الهجرة في أمريكا... متغيرات وظروف جديدة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تباينت قوانين الهجرة الأمريكية بين الاحتضان والإجحاف والإهمال خاصة في الآونة الأخيرة، فعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي اوباما عن إطلاق نظام جديد للهجرة أكثر إنصافاً وعدالة مؤخرا يقضي بتعليق العمل بعدد من بنود سياسية قانون الهجرة، فيترقب الشعب الأمريكي كيف سيطبق هذه القانون المثير للجدل، وتأتي خطوة اوباما في الوقت الذي يتودد فيه المهاجرين غير الشرعيين، حيث يكافح من أجل الفوز بفترة ولاية ثانية في الانتخابات التي ستجرى في السادس من نوفمبر تشرين الثاني ضد المرشح الجمهوري ميت رومني الذي يتبنى موقفا صارما من الهجرة غير الشرعية، فيما يرى الخبراء بأن قضية الهجرة غير الشرعية يرجح ان تلعب دورا كبيرا في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كما حصل في ملف الإصلاح الصحي و يتوقعون ان تلقي نتيجة هذا الجدل بثقلها على نتائج الانتخابات.

وفي سياق ذاته اثار قانون ولاية الاباما الذي اجيز باغلبية كبيرة في مجلسي النواب والشيوخ اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون ان تعتقل الشرطة اي شخص يشتبه بوجوده في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني اذا لم يتمكن من اظهار وثائق ملائمة لدى استيقافه لاي سبب، فقد حتج قطاع الاعمال في الولاية ولاسيما المزارعين على هذا القانون قائلا انه ادى الى عمليات رحيل على نطاق واسع للعمال المنحدرين من اصل اسباني من الولاية مما ادى الى نقص في العمالة، فيما أفادت إحصاءات كشفت عنها النقاب ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما ان عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة مستقر في الوقت الحاضر، بينما اشارت دراسة أخرى الى ان الأسيويون اكبر مجموعة من الوافدين الجدد الى الولايات المتحدة متقدمين على المهاجرين من اصول اميركية لاتينية، وفي هذا الاطار يعتبر الباحثون ان هذه التطورات الديموغرافية يمكن ان تحمل تغيرات مهمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي خصوصا. وهي قد تغير على المدى القصير، الانطباع المأخوذ عن المهاجرين في الازمات الاقتصادية اي انهم افراد يسلبون الاميركيين فرص عمل ويستفيدون من الخدمات الاجتماعية.

