افغانستان... أفق خلاص غائب

 

شبكة النبأ: لايزال الشعب الافغاني والذي يصنف ضمن افقر الشعوب يعاني الكثير من الهموم والمشاكل اليومية المتزايدة بسبب استمرار العنف في هذه البلاد والذي اودى بحياة الكثير من المواطنين وفقا لبعض التقارير، فقد اعلنت بعثة الامم المتحدة للمساعدة في افغانستان ان 3021 مدنيا قتلوا في اعمال العنف في افغانستان في2011، مشيرة الى انه عدد قياسي منذ بدء المعارك بين القوات التابعة لحلف شمال الاطلسي وحركة طالبان نهاية2011. ويشكل عدد الضحايا المدنيين في2011 ارتفاع نسبته ثمانية بالمئة عن 2010حيث قتل 2790مدنيا. وهي السنة الخامسة على التوالي التي يسجل فيها ارتفاع في عدد المدنيين القتلى في افغانستان، يضاف الى ذلك تلك المشاكل الاقتصادية المتفاقمة وازدياد معدلات البطالة وارتفاع نسبة التخلف وانتشار الامية بسبب تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، ومع كل ذلك لاتزال مساعي جادة لأجل تخليص هذا البلد من المشاكل والازمات وفي هذا الشأن قال حلف شمال الاطلسي إن ثلث حجم قوات الامن الافغانية يتلقى دروسا في القراءة والحساب مع تسريع قادة الحلف لبرنامجهم التدريبي قبل انسحاب معظم القوات الاجنبية من أفغانستان عام 2014 . ويعتبر أكثر من 95 في المئة من المجندين في قوات الجيش والشرطة من الأميين فعليا اذ لم يلتحقوا بالمدارس ولذلك يدخلون دورة تدريبية للمبتدئين ليتعلموا كيف يكتبون أسماءهم والمبادئ الاولية للحساب. ووصل قوام القوات الافغانية الى 343 ألف فرد في ابريل نيسان الماضي بعد عملية متسارعة لبنائها ومن المقرر ان تتسلم المسؤولية الامنية في منتصف العام المقبل رغم تواصل حملة التمرد التي تشنها طالبان.

وغياب المهارات الاولية للقراءة والكتابة في دولة مزقتها الحروب طوال 30 عاما يعطل برنامج تدريب القوات الافغانية وقدرتها على أداء المهام الموكلة لها وهو ما يبرز التحديات التي تنتظر أفغانستان بعد انسحاب معظم القوات الاجنبية من البلاد. وقالت باربرا جودنو رئيسة قسم الامية واللغات في مهمة التدريب التي يقوم بها حلف الاطلسي في أفغانستان "كثيرون في أفغانستان وبسبب 30 عاما من الحرب لم يتح لهم التعليم والمعلومات. يعرفون الكثير لكنهم لا يستطيعون القراءة والكتابة." وأضافت "كل ما نحاوله هو اعطاء العملية دفعة." بحسب رويترز.

واشتبكت القوات الافغانية مع مسلحين من طالبان احتجزوا خلال الليل عددا من الرهائن في فندق بمنتجع مطل على بحيرة عند مشارف العاصمة الافغانية كابول. وقالت الشرطة إن 13 شخصا منهم خمسة متشددين واربعة مدنيين قتلوا خلال أزمة الحصار التي استمرت 12 ساعة.

ويشارك في برنامج لمحو الامية مكون من ثلاث مراحل 119 ألفا من أفراد الجيش والشرطة لتعليمهم القراءة والكتابة والحساب الى مستوى طفل في الثامنة من عمره في الصف الثالث الابتدائي بالمدارس الافغانية. وقال حلف الاطلسي ان مسحا اجراه الجيش عام 2009 وجد ان نسبة الامية في الجيش تصل الى 13 في المئة وان النسبة في الشرطة أفضل قليلا.

استتابة الانتحاريين

على صعيد متصل وفي غرفة مكتظة بالمهاجمين الانتحاريين المحتملين بمعتقل محاط بإجراءات أمنية مشددة في العاصمة الأفغانية يتلو رجل دين مسن آيات من القرآن قائلا للشبان إن الإسلام يحرم قتل النفس. وقال للرجال الذين جلسوا على المقاعد المرتبة في صفوف في الغرفة المضاءة جيدا "لن تذهبوا الى الجنة. الإسلام يحرم قتل أنفسكم وقتل الآخرين." يهز البعض رؤوسهم بالموافقة وينظر آخرون نظرة جوفاء.

