
شبكة النبأ: حقائق ومؤشرات كثيرة تثبت
وبدليل القاطع أن تنظيم القاعدة اصبح احد اهم اركان الصراع في سوريا
التي باتت اليوم ساحة قتال تشارك فيها العديد من الفصائل المسلحة وبشتى
المسميات فقد تمكن هذا التنظيم من الحصول على موطئ قدم مهم في هذه
البلاد بسبب استمرار موجة الاضطرابات المسلحة المدعومة من قبل اطراف
دولية وعربية سعت وتسعى الى توفير كافة سبل الدعم بقصد خلق حرب اهلية
وبدوافع طائفية، ومع تزايد الادلة على وجود قوى إسلامية متشددة بين
صفوف المعارضة السورية يزداد قلق المسؤولين الأوروبيين من احتمال سقوط
أسلحة متطورة في أيدي الجماعات المتمردة التي قد تمثل خطورة على
المصالح الغربية بما في ذلك تنظيم القاعدة.
وعبر وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا عن مخاوف الولايات المتحدة
من أن تجد صواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف طريقها الى الصراع
في سوريا. ويعتقد خبراء مخابرات أن مئات إن لم يكن آلاف من هذه الأسلحة
سرقت من ترسانات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وتباع في السوق
السوداء بالشرق الأوسط. وقال بانيتا "أعتقد أننا نستطيع ان نقول إن
لدينا مخاوف بشأن الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف
التي تخرج من ليبيا. كانت لدينا وجهة نظر بأن من المهم تحديد أين تذهب
هذه الصواريخ وليس همنا الوحيد هو أن بعضها يمكن ان يصل الى سوريا
وإنما الى أماكن أخرى ايضا."
وأضاف بانيتا أنه لم يطلع على معلومات مخابرات مباشرة حتى الآن تشير
الى أن هذه الصواريخ شقت طريقها الى سوريا. ولم يذكر المتمردين على وجه
التحديد باعتبارهم متلقيها المحتملين. لكن مسؤولين من الولايات المتحدة
ودول حليفة لها عبروا عن هذا القلق لكنهم قالوا إنه ليست لديهم أدلة
على أن مقاتلي المعارضة السورية حصلوا على صواريخ مضادة للطائرات تطلق
من على الكتف. ولا تشعر الولايات المتحدة بالقلق بشأن الأسلحة وحسب
وإنما الجهات التي ستتلقى هذه الأسلحة. وتشير مصادر رفيعة المستوى في
عدد من أجهزة المخابرات الوطنية الى تزايد الادلة على أن إسلاميين
متشددين منهم تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له وغيرها من الجماعات
السنية المتشددة وحدوا صفوفهم مع معارضي حكومة الرئيس بشار الأسد.
وقال بروس ريدل الضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية
(سي.آي.ايه) الذي كان مستشارا للرئيس باراك أوباما في مجال مكافحة
الإرهاب إن تنظيم القاعدة وغيره من المتشددين "منخرطون بعمق" مع القوات
المناهضة للأسد. وأشار الى تصريحات شخصيات كبيرة بتنظيم القاعدة منها
زعيم التنظيم ايمن الظواهري الذي حث مقاتلي المعارضة السورية من السنة
على قتل من ينتمون للأقلية العلوية التي ينتمي لها ايضا الاسد. وقال
مصدر حكومي غربي إن جماعة النصرة المرتبطة بجناح تنظيم القاعدة في
العراق مسؤولة على الاقل عن بعض الاعمال الوحشية التي وقعت في سوريا.
وأضاف المصدر أن الجماعة اكدت علنا دورها في عمليات القتل.
ولعل المخاوف من أن تصل أسلحة متطورة الى جهة غير موثوقة من مقاتلي
المعارضة السورية أحد الأسباب في حذر واشنطن من تعميق التدخل الامريكي
في القتال. وقال مسؤول أمريكي "هذا منطقي لأنه اذا كانت هناك اي دولة
بالشرق الاوسط تبحث في تقديم اسلحة للمعارضة السورية فإنها ستتبنى نهجا
مدروسا وتفكر مرتين قبل تقديم أسلحة يمكن أن تؤدي الى عواقب غير
مقصودة."
