ياسر عرفات... عودة بعد موت

 

شبكة النبأ: بعد مضي سنوات على موتة المفاجئ والذي اثير حولة الكثير من الشكوك والاسئلة يعود ملف رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لظهور من جديد بعد عرض تقرير تلفزيوني خاص يرجح اغتيال ياسر عرفات بمادة مشعة وبحسب ما اعلن عنه احد المختبرات السويسرية الذي اكد العثور على آثار لعنصر البولونيوم السام بعد تحليل بعض مقتنيات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تلك التحليلات وبحسب بعض المراقبين تؤكد الشكوك السابقة التي اتهمت اسرائيل بتصفية هذه الشخصية الفلسطينية البارزة من اجل تفكيك النسيج الفلسطيني لكنهم لم يستبعدوا ايضاً اشتراك بعض الاطراف الفلسطينية في هذه العملية التي لاتزال نتائجها مجهولة وفي هذا السياق دعت السلطة الفلسطينية الى تشكيل لجنة تحقيق دولية في وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مؤكدة انها لا تمانع في فحص رفات الزعيم الراحل، وذلك على ضوء ما كشفته قناة الجزيرة انه قد يكون قضى مسموما بمادة مشعة. واعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "ندعو الى تشكيل لجنة تحقيق دولية على غرار لجنة التحقيق الدولية التي شكلت حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري"، مضيفا "ندعو العالم للتعامل مع هذا الملف بالجدية المطلوبة خاصة على ضوء ما كشفته قناة الجزيرة الفضائية والذي نثمنه عاليا".

واظهرت استنتاجات تحاليل اجريت في مختبر في سويسرا ونقلتها قناة الجزيرة القطرية الفضائية في برنامج وثائقي ان ياسر عرفات قد يكون قضى مسموما بمادة البولونيوم المشعة. وتعقيبا على ذلك، اكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة ان السلطة الفلسطينية لا تمانع فحص رفات الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي توفي بمرض غامض حتى الان. موضحا انه "لا يوجد اي سبب ديني او سياسي يمنع او يحول دون اعادة البحث في هذا الموضوع بما في ذلك فحص الرفات من قبل جهة علمية وطبية موثوقة وبناء على طلب وموافقة افراد عائلته".

واكد ابو ردينة ان "الرئيس محمود عباس اصدر تعليماته للجنة التحقيق في استشهاد الرئيس عرفات عقب تقرير الجزيرة بمتابعة جميع المعلومات والتقارير التي تتعلق بهذا الموضوع، والاستعانة بالخبرات العربية والدولية العلمية للوقوف على حقيقة اسباب مرضه واستشهاده". وقال ان "القيادة الفلسطينية وعلى راسها الرئيس عباس تعهدت بمتابعة موضوع اسباب مرض واستشهاد الرئيس الراحل، من اجل الوقوف على الحقيقة التي تقطع الشك باليقين بهذا الشأن".

واضاف ابو ردينة ان "السلطة وكما كانت على الدوام على استعداد كامل للتعاون وتقديم جميع التسهيلات للكشف عن الاسباب الحقيقية التي ادت إلى مرض واستشهاد الرئيس الراحل" الذي ما زال "يشغل الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي، لما له من اهمية قصوى نابعة من اهمية باعث اسم فلسطين ورمزها وقائد نضال شعبها على امتداد اربعة عقود على طريق الحرية والاستقلال". وشدد عريقات من جهته على ان المسالة "تتطلب التحقيق بشكل جدي وتوفير كل الامكانيات المطلوبة للجنة التحقيق الدولية للوصول الى نتائج واعلان نتائج التحقيق بشكل علني ومعرفة من اغتال رئيس الشعب الفلسطيني ياسر عرفات".

وفي هذا السياق اعلن اللواء توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية بوفاة عرفات ان الرئيس عباس وافق على فحص جثمان عرفات واعتبر ان تقرير الجزيرة يثبت تورط اسرائيل باغتيال عرفات. وقال "انني بعد بث تقرير الجزيرة قابلت الرئيس عباس واوصيت بالموافقة على فحص جثمان الشهيد عرفات وبدوره الرئيس عباس وافق على ذلك بعد موافقة عائلته وهي زوجته سهى وابن شقيقته ناصر القدوة ممثل العائلة". واضاف "انه اذا وافقت عائلة الشهيد عرفات سنبلغ المختبر السويسري خلال الايام القادمة للحضور لأخذ الفحوصات التي يحتاجونها".

