ولادة الإمام الحجة وفلسفة الانتظار

 

شبكة النبأ: الانتظار فلسفة يحاول الانسان من خلالها أن يصحح مسارات حياته نحو الافضل، وهذه الفلسفة تؤكد ببساطة متناهية، أن انتظار المنقذ يتطلب تمهيدا وعملا متواصلا بالاتجاه الصحيح، وهي فلسفة موجودة لدى أمم اخرى من غير المسلمين، وهي في الحقيقة طريقة لادامة الأمل في النفوس.

لذلك نلاحظ أن هذه الفلسفة وهذه العقيدة التي يتمسك بها الشيعة من موالي آل البيت عليهم السلام، ويؤمن بها ابناء العامة ايضا، تعد سبيلهم نحو التقرب الى الله تعالى، من خلال القيام بالاعمال الصالحة تقربا الى الامام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وايمانا منهم بأن الامام الحجة يطلّع على جميع أعمالم، ولذلك يحرص المسلمون أن تكتسب هذه الاعمال مقدارا كافيا من السلامة والمقبولية.

إذ يقول سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، حول هذا الموضوع: (هو شاهد على أعمال البشر وسلوكهم، لاسيّما المؤمنين منهم، وأنّ الله تعالى ادّخره ليستنقذ به المستضعفين، ويهدي الجاهلين).

ولعل الجانب المهم الذي يدفع المسلمين للتمسك بفلسفة الانتظار وتعميقها، يأتي كرد فعل على ما يتعرض له الانسان من ظلم وتجاوزات لا حدود لها، من لدن حكومات قمعية متسلطة وحكام يتسمون بالطغيان والتوحش، حيث تتعرض الاصوات المعارضة لهؤلاء الحكام وحكوماتهم المستبدة، الى انواع بشعة من التعذيب والتشريد والملاحقات، كخطوة تسبقها عمليات قتل واسعة تطال كل المعارضين، مما يؤدي الى انتشار الظلم بصورة واسعة ليس بين الشيعة وحدهم، بل ليس بين المسلمين وحدهم، إنما العالم اجمع يمتلأ ظلما وجورا.

وهكذا تكون الحاجة الى ظهور الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، حاجة لا مناص من التمسك بها والعمل على تعجيلها، من خلال الاعمال التمهيدية التي تتصف بالسلامة والكمال، حيث يقيم الامام الحجة حكومته العالمية التي تملأ الارض عدلا وقسطا، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال، بشأن ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه حيث يقوم: (بتشكيل حكومة تسع المعمورة برمّتها، وهذا الأمر يتطلّب أخلاقيّات وأساليب إداريّة حكيمة وخاصّة يبلورها القادة والمسؤولون الرفيعون فيها، وعلى رأسهم الإمام نفسه. ومن هذه الأساليب أن يكون المسؤول مع الناس والمساكين  رؤوفاً رحيماً، بالقدر نفسه الذي يكون فيه حازماً وحسيباً على عمّاله والمسؤولين).

وهكذا يكون الحاكم الرؤوف الرحيم مع الرعية والشديد مع الولاة والعمال الحكوميين، بديلا لحكومات أرهقت كاهل البشرية جمعاء، لاسيما طبقة الفقراء، حيث تتزايد درجة الفقر على مستوى العالم كما تشير التقارير الموثوقة لمنظمات عالمية مستقلة، مقابل تركيز الوفرة المالية والثراء لدى اقلية من سكان العالم الذين تجاوزوا الستة مليارات نسمة، حيث يشير احد التقارير الى (إن مشكلة الفقر تكمن في وجود التفاوت الشديد في الثروة والدخول بين الأفراد إذا أردنا قياس ذلك على مستوى المجتمع المحلي، أو بين الدول على مستوى المجتمع العالمي، فمعنى ذلك أن المشكلة الاقتصادية التي تمثل مشكلة الفقر تعتبر عنصراً أساسياً فيها ليست كما تصورها الرأي الاقتصادي التقليدي السائد بأنها مشكلة تعدد الحاجات وندرة الموارد، وإنما هي مشكلة سوء توزيع الثروة والدخول).

وهذا دليل على سوء الحكام والحكومات، كما نلاحظ في الدول التي تتخذ من الاسلام دينا رسميا لها، ولكنها لاتقوم بواجباتها الصحيحة تجاه شعوبها، الامر الذي جعل من المسلمين في ادنى المراتب واكثرهم فقرا في العالم.

لذلك يتمسك المسلمون عموما بفلسفة الخلاص من الظلم والجهل والتخلف، والتطلع المستديم الى العدل والمساواة، التي فشلت الحكومات في توفيرها للناس لاسيما الفقراء منهم، حيث تقبع ملايين من المسلمين في حضيض الفقر والعوز والاذلال، الامر الذي يجعلهم في امل دائم لظهور الامام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لتصحيح الامور كافة، ولكن هم مؤمنون ايضا بأنهم مطالبون بالتمهيد الصحيح والسليم لقضية الظهور، حيث تشمل الرحمة المهدوية فقراء العالم أجمع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/تموز/2012 - 17/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م