وتقول مديرية الأمن الوطني الافغانية والتي يمقتها كثيرون منذ زمن طويل بسبب إساءة معاملة وتعذيب المعتقلين إنها تحاول سحب السم من عقول الشباب من خلال تحفيظ القرآن واصطحابهم الى المساجد في كابول ليظهروا لهم أن الناس يصلون في سلام وليثبتوا لهم أن محرضيهم كانوا مخطئين. وأصبحت الهجمات الانتحارية التي لم تعرفها افغانستان قبل عام 2004 مثار قلق فيما تتسلم القوات الحكومية التي تم إنشاؤها حديثا المسؤولية عن الأمن قبل انسحاب أغلب القوات الاجنبية المقاتلة عام 2014 . وتتسبب الهجمات الانتحارية في سقوط أكبر عدد من القتلى من المدنيين والقوات العسكرية بعد تفجيرات القنابل المزروعة على الطرق.

ودفعت الهجمات السلطات الى تعزيز المباني الحكومية والمكاتب الاجنبية بالحوائط الخرسانية لصد المهاجمين الانتحاريين. وتسعى السلطات أيضا الى مكافحة عمليات غسل المخ. وقال لطف الله مشال كبير المتحدثين باسم مديرية الامن الوطني "نعمل معهم من الناحية النفسية ونعرض عليهم افلاما سينمائية وافلاما اخرى عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها طالبان كما نصطحبهم الى المساجد ليروا آلاف المصلين." وأضاف "خلال مقابلاتنا معهم وجدنا أن أغلبهم لا يدرون ماذا يفعلون. تروى لهم حكايات زائفة عن افغانستان." وكان أغلبية الرجال الموجودين في الغرفة وبعضهم صغار السن من الافغان لكنهم قضوا حياتهم في باكستان. وانتقل عدة ملايين من الافغان الى باكستان على مدى عقود من الاضطرابات في افغانستان.

وقال بعض المهاجمين إنهم تم إرسالهم الى افغانستان بعد أن قيل لهم إن الإسلام في خطر بسبب الوجود العسكري الأجنبي وإن النساء يغتصبن. وقال عبد الوهاب "كنت أريد أن أؤدي دوري كمسلم ووافقت على القيام بهذه المهمة." وأضاف أنه قام بأربع محاولات فاشلة لتفجير سيارته الملغومة في قوافل عسكرية اجنبية بشمال افغانستان قبل إلقاء القبض عليه. ونشأ عبد الوهاب (18 عاما) وهو من قندوز في شمال افغانستان في مدينة روالبندي الباكستانية حيث عمل حمالا في سوق للفاكهة ويقول إن رجلا يدعى سافراز هو الذي بدأ التواصل معه منذ عدة اشهر.

وقال عبد الوهاب فيما جلس اثنان من ضباط مديرية الأمن الوطني على مقربة "قيلت لي حكايات عن افغانستان بشأن أعمال وحشية ارتكبها اجانب وغياب الشعائر الاسلامية." وتلقى تدريبا لمدة 15 يوما في مخيم للاجئين الافغان قرب مدينة بيشاور بشمال غرب باكستان على كيفية تفجير سيارة ملغومة. وقال بلغة البشتو "تم إرسالي الى مزار الشريف لاستهداف الاجانب وعلى الرغم من المحاولة اربع مرات لم تنفجر سيارتي."

وتقول افغانستان إن آلاف المقاتلين الإسلاميين يعبرون من مناطق قبائل البشتون المضطربة بباكستان لممارسة أعمال عنف. وحثت افغانستان جارتها مرارا على التحرك ضد المتشددين. وتقول باكستان إنها تبذل كل ما في وسعها لمكافحة التشدد بالمنطقة الحدودية الواقعة بشمال غرب البلاد وإن افغانستان تلقي عليها باللائمة لعدم قدرتها على التعامل مع انعدام الاستقرار المزمن بالداخل.