غير أن مسؤولي الولايات المتحدة وحلفاءها يقولون إن نظراءهم في
السعودية وقطر بحثوا كيف يمكن أن يستخدم معارضو الأسد الصواريخ المضادة
للطائرات التي تطلق من على الكتف لإسقاط الطائرات الهليكوبتر التي
يستخدمها الجيش السوري لإعادة نشر قواته بسرعة بين مناطق الاضطرابات.
لكن هذه الصواريخ يمكن استخدامها ضد أهداف اخرى منها الطائرات المدنية
وهو أحد أسباب مخاوف الولايات المتحدة والحلفاء.
وبعد أن غزا الاتحاد السوفيتي افغانستان وفرت وكالة المخابرات
المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه) بدعم من السعودية صواريخ ستينجر التي
تطلق من على الكتف للمقاتلين الإسلاميين الذين كانوا يسعون لإخراج
القوات السوفيتية. ولعبت الصواريخ دورا مهما في هزيمة السوفيت في
افغانستان لكنها اصبحت ايضا مصدر إزعاج لوكالات مكافحة الارهاب
الامريكية والغربية حين تحول المقاتلون المناهضون للسوفيت الى فصائل
مسلحة مناهضة للغرب بما في ذلك تنظيم القاعدة.
ويعترف مسؤولون امريكيون ومن دول حليفة بأن السعودية وقطر تمدان
مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة. لكنهم يقولون إن الأسلحة التي
وصلتهم حتى الآن غير متطورة.
وقال مصدر من حكومة حليفة إن من الواضح أن اثرياء من قطر والسعودية
يساعدون في تمويل الجماعات المناهضة للأسد. وتنادي السعودية بإسقاط
الأسد. وفي وقت سابق من العام الحالي قال الامير سعود الفيصل وزير
الخارجية السعودي امام مؤتمر دولي إن نظام الاسد فقد شرعيته وأصبح مثل
سلطة احتلال مضيفا أنه لا يوجد مخرج من الازمة سوى نقل السلطة اما
سلميا واما بالقوة.
وفي يناير كانون الثاني ذهبت قطر الى ابعد من ذلك حين قال اميرها
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبرنامج 60 دقيقة الذي تذيعه شبكة
(سي.بي.إس) التلفزيونية إنه يجب إرسال قوات عربية "لوقف القتل" الذي
تمارسه قوات الأسد. وقال مسؤول أمريكي بحث القضية مع ممثلين للسعودية
وقطر إن الأسلحة التي ترسل لمقاتلي المعارضة السورية حاليا أغلبها
اسلحة صغيرة ستمكن معارضي النظام من "حماية اطفالهم". لكن إرسال صواريخ
مضادة للطائرات تطلق من على الكتف سيمثل تصعيدا خطيرا.
ويحث اعضاء بارزون بالحزب الجمهوري الأمريكي على زيادة كبيرة في
المساعدات الامريكية لمعارضي الأسد ويشمل هذا إرسال أسلحة وربما تدخل
عسكري امريكي محتمل. وخلال مؤتمر استضافه موقع بلومبرج جوفرنمنت
الالكتروني قال السناتور الامريكي جون مكين إن سياسة إدارة الرئيس
الأمريكي باراك أوباما الحذرة فيما يتعلق بمقاتلي المعارضة السورية
"مخزية" وحث على زيادة ملموسة في التدخل الامريكي. وقال مكين "ماذا
نفعل اذن؟ اولا ندافع عنهم. ثانيا نعطيهم اسلحة. ثالثا ننشئ ملاذا مع
حلفائنا دون أن نرسل جنودا ونستخدم قوتنا وقوة حلفائنا الجوية لحماية
تلك المنطقة ونساعد هؤلاء الناس في قتال عادل." غير انه في نفس المؤتمر
حذر مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب قائلا "لسنا في وضع
جيد اليوم لتحديد هوية كل الجماعات وكل الفصائل ومن الذي سيفوز بهذا
القتال على القيادة."
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن عددا صغيرا من ضباط وكالة المخابرات
المركزية الامريكية أرسل الى جنوب تركيا لمساعدة حلفاء الولايات
المتحدة في تحديد اي عناصر المعارضة السورية هي التي يجب أن تتسلم
الاسلحة. ومفهوم أن الولايات المتحدة تمد معارضي الاسد بمساعدات غير
فتاكة مثل التمويل واجهزة الاتصال وربما يشمل هذا معدات مراقبة. بحسب
رويترز.