نظام الهجرة

فقد أعلن الرئيس أوباما أن الولايات المتحدة سوف توقف على الفور ترحيل بعض المهاجرين الشباب الذين أدخلوا إلى البلاد وهم أطفال مضيفاً أن من شأن هذا التغيير أن يجعل نظام الهجرة إلى الولايات المتحدة "أكثر كفاءة وإنصافاً وعدلاً، وقال الرئيس أوباما في تصريح أدلى به في البيت الأبيض "إنهم شباب يدرسون في مدارسنا، ويلعبون في أحيائنا، ويصادقون أطفالنا، ويتعهدون بالولاء لعلمنا. إنهم أميركيون في قلوبهم، وفي عقولهم، وفي كل طريقة أخرى ما عدا واحدة: على الورق، وأكد الرئيس أوباما أن النهج الجديد، الذي أعلنت عن خطوطه العريضة وزيرة الأمن الوطني جانيت نابوليتانو في وقت سابق، سوف يطبق على الأفراد الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة وهم دون السادسة عشرة من أعمارهم، وأقاموا في الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وهم مسجلون حالياً في المدارس، أو تخرجوا من المدارس الثانوية أو أنهوا الخدمة العسكرية، ولم يدانوا بارتكاب أي جريمة أو جنحة هامة، ولم يتجاوزوا سن الثلاثين، وأوضح أوباما "أننا دائماً نستمد قوتنا من كوننا دولة مهاجرين، ودولة قوانين، ويجب أن يستمر ذلك." وأكد أن التغيير سوف يسمح للأفراد المؤهلين طلب إعفاء قصير من إجراءات الترحيل، وتقديم طلبات للحصول على ترخيص للعمل، ولفت أوباما إلى "أن هذا الإجراء هو بديل مؤقت يسمح لنا تركيز مواردنا بحكمة وفي نفس الوقت يمنح بعض الارتياح والأمل للشباب الموهوبين والمندفعين والوطنيين، وأعرب عن حاجة الولايات المتحدة إلى إقرار إصلاح شامل لقوانين الهجرة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والأمنية للقرن الواحد والعشرين، وأكد الرئيس، "إنني لن أتخلى عن هذه المسألة، ليس فقط لأنها العمل الصائب الواجب القيام به لصالح اقتصادنا، وليس فقط لأنها العمل الصائب الواجب القيام به لصالح أمننا، بل لأنها العمل الصائب الواجب القيام به. نقطة على السطر، وقد دعا الرئيس أوباما مجدداً المشترعين إلى تبني قانون "الحلم"، الذي سوف يوفر للشباب المؤهلين وسيلة للحصول على الجنسية، واختتم الرئيس تصريحه قائلا "لقد قلت للكونغرس مراراً وتكراراً... أرسلوا لي قانون ("الحلم)، ضعوه على مكتبي، وسوف أوقع عليه فوراً، صادق مجلس النواب على هذا القانون، الذي وضع نصه الحزبان الديمقراطي والجمهوري، قبل أن يمتنع مجلس الشيوخ عن المصادقة عليه عام 2010، دفع امتناع الكونغرس عن المصادقة على هذا القانون الرئيس إلى اللجوء ممارسة صلاحياته الرئاسية من خلال إصدار أمر تنفيذي لمعالجة هذه المسألة، وقد دأب رؤساء الولايات المتحدة على إصدار أوامر تنفيذية من هذا القبيل منذ العام 1789، لمساعدة المسؤولين الحكوميين والوكالات التابعة للفرع التنفيذي على إدارة عمليات الحكومة الفدرالية إدارة فعالة، تتمتع الأوامر التنفيذية بسلطة قانونية كاملة وتعتمد على الصلاحيات الاختيارية التي يخولها الدستور الأميركي لرئيس البلاد. يستمر العمل بموجب الأوامر التنفيذية إلى أن تنتهي صلاحيتها أو تلغى. ويمكن الطعن بهذه الأوامر التنفيذية أمام المحكمة الفدرالية كما تستطيع المحكمة العليا الأميركية إبطالها، وهو ما حدث بالفعل مرتين في التاريخ الأميركي، أعلن أوباما أن وزارة الأمن الوطني تعمل على الفور "لرفع شبح الترحيل" عن الشباب الذين يستوفون شروط ومعايير السياسة الجديدة. وقالت بوليتانو إنهم سوف يصبحون مؤهلين للحصول على تأجيل لمدة سنتين قابلتين للتجديد، وللتقدم بطلب للحصول على ترخيص بالعمل.

فرحت قوانين الترحيل

فيما أبدى مهاجرون منحدرون من اصل اسباني جاءوا الى الولايات المتحدة كأطفال لمهاجرين غير شرعيين فرحتهم لتغيير ادارة الرئيس باراك اوباما لقوانين الهجرة مما قد يجنبهم الترحيل، وقال جوستينو مورا (22 عاما) وهو طالب علوم كمبيوتر غير مسجل في جامعة كاليفورنيا لوس انجليس "لم يتم فهمه (القانون) بشكل كامل ولكن يتملكني شعور بالفرحة والسعادة لانني اعرف ان هذا سيغير حياتي، ومورا من بين ما يقدر بنحو 800 الف مهاجر غير قانوني دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية عندما كانوا أطفالا وسيستفيدون من الامر المفاجيء الذي اعلنه اوباما، وقال مورا "ستتاح لي الفرصة..لانشاء نشاطي التجاري الخاص حتى استطيع ان اساعد عائلتي ماليا وتوفير الوظائف التي تحتاجها الولايات المتحدة، ويسري تغيير القانون على اشخاص مثل مورا لا يشكلون خطرا على الامن العام وسيكون من حقهم الان البقاء في البلاد والتقدم بطلبات للحصول على تصاريح عمل. وجاء مورا للولايات المتحدة وعمره 11 عاما من وسط المكسيك مع أمه. بحسب رويترز.