وقيل لبعض الفتيان الذين يتم تجنيدهم لتنفيذ الهجمات إنه لا يمكن أن يمسهم ضرر. يقول زهيد الله (17 عاما) وهو من اقليم كونار بشرق افغانستان إنه التقى بمقاتلي حركة طالبان في مسجد وإنهم اقنعوه بأن يصبح انتحاريا ليهاجم الاجانب. وأضاف "قال مقاتلو طالبان لي إنني لن يصيبني سوء وإن الأمريكيين هم الذين سيقتلون وحسب وإنني سأذهب الى الجنة." ومضى يقول "لا أريد أن أذهب الى الجنة أريد أن أذهب الى المنزل."

لكن هناك من لم يغير رأيه. وألقي القبض على احمد الزبير (18 عاما) ومعه سترة ناسفة في مدينة جلال اباد بشرق افغانستان قرب الحدود الباكستانية حيث كان يعتزم مهاجمة جنود امريكيين. وقال الزبير قبل أن يصطحبه ضباط مديرية الأمن الوطني بعيدا "كنت اريد أن أنسفهم. دنسوا كتابنا المقدس وصنعوا رسوما تسخر من نبينا. مادام الامريكيون في افغانستان سيظل هناك مهاجمون انتحاريون."

في السياق ذاته فجر مهاجم انتحاري يرتدي البرقع نفسه بالقرب من دورية فرنسية في أفغانستان فقتل اربعة جنود فرنسيين واصاب خمسة بجراح في واحدة من أدمى الهجمات على القوات الفرنسية خلال شهور وذلك في الوقت الذي تصعد فيه حركة طالبان هجمات الربيع. وقع الهجوم في اقليم كابيسا الجبلي بشرق البلاد الذي تجوبه عادة دوريات لقوات فرنسية تعمل تحت قيادة قوات حلف شمال الأطلسي.

وقال صديق صديقي المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية "كان حادثا مشؤوما. كانت هناك دورية لقوات التحالف في سوق صغير وتعرضت لهجوم من انتحاري يرتدي برقعا." وقدم الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند التعازي لعائلات الضحايا وكرر خطته لسحب كل قواته المقاتلة من أفغانستان بنهاية عام 2012 قبل أن يسحب حلفاء حلف الأطلسي قواتهم بفترة طويلة. وقال أولوند الذي تولى مهامه كرئيس لفرنسا في منتصف مايو أيار أثناء زيارة لدائرته السياسية التي تبعد 500 كيلومتر جنوبي باريس عشية الانتخابات البرلمانية "هذه العملية ستبدأ في يوليو وستكتمل بنهاية عام 2012." وقال أولوند إن وزير دفاعه جان ايف لودريان وقائد الجيش إدوار جيو سيتوجهان إلى أفغانستان.

وقال لودريان الذي كان يتحدث لتلفزيون (تي إف 1) قبيل مغادرة فرنسا إن الجنود الذي قتلوا بالإضافة إلى مترجم كان يرافقهم كانوا في طريقهم لمقابلة رؤساء قرى للحديث عن مشروعات تنمية عندما تعرضوا للهجوم. وبلغ عدد الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في أفغانستان منذ التدخل العسكري بقيادة الولايات المتحدة الذي بدأ في عام 2001 وحتى هذا الحادث 83 جنديا لتأتي بذلك فرنسا في المركز الرابع بين الدول التي فقدت أكبر عدد من قواتها بالبلاد بعد الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا.

وأعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن الحادث الذي وقع في منطقة نجراب باقليم كابيسا قائلة في رسالة عبر البريد الالكتروني ان مهاجما انتحاريا استهدف الجنود الأجانب. وتزايد العنف في شتى أنحاء أفغانستان في الأسابيع الأخيرة وتوعدت حركة طالبان باستهداف الحكومة الأفغانية وقوات الأمن وكذلك القوات الأجنبية التي يبلغ قوامها 130 ألفا في البلاد. ومن المقرر أن تنسحب القوات القتالية الأجنبية من أفغانستان بنهاية عام 2014 . وتعتزم فرنسا سحب معظم قواتها البالغ قوامها 3400 جندي بنهاية هذا العام قبل عامين من الموعد المتفق عليه مع حلف الأطلسي. وعانت القوات الفرنسية من هجمات كبيرة بينها هجمات شنها جنود أفغان مارقون مما أثار مطالب بإعادة القوات الفرنسية إلى الوطن مبكرا. بحسب رويترز.