وقالت صحيفة التايمز إن إدارة أوباما أحجمت عن إمداد مقاتلي
المعارضة بمعلومات مخابرات مثل الصور التي تلتقطها الاقمار الصناعية
بشأن انشطة قوات الاسد. وحذر ريدل من أن السلطات القطرية ربما لا تكون
انتقائية بشأن نوعية مقاتلي المعارضة التي تريد إمدادها بالأسلحة غير
أنها ستحاول تجنب وصولها لتنظيم القاعدة بشكل مباشر. وقال ريدل "لا
أعتقد أن قطر والسعوديين قلقون بقدرنا بشأن الصواريخ سطح جو."
هجمات انتحارية
على صعيد متصل ذكرت السلطات الرسمية في سوريا أن الجهات المختصة
ألقت القبض على شخص قالت إنه "إرهابي"، ينتمي إلى "تنظيم القاعدة -
جبهة النصرة"، كان يستعد لتفجير نفسه داخل أحد مساجد العاصمة السورية
دمشق، أثناء صلاة الجمعة، كما أشارت إلى أنه اعترف أيضاً بأنه هناك "شبكة
من الانتحاريين"، سوف يقومون بتفجير أنفسهم في عدد من مساجد دمشق أثناء
الصلاة. وقالت وكالة الأنباء السورية "سانا" إن "الإرهابي"، المقبوض
عليه، يُدعى محمد حسام الصداقي، وكان سيفجر نفسه داخل جامع "الرفاعي"
بدمشق خلال صلاة الجمعة، ونقلت أن "الإرهابي" المزعوم، أقر بأن "هناك
أشخاصاً آخرين، من المفترض أن يفجروا أنفسهم في عدد من جوامع دمشق."
ولم تكشف الوكالة الرسمية، كما لم تفصح السلطات الرسمية عن أسماء
المساجد التي قد يستهدفها هؤلاء "الانتحاريين المفترضين"، خاصةً وأن
الإعلان عن تلك التهديدات جاء قبل ساعات قليلة على توجه السوريين إلى
المساجد لأداء صلاة الجمعة. وغالباً ما تستغل جماعات المعارضة تجمع
المصلين يوم الجمعة، للخروج في احتجاجات حاشدة ضد نظام الرئيس السوري،
بشار الأسد.
وذكرت "سانا" أن "الإرهابي" الصداقي، قال في اعتراف بث التلفزيون
العربي السوري جزءاً منه، إن "المدعو أبو حافظ، اجتمع مع نائبه أبو
البراء، وشخص آخر يدعى أبو حمزة، في منزل بحي التضامن، حيث عرض أبو
حافظ علي سترة ناسفة، وطلب مني الذهاب للصلاة في جامع الرفاعي، وقال لي
لا تهتم فمهما حدث لك نحن سنتكفل بأهلك." وأضاف "الإرهابي الصداقي"،
بحسب وكالة الأنباء الحكومية، أن "أعضاء المجموعة أعدوا شباناً صغاراً،
ووعدوهم بأشياء كثيرة من أجل أن يذهبوا إلى الجوامع في أكثر من منطقة
بدمشق كي يفجروا أنفسهم هناك." بحسب CNN.
كما أشارت وكالة الأنباء الرسمية إلى تفكيك عبوات قرب مسجد في حلب،
وأشارت إلى أن من وصفتها بـ"الجهات المختصة" عثرت خلال "تطهيرها منطقة
الحفة بريف اللاذقية من المجموعات الإرهابية المسلحة"، على كميات كبيرة
من الأسلحة.
في السياق ذاته انفجرت سيارة مفخخة في منطقة السيدة زينب الواقعة في
ريف دمشق والتي يقع فيها مقام السيدة زينب الذي يؤمه عادة الحجاج
الشيعة، بحسب مصادر رسمية. وافادت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان
"سيارة مفخخة انفجرت ضمن موقف للسيارات بالقرب من مشفى الامام الصدر في
منطقة السيدة زينب في ريف دمشق". واضافت الوكالة الى ان المعلومات
الاولية تشير الى اصابة شخصين بجراح ووقوع اضرار مادية بمكان وفي محيط
الانفجار.