ويؤيد أوباما منذ فترة طويلة إجراءات تسمح لأبناء المهاجرين غير الشرعيين بالدراسة والعمل في الولايات المتحدة لكن محاولات إقناع الكونجرس بالموافقة على هذه الإجراءات باءت بالفشل وسط اعتراضات من الزعماء الجمهوريين، وبهذه الخطوة تجنب الرئيس الكونجرس ووضع تحديا أمام الجمهوريين الذين يعتبر كثير منهم أي تساهل في مسألة الترحيل عفوا عن أناس يعيشون في البلاد بطريقة غير شرعية، وقال أوباما للصحفيين في البيت الأبيض "هذا ليس عفوا. هذه ليست حصانة. هذا ليس طريقا للحصول على الجنسية. ذلك ليس حلا دائما، وأضاف "هذا إجراء مؤقت لسد الفجوة يسمح لنا بتركيز مواردنا بطريقة حكيمة بينما يعطي قدرا من الارتياح والأمل للشبان الموهوبين الوطنيين، وقالت جانيت نابوليتانو وزيرة الأمن الداخلي التي أعلنت هذه الإجراءات أولا إن المهاجرين بطريقة غير شرعية الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة أطفالا ولا يشكلون تهديدا للأمن الوطني سيكونون مؤهلين للبقاء في الدولة ويسمح لهم بالتقدم للحصول على تصاريح عمل، وأعلنت هذه السياسة قبل أسبوع من كلمة سيلقيها أوباما في اجتماع لرابطة المسؤولين المنتخبين والمعينين المنحدرين من أصول لاتينية في فلوريدا. ومن المقرر أن يلقي رومني كلمة أيضا أمام الرابطة  وهناك ما يقدر بما يتراوح بين مليون ومليوني مهاجر بطريقة غير شرعية دخلوا الولايات المتحدة وهم أطفال وفقا لتقديرات جماعة معنية بالهجرة، وقال مسؤولون أمريكيون إن حوالي 800 ألف شخص مؤهلون للاستفادة من هذه الإجراءات.

المحكمة العليا

في سياق متصل بعد إصلاح النظام الصحي الذي عرضه الرئيس باراك اوباما، تنظر المحكمة العليا الاميركية بملف اخر يثير انقساما بين الحكومة الفدرالية والولايات وهو مكافحة الهجرة غير الشرعية مع قانون اعتمدته اريزونا للتدقيق بالهويات على اساس ملامح الوجه، وكما حصل بالنسبة للقانون حول الضمان الصحي، ستصدر اعلى هيئة قضائية اميركية قرارها قبل اربعة اشهر من الانتخابات الرئاسية، وكما حصل في ملف الاصلاح الصحي فان الخبراء يتوقعون ان تلقي نتيجة هذا الجدل بثقلها على نتائج الانتخابات التي ترشح فيها اوباما لولاية ثانية، وهذه المرة سيكون على المحكمة التي تضم غالبية من القضاة المحافظين، ان تحدد ما اذا كان بامكان الولايات الاميركية وضع سياستها الخاصة للهجرة او ما اذا كان للحكومة الفدرالية سلطة حصرية في هذا المجال بموجب الدستور، والقانون المطروح دخل حيز التنفيذ في تموز/يوليو 2010 في اريزونا (جنوب غرب) التي تعد 400 الف شخص مقيمين بدون اوراق شرعية بحسب مركز بيو، واعترضت حكومة اوباما فورا على القانون امام القضاء وحصلت على قرار بتجريد النص من بنوده الاربعة المثيرة للجدل: البثبت من وضع اي شخص يشتبه في انه دخل الولايات المتحدة بشكل غير شرعي حتى بدون دافع، والزام كل مهاجر بان يكون قادرا على عرض اوراقه في اي وقت كان، ومنعهم من العمل او البحث عن وظيفة في حال عدم امتلاك اوراق ثبوتية، واعتقال اي فرد يشتبه في انه دخل البلاد سرا بدون تفويض. بحسب فرانس برس.