ودافع أولوند -اثناء زيارة الى الاقليم المضطرب- عن قرار الانسحاب المبكر قائلا ان مهمة قتال الإرهابيين تكاد تكون تمت وان فرنسا ستركز على التعاون في المجال المدني. واثار قرار فرنسا مخاوف من ان يحذو اعضاء اخرون مشاركون في قوة المساعدة الأمنية (ايساف) التي تعمل تحت قيادة حلف شمال الاطلسي حذوها ويعجلوا بخطط سحب قواتهم وتسليم المهام الأمنية للقوات الأفغانية حديثة العهد. وكابيسا أحد الاقاليم المقرر تسليم المهام الأمنية بها الى القوات الافغانية في المرحلة الثالثة التي تجري الان قبل 2014 .

الفساد بأفغانستان

من جانب اخر وعندما كشفت الحكومة الأفغانية عن خطط لطريق يربط قريته الصغيرة بمراكز أكبر في مناطق أخرى شعر رحمن الله بحماس بالغ لدرجة أنه عرض منح جزء من مزرعته لهذا الطريق ظنا منه أنه سيساعد على نقل منتجاته إلى أسواق أكبر. بل إنه اشترك مع فريق بناء وبدأ يحصل على ستة دولارات يوميا مقابل المساعدة في شق الطريق الذي يبلغ طوله 28 كيلومترا ويصل كرديز عاصمة إقليم بكتيا في الشرق بمنزله في منطقة ميرزكي الجبلية.

لكن بعد مضي عامين خسر رحمن الله أرضه الزراعية وطوى الطريق النسيان إلى جانب آمال السكان في حياة أفضل في إقليم يدر التمرد فيه أموالا يحتاجها بشدة المقاتلون. قال رحمن الله مشيرا إلى طريق ملتو ملئ بالحفر يشق قريته "تخليت عن حقلي بلا مقابل لتوفير طريق لنا.. وهذه هي النتيجة."

وشأنه شأن مشاريع أخرى مماثلة تهدف إلى تحقيق الرخاء من أجل مكافحة التمرد كان طريق ميرزكي ضحية للفساد والرشى ومنح العقود المربحة. وجرى إنفاق اكثر من 57 مليار دولار على إعادة إعمار أفغانستان منذ الإطاحة بحكومة طالبان في 2001 لكن البعض يقول إن ملايين الدولارات أهدرت نظرا لتوجيه مساعدات الجهات المانحة إلى شبكة مبهمة من المتعاقدين المحليين والدوليين.

وتجيء أفغانستان بصورة منتظمة في مجموعة الدول الأكثر تأثرا بالفساد طبقا لمنظمة الشفافية الدولية التي يقع مقرها في برلين وتراقب الفساد في أنحاء العالم. وتربط الجهات المانحة استمرار المساعدات في وقت يشهد انحسارا للحرب بالتحسن في سجلات البلاد. وقال رحمن الله "كان سكان القرية يأملون في أن يساعدهم الطريق الجديد في الحصول على أسواق جيدة للخضر والفاكهة التي يزرعونها ووصولها إلى هناك قبل أن تفسد." ويقول مسؤول في إقليم بكتيا إن عقد بناء طريق ميرزكي مقابل سبعة ملايين دولار منح لشركة أفغانية تدعى (سفن ستار) لكنه بيع بعد ذلك إلى شركة أخرى محلية بأقل من ستة ملايين دولار.

وألقى قاري فهيم صاحب شركة (سفن ستار) باللوم على عملية التعاقد المعقدة في عدم توفير الأموال في الوقت الملائم. وقال "حصلت على 25 في المئة فقط مقدما وتعطلت الأقساط الأخرى لشهور. أخيرا اضطررت إلى تسليم المشروع إلى شركة أخرى مقابل أموال أقل." وقال مسؤولون قلقون ازاء هذه المشكلة وطلبوا عدم نشر اسمائهم إن الفساد والرشى تسببا أيضا في إعاقة مشروع آخر لشق طريق يمتد 105 كيلومترات بين إقليم بكتيا وإقليم خوست إلى الشمال الشرقي.

