقي الاعضاء عن التوقيع.

وكان نص التقرير في صيغته الاولية الواقعة في 70 صفحة انتشر في العديد من الصحف الجزائرية. واوضح صديقي ان تلك النسخة الاولية صاغها ثمانية اعضاء في اللجنة ولم يتم تبني النص النهائي الا بعد قراءة المسودة والنقاش بشأنها. واكد انه لم يتم "تخفيفه تحت الضغط" كما رفض القول انه كان هناك "تزوير" في الاقتراع لكنه وصفه بانه "غير ذي مصداقية". بحسب فرنس برس.

وللمرة الاولى من ارساء التعددية في الجزائر في 1989، افلتت رئاسة هذه اللجنة المكلفة "متابعة ومراقبة العمليات الانتخابية"، من هيمنة الادارة. وخلال الانتخابات السابقة كان يتم دائما ايكال رئاستها الى شخصية تعينها السلطات. وانتخب صديقي من قبل باقي اعضاء اللجنة. وكان حزب جبهة التحرير الوطني (حزب الرئيس) اكبر الفائزين في الانتخابات وحصل على 208 مقاعد وحل التجمع الوطني الديموقراطي (حزب رئيس الوزراء احمد اويحيى) ثانيا مع 68 مقعدا ثم تحالف "الجزائر الخضراء" مع 49 مقعدا. ويضم مجلس الشعب 462 عضوا بينهم 145 امرأة.

أكبر حصة للنساء

في السياق ذاته وبعد ان أصبحت لدى الجزائر أكبر نسبة من النائبات في العالم العربي يتعين الآن على العمال في مبنى المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) إجراء بعض التعديلات العاجلة. وفي حين أن مرحاض الرجال امام غرفة المداولة مباشرة يحمل رسما واضحا لرجل فإنه لا توجد حتى الآن اي لافتات تشير الى المرحاض المخصص للنساء. وفي الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد اضطرت اثنتان من النائبات اللاتي انتخبن حديثا للسؤال عن الاتجاهات للوصول الى المرحاض. وقال صحفي محلي فيما كان يتابع الجلسة الافتتاحية للبرلمان "أينما أذهب أرى امرأة امامي. تغيرت الأوضاع. نحن اعتدنا رؤية الرجال فقط."

وانتخبت 146 امرأة لعضوية البرلمان بعد أن كان عددهن 31 وحسب قبل ذلك. ويمثل النساء الآن 31.6 في المئة من اعضاء المجلس وهي اكبر حصة للنساء في اي مجلس تشريعي عربي وأعلى من دول كثيرة في الغرب. هذه القفزة المفاجئة هي نتيجة الحصة التي خصصها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للنساء والتي اعتقد الكثيرون من المتشككين بما في ذلك مراقبون اجانب للانتخابات أنها لن تطبق.

والآن تستمتع الجزائر المصدرة للطاقة والبالغ عدد سكانها 37 مليون نسمة بوضعها الجديد كرائدة في مجال حقوق المرأة. وأشاد كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بالحصة الكبيرة التي حصلت عليها المرأة.

لكن دعاة للمساواة يقولون إن السؤال الرئيسي يظل دون إجابة ألا وهو كيف ستستغل النائبات - وأغلبيتهن جديدات على العمل السياسي - مواقعهن الجديدة؟ وبموجب الدستور الجزائري يتمتع رئيس الدولة بأغلبية الصلاحيات مما لا يترك سوى سلطات محدودة للبرلمان. وعادة لا تتجاوز مهمة النواب التصديق على مبادرات يتقدم بها الجناح التنفيذي. وتقول جماعات نسائية إن النتيجة تمثل تطورا إيجابيا وإن كان محدودا. وتقول نادية آيت زاي رئيسة مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة وهي منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق النساء والأطفال إن هذا يمثل انتصارا لكنها تساءلت عما تستطيع هؤلاء النسوة المئة والأربعين القيام به.

وتحتل تونس حاليا المرتبة الثانية بعد الجزائر من حيث عدد النائبات اذ تشغل النساء 26.7 في المئة من المقاعد في البرلمان وفقا لأرقام جمعها الاتحاد البرلماني العربي. وفي هذا المجال تتقدم الجزائر عدة دول غربية منها سويسرا وكندا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. وقالت سميرة كركوش وهي عضو جديد بالبرلمان من الجزائر العاصمة في مبنى المجلس الوطني إن النساء سيلعبن دورا وأضافت أنهن يسعين للتغيير.