وقال انتوني روميرو مدير الاتحاد الاميركي للدفاع عن الحقوق المدنية ان "القانون قاس جدا ويغير بشكل لافت طريقة عيشنا ولن يكون له اثر فقط على الاشخاص الذين لا يملكون اوراق الاقامة وانما ايضا على المواطنين الاميركيين الذين سيتم توقيفهم فقط بسبب لون بشرتهم"، وهناك 23 حجة قانونية تدعم طلب الحكومة الى المحكمة العليا بنقض النص، وحذرت المكسيك و17 دولة اخرى من ان النص يهدد علاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وفي دولة تؤوي 11 مليون شخص بدون اوراق ثبوتية، تخشى المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان والمهاجرين ان تشكل اريزونا نموذجا حيث ان خمس ولايات صوتت على قانون مماثل فيما تفكر 13 ولاية اخرى في القيام بذلك، وتقول الحكومة الفدرالية ان القانون يتداخل مع صلاحياتها الدستورية التي تخولها تحديد سياسة الهجرة، وتعتبر اريزونا في المقابل ان قانونها "يتوافق تماما مع القانون الفدرالي.

عدد المهاجرين غير الشرعيين مستقر

الى ذلك أفادت إحصاءات كشفت عنها النقاب ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما ان عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة انخفض بشكل طفيف الى 11.5 مليون شخص اعتبارا من يناير كانون الثاني 2011، وقدرت وزارة الامن الداخلي الامريكية العدد بأنه مستقر الى حد كبير -أقل بشكل طفيف من 11.6 مليون في عام 2010- مشيرة الى ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة وتحسن الاوضاع الاقتصادية في المكسيك وتشديد الامن عبر الحدود، وذكر تقرير لوزارة الامن الداخلي ان "المكسيك لا تزال أكبر دولة تمثل مصدرا للهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة" مشيرا الى ان المكسيكيين يمثلون 59 في المئة من هؤلاء المهاجرين ويقدر عددهم بنحو 6.8 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة، ويأتي في المركز الثاني بعد المكسيكيين المهاجرون بشكل غير شرعي من السلفادور والذين يعتقد انهم نحو 660 ألفا. بحسب رويترز.

وافاد تقرير وزارة الامن الداخلي بشأن احصاءات الهجرة ان الولايات الامريكية الواقعة على طول الحدود الجنوبية الغربية مع المكسيك تحل في القمة من حيث عدد المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك بها.. حيث يقيم في كاليفورنيا 2.83 مليون مهاجر تليها تكساس بنحو 1.8 مليون مهاجر، وتأتي ولاية فلوريدا في المركز الثالث بنحو 740 ألف مهاجر غير شرعي من المكسيك، ويبين التقرير ان أكبر زيادة مئوية حدثت في ولاية جورجيا حيث قفز عدد المهاجرين غير الشرعيين فيها من 220 ألفا في عام 2000 الى 440 ألافا في يناير 2011، ووضعت وزارة الامن الداخلي الامريكية هذه التقديرات بناء على أرقام جمعت في اطار احصاء عام 2010.