ومنح العقد الذي تقدر قيمته بنحو 126 مليون دولار إلى شركة مقرها الهند قبل ثلاث سنوات ثم بيع لاحقا إلى متعاقد أفغاني مقابل 84 مليون دولار. ولم يكتمل الطريق حتى الآن. وأبدى حاكم إقليم بكتيا جمعة خان هومدارد غضبه البالغ وهو يتفقد الطريق غير المكتمل من عملية تقليص قيمة العقد والتي تجبر المتعاقدين الآخرين على خفض التكلفة وشق طرق أقل تحملا وأكثر عرضة للتدهور السريع. وقال "هناك فساد ورشى وهذا هو سبب عدم اكتمال هذا الطريق."

ويمثل شق الطرق أولوية رئيسية للرئيس حامد كرزاي والقوى الغربية الداعمة له مع تراجع شعبيته بسبب عجزه عن تحقيق التقدم الذي أراده الناخبون في بلد يعيش فيه ثلث السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة تحت خطر الفقر. ووعدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ببناء طرق تمتد ما يصل إلى 1900 كيلومتر في إطار برنامج واحد لكنها لم تنفذ إلا أقل من عشر ذلك عندما جرى خفض حجم البرنامج بعد أن أنفق دافعو ضرائب أمريكيون نحو 270 مليون دولار. ولم ترد الوكالة الامريكية للتنمية الدولية على اتهامات محددة بشأن البرنامج لكن متحدثا قال إنها استثمرت ملياري دولار في المجمل لبناء وإصلاح طرق تمتد 1800 كيلومتر.

وقال مسؤولون أفغان إنه تم تمهيد طرق تمتد 6700 كيلومتر في أنحاء أفغانستان لكن نحو 4000 كيلومتر منها تدهورت سريعا بسبب تدني مستوى البناء وانتشار الفساد. وقال أحمد شاه نائب وزير الأشغال العامة "نحتاج نحو 70 مليون دولار لصيانة طرق لم تستخدم فيها المواد اللازمة بصورة كافية." وانتقد عزيز الله لودين رئيس وحدة مكافحة الفساد في كابول فرق إعادة الإعمار المدنية والعسكرية لأسلوبها في منح العقود والذي ينطوي على مخالفات مالية. بحسب رويترز.

وقال لودين إنه تم أيضا وقف بناء العديد من المشروعات ومنها مدارس ومستشفيات ومبان حكومية بسبب تدني مستوى المواد المستخدمة فيها. ومضى يقول "بني مركز صحي بقيمة تسعة ملايين دولار في إقليم باميان. وعندما تفقدناه وجدناه معرضا للانهيار بسبب الثلوج أو حتى بسبب زلازل صغيرة." وقال مسؤول في كابول "حصل مسؤولون في الحكومة ومشرعون وحتى طالبان على نصيب من تلك العقود."

الافتقار للثقة في العملة

على صعيد متصل يحول عبد الله كاكار الموظف بإدارة الزراعة في مدينة جلال اباد بشرق أفغانستان معظم راتبه للروبية الباكستانية كل شهر باستثناء مبلغ بسيط يسدد منه فاتورة الكهرباء ومصاريف المدرسة ورسوم هاتفه. ويدفع قيمة كل احتياجاته الاخرى بالعملة الباكستانية من الطماطم إلى ايجار منزله مثل ملايين آخرين في العديد من الاقاليم من ننكرهار في الشرق إلى زابل وقندهار في الجنوب. ومعظم هذه الاقاليم لها حدود مشتركة مع باكستان ولكن في اقاليم اخرى مثل غزنة في وسط افغانستان تنافس العملة الافغانية (الافغاني) الروبية.

وفي الغرب يستخدم الريال الإيراني على نطاق واسع. وبعد عشر سنوات من سحب البنك المركزي ثلاث عملات ورقية ومعدنية مختلفة أصدرها قادة ميليشيات سابقون وإعادة اطلاق الافغاني مازالت الحكومة تجد صعوبة في فرض تداوله. ويرجع تفضيل المواطنين لاستخدام عملة أجنبية في جزء منه لغياب الثقة في العملة الافغانية وتفاقم الوضع على مر عقود من الاضطرابات رغم ان الافغاني سجل استقرارا ملحوظا مقابل العملة الامريكية.

وقد يصبح هذا الاستقرار موضع شك مع انسحاب قوات قتالية أجنبية بحلول عام 2014 ورحيل القوات ومعها جزء من الدولارات واليورو المتداولة بكثره في البلاد ما قد يعرض الافغاني لضغوط نزولية. وقد ينذر ذلك بمشاكل إذا راي الموظفون المدنيون وأفراد قوت الامن القوة الشرائية لأجورهم التي تدفع باليورو تتقلص مقارنة بتكلفة الواردات بما في ذلك المواد الاساسية.