ربما كان بوتفليقة يفكر في التركة التي سيخلفها من بعده حين خصص حصة للنساء. انه في الخامسة والسبعين من العمر ولا يتوقع كثيرون أن يخوض الانتخابات الرئاسية لولاية رابعة حين تنتهي ولايته عام 2014 . وتتسق زيادة أعداد النساء في البرلمان والمؤسسة العلمانية الحاكمة التي ينتمي لها الرئيس. في التسعينيات كافحت المؤسسة إسلاميين متشددين وهزمتهم وكانت لهم عدة اهداف منها التزام النساء منازلهن. ولعبت النساء في الجزائر تقليديا دورا في الحياة العامة اكثر نشاطا من نظيراتهن في أغلب الدول العربية الأخرى. وهناك نساء بين ابطال حرب التحرير في الجزائر واستقلالها عن فرنسا في الستينيات. وكانت نساء مشاركات في العمل السري يرتدين ملابس غربية ويتسللن دون أن يلحظهن احد الى الحانات والمطاعم التي يتردد عليها الفرنسيون ليتركن قنابل يضبطن توقيتها لتنفجر بعد دقائق.

واليوم تفتخر قوة الشرطة بأفرادها من الضابطات. وفي حفلات التخرج تستعرض الطالبات مهاراتهن في القتال وتفكيك الأسلحة الآلية. غير أن العدد الكبير للنساء في البرلمان مثل مفاجأة. وكان معظم الناس يفترضون أن الأحزاب التي يهيمن عليها الرجال ستجد سبلا للتحايل على الحصة التي خصصها بوتفليقة. غير أنه قبل بضعة ايام من الانتخابات وضعت وزارة الداخلية معادلة حسابية لتوزيع المقاعد ضمنت أن يمثل النساء نحو ثلث المجلس الجديد. بحسب رويترز.

وتقول آيت زاي الناشطة في مجال حقوق الانسان إنها واثقة من أنه مع تقديم الدعم الملائم فإن العضوات الجدد بالبرلمان سيتمكن من إحداث تغيير. وأضافت في مكتبها الذي زينته بملصقات تندد بالعنف الأسري أن الكثير من النائبات يخضن غمار العمل السياسي للمرة الأولى وبالتالي فإنه اذا كانت النساء يردن شيئا من النائبات فعليهن أن يتوجهن اليهن. وقالت إنه لا يمكن توقع أن تأتي النائبات اليهن وبالتالي سيتم إنشاء برامج لتدريب البرلمانيات وتثقيفهن بشأن حقوق المرأة.

20 مليار دولار

على صعيد متصل اكد وزير النفط الجزائري يوسف يوسفي ان الجزائر قد تخسر 20 مليار دولار من مداخليها خلال سنة في حال استمرار انخفاض سعر النفط كما هي الحال منذ عدة اسابيع. واوضح يوسفي في تصريح للإذاعة الجزائرية "لقد خسرنا 30 دولارا عن المستوى الذي بلغه برميل النفط منذ بضعة اشهر". وتابع "30 دولارا انخفاض كبير وخلال سنة يمثل بالنسبة لنا خسارة تتراوح بين 18 و 20 مليار دولار من المداخيل النفطية...هذا امر مقلق".

واشار يوسفي الى ان انخفاض اسعار النفط "لن يؤثر في اي حال من الاحوال على مشاريع الاستثمار في مجال التجهيز التي اطلقتها الحكومة". وأضاف ان "تحذيرات وزير المالية تمحورت حول ضرورة ترشيد نفقات التسيير التي عرفت ارتفاعا كبيرا خلال هذه السنوات الاخيرة اثرت بشكل كبير على ميزانية الدولة".  وعزا وزير النفط انخفاض الاسعار الى "فائض في العرض وعوامل سياسية" دفعت بعض الدول الى زيادة انتاجها. ولم يستبعد يوسف يوسفي الاحد عقد اجتماع استثنائي لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) لبحث تدهور الاسعار كما طالب بذلك بعض الاعضاء من اجل العودة لسقف 30 مليون برميل يوميا لذي حددته المنظمة في اجتماع فيينا في منتصف حزيران/يونيو.

