شبكة النبأ: تزداد الخشية من اتساع
حدة الخلاف بين تركيا وسوريا بسب المواقف غير المنسجمة بين ساسة
الدولتين والتي باتت تشكل مصدر قلق وتخوف لدى الكثير من الدول المجاورة
التي تسعى الى ابعاد المنطقة عن شبح الازمات والحروب التي اثرت عليها
بسبب تلك السياسات المتضاربة، ويرى بعض المراقبين ان اجواء التوتر
الحالية ربما ستقود الى خلق حالة عداء مستمرة بين الدولتين الجارتين
خصوصا مع تبني تركيا لبعض القرارات التي تدعم الاطراف المعارضة السورية
فضلا عن فتح حدودها لأفراد الجماعات المسلحة التي تستخدم تلك الاراضي
كقاعدة اساسية لانطلاق عملياتها القتالية ضد الحكومة السورية وهذا ما
قد يؤدي الى اتساع رقعة الخلاف الذي قد يخلق مواجهات مسلحة بين
الجانبين والتي باتت اقرب الى الواقع بحسب بعض المحليين خصوصا بعد حادث
اسقاط الطائرة التركية والذي اسهم بازدياد حدة التوتر بين الجانبين وفي
هذا الشأن قالت قيادة القوات المسلحة التركية إنها نشرت ست مقاتلات من
طراز (إف-16) في ثلاث حالات مختلفة ردا على اقتراب طائرات هليكوبتر
سورية من الحدود. وهذه هي المرة الثانية التي تنطلق فيها طائرات تركية
ردا على تحليق طائرات هليكوبتر سورية قرب الحدود وتأتي بعد اسقاط سوريا
لطائرة استطلاع تركية في اواخر الشهر الماضي. وقالت هيئة الاركان
العامة للقوات المسلحة التركية في بيان نشر في موقعها على الانترنت إن
المقاتلات انطلقت من قاعدة انجرليك بجنوب تركيا إثر رصد طائرات
هليكوبتر سورية جنوبي إقليم هاتاي التركي.
وأضافت ان اثنتين من الطائرات السورية اقتربتا الى مسافة أربعة
كيلومترات من الحدود واقتربت طائرة ثالثة حتى مسافة 3.2 كيلومتر. وكانت
اثنتان من الطائرات الهليكوبتر من طراز مي-8 والثالثة من طراز مي-17
وكلها روسية الصنع. وقالت تركيا ان ست مقاتلات من طراز إف-16 إجمالا
انطلقت إلى السماء بعد رصد طائرات نقل هليكوبتر مماثلة تطير إما على
مسافة 6.4 كيلومتر من الحدود أو "قرب" الحدود. وكثفت تركيا نشاطها
العسكري على الحدود الجنوبية بعد ان اسقطت سوريا إحدى طائراتها فوق
البحر المتوسط يوم 22 يونيو حزيران وهو ما قالت انها سترد عليه "بحزم".
وعززت تركيا قواتها ودفاعاتها الجوية على الحدود منذ الحادث وقال رئيس
الوزراء رجب طيب أردوغان ان قواعد الاشتباك العسكرية غيرت وان أي عنصر
سوري يقترب من حدود تركيا ويعتبر تهديدا سيعامل كهدف عسكري.
وتقول سوريا انها اسقطت الطائرة التركية دفاعا عن النفس وانها اسقطت
في المجال الجوي السوري. وتقول تركيا ان الطائرة اخترقت المجال الجوي
السوري بطريق الخطأ لبضع دقائق لكنها اسقطت في المجال الجوي الدولي.
ويسلط الحادث الضوء على مدى اشتداد التوتر بين البلدين ومع ذلك فلا
مصلحة لتركيا التي تخشى أن يتصاعد أي اشتباك محلي الى حرب طائفية
اقليمية ولا لسوريا في وقوع مواجهة على حدودهما المشتركة.
في السياق ذاته هون الامين العام لحلف شمال الاطلسي أندريس فو
راسموسن من خطر وقوع مواجهة عسكرية بين تركيا وسوريا وقال ان انقرة
محقة في تعزيز دفاعاتها على الحدود السورية. وعززت تركيا قواتها
ودفاعاتها الجوية على الحدود الجنوبية منذ اسقطت سوريا إحدى طائراتها
يوم 22 يونيو حزيران في حادث شدد التوتر بينهما. وسئل راسموسن في مؤتمر
صحفي إن كان يشعر بالقلق بخصوص الحشد العسكري التركي وإن كان ثمة
احتمال ان يؤدي الى مواجهة عسكرية مع سوريا فقال "كلا بالعكس. أنا أشيد
بتركيا لما أبدته من ضبط للنفس برغم حادث الطائرة المأساوي للغاية."