وشدد على "ان تقرير الجزيرة يؤكد تورط اسرائيل في قضية اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل"، متسائلا "من له علاقة بالنووي في المنطقة غير اسرائيل ومن معني بقتل عرفات غير اسرائيل التي كانت تطالب بالتخلص منه في تصريحات علنية لمسؤوليين اسرائيليين". واستطرد "علينا الان كشف اداة توصيل البولونيوم للشهيد عرفات لجسده وملابسه". مضيفا "سوف نتصل بلجنة التحقيق في قناة الجزيرة والمختبر السويسري وسنطلب التقرير والتعاون المشترك للوصول الى الحقيقة والاعلان عنها".

من جانبها رحبت سهى عرفات زوجة الزعيم الراحل بقرار الرئيس عباس "تفعيل لجنة التحقيق الفلسطينية بناء على نتائج تحقيق قناة الجزيرة". وقالت من مالطا ان "الرئيس عباس كان دائما حريصا على كشف حقيقة استشهاد ابو عمار ولم يدخر جهدا في هذا الصدد للوصول الى الحقيقة كاملة". لكنها اضافت "باعتباري انا زوجته فإنني امثل عائلة الرئيس عرفات وسوف اوقع رسالة رسمية فورا مني الى المختبر السويسري الذي اجرى الفحوص وكشف وجود البولونيوم في ملابس عرفات بالموافقة على اخذ عينات فحص من رفات الشهيد عرفات للتأكد من نتائج الفحوصات وللإسراع في الوصول الى الحقيقة". بحسب فرنس برس.

وقالت "اطالب فورا بالسماح للمختبر السويسري بفحص الجثمان لأنه ضروري للتحقيق والاسراع في كشف الحقيقة كاملة للشعب الفلسطيني وللعالم، موضحة "انه حسب معلوماتي من المختبر السويسري ان التأخير يضر بنتائج التحقيق". واكدت "ان كل خطوة سأقوم بها سوف تكون بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وخاصة مكتب الرئيس عباس لان القضية تهمنا بشكل مشترك وبنفس القدر من الاهتمام والمسؤولية".

آثار لعنصر البولونيوم السام

في السياق ذاته قال معهد سويسري انه عثر على آثار لعنصر البولونيوم السام في مقتنيات شخصية للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقال تقرير تلفزيوني ان أرملته طالبت بتحليل عينة من رفاته. وتوفي عرفات في مستشفى في فرنسا في 2004 بعد مرض مفاجئ حير الاطباء. ويعتقد فلسطينيون كثيرون انه جرى تسميمه.

وقال دارسي كريستن -وهو متحدث باسم معهد الفيزياء الاشعاعية في لوزان بسويسرا ان المعهد عثر على مستويات مرتفعة "بشكل مثير للدهشة" من عنصر البولونيوم-210 في مقتنيات لعرفات. لكنه أكد ان الاعراض الاكلينيكية المذكورة في التقارير الطبية لعرفات لا تتناسب مع البولونيوم-210 وأنه لا يمكن استخلاص نتائج فيما يتعلق بما إذا كان قد جرى تسميم الزعيم الفلسطيني ام لا.

وقال برنامج وثائقي للجزيرة ان الاختبارات اظهرت ان ملابسه وفرشاته للأسنان وكوفيته احتوت على مستويات غير عادية من البولونيوم وهو عنصر نادر عالي الاشعاع. وقال فرانسوا بوشو مدير المعهد في البرنامج الوثائقي "استطيع ان اؤكد لكم اننا قسنا كمية عالية من البولونيوم-210 المصنع في متعلقات للسيد عرفات تحمل بقعا من سوائل بيولوجية."

