الطائرة التركية وعملية اصطياد الغراب!

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ:  سربت بعض المعلومات حول ما يعرف بعملية "اصطياد الغراب"،  التي وضح من خلالها حسب ما نقل تفاصيل اسقاط الطائرة الحربية التركية قبالة السواح السورية، مشيرة الى ان جميع تفاصيل الحادث كانت مدبرة ومدروسة، او الاحرى ان الامر كان برمته معركة مخابراتية بامتياز، بين سوريا وتركيا.

حيث تشير التفاصيل الى ان المخابرات الجوية السورية رصدت  لقاء الطيار السوري "حسن الحمادة"، الذي فر الى الاردن في ذات اليوم الذي اسقطت الطائرة التركية، مع عدة أشخاص غير سوريين، تم وضع كافة اتصالاته واتصالات عائلته تحت المراقبة، تم التوصل إلى معلومات عن هؤلاء الأشخاص، إنهم أردنيون، عملاء للمخابرات الأردنية، رصدت المخابرات السورية عدة اتصالات جرى في بعضها ابتزاز "الحمادة" بمقطع فيديو عن سهرة حميمة مع امرأة في دمشق وفي بعضها الآخر جرى تقديم عدة عروض له من مال وسفر إلى دولة أوروبية مع عائلته.

وتروي تلك التسريبات ان المخابرات السورية راقبت بدقة تحركات الأردنيين في دمشق ورصدت عدة لقاءات لهم مع أتراك عن كثب.

ويعتقد كانت توقعات المخابرات السورية في البداية أن كل هذا الضغط على "الحمادة" لكي ينشق، لكن لم تكن لديها معلومات عن الهروب بطائرة ميغ 21، حتى اطلعت المخابرات السورية على جدول طلعات التدريب فتوصلت لمعلومات عن طلعة تدريبية ل "الحمادة" يوم 21 حزيران.

فيما اثار الشكوك هو سفر عائلة الحمادة المفاجئ إلى الأردن يوم 19 حزيران أي قبل يومين من موعد طلعة الطيران التدريبية للميغ 21، وأقامت العائلة في فندق 5 نجوم في عمان، أيقنت المخابرات السورية أن الحمادة سيفر إلى الأردن يوم 21 حزيران بطائرة الميغ 21 ، لكنها لم تلق القبض عليه؟!

وتؤكد مصادر خاصة سربت تفاصيل العملية ان المخابرات السورية حصلت على معلومات من تركيا عن طريق عملاء لها داخل تركيا عن مخطط يعد بالتنسيق مع المخابرات الأردنية والإسرائيلية للبدء بعملية انشقاق وهمي لطائرات مقاتلة سورية ستقصف دفاعات جوية سورية في اللاذقية تمهيداً لفرض منطقة حظر جوي وبعدها منطقة عازلة على الحدود السورية التركية داخل الأراضي السورية بعمق 10- 15 كيلو متر يتم تجميع الآلاف من الإرهابيين السوريين والعرب والأفارقة والأفغان فيها لشن هجمات على الداخل السوري انطلاقاً من هذه المنطقة.

وتترافق خطة الانشقاق الوهمي مع تحرك لخلايا نائمة في بعض مناطق ريف دمشق وريف حلب وريف إدلب، يقودها أردنيون وأتراك لتشتيت تركيز الأمن والجيش السوري، لكن كيف ستحدث عملية الانشقاق الوهمي؟

توضح التفاصيل المسربة ان طائرة ميغ 21 صنعت في روسيا عام 1959، وقد حصلت سوريا على عدد منها منذ عقود، وتم الاتفاق مع روسيا بعد عدة جولات من الصيانة والعمرة لهذه الطائرات أن تستعمل فقط للطلعات التدريبية وهي منزوعة السلاح وفقاً للقانون الدولي والمعاهدات مع الأمم المتحدة.

عملية انشقاق الطيار "الحمادة" كان المطلوب منها أردنياً وتركياً وبالدرجة الأولى اسرائيلياً هو فقط تصوير الطائرة من عدة جوانب في وضعيتين، في السماء وعند الهبوط، ومن ثم الحصول على نظام التشفير الخاص بالطائرات السورية، هذا النظام يتيح لكل طائرة تحمله مهما كان نوعه، إمكانية التجول ضمن نطاق رصد الرادار السوري على أنها طائرة سورية، أي ترى على شاشة الرادار أنها طائرة سورية.