وقال كاكار (32 عاما) إنه يستخدم العملة الباكستانية التي يطلق عليها "كالدار" في أفغانستان طيلة حياته وهي العملة الوحيدة التي يعرفها. وأضاف "انها العملة التي يتعامل بها الجميع. حين اقرض شخصا اقرضه بالكالدار وحين ادفع رشوة تكون بالكالدار." وحقيقة مخالفة ذلك للقانون لا تهم كاكار او اي شخص اخر مما يحبط محافظ البنك المركزي نور الله ديلاواري.

وقال ديلاواري الأولى "القانون يلزم الناس باستخدام العملة الافغانية في تعاملاتهم اليومية. ولكن لدينا عددا محدودا من الافراد لفرض ذلك مقارنة بعدد السكان. انها مشكلة خطيرة." واطلق البنك المركزي حملة لاقناع الناس بان عليهم احترام العملة المحلية مثلما يحترمون علم البلاد ويحيونه.

وحين فشلت الحملة اصدر البنك تعليمات بتغريم أي شخص يرفض قبول العملة المحلية 100 ألف افغاني (1960 دولارا) ولكن مثلما هو الحال في كثير من الامور الاخرى فان المراسيم لا تسرى بسهولة في ارجاء البلاد التي تقاتل ضد تمرد حركة طالبان.

وعلى مدار العقد المنصرم كان الافغاني أكثر استقرارا من نظرائه في الشرق والغرب وظل سعره حول 50 مقابل الدولار بينما فقدت الروبية اكثر قليلا من نصف قيمتها في هذه الفترة وانخفض الريال ايضا. و مازال البعض متمسكا بالروبية التي كانت العملة الاكثر انتشارا ابان حكم طالبان في الفترة من عام 1996 إلى 2001 بينما اضحى الافغاني الاختيار الاول في مناطق عديدة في البلاد منها العاصمة. ولكن إذا لم يكن بحوزتك العملة المحلية فان جميع اصحاب المتاجر سواء من يبيعون دراجات مستخدمة او في البازارات قرب البنك المركزي يقبلون الروبية دون أن يطرف لهم جفن.

وقال تاجر يبيع أحدث أجهزة صوتية يابانية والتي تأتي من باكستان بالشاحنات "دولار أو كالدار .. نقبل كل شيء." وقيمة تجارة افغانستان السنوية نحو خمسة مليارات دولار والصادرات لا تكاد تصل إلى 250 مليونا والباقي واردات وتأتي نسبة 68 بالمئة من باكستان التي ترتبط مع افغانستان باواصر ثقافية ودينية وحدود مفتوحة إلى حد كبير تمتد لمسافة 2430 كيلومترا.

ويقول ديلاواري ان الحل في نهاية المطاف هو أن تنتج أفغانستان المزيد من السلع التي تستهلكها وعلى الاقل السلع الاساسية اليومية التي تقلل من الحاجة للعملة الصعبة. والسبب الرئيسي الاخر لتفضيل الافغان للروبية والريال هو القلق نتيجة عدم الاستقرار وأزمات العملة التي استنزفت مدخراتهم في السابق. بحسب رويترز.

وقال مسؤول اخر في البنك المركزي رفض نشر اسمه لانه غير مخول بالتحدث لوسائل الاعلام "ليست قضية اقتصادية ولكنها ذات صبغة سياسية أكثر." واضاف "مررنا باوقات كان يحدث فيها ولنقل على سبيل إن حسابك في البنك به 1000 أفغاني واثناء الليل يصدر مرسوم يطيح بثلاثة أصفار ولا يتبقى لك سوى افغاني واحد. انها مسألة نفسية تقوض الثقة." وقال مسؤولون في البنك المركزي انه ينبغي ايجاد مصادر للدخل للحفاظ على استقرار العملة. وتعلق الحكومة آمالها على إيرادات التعدين ورسوم نقل الكهرباء من آسيا الوسطى إلى باكستان والهند. وقال ديلاواري "الوسيلة المثلى لمنع ذلك أن ننتج وألا نعتمد على جيراننا لتوفير احتياجاتنا الأساسية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/حزيران/2012 - 7/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م