واضاف ان الوسيلة الوحيدة لتأكيد النتائج ستكون تحليل عينة من رفات عرفات لمعرفة هل توجد اثار للبولونيوم-210 . وابلغ بوشو الجزيرة "لكن علينا ان نفعل هذا بسرعة كبيرة لان البولونيوم يتحلل وعليه فأننا إذا انتظرنا طويلا فبالتأكيد فان اي أدلة محتملة ستختفي." واكتشف ان البولونيوم كان السبب في وفاة الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفنينكو في لندن في 2006 واشارت افتراضات الي انه جرى تسميمه عن عمد.

وقال أطباء فرنسيون عالجوا عرفات في ايامه الاخيرة انهم لا يمكنهم تحديد سبب الوفاة. ورفض مسؤولون فرنسيون الكشف عن تفاصيل طبيعة مرضه بسبب قوانين الخصوصية. وثبت أن البولونيوم الذي يمتص ببطء مع الطعام تسبب في وفاة عميل المخابرات الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو ببطء في لندن عام 2006 . والجرعات العالية من عنصر البولونيوم-210 تسبب تلفا لأعضاء الجسم والانسجة. وحاولت بريطانيا دون جدوى ان تتسلم من روسيا مشتبها به كان أحد ضباط الامن السابقين بالكرملين .

من جانبها، نفت اسرائيل الاتهامات بتسميم ياسر عرفات الذي حاصرته وكانت تسعى علنا الى التخلص منه. وقال يغال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية "اذا رغب الفلسطينيون حقا في معرفة الحقيقة فيكفي ان يطالبوا السلطات الفرنسية بتسليمهم الملف الطبي الذي اعده مستشفى بيرسي والذي تسلمته كذلك ارملة عرفات". واضاف "اذا تم التكتم على هذا الملف خلال السنوات الماضية، فذلك بلا شك لان ارملة عرفات ومسؤولين فلسطينيين لديهم ما يخفونه". ودعت حركة حماس المعارضة لياسر عرفات في بيان الى تقديم شكوى عربية ضد اسرائيل لكشف ملابسات "اغتيال عرفات"، مؤكدة ان "هذه الجريمة تصب في مصلحة العدو الصهيوني".

وقال راديو الجيش الاسرائيلي ان دس البولونيوم في الطعام هو الوسيلة الوحيدة لقتل شخص ما بهذا السم وسأل ديختر الذي تتولى وكالته المسؤولية كاملة عن مراقبة الفلسطينيين ما اذا كان هذا الامر ممكنا مع عرفات. ورد ديختر وهو يضحك قائلا "انت توجه الي السؤال كما لو كنت أنا الطاهي الخاص به." وواصل حديثه "لا.. كنا نركز على اشياء أكثر خطورة. طعام عرفات لم يكن موضع اهتمامنا. أعتقد انه كان يهم الذين حوله من اجل المحافظة على صحته لأنه في الحقيقة كان يعرف انه ليس على ما يرام. لكن شين بيت أو دولة اسرائيل لم يكن لهما دخل بطعام عرفات." وعندما تم الالحاح عليه بشأن سيناريو التسميم قال ديختر "ياسر عرفات كان له كثير من الاعداء محليا وفي الخارج. لكن دعهم يحققون... الفلسطينيون يعرفون جيدا كيف يحققون فيما يحدث في دارهم. دعهم يحققون ويعرفون." بحسب رويترز.

وعلق بادي ريجان استاذ الفيزياء النووية بجامعة ساري البريطانية في تقرير قناة الجزيرة بقوله "لا توجد معلومات كافية متاحة لتوضح ما اذا كان عنصر البولونيوم - 210 أو يمكن أن يكون سبب الوفاة." وقال ريجان انه يمكن ان تكون هناك تفسيرات أخرى عديدة للقراءات العالية في ملابس عرفات مثل حدوث نشاط اشعاعي بصورة طبيعية. وقال ان كل مثل هذه "المصادر الطبيعية" يجب استبعادها قبل استخلاص ان البولونيوم - 210 كان "سلاح قتل". وفي عام 1997 تم ضبط قتلة اسرائيليين وهم يحاولون قتل خالد مشعل القيادي في حماس بالسم في الاردن. ويشتبه في اسرائيل ايضا في قتل محمود المبحوح القيادي بحماس في غرفة فندق بدبي عام 2010 والذي قالت سلطات دولة الامارات انه تم تخديره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/تموز/2012 - 17/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م