ارواح معذبة... ما يفعله التعذيب في نفوس الضحايا

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: عندما تقرأ او تستمع الى قصص التعذيب التي يمارسها الانسان بحق الاخرين، تندهش لهذا الحجم من القسوة التي يمكن ايقاعها على الاخرين..

والدهشة لاتنقضي، وانت تطلع على الاف النصوص والمبادرات والتاريخ الطويل من الاعتراضات على تلك القسوة، ورغم ذلك لايزال التعذيب مستمرا، ويدفع المعذبون اثمانا باهظة من عذابات ارواحهم كل يوم.

حسنا فعلت حكومة اقليم كردستان حين حولت بناية (امن سورك) الى متحف وطني يزوره الكثيرون يوميا للتذكير بعدد من المآسي التي عاشها هؤلاء المعذبون في حقبة تعد هي الاكثر قسوة ومرارة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر.

وامن سورك معروف لدى أهالي مدينة السليمانية وهو يعني (الأمن الاحمر) باللغة العربية اشتقاقا من جدرانها الخارجية المطلية بالأحمر.

مقر (أمنَ سورَكَ) الذي افتتح لأول مرة ليصبح دائرة أمن السليمانية في مثل هذا الوقت قبل 27 عاما، جرى تصميمه على أيدي مجموعة من مهندسي المانيا الشرقية العام 1979، وشيّدته السلطات فيما بعد على 3 مراحل ليجهز منتصف العام 1985.

وبني المقر الأمني على مساحة 16 الف متر مربع ليشمل 6 أبنية بعضها من 3 طوابق والآخر من طابقين، محاطة بجدار ارتفاعه متران يحتضن محطة وقود وورشة لتصليح السيارات الى جانب مستشفى ومطعم. كل ذلك بهدف توفير احتياجات رجال أمن النظام السابق واكتفائهم ذاتيا.

وكانت التهم الموجهة لمعظم الذين يسجنون ويعذبون ويعدمون في هذه الدائرة، سياسية، وبحسب شهادات الذين قضوا مددا زمنية مختلفة داخل البناية، كان الجميع يتعرضون الى شتى انواع التعذيب كالتعليق والكهرباء والضرب المبرح ونزع الاظافر وحتى الاعتداء الجنسي. فضلا عن هذا، كانت هناك غرفة تدعى الغرفة الحمراء تستغل لاغتصاب رجال الأمن للنساء.

احدى القصص الاليمة تلك التي حدثت مع فتاة كردية قضت سنوات طويلة داخل السجن لتخرج بعدها مع 3 أطفال مجهولي الأب، ليجري قتلهم مع أمهم على يد أخيها الذي انتحر هو الآخر في اليوم ذاته باطلاق رصاصة على نفسه.

ويوجد في المتحف قسم خاص بذكريات حملة الانفال العام 1988 أيضا، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مدني كردي. وفي قسم آخر منه، تعرض أدوات التعذيب التي كان يستعملها رجال الأمن، وكذلك الحبل الذي كان يستعمل في الإعدامات داخل سجن (أبو غريب) غرب بغداد... ولا تتوافر إحصائيات عن عدد المعتقلين والمقتولين في هذه الدائرة بين 1985 و1991، لكن هناك اجماعا على أنه المكان الاكثر ترهيبا لأبناء الإقليم في تلك المرحلة.

وفي تونس بعد سقوط زين العابدين بن علي، ظهرت الكثير من الاسرار المخفية في عهده، وخاصة ما يتعلق منها بممارسات التعذيب ضد المعتقلين والسجناء... وحول ما كان يمارس في تونس من صنوف التعذيب تقول رئيسة احدى الجمعيات (تتنوّع أساليب التعذيب لكن تتفق في معطى واحد هو كون النتيجة مأساوية وتتمثّل في إلحاق ضرر جسدي ونفسي بيّن بالسجين أهم أصناف التعذيب منها تعليق في وضع الدجاجة المصلية والضرب على كامل الجسد وكذلك ادخال العصا في الدبر وتقنية «البانو» أي التعليق من الساقين وجعل الرأس وكامل الجسم يتدلّى في برميل ماء الى حدّ الشعور بالاختناق أو الإيهام بالقتل بوضع مسدس على الصدغ و إخبار السجين أن لحظة قتله حانت فليتشهّد على روحه بالإضافة إلى الاخصاء والحرق بالسجائر في أماكن حسّاسة والاغتصاب الذي تقع ممارسته على الرجال والنساء اللواتي عادة ما يتكتّمنا بخصوص ما يتعرّضن له هذا الى جانب ممارسات أخرى كاقتلاع الأظافر وسلخ الجلد وضرب الرأس على الحائط الى درجة حصول ارتجاج وأذكر أني كنت أزور أحد موكليّ في قضية رأي وما راعني أنه لم يعرفني باعتباره كان قد فقد الذاكرة لقاء ضرب رأسه على الحائط الى أن فقد ذاكرته نتيجة الارتجاج..).

ولا يقتصر التعذيب على الدول العربية والتي شهدت ربيعها العربي وثارت على مستبديها، بل يتعدى ذلك الى الكثير من الدول، وخاصة الدول العالم الثالث، التي لم ترتق فيها مدونات حقوق الانسان الى مرتبة الاحترام والتقدير، رغم ان اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لحقوق الإنسان هي ضمن مرجعيات الأمم المتحدة الرئيسية.

واتفاقية مناهضة التعذيب تهدف إلى منع التعذيب في جميع أنحاء العالم. وتلزم الاتفاقية الدول الأعضاء باتخاذ تدابير فعالة لمنع التعذيب داخل حدودها، ويحظر على الدول الأعضاء اجبار أي إنسان على العودة إلى موطنه إذا كان هناك سبب للاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب.

وقد اعتمد نص الاتفاقية من جانب المفوضية السامية للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1984، وبعد تصديق 20 دولة عضو، دخلت حيز النفاذ في 26 يونيو 1987.

وتكريما للاتفاقية، يعد الـ 26 من يونيو/ حزيران من كل عام هو اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب. واعتبارا من سبتمبر/ ايلول 2010، فإن147 دولة عضو قامت بالتصديق على الاتفاقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/حزيران/2012 - 6/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م