جدار المكسيك

في حين ستمد الولايات المتحدة الى مياه المحيط الهادىء الحاجز الذي يفصلها عن المكسيك لمنع المهاجرين السريين من دخول البلاد مستفيدين من تراجع حركة الجزر، وستستثمر السلطات 4,3 ملايين دولار لاستبدال الحاجز القديم الذي يفصل بين مدينتي تيخوانا في المكسيك وسان دييغو في الولايات المتحدة، كما قال مايكل غيمينيز، المسؤول في شرطة الحدود، وسيمتد الحاجز الجديد الذي يبلغ ارتفاعه ستة امتار 400 متر تقريبا، منها 90 مترا في البحر، على ان ينتهي العمل به في اذار/مارس المقبل، وكان الراغبون في الهجرة السرية يلتفون على الحدود البحرية من خلال استخدام الواح التزلج المائي او الجت سكي، او من خلال المشي على الشاطىء عندما تتراجع حركة الجزر. بحسب فرانس برس.

ألاباما

كما يحاول المهاجرون من أصل أميركي لاتيني عدم لفت الأنظار إليهم في ألاباما حيث صدر قانون جديد ضد الهجرة السرية يعيد إلى أذهان البعض ذكريات النضال المر من أجل حقوق السود في هذه الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، ويعتبر القانون الذي دخل حيز التنفيذ الأكثر قمعا من بين كل القوانين التي صدرت حتى اليوم في البلاد، ولا سيما في أريزونا (جنوب غرب) وجورجيا (جنوب شرق)، ويقول سام بروك وهو محام في منظمة "ساثرن بوفرتي لوو سنتر" أن "الناس يغادرون الولاية ويخشون الخروج من منازلهم لأنهم يعاملون كالمجرمين. من العار أن يحصل ذلك في مهد حركة الحقوق المدنية"، في مونتغومري عاصمة ألاباما، ما زالت ذكرى روزا باركس حاضرة. ففي عام 1955، تم اعتقال هذه المرأة السوداء بعدما رفضت التخلي عن مقعدها من أجل راكب أبيض على متن حافلة عمومية. فتمت مقاطعة حافلات المدينة بناء على مبادرة مارتن لوثر كينغ، وانطلق النضال من أجل الحقوق المدنية، لكن في المقابل، تعرضت بعض كنائس السود للاحراق وكذلك منزل مارتن لوثر كينغ. واليوم، يشبه بعض المناضلين القانون الجديد بأحداث تلك الحقبة، باستثناء أن المستهدفين هذه المرة ليسوا السود بل المهاجرين الذي لا يملكون أوراقا ثبوتية الذين يعيشون في ألاباما والذين يبلغ عددهم 130 ألف من أصل 11 مليون في الولايات المتحدة، وتشرح أوليفيا ترنر وهي محامية في الفرع المحلي لاتحاد الحريات المدنية أن "الهدف هو جعل حياتهم صعبة إلى درجة دفعهم إلى الرحيل من تلقاء أنفسهم"، وقد شككت إدارة باراك أوباما في شرعية نص القانون باعتبار أنه يتعدى على صلاحيات الحكومة الفدرالية. وعلق القضاء اثنين من أحكامه، الأول يجيز للشرطة ايقاف كل شخص "تشك" في أنه متواجد على الأراضي بطريقة غير شرعية والثاني يسمح للمدارس العامة بالتحقق من الوضع القانوني لتلاميذها. بحسب فرانس برس.

ولكن قرار التعليق جاء متأخرا بالنسبة إلى آلاف المهاجرين السريين الذين كانوا قد فروا إلى ولايات مجاورة أقل صرامة، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في اليد العاملة، فيقول جيسي فولكنبوري وهو رئيس شركة بناء في مدينة توسكالوسا جنوب ألاباما "بعد دخول القانون حيز التنفيذ، اختفى 80% من موظفينا"، وهذه ليس حالة معزولة، إذ يشتكي الكثير من مربي الطيور ومزارعي الخوخ والطماطم من تداعيات القانون الجديد، وخوفا من حواجز التحقق من الهوية، يتفادى الأميركيون من أصل لاتيني الذهاب إلى أحياء وسط المدينة. ويتركز كثر منهم في الأحياء اللاتينية ولكنهم قليلا ما يغادرون منازلهم ويرفضون التحدث إلى الصحافة، ويقر أصحاب المتاجر والمطاعم من أصل لاتيني بأن أعمالهم تشهد سقوطا متسارعا، ويخشى دانييل فالنسيا الذي يبيع شطائر التاكو المكسيكية في مدينة بيرمينغهام وهي المدينة الكبرى في الولاية، من أن يضطر إلى التوقف عن العمل بعد شهر على الأكثر. ويقول "اختفى الكثيرون وكأن الأرض ابتلعتهم".

