شبكة النبأ: تفيد الكثير من الرؤى
والتحليلات السياسية حول الاحداث العاصفة التي تمر بها مملكة السعودية
الى تنامي مخاوف ساسة البلاد من وقوع مواجهات محتملة بعد احتدام الصراع
السياسي في اروقة البلاط الحاكم بعد موت ولي العهد السابق الامير نايف.
مما دفع بالقيادة السعودية كما يبدو مؤخرا الى تحويل ذلك الصراع بين
ابناء المشيخة الحاكمة الى صراع مع العدو التقليدي داخل المملكة
المتمثل بالطائفة الشيعية المناوئة للسلطة عبر تصعيد مفاجئ في المواجهة.
فقد سربت العديد من الأنباء شبه المؤكدة على قيام بعض الامراء
السعوديين المعارضين لسياسة الملك بتحركات شبه عسكرية داخل المدن التي
يحكمونها، عبر تحشيد قوات شبه عسكرية تدين لهم بالولاء، خصوصا بعد ان
بات الملك عبد الله قاب قوسين او ادنى من الموت.
ويؤكد الكثير من المراقبين على ان عملية اعتقال رجل الدين الشيعي
البارز نمر النمر جاءت كمحاولة للنظام القائم في التخفيف من حدة الصراع
الداخلي واستباق اي مواجهة محتملة في حال موت الملك بين اقطاب السلطة،
عبر تأجيج الشارع الشيعي المضطرب كعدو متربص بالنظام.
فقد يثير اعتقال رجل دين معروف بمواقفه المتشددة تجاه السلطات
السعودية ومقتل اثنين من المتظاهرين احتمال اعادة حركة الاحتجاج في
اوساط الاقلية الشيعية التي تتركز غالبيتها في المنطقة الشرقية الغنية
بالنفط.
وقد اعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي اعتقال
نمر باقر النمر (53 عاما) عصر الاحد في بلدة العوامية ونقله الى
المستشفى للعلاج بعد اصابته في فخذه. واكد التركي ان "قوات الامن لن
تتهاون في التعامل مع مثيري الفتنة والشغب ممن اساؤوا الى مجتمعهم
ووطنهم، وجعلوا من انفسهم ادوات في ايدي اعداء الوطن والامة".
وقال ناشطون حقوقيون ان انصاره خرجوا للتظاهر مساء الاحد رافعين
صوره من بلدة العوامية مشيا على الاقدام وانضموا للمحتجين في شارع
الملك عبدالعزيز وسط مدينة القطيف. لكن المسيرة تحولت الى صدامات مع
قوات الامن المنتشرة بكثافة في المكان ما ادى الى مقتل شخصين وجرح
اخرين، بحسب المصادر.
واضافت ان "اكبر الشاخوري من بلدة العوامية ومحمد الفلفل من القطيف
قتلا وجرح عدد من المتظاهرين بعدما اطلقت القوات الامنية النار على
مسيرة حاشدة جابت شوارع القطيف احتجاجا على اعتقال" النمر .
واكدت المصادر "اصابة نحو عشرة من المتظاهرين برصاص القوات الامنية
التي تدخلت لتفريق المسيرة في شارع الرياض وسط المدينة". وبذلك، يرتفع
الى تسعة عدد الذين سقطوا خلال تفريق مسيرات في القطيف منذ تشرين
الاول/اكتوبر العام الماضي.
يشار الى ان النمر قال خلال خطبة في مسجده في العوامية قبل عشرة
ايام "انا على يقين من ان اعتقالي او قتلي سيكون دافعا للحراك وجهاز
المخابرات يثير شائعات لاشغال المجتمع عن الصراع الداخلي".
ووجهت دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي الى التظاهر تاييدا للنمر
المعروف بانتقاداته الحادة لافراد من العائلة المالكة في السعودية.