ويتطلب ضبط ميزانية الجزائر ان ترتفع اسعار النفط التي تشهد انهيارا منذ عدة اسابيع الى اكثر من 112 دولارا للبرميل، كما افاد مسؤول ببنك الجزائر المركزي في تصريح نشرته وكالة الانباء الجزائرية. وقال جمال بن بلقاسم مستشار ببنك الجزائر المركزي "من الآن فصاعدا فان توازن الميزانية يتطلب مستويات من أسعار نفط تفوق 112 دولارا للبرميل بينما تبقى المداخيل تابعة بقوة إلى أسعار المحروقات المتذبذبة". و بلغ سعر النفط الجزائري (صحاري بلاند) خلال سنة 2011 في المعدل 112 دولارا.

واوضح بن بلقاسم ان في حالة تراجع أسعار النفط الى المستوى الذي عرفته سنة 2009 (حوالي 60 دولار) سيتم اللجوء إلى صندوق ضبط الموارد الذي سيغطي 10 سنوات من العجز في الميزانية. ويتم تمويل صندوق ضبط الموارد الذي بلغت موجوداته سنة 2011 اكثر من 53 مليار دولار بالفارق بين سعر النفط الحقيقي في السوق والسعر المرجعي الذي على اساسه يتم اعداد ميزانية الدولة. وكان السعر المرجعي لسنة 2012 الوارد في قانون المالية 37 دولارا للبرميل. بحسب فرنس برس.

وحسب بنك الجزائر المركزي فان مداخيل الجزائر من تصدير النفط والغاز التي حققت ارتفاعا بنسبة 37% مثلت 27,7% من الناتج الداخلي الخام سنة 2011 مقابل 24% في 2010.

وسجلت ميزانية الدولة في 2011 عجزا ماليا طفيفا لم يتعد 28 مليار دينار (280 مليون يورو) على اساس حساب سعر النفط الجزائري ب112 دولارا للبرميل. وكان صندوق النقد الدولي حذر الجزائر في كانون الثاني/يناير من ان ميزانيتها "مرهونة" بأسعار النفط، ما سيكون له انعكاسات عميقة على اقتصاد البلد. كما دعاها الى ترشيد النفقات العمومية لتفادي زيادة التضخم. وبلغت النفقات في ميزانية العام الحالي 74 مليار يورو منها 13 مليار يورو موجهة لتمويل النفقات الاجتماعية.

التهديد الارهابي

من جانب اخر اكد المدير العام للأمن الوطني الجزائري اللواء عبد الغني هامل ان "التهديد الارهابي" ما زال قائما في كل مناطق الجزائر وان جهاز الشرطة اتخذ تدابير وقائية لمواجهة اي اعتداء، كما جاء في مقابلة مع صحيفة الخبر. وقال اللواء هامل ان "التهديد الإرهابي يبقى قائما في كل المناطق كما أن الإبقاء على التدابير الأمنية الخاصة على مستوى الجزائر العاصمة وبعض المدن الكبرى مرده تعزيز الأمن والتصدي لكل النوايا الإجرامية".

وتابع "الاعتداءات الإرهابية التي تمس باستقرار وأمن الدولة دفعت المديرية العامة للأمن الوطني إلى اتخاذ عدة إجراءات وقائية، بالموازاة مع تكثيف العمل الميداني عن طريق وضع تشكيلات أمنية لمواجهة مثل هذه الاعتداءات". واوضح اللواء هامل ان التدابير الامنية للشرطة "لا علاقة لها بحالة الطوارئ" التي تم رفعها رسميا في نيسان/ابريل 2011 بعد 19 سنة من فرضها لمواجهة العنف من قبل الاسلاميين المسلحين. واضاف ان من بين هذه التدابير "حواجز المراقبة الأمنية في مداخل ومخارج المدن وكذلك الطرق المؤدية إلى المنشآت الحساسة (بهدف) تضييق الخناق على التحركات الإرهابية وتوقيف الأشخاص المبحوث عنهم والمركبات المسروقة". بحسب فرنس برس.

وعن سؤال حول قدرة المجموعات الاسلامية المسلحة التي اصبحت تعمل تحت لواء القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي على "تجنيد" عناصر جديدة خاصة في الاحياء الشعبية، اكد هامل ان الشرطة "اقامت مراكز جوارية" في هذه الاحياء للتصدي لذلك. وخلف اللواء عبد الغني هامل قائد قوات الحرس الجمهوري سابقا في منصب المدير العام للأمن الوطني، العقيد على تونسي الذي اغتيل في مكتبه على يد احد معاونيه في شباط/فبراير 2010. وما زالت الجزائر تشهد عمليات مسلحة ضد قوات الامن يتبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي خاصة في منطقة القبائل المجاورة للجزائر العاصمة وفي الصحراء القريبة من دول الساحل الافريقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/تموز/2012 - 19/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م