تعديلات على قانون هجرة صارم

من جهته قال روبرت بينتلي حاكم ولاية الاباما الامريكية انه سيعمل على تعديل قانون الهجرة الجديد الصارم بالولاية بعد وقوع حوادث محرجة اعتقل خلالها عمال اجانب لعدم حملهم اوراق ثبوت كافية، وقال بينتلي في بيان مع رئيسي مجلسي النواب والشيوخ في الاباما مايك هوبارد وبرو تيم ديل مارش انهم لا يعتزمون الغاء او اضعاف القانون الذي يعتبر على نطاق واسع اكثر القوانين صرامة من نوعها في امريكا، واجازت عدة ولايات امريكية قوانين تفرض اجراءات صارمة على المهاجرين غير الشرعيين متهمة ان الرئيس باراك اوباما والكونجرس الامريكي اخفقا في العمل بشأن هذه القضية، وقال بينتلي في البيان "ندرك ان التغييرات مطلوبة لضمان الا يكون لدى الاباما فقط اكثر قوانين البلاد فعالية وانما ايضا قانون منصف وعادل يشجع النمو الاقتصادي ويحافظ على الوظائف لهؤلاء الموجودين في الاباما بشكل قانوني ويمكن تطبيقه بشكل فعال ودون اجحاف. بحسب رويترز.  

وجاءت هذه الخطوة بعد ان اعتقلت الشرطة اثنين من العاملين الاجانب في صناعة السيارات المهمة في الاباما في الاسابيع الاخيرة لعدم تمكنهما من اظهار دليل على اقامتهما بشكل قانوني مما ادى الى دعاية سلبية بالنسبة للولاية واثار دعوات لاعادة دراسة هذا القانون.

الاسيويون اكبر مجموعة وافدين

من جهة أخرى اصبح الاسيويون اكبر مجموعة من الوافدين الجدد الى الولايات المتحدة متقدمين على المهاجرين من اصول اميركية لاتينية على ما اظهرت دراسة اميركية شددت على ان هذا التطور الديموغرافي يحمل معه تغيرات اقتصادية واجتماعية، وشددت الدراسة التي اعدها معهد "بيو ريسيرتش سنتر" ومقره في واشنطن، على ان هذا التغير في الميول بين الاسيويين ومن هم من اصول اميركية لاتنية، وهم يشكلون اكبر مجموعتين من الوافدين الجدد الى الاراضي الاميركية، بدأ العام 2009، وهو عائد خصوصا الى تراجع متواصل في عدد الوافدين من المكسيك بسبب تباطوء سوق العمل والتدابير الصارمة التي اتخذت لمكافحة الهجرة غير القانونية، وبموازاة ذلك بقي عدد المهاجرين الاتين من آسيا على المستوى ذاته او ارتفع بشكل طفيف. بحسب فرانس برس.

واشار معهد "بيو ريسيرتش سنتر" ايضا الى ان الاسيويين يحظون بفرصة تزيد ثلاث مرات، للحصول على تأشيرة عمل مقارنة بالمهاجرين الاخرين في حين ان 61 % هم فوق سن الخامسة والعشرين وقد حصلوا في السنوات الاخيرة على اجازة جامعية (ضعف المجموعات الاخرى). وهذا الامر يجعل منهم "مجموعة المهاجرين الاكثر تثقيفا في تاريخ الولايات المتحدة"، واوضحت الدراسة ان 13 الى 15 % من المهاجرين الاسيويين لا يقيمون بطريقة شرعية في مقابل 45 % لمن هم من اصول اميركية لاتينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/تموز/2012 - 13/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م