وبث التلفزيون الرسمي السوري صورا اولية للانفجار تبين دمارا جزئيا
حول مكان الانفجار وحفرة واسعة لمكان الانفجار. كما اظهرت الصور رتلا
طويلا من السيارات وقد بدت عليها اثار حطام لهيكلها ولنوافذها دون ان
تظهر عليها اثار حريق. وشهدت هذه المنطقة في كانون الاول/ديسمبر 2009
انفجارا اسفر عن مقتل ثلاثة اشخاص.
وسبب الانفجار حينها انفجار عجلة حافلة ايرانية كانت موجودة في محطة
للوقود قرب مشفى الامام الخميني الخاص على اطراف مدينة السيدة زينب
وعلى بعد نحو كيلومتر واحد عن مقام السيدة زينب. وتعتبر مدينة السيدة
زينب التي تقع على أطراف القسم الجنوبي الشرقي من دمشق مقصدا هاما
للسياحة الدينية حيث يؤممها الالاف من الاشخاص القادمين من دول الخليج
والعراق وايران ولبنان لزيارة مقام السيدة زينب ابنة الامام علي بن ابي
طالب. كما قصد المدينة الاف اللاجئين العراقيين للإقامة فيها بعد الغزو
الاميركي للعراق. بحسب فرنس برس.
وتشهد البلاد اضطرابات واعمال عنف غير مسبوقة منذ منتصف اذار/مارس
2011 اسفرت عن مقتل اكثر من 14 الف شخص اغلبهم من المدنيين بحسب المرصد
السوري لحقوق الانسان. وكان المبعوث المشترك كوفي انان اقترح خطة سلام
ووقفا لأطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 12 نيسان/ابريل الا انه ينتهك
يوميا رغم وجود اكثر من 300 مراقب دولي مكلفين التحقق من احترامه على
الارض. وتنسب السلطات السورية الاضطرابات التي تشهدها البلاد، الى "مجموعات
ارهابية مسلحة" تتهمها بالسعي لزرع الفوضى في البلاد في اطار "مؤامرة"
يدعمها الخارج.
دعم خارجي
من جانب اخر قال دبلوماسي عربي إن السعودية وقطر تدفعان رواتب قوات
المعارضة التي تقاتل في الانتفاضة السورية ضد الرئيس بشار الاسد. وقال
المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "هذه المدفوعات مستمرة منذ عدة أشهر
وابرم الاتفاق في الثاني من ابريل بين السعودية وقطر فيما يجري تنظيم
الامداد والتموين من جانب تركيا حيث تتمركز بعض فصائل الجيش السوري
الحر." وأضاف "الهدف من هذا هو تشجيع أكبر عدد ممكن من الفصائل بالجيش
السوري على الانشقاق وتنظيم الجيش السوري الحر والسيطرة عليه ومنع أي
تنظيمات متطرفة من الانضمام اليه."
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية ان لا علم له بالتقارير
التي تتحدث عن تمويل المملكة للمعارضين السوريين. وتقول الامم المتحدة
إن أكثر من عشرة آلاف شخص قتلوا منذ اندلاع اعمال العنف العام الماضي.
وتقول سوريا ان ما لا يقل عن 2600 من قوات الجيش والامن قتلوا على يد "ارهابيين"
مدعومين من الخارج. وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان
حكومتها تقدم "اجهزة اتصالات ستساعد النشطاء على التنظيم وتفادي
الهجمات من قبل النظام والاتصال بالعالم الخارجي" و"تناقش مع دول اخرى
افضل السبل لتوسيع نظاق هذا الدعم". بحسب رويترز.
من جهتها افادت صحيفة القبس الكويتية ان العشرات من المواطنين
الكويتيين يقاتلون على الاراضي السورية الى جانب الجيش السوري الحر
بهدف "الجهاد"، وذلك استنادا الى شهادات اقارب هؤلاء. وذكرت الصحيفة ان
"عشرات المواطنين عبروا الحدود التركية الى سوريا بقصد الجهاد الى جانب
الجيش السوري الحر ضد قوات النظام السوري". ونقلت الصحيفة عن اقارب
لهؤلاء المقاتلين قولهم انهم "على تواصل معهم" وان "هناك مجموعات كبيرة
من السعودية والجزائر وباكستان تنظم معا صفوفها للدخول في القتال".
