مشاهد سينمائية عراقية ساخنة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: وهي في مرتبة الضرورة القصوى في الافلام السينمائية بالنسبة للمخرجين، الباحثين عن الارباح في شباك التذاكر، او بالنسبة للممثلات اللواتي يبحثن عن الشهرة والصعود بسرعة الصاروخ الى سلم المجد.

والمشاهد الساخنة ضرورة تمليها الحبكة القصصية لسيناريو الفيلم بحسب المدافعين عن وجودها فيه... بالنسبة للمتابعين للسينما المصرية بالنسبة لجيلي، او بالنسبة للجيل الذي سبقنا او لحق بنا، كثرت المشاهد الساخنة في تلك الافلام التي كنا نشاهدها، وهي مشاهد كثيرا ما كانت تقحم في سياقات الفيلم ولا تكون هناك من ضرورة ملحة لها.

كثرت لقطات الحمامات وغرف النوم وعشش السطوح، وكثرت معها الافيشات التي يرتجلها الممثلون لا ضحاك المشاهدين، كانت المشاهد الساخنة تعبر عن امزجة مراهقة وعن نزوات مكبوتة يعيشها العرب في بلدانهم وفي مجتمعاتهم، ولم تكن تلك المشاهد مقصودة لتقديم قيمة فنية للفيلم، بل هي مقحمة لمخاطبة الغرائز، عبر التركيز على اقدام الممثلة الحافية، او انصاف الافخاذ او انصاف الصدور او القبلات الساخنة.

وكان يصاحب ذلك الكثير من التاوهات والاهات، مع صوت البطل وهو يغني (ياشبشب الهنا ريتني كنت انا) او (الطشت قال لي) وغيرها من الايقاعات والجمل، وكان التبرير جاهزا (الجمهور عاوز كدة).

السياسة بدورها كفعل يومي تستعير الكثير من المشهدية الساخنة، تصريحا وممارسة وسلوكا، في محاولة لتهييج الغريزة او اظهار مكبوت لا ينفك من محاولات ظهوره، مستقطبا ضجيجا مفتعلا يذكر بتلك التاوهات والاهات في المشاهد الساخنة للافلام.

في العراق وتحت تأثير من سطوة مارستها السينما المصرية على الكثير من اجيال المشاهدين، نشاهد كل يوم العديد من المشاهد الساخنة في الاداء السياسي العراقي والذي انتقل بدوره الى التجمعات الشعبوية في ممارساتها للتظاهر او الاحتجاج او الاعتصام.

بعض من تلك المشاهد الساخنة نستعرضها في هذه السطور.

صور مقتدى الصدر في تكريت.

عدو عدوي صديقي.

في ذروة السجال الذي دار بين السياسيين حول موضوع سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي، خرجت الكثير من التظاهرات بين مؤيدة للفكرة ومعارضة لها، وقد ترافق ذلك مع سيل من التصريحات التي تقارن وتوصّف، ولم يغب رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين عن تلك المشاهد الساخنة، تذكيرا بدكتاتورية سابقة وظهور اخرى ناشئة، كما في تصريحات صالح المطلك ومقتدى الصدر، التي تسمي الاشياء باسمائها وتشير بصراحة ودون مواربة الى تشابه بين دكتاتوريتين، وان كان الاول لايخفي اعجابه والثاني لايخفي مقته لشخص صدام حسين.

خرجت تظاهرات في تكريت، والتظاهرات لابد لها من شعارات وصور مرفوعة وهتافات يرددها المتظاهرون، حمل المتظاهرون صور صدام حسين ومقتدى الصدر في مفارقة صارخة عن كيفية جمع الاضداد في موقف واحد لا تنجح فيه او تفكر به الا المخيلة العراقية التي تجنح الى الازدواج سلوكا وممارسة، الجلاد في اقصى تجليات قسوته، والضحية في اقصى درجات مظلوميتها.

لكن المواقف ايضا تشي بهذه الازدواجية وتقود اليها رغما عن كل تحليل او استنتاج يمكن ان يتوسل او يلجأ الى المنطق، انها جموع تحركها الغرائز، غرائز المناطقية والطائفة، والصورة ماثلة في الاذهان، نوري المالكي وامام عدسات المصورين يوقع على اعدام صدام حسين بعد ان رفض ضحايا اخرون او مدّعوا تضحيات، التوقيع على ذلك القرار، هي مفارقة تستعين بمن كان عدوا طائفيا بالأمس، جيش المهدي او ميليشياته، مقابل عدو اخر من نفس تلك الطائفة، او انها محاولة استذكار بين زمنين وخلق تشابه على مستوى السلوك بين شخصيتين، شخصية الجلاد اذ يتحول الى ضحية مزعومة، او شخصية الضحية الذي يصبح جلاد اليوم. او انها ما يعرف على مستوى المأثور الشعبي (عدو عدوي صديقي).

كيف نظر السيد القائد الى صورته خلف صورة الرئيس القائد التي حملها المتظاهرون؟

عراة على مسرح السياسة.

صديقي صباح في منتصف الثلاثينات من عمره، وهو خريج احدى كليات الهندسة قبل العام 2003، رفض الوظيفة الحكومية في تلك الفترة لقلة مردودها المالي، وبعد العام المذكور اخذ يبحث عن التعيين في دوائر الدولة الجديدة، ولم تشفع له علاقة الزمالة مع احد الوزراء في تحقيق امنيته.

صديقي صباح ناقم على الحكومة، وهو قطب من اقطاب المعارضة الشعبية بين اصدقائه... صديقي صباح ابتكرت له لقبا مع ازمة سحب الثقة وهو (صباح ثقة) وبعد خفوت الازمة اصبحت اطلق عليه (صباح استجواب).

هذا الصديق اشتهر بارتداء ما يعرف بالعراق ب (الكاسكيته) ولا ادري ان كانت مصادفة انه خلع ما يرتديه فوق راسه بعد فشل سحب الثقة او كانت تلك الحركة مقصودة، المهم اني ذكرت له تلك الملاحظة وفسرتها بان كل شيء اصبح مكشوفا وان المالكي قد نتف ريش معارضيه. وقد راقت له تلك الملاحظة ووصف ما حدث بانه عري كامل لجماعة المعارضين وهو واحد منهم. وليس بعيدا من ذلك تصريح احد اقطاب اجتماعات اربيل والنجف بان المالكي اكلهم لحما ورماهم عظما، وهي كناية اكثر ما تستخدمها الزوجة التي تعتقد بظلم زوجها لها.

كم لدينا من عراة على مسرح السياسة العراقية؟

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/حزيران/2012 - 9/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م