وبحسب تلك التسريبات كانت أمام خيارين المخابرات السورية، إما أن تلقي القبض على الطيار "الحمادة" قبل الطلعة التدريبية المقررة حسب الجداول في 21 حزيران، وبالتالي لن تتمكن من القبض على كل العملاء الأردنيون والأتراك مع الخلايا النائمة. أو أن تترك "الحمادة" يفر إلى الأردن وتمثل دور المخدوع لحين الضربة القاصمة.

ويبدو ان المخابرات السورية ضحت ب "الحمادة" كطعم، فر "الحمادة" بالميغ 21، بان التخبط في وسائل الإعلام السورية عن مصير الميغ 21 ، تارة فقد الاتصال وتارة هبطت في الأردن، ووزارة الدفاع السورية تجري اتصالات بالأردن لإعادة الطائرة والأردن يبين حسن النواي، اطمأن أطراف المؤامرة أن خطتهم قد نجحت، كان لديهم وقت قصير جداً لا يتعدى 24 ساعة لتنفيذ مخططهم قبل تدارك الأمر من وزارة الدفاع السورية – حسب اعتقادهم -، آلة إعلامية كانت جاهزة للتصوير في مطار الهبوط في الأردن، وصلت الميغ 21 فوق المطار، بدأ التصوير من عدة جوانب للطائرة، أرسلت الفيديوهات مباشرة إلى استوديوهات قناتي الجزيرة والعربية اللتان ستنتظران كلمة السر عند عملية الانشقاق الوهمي لتبدأ عرض الفيديوهات تحت عنوان "انشقاق طيارين سوريين بطائرتين مقاتلتين وقصف أهداف عسكرية للنظام ثم اللجوء إلى تركيا" وأعدت التقارير العسكرية والمقابلات التلفزيونية والتحليلات السياسية المرتبطة بالموضوع.

وتؤكد تلك التسريبات على ان بعد هبوط الميغ 21 في الأردن، سارع خبراء لفك نظام التشفير الخاص بالطائرة، أخذ النظام إلى تل أبيب، استنسخوا نظام آخر منه، أرسلوا النظام إلى تركيا بطائرة حربية إسرائيلية هبطت في قاعدة أنجرليك التركية، تم تركيب النظامين على مقاتلتين تركيتين، وعند إعلان ساعة الصفر طارت المقاتلتان التركيتان محملتين بالذخيرة الكاملة باتجاه الأراضي السورية لتقصف مواقع عسكرية سورية كما هي الخطة.

وصلت المقاتلتان التركيتان إلى المياه الاقليمية السورية مقابل البدروسية في اللاذقية، انخفضت إلى أقصى حد من سطح البحر كي لا يتم التعرف عليها بالرؤية العادية، بانت على شاشات الرادار السوري كأنهما مقاتلتين سوريتين، الطياران التركيان مطمئنان فالسوريون يظنون أنهما طياران سوريان، اقتربت المقاتلتان أكثر من الشواطئ السورية، وفجأة، بدأ إطلاق النار من المضادات السورية على المقاتلتين التركيتين، أسقطت واحدة في البحر وأصيبت الثانية ما اضطرها للعودة إلى تركيا.

ففي الوقت الذي كانت فيه وزارة الدفاع السورية تمثل دور المخدوع بحسن النوايا الأردنية، كانت المخابرات السورية تحضر الكمائن للعملاء الأردنيين والأتراك وخلاياهما النائمة في ريف دمشق وريف إدلب وريف حلب، وكانت تنتظر ساعة الصفر من وزارة الدفاع السورية للانقضاض على هذه الخلاي، عندما فر "الحمادة" بطائرة الميغ 21 إلى الأردن صدرت تعليمات هامة من وزارة الدفاع السورية لسلاح الجو السوري بضرورة عدم إقلاع أي طائرة سورية من المطارات مهما كان الظرف حتى إشعار آخر، وتعليمات مشددة وحازمة لقوى الدفاع الجوي بإسقاط أي طائرة مقاتلة تحلق في الأجواء السورية، حتى وإن كانت طائرة سورية.

فالمعلومات لدى وزارة الدفاع كانت كاملة تماما عن أن مقاتلات تركية ستدخل الأجواء السورية بنظام تشفير لطائرة الميغ 21 وبالتالي لن تتعرف عليها الرادارات السورية سوى أنها طائرات سورية.