وبحسب شهادات الاقارب، فانه بمجرد دخول المقاتلين الى الاراضي
السورية "يلتقون بممثلين عن الجيش السوري الحر ويتم تزويدهم بالأسلحة
على اعتبار انهم مدربون سابقا ويندمجون في وحدات قتالية توزع بطريقة
معينة". وذكرت الصحيفة انه تم توزيع هويات سورية على المقاتلين "خشية
الوقوع في الأسر" وتركوا اوراقهم الكويتية في مكاتب الارتباط التابعة
للجيش الحر على الحدود التركية.
وبحسب افاد اقارب المقاتلين، فقد رفض الجيش السوري الحر مشاركة عدد
من الشباب الكويتي في القتال "بسبب صغر سنهم اذ ان اعمارهم لم تتعد
ال18 عاما وان هؤلاء عادوا مؤخرا الى الكويت". وتكثر الدعوات على
الانترنت لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الدعوات "للجهاد" في
سوريا، فيما يتخذ النزاع في سوريا طابعا مذهبيا متزايدا. واصدر احد
اعضاء هيئة كبار العلماء السعودية فتوى تقضي بتحريم "الجهاد في سوريا"
على السعوديين بدون اذن من السلطات.
ويقول مراقبون إن على الولايات المتحدة أن تتدخل وتعمل مع حلفائها
في تركيا ولبنان والأردن والعراق للمساعدة على تأمين أفضل للحدود ومنع
محاولات تسلل المقاتلين الإسلاميين إلى سوريا. ويجب أن تنسق الولايات
المتحدة مع المملكة العربية السعودية في هذا الإطار أيضا، خاصة على
صعيد حض بعض علماء الدين في المملكة للشباب على الجهاد في سوريا
وتشجيعهم. إذ ما مصير هؤلاء المقاتلين بعد انتهاء الصراع في سوريا؟
ففي ثمانينات القرن الماضي عاد بعض المقاتلين إلى أوطانهم من
أفغانستان والجهاد ضد الاتحاد السوفياتي، وحاولوا الإطاحة بالحكومات
مستخدمين مهاراتهم التي اكتسبوها هناك. كما تجمع آخرون في إطار تنظيم
القاعدة موجهين كافة جهودهم المعادية إلى الغرب. لذا فإنّ من الواجب
على واشنطن أن تبدأ التفكير في كيفية كبح مثل هذه السيناريوهات في
أعقاب انتهاء الصراع في سوريا.
يلعب المسلمون الأجانب دورا في القتال الدائر ضد الجيش السوري ولو
أنّه دور صغير حتى الآن. لكن القلق الأكبر هو من اتخاذ الثورة طابعا
دينيا مع بدء الإسلاميين الذين يتبنون خيار العنف بالدعوة إلى الجهاد
في سوريا. يكمن أحد الأسباب في أنّ اختراق الـ"جهاديين" في سوريا يعود
إلى غض النظام الطرف عنهم سابقا عندما كان المقاتلون الأجانب يمرون من
البلاد للانضمام إلى القاعدة في العراق بين عامي 2004 و2007.
وعلى الرغم من ذلك فإنّ هذه الشبكات باتت أقل نشاطا بين عامي 2009
و2010. لذا فإنّ العناصر الـ"جهادية" اليوم الموجودة في سوريا أو التي
تدخل إليها لم تبدأ من الصفر بل إنّ لديها اتصالاتها لجلب المزيد من
المقاتلين من العراق والمغرب العربي وأوروبا. ولا توجد معلومات مضمونة
بالكامل لعدد المقاتلين الأجانب في سوريا، لكنّ عدة مصادر تحدثت عن
وجودهم.
ففي دراسة استقصائية للتقارير الإخبارية باللغات الإنجليزية
والعربية والفرنسية تبين أنّ 33 منها على الأقل أخذت أحاديث مع مقاتلين
ووسطاء أجانب في سوريا، مؤكدين مقتل بعض الأفراد أو اعتقالهم على
الحدود. ومن خلال هذه الأدلة فإن عدد المقاتلين الأجانب بما بين 700
و1400 دخلوا أو حاولوا دخول البلاد هذا العام فقط. وبالنظر إلى حركة
التمرد المسلحة في سوريا التي تضم 18 ألف مقاتل، فإنّ الأجانب من بينهم
يشكلون نسبة معتبرة تصل إلى 4.7 في المئة. وبالمقارنة بين الوضع السوري
على صعيد الـ"جهاديين" مع دول إسلامية أخرى تبرز لدينا أرقام مفيدة.