واضاف "أرى أن من الطبيعي تماما ان تتخذ تركيا الخطوات الضرورية
لحماية شعبها وأرضها."
وقال ان حلف شمال الاطلسي تلقى طلبا من تركيا أن ينشر طائرات من نوع
أواكس أو عتاد عسكري اخر. وفي اجتماع طارئ عقد في بروكسل أدان حلفاء
تركيا في حلف شمال الاطلسي سوريا لإسقاطها الطائرة العسكرية التركية
لكنهم لم يهددوا برد عسكري. وتقول سوريا انها اسقطت الطائرة التركية
دفاعا عن النفس وانها اسقطت في المجال الجوي السوري. وتقول تركيا ان
الطائرة اخترقت المجال الجوي السوري بطريق الخطأ لبضع دقائق لكنها
اسقطت في المجال الجوي الدولي.
من جانب اخر قال أردوغان الذي اصطدم مع الأسد بعد ان رفض نصيحته
بإجراء اصلاحات إن تركيا ليست داعية حرب. وأضاف خلال اجتماع لحزبه
بالبرلمان "يجب ألا ينظر إلى ردنا العقلاني على انه ضعف. سلوكنا
المعتدل لا يعني اننا حمل وديع.. ليعلم الجميع ان غضب تركيا قوي
ومدمر." ونددت الدول الاعضاء في حلف شمال الأطلسي - التي دعتها تركيا
لعقد اجتماع طارئ في بروكسل - بسوريا بسبب الحادث الذي أدى إلى فقدان
اثنين من الطيارين. وكشفت الصياغة المتحفظة لبيان الحلف مخاوف القوى
الغربية وتركيا من ان يؤدي أي تدخل مسلح في سوريا إلى اطلاق شرارة صراع
طائفي في انحاء المنطقة.
وقال الصحفي التركي محمد علي بيراند "ربما يشعر الذين يريدون الحرب
بخيبة امل من خطاب رئيس الوزراء. لكن قطاعا كبيرا من المجتمع تنفس
الصعداء." وقال أردوغان ان قواعد الاشتباك للجيش التركي بامتداد الحدود
بين البلدين تغيرت نتيجة للهجوم الذي تقول تركيا انه وقع دون تحذير
مسبق في المجال الجوي الدولي. وتابع "كل عنصر عسكري يقترب من تركيا
قادما من الحدود السورية ويمثل خطورة وخطرا أمنيا سيجري اعتباره تهديدا
عسكريا وسيعامل كهدف عسكري."
وتركيا هي مقر ما يسمى الجيش السوري الحر المعارض وتستضيف اراضيها
اكثر من 30 الف لاجئ سوري وهو عدد يخشى أردوغان ان يتزايد بشدة مع
اتساع رقعة القتال. ويقوم مقاتلو المعارضة السورية بالتحرك بشكل منتظم
عبر الحدود ويقيم المنشقون في داخل تركيا. وكثيرا ما اقترب القتال بشدة
من الحدود وقد يؤدي إلى رد فعل عسكري تركي بموجب قواعد الاشتباك
الجديدة خاصة اذا قامت القوات السورية بملاحقة مقاتلي المعارضة.
وتدور اشتباكات يومية الان في انحاء سوريا بين مقاتلي المعارضة
والقوات الحكومية. وقال ناشطون ان قتالا اندلع في اطراف دمشق. وأظهر
تسجيل مصور بثه ناشطون اطلاق كثيف للنيران وانفجارات. وظهرت برك من
الدماء على أحد الأرصفة في ضاحية قدسيا وآثار دم مؤدية إلى داخل مبنى
نقل اليه أحد الضحايا. وكان رجل عار يتلوى من الألم بعد أن خرقت جسمه
شظايا. بحسب رويترز.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء ان مسلحين اغلقوا الطريق
القديم المؤدي من دمشق إلى بيروت. وأضافت الوكالة ان القوات السورية
قتلت وأصابت العشرات من هؤلاء المسلحين واعتقلت اخرين. وتابعت ان قوات
الحكومة ضبطت ايضا راجمات صواريخ وبنادق قناصة ورشاشات وكميات كبيرة من
الذخيرة.
اردوغان ينتقد صحيفة اميركية
على صعيد متصل انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان صحيفة وول
ستريت جورنال الاميركية التي اكدت ان المقاتلة التركية التي اسقطتها
سوريا كانت موجودة في المجال الجوي السوري وليس في الاجواء الدولية كما
اعلنت انقرة. وقال اردوغان ان "وول ستريت جورنال نشرت معلومات عن
طائرتنا التي اسقطتها سوريا فيما كانت في الاجواء الدولية، مؤكدة انه
تم اسقاطها في سوريا". واضاف ان "هذه الصحيفة، ويا للأسف، نشرت معلومة
غير دقيقة".
ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية مقالا نقلا عن مصادر في
الاستخبارات الاميركية جاء فيه ان الطائرة الحربية التركية اصيبت على
الارجح بمضادات جوية متمركزة على الساحل (السوري) فيما كانت موجودة في
المجال الجوي السوري. ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي قوله "ليس هناك
مؤشر الى ان المقاتلة اسقطت بصاروخ ارض جو" كما قالت تركيا. واضافت
الصحيفة ان الطائرة كانت تحلق على علو منخفض وبدون سرعة زائدة وكانت
تختبر على الارجح انظمة الدفاعات السورية.
واعتبر اردوغان ان الصحيفة الاميركية نشرت هذه التأكيدات لأنها
تمارس لعبة المعارضة في ذروة مرحلة انتخابية في الولايات المتحدة. وقال
خلال اجتماع في كايسيري (وسط) "ثمة انتخابات رئاسية هناك (في الولايات
المتحدة) وهذه الصحيفة تتحرك لحساب حزب معارض. هذا الامر يستهدف الرئيس
اوباما". واثر مقال وول ستريت جورنال، اكد الجيش التركي مجددا ان
طائرته الحربية الاف-4 اسقطتها سوريا في المياه الدولية. بحسب فرنس برس.
وقالت هيئة اركان الجيش على موقعها الالكتروني "كما فسر ذلك عدة
مرات، ان طائرتنا (وليس طائرتين كما قيل) اسقطت فوق شرق المتوسط في
المجال الجوي الدولي فيما كانت تحلق بشكل منفرد ولم تكن مسلحة وكانت
تختبر اداء راداراتنا في المنطقة". واوضح الجيش التركي انه لم يتم
العثور على الطيارين بعد، مضيفا ان الغواصة الاميركية نوتيلوس ستصل الى
منطقة سقوط الطائرة للمشاركة في اعمال البحث عن الحطام.
الاسد يأسف
من جانب اخر اعرب الرئيس السوري بشار الاسد عن اسفه لأسقاط قواته
مقاتلة تركية مؤكدا في مقابلة مع صحيفة تركية ان الطائرة كانت تحلق في
مسار استخدمته في السابق طائرات اسرائيلية. وقال الاسد لصحيفة جمهورييت
ان "الطائرة كانت تحلق في ممر جوي سبق للطيران الاسرائيلي ان استخدمه
ثلاث مرات"، مبديا اسفه "مئة بالمئة" لهذا الحادث الذي ادى الى تأجيج
التوتر بين انقرة ودمشق. كما اعرب الاسد عن اسفه للاتهامات التركية بان
الدفاعات الجوية السورية اسقطت الطائرة وهي من طراز "اف-4" عمدا بينما
كانت تقوم بمهمة تدريبية فوق المتوسط.
وقال ان "الدولة التي تكون في حالة حرب تتصرف على هذا النحو،
الطائرة كانت تحلق على علو منخفض جدا واسقطتها الدفاعات الجوية التي
اعتقدت انها مقاتلة اسرائيلية. الجندي عند الدفاعات لم يكن لديه رادار
وبالتالي لم يعلم الى اي دولة تنتمي الطائرة". وقدم الاسد تعازيه لأسر
الطيارين اللذين لم يعثر عليهما منذ اسقاط الطائرة. واضاف "لو اسقطت
الطائرة في المجال الدولي (كما تقول تركيا) لما كنا ترددنا في تقديم
اعتذارنا" الرسمي. بحسب فرنس برس.
واعرب الاسد عن امله في طي صفحة الحادث مع تركيا التي اعتبرت اسقاط
طائرتها عملا عدوانيا وقررت تعزيز قواتها على الحدود مع سوريا، حليفتها
السابقة. وتابع الاسد "لا نريد مجرد التفكير في ان الطائرة ارسلت عمدا
الى مجالنا الجوي. نحن نعتقد انه كان خطأ من الطيار ونعتبر الحادث من
الماضي ويجب الا نبالغ فيه . فلا مكسب نحققه من اسقاط مقاتلة تركية".
واضاف ان بلاده لا تعتزم تحريك قوات الى الحدود التركية، وقال "مهما
تفعل حكومة (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) اردوغان فلن نقوم بحشد
القوات على الحدود. الشعب التركي شعب صديق ويفهمنا". |