عند إسقاط المقاتلة التركية في المياه الإقليمية السورية وإجبار الثانية على العودة، تم الاتصال من تركيا بقادة الخلايا النائمة في سورية وإبلاغهم بفشل العملية وعليهم الهروب من المناطق التي يتواجدون بها فلقد علم الأتراك بعد إسقاط الطائرة أن خطتهم بالانشقاق الوهمي قد كشفت، لكن المخابرات السورية كانت أسرع إليهم.

انتهاك صريح للسيادة السورية

فيما اعتبرت وزارة الخارجية السورية ان حادث الطائرة التركية التي اسقطتها الدفاعات الجوية السورية هو "انتهاك صريح للسيادة السورية". وقال المتحدث باسم الوزارة جهاد مقدسي في مؤتمر صحافي "قانونيا، انه انتهاك صريح للسيادة السورية مثبت بالوقائع وبالتصريحات التركية نفسها التي قالت انه تم انتهاك الاجواء السورية".

واضاف ان الهدف من مؤتمره الصحافي "الرد على الاكاذيب وما يثار ليس فقط في وسائل الاعلام انما ايضا على مستوى وزراء الخارجية" حول "الطائرة العسكرية التركية التي اسقطت ضمن الاجواء السورية والمياه الاقليمية السورية".

واشار الى ان وزير الخارجية التركي داوود اوغلو "روى رواية مغايرة تماما لوقائع هذا الاعتداء على السيادة السورية". وكان اوغلو اتهم سوريا باسقاط المقاتلة التركية اثناء وجودها في المجال الجوي الدولي وليس في المجال السوري، موضحا ان الطائرة كانت تقوم بطلعة تدريبية من دون اسلحة وبهدف اختبار نظام رادار.

وقال اوغلو ان الطائرة "اسقطت في المجال الجوي الدولي على بعد 13 ميلا بحريا عن سوريا". ودعت تركيا على خلفية هذا الحادث حلف شمال الاطلسي التي هي عضو فيه الى الاجتماع، الامر الذي استجاب له الحلف معلنا عقد الاجتماع في بروكسل.

وقال مقدسي ان الطائرة رصدت وهي تسير بسرعة "800 كيلومتر في الساعة" على بعد "كيلومتر او كيلومترين من الساحل السوري"، مضيفا انه "تمت رؤيتها بالعين المجردة"، و"تبين انها كانت متجهة نحو الشاطئ السوري".

واوضح ان ذلك حتم "تنفيذ قواعد اشتباك والتصدي بالدفاع الجوي، فأصابت مدفعية مضادة للطائرات الطائرة اصابة مباشرة"، و"شوهدت تسقط في المياه الاقليمية السورية". واشار مقدسي الى انه لم يكن في الامكان اصابتها في المياه الدولية، لان الرشاش الذي اطلقت النار منه "مداه الاقصى كيلومتران ونصف الكيلومتر"، و"الثقوب على ذيل الطائرة تثبت انها اسقطت بموجب مدفع رشاش ارضي، لا بالصواريخ". بحسب فرنس برس.

وردا على سؤال حول الاجتماع المقرر لحلف شمال الاطلسي ، قال مقدسي "الناتو منظمة من المفترض ان يكون هدفها تثبيت الامن والاستقرار. اذا كان الاجتماع بهذه النوايا وهذا الاتجاه نتمنى لهم التوفيق".

واضاف "اما اذا كان الاجتماع عدواني الطابع، فأطمئنهم بان الاجواء السورية والاراضي السورية والمياه السورية مقدسة بالنسبة الى الجيش السوري، كما الاجواء التركية والاراضي التركية والمياه التركية مقدسة للجيش التركي".

ضبط النفس

من جهتها ذكرت وزارة الخارجية الايرانية ان وزير الخارجية علي أكبر صالحي دعا تركيا وسوريا لضبط النفس في اعقاب اسقاط سوريا طائرة تركية. وذكر بيان نشر على موقع وزارة الخارجية ان صالحي ابدى في محادثة هاتفية مع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أمله ان "يسوي (الجانبان) المسالة سلميا للحفاظ على الاستقرار في المنطقة." بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/حزيران/2012 - 6/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م