مرضى وأطباء

لطيف القصاب

ما إن تلتقي بأحد الأطباء الجراحين حتى تسمعه يشتكي من الملاحقات العشائرية التي تطال مجتمع الأطباء في الفترة الحالية بسبب إجرائهم عمليات لمرضى لم يحالفها النجاح بشكل كامل.

الأطباء الجراحون يتحدثون بلسان واحد ويرددون الحجج ذاتها في تحميل النظام العشائري مسؤولية هجرة الجراحين إلى الخارج لما يتعرضون له من ابتزازات باسم العشيرة كالفصل ودفع الدية وما إلى ذلك.

 يروي بعضهم قصة تعرض احد الأطباء الجراحين للركل حد الإغماء من قبل ذوي مريض مات بشكل طبيعي ! طبيب جراح يقترح حلا لحماية الأطباء من ذوي المرضى ويقضي هذا الحل بان يقوم المريض بكتابة تعهد خطي يقرر فيه عدم ملاحقة الطبيب عشائريا في حال ما انتهى الحال به إلى الموت على يدي الطبيب المعالج.

 لا يصح أبدا أن تقوم العشيرة بمطاردة الأطباء وغيرهم من الموظفين الذين يقومون بأداء خدمات عامة للمواطنين أو أن تتحول سنن العشائر وأعرافها إلى بديل للقوانين الجزائية والمدنية والتأديبية التي تنظم علاقة المعالج بالمريض.

 لكن أليس من الإنصاف ونحن ندافع عن حقوق الأطباء أن ندافع عن حقوق المرضى قليلا. كم من المرضى من توفي لا لشيء إلا لان طبيبا كان بمقدوره أن يسعفه لكنه لم يفعل ذلك عمدا أو سهوا ؟ كم من الأطباء من تسبب بإزهاق روح إنسان بسبب خطأ فاحش ارتكبه على مستوى التشخيص أو العلاج أو التخدير؟

يذكر بعض (الأطباء) أن هناك مرضى يتوفون نتيجة إجرائهم لعمليات بسيطة كعمليات الفتق والزائدة الدودية ونحوها مما يمكن أن ينجح في إجرائها أي طبيب مبتدئ. وغالبا ما تسمع مثل هذه الاعترافات حينما يقوم طبيب بفتح ملفات لأطباء آخرين يختلف معهم شخصيا.

هناك من المرضى من لقوا حتفهم لأنهم كانوا مجرد حقل تجارب في غرفة عمليات بعض الأطباء المغامرين.

هناك من يتحدث بالأدلة والبراهين عن وجود أطباء لا يوافقون على إجراء عمليات للمرضى في المستشفى الحكومي إلا بشرط أن يتلقوا أجورا تساوي ما يتقاضاه الطبيب في المستشفى الخاص بمعنى أن هناك مرضى يموتون يوميا في المستشفيات الحكومية لعدم امتلاكهم نقودا تكفي لإجراء عملياتهم في المستشفيات الأهلية. هناك من الأطباء من يقوم بجرائم تزوير تقرير (أسباب الوفاة) لقاء مبالغ مادية.

 باختصار شديد هناك من الأطباء من يكون الركل حد الإغماء أدنى ما يستحقونه من عقاب.

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/تموز/2012 - 16/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م