فعلى صعيد المثال يقدر الخبراء أنّ المقاتلين الأجانب شكلوا ما بين
10 إلى 15 في المئة من المقاتلين الناشطين في أفغانستان في الثمانينات،
وشكلوا ما بين 1 إلى 3 في المئة من المقاتلين في البوسنة في التسعينات،
و3 في المئة من مقاتلي الشيشان في التسعينات، ومن 1 إلى 3 في المئة في
أفغانستان خلال العقد الماضي، وما بين 4 إلى 10 في المئة من المقاتلين
في العراق ما بعد سقوط صدام حسين. لذا فإنّ التقديرات الحالية في سوريا
لعدد الـ"جهاديين" الأجانب تعتبر متوسطة.
ومن بين المقاتلين الأجانب في سوريا عرب من لبنان والعراق والأردن
وفلسطين والكويت وتونس وليبيا والجزائر ومصر والسعودية والسودان
واليمن، بالإضافة إلى غيرهم من المسلمين في العالم خاصة من جنوب ووسط
آسيا كأفغانستان وبنغلادش وباكستان، وينضم إليهم أيضا غربيون من
بريطانيا وبلجيكا وفرنسا والولايات المتحدة.
والعدد الأكبر ما بين 500 إلى 900 مقاتل يبدو أنّه يأتي من دول
الجوار لبنان والعراق وفلسطين والأردن، ممن شاركوا في القتال ضد
الولايات المتحدة في العراق بمعظمهم. أما ثاني أكبر تجمع أي ما بين 75
إلى 300 مقاتل فهم من المغرب العربي؛ ليبيا وتونس والجزائر. وعبر معظم
المقاتلين إلى سوريا من خلال الأراضي اللبنانية والتركية. وأعداد أقل
عبرت من خلال الأردن والعراق.
أما بالنسبة للتدريبات القتالية فقد ذكرت بعض التقارير أنّهم
يتلقونها في مخيمات نظمت في لبنان وليبيا. ويبدو أنّ الـ"جهاديين"
يستخدمون في لبنان مخيمات مبنية في سهل البقاع منذ عام 2008، عقب سيطرة
حزب الله على بيروت. أما في ليبيا فالمخيمات الخاصة بالتدريب بنيت في
الصحراء قرب هون في الجبل الأخضر شرقا لتدريب الـ"جهاديين" من المغرب
العربي وأوروبا.
أما تنظيميا فالعديد منهم مرتبط بما يسمى الجيش السوري الحر، لكنّ
آخرين، خاصة اللبنانيين، يعملون بشكل مستقل كميليشيات وكتائب. ومن هذه
المجموعات اللبنانية عناصر من فتح الإسلام، وكتيبة عبد الله عزام، حيث
يقاتلون تحت اسم "مجاهدين" دون ذكر فصائلهم. كما ذكرت وسائل الإعلام
الفرنسية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أنّ مجموعة ليبية يقودها عبد
المهدي الحاراتي، المقرب من عبد الحكيم بلحاج القائد السابق الجماعة
الإسلامية الليبية المقاتلة السابقة، انضمت إلى الصراع في سوريا.
وليس هنالك أدلة بعد على أنّ المجموعة السورية المحلية "جبهة
النصرة" قد ضمت أجانب إلى صفوفها، لكنّ بعض المقاتلين الأجانب لديهم،
على الأقل، علاقات مع الجبهة. وعلى الرغم من تسرب المقاتلين الأجانب
إلى الصورة في سوريا، فإنّهم ما زالوا نقطة في بحر المقاتلين السوريين
الذين يحاربون النظام. كما انّ كلّ التقديرات تشير إلى أنّ 90 في المئة
من المقاتلين في سوريا ليسوا من الأجانب وليسوا من الـ"جهاديين" أساسا.
ومع ذلك فإنّ القضية تستحق الملاحظة، فمع استمرار الصراع طويلا سيحاول
المزيد من الـ"جهاديين" الإنضمام ما قد يزيد من تأثيرهم ونفوذهم في
الأحداث الجارية في البلاد. "وكالات". |