ورجل الدين الذي اعتقلته السلطات مرات عدة كان ابدى ارتياحه في احدى
خطبه لرحيل ولي العهد السابق وزير الداخلية الامير نايف بن عبد العزيز
في 16 حزيران/يونيو الماضي، وفقا لشريط بثه موقع يوتيوب.
كما تظهر صور على مواقع التواصل الاجتماعي اعدادا صغيرة من الشبان
الشيعة يطلقون الاسهم النارية والمفرقعات فور الاعلان عن وفاة الامير
نايف الذي يعتبرونه مسؤولا عن قمع تحركاتهم. يذكر ان النمر دعا العام
2009 الى "انفصال القطيف والاحساء واعادتهما الى البحرين لتشكيل اقليم
واحد كما كانت سابقا" في اشارة الى الحقبات الماضية.
وتزامن اعتقال النمر مع زيارة قام بها وزير الداخلية البحريني
الفريق الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الى جدة حيث بحث مع وزير
الداخلية السعودي الامير احمد بن عبد العزيز اهمية التنسيق بين الاجهزة
الامنية في البلدين في مكافحة الارهاب.
وتطرقت المباحثات الى "اهمية وضرورة التعاون في مجال مكافحة الارهاب
والتنسيق (...) والتصدي للجرائم الالكترونية، كما اتفقا على اهمية
وضرورة تطوير التعاون والتنسيق والاتصال بين الاجهزة المعنية
بالبلدين".
وتعد المنطقة الشرقية الغنية بالنفط المركز الرئيسي للشيعة الذين
يشكلون نحو 10% من السعوديين البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة. ويتهم
ابناء الطائفة الشيعية السلطات السعودية بممارسة التهميش بحقهم في
الوظائف الادارية والعسكرية وخصوصا في المراتب العليا للدولة.
واعتقلت السلطات عصر الأحد في بلدة العوامية الشيخ النمر بعدما
طاردته دوريات أمنية تابعة للمباحث في شوارع البلدة أنتهت بإرتطام
السيارة التي يستقلها الشيخ بجدار أحد المنازل. وأظهرت صور ولقطات
فيديو الشيخ ممدا في المقعد الخلفي لسيارة الأمن وثيابه ملطخة بالدماء.
وسمع الأهالي دوي طلقات نارية صاحبت المطاردة التي انتهت بارتطام
السيارة التي يستقلها الشيخ بجدار أحد المنازل. كما أظهرت صور أخرى
تعرض السيارة لأضرار كبيرة نتيجة الحادثة إلى جانب آثار طلقات نارية في
بعض جوانبها، علاوة على العديد من فوراغ الرصاص بجانب السيارة.
وذكر محمد النمر أن الشيخ نمر احتجز من قبل عدة ايام عامي 2004
و2006. وطبقا لبرقيتين دبلوماسيتين نشرهما موقع ويكيليكس فقد وصف
دبلوماسي امريكي التقى مع النمر في اغسطس اب عام 2008 بانه شخصية من
الدرجة الثانية في الحياة السياسية الشيعية ولكنه شخص كانت شعبيته اخذة
في التزايد. وقالت البرقيتان انه القى خطبة في يناير كانون الثاني 2008
دعت الى انشاء"جبهة معارضة ورعة".
واندلعت احتجاجات صغيرة ومتفرقة العام الماضي في المنطقة الشرقية
التي تتركز بها صناعة النفط ويعيش فيها نحو مليون شيعي. وأظهر احصاء
حكومي من عام 2001 ان عدد الشيعة في المملكة العربية السعودية بلغ اكثر
من مليون شخص. ولكن تقريرا لمجموعة الازمات الدولية من عام 2005 قال ان
عددهم يبلغ نحو مليوني شخص.
وفي يناير كانون الثاني أمرت المملكة باعتقال 23 شيعيا في المنطقة
الشرقية اتهمتهم بالمسؤولية عن الاضطرابات التي أدت إلى حوادث اطلاق
للنار واحتجاجات في الاسابيع الأخيرة. |