
شبكة النبأ: دخلت الكويت منذ عدة اشهر
في مخاض سياسي غير مسبوق، بعد ان اتخذت اطراف الصراع منحى متشددا أدخل
البلاد في أزمة عاصفة، قبل ان تقلب المحكمة الدستورية في تلك الدولة
الطاولة بشكل غير متوقع، لتعيد مسلسل الاحداث شهور الى الوراء.
ويحذر العديد من المراقبين من تفاقم الاوضاع وخروجها عن السيطرة،
سيما بعد تزايد حالات التدخل الخارجي من جهة، وتعالي الاصوات المحرضة
على العنف من جهة أخرى، وان كانت تدفع صوب هذا الاتجاه بشكل غير مباشر.
فيما يترقب الكويتيون بحذر شديد ما ستؤول اليه الاحداث خلال الايام
القادمة، أملا في ان يجد اطراف الخلاف منفذا يعيد الى المشهد السياسي
شيئا من الهدوء، يكفل عدم انجرار بلادهم الى فوضى ربيع اسوة ببعض دول
الاقليم.
اقتحام مقر مجلس الأمة
فقد بدات محكمة في الكويت محاكمة 68 شخصا بينهم تسعة نواب في قضية
اقتحام مقر مجلس الامة للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ
ناصر المحمد الصباح، كما اعلن احد المحامين.
وقال الحميدي السبيعي ان هؤلاء ملاحقون بتهم ممارسة العنف ومقاومة
رجال الامن والتجمع غير المشروع وتحريض الشرطة على عصيان الاوامر. وفي
حال ادانتهم، ستترواح العقوبة بين ثلاث وعشر سنوات.
وحددت المحكمة جلستها المقبلة في الثامن من تشرين الاول/اكتوبر
للسماح للمحامين بتحضير الردود ولكي تفسح المجال امام مجلس الامة لرفع
الحصانة عن النواب التسعة. وشارك المئات في اقتحام مقر مجلس الامة في
16 تشرين الثاني/نوفمبر للمطالبة باستقالة الشيخ ناصر الذي قدم
استقالته في 28 الشهر ذاته.
استقالة الحكومة
كما قدمت الحكومة الكويتية استقالتها الى امير البلاد بعد ايام من
قرار المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات التشريعية، بحسب قناة الراي
الخاصة. واعلنت القناة ان "الحكومة قدمت استقالتها الى الامير" دون
مزيد من التفاصيل.
وكانت الحكومة تشكلت قبل اربعة اشهر في اعقاب انتخابات تشريعية فازت
فيها المعارضة الاسلامية والقبلية. والحكومة هي التاسعة التي تستقيل في
هذا البلد الغني بالنفط منذ العام 2006. ولم يصدر اي تعليق رسمي حتى
الان على الاستقالة.
لكن المعارضة اعلنت انها تحمل "اصحاب النفوذ والسلطة" المسؤولية عن
العبث في وحدة الشعب واستقراره، متهمة المحكمة الدستورية ب"تجاوز حدود
ولايتها والتدخل في العمل السياسي فمنحت نفسها سلطة تعلو على سلطة رئيس
الدولة وسلطة مجلس الامة".
ودعت القضاة الى "النأي بأنفسهم عن العمل السياسي ودروبه ومسالكه،
وان لا ينحازوا الى اي اي طرف وان يمارسوا عملهم بحياد تام".
استقالة أكثر من نصف أعضاء البرلمان
فيما اعلن مؤخرا استقالة أكثر من نصف أعضاء البرلمان الكويتي،
احتجاجا على حكم قضائي بإبطال انتخابات منحت المعارضة التي يقودها
الإسلاميون الأغلبية. وتعمق الاستقالات الأزمة السياسية في الدولة التي
لم تشهد حتى الآن المعارضة واسعة النطاق التي أطاحت برؤساء بلدان عربية
أخرى.
ويعني حكم المحكمة الدستورية حل مجلس الأمة الذي انتخب أعضاؤه في
فبراير شباط الماضي فعليا واعادة تنصيب المجلس السابق لكن استقالة كثير
من المشرعين الذين كانوا في البرلمان السابق تحرم المجلس المؤلف من 50
مقعدا من أكثر من نصف أعضائه مما يجعل من الصعب عليه أن يعمل.
وقالت مصادر برلمانية إن عدد النواب المستقيلين ارتفع إلى 26 نائبا
على الأقل. وقال جمعان الحربش بعد قرار المحكمة متحدثا باسم عدد من
المشرعين إنه لا يشرفهم أن يكونوا أعضاء في مجلس 2009 الذي أسقطته
الأمة.
وشبه بعض البرلمانيين والمحللين حكم المحكمة الكويتية يوم الاربعاء
بحكم المحكمة الدستورية المصرية بإبطال البرلمان الذي يسيطر عليه
الإسلاميون في وقت سابق هذا الشهر.
وجاء حكم المحكمة الدستورية الكويتية بعد يومين من تعليق الشيخ صباح
الأحمد الصباح أمير الكويت عمل البرلمان مع تصاعد الخلاف بين الحكومة
والنواب وهو خلاف هدد بتعطيل التخطيط الاقتصادي في البلاد.
ويقول محللون ومشرعون إن محور الخلاف هو المطالبة بتخصيص ما يصل إلى
تسعة مناصب وزارية لأعضاء في البرلمان وبالتالي تعزيز قوتهم التصويتية
في القضايا المهمة.
وقالت وسائل إعلام كويتية في وقت سابق إنه تم عرض أربعة مناصب من
بين 16 منصبا محتملا يختارها رئيس الوزراء على نواب المعارضة. بحسب
رويترز.
وقال عبدالله الشايجي رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت إن
البلاد تواجه الآن وضعا معقدا. وأضاف أن أفضل حل للخروج من المأزق هو
عودة البرلمان تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية ثم تعليقه مرة أخرى
والدعوة لانتخابات جديدة.
وقال الشايجي إن البرلمان السابق الذي أعادت له المحكمة الدستورية
سلطته لا يحظى بتأييد غالبية الكويتيين الذين استغلوا فرصة انتخابات
فبراير شباط لإسقاط مشرعين لوثتهم مزاعم بالفساد.
عودة مجلس الأمة المنحل
ويؤكد الكثير من المحللين على ان قرار المحكمة لن يروق لكثير من
الناخبين الذين دعموا السياسيين المعارضين بسبب مزاعم المخالفات
المالية ضد بعض النواب السابقين. لكن بعض المستثمرين قالوا ان قرار
المحكمة بحل مجلس الامة خطوة ايجابية لأن النزاع الطويل الامد بين
الحكومة والبرلمان عرقل طويلا الاصلاح الاقتصادي ومشروعات حيوية
للتنمية.
وقال طلال الحنيف محلل الاستثمار لدى شركة الساحل للتنمية ان اعادة
مجلس الامة القديم من شأنها ان تدعم القطاع الخاص وانه يتوقع ان يرى
بعض الاثار الايجابية في السوق لهذا القرار. واضاف ان الكويت تعاني من
اضطراب سياسي دائم وان انتخاب البرلمان الجديد لم يؤد إلى أي نتائج
ايجابية على الاسواق.
وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حل مجلس الأمة في
ديسمبر كانون الأول الماضي ودعا لانتخابات جديدة جرت في فبراير شباط
الماضي وفازت فيها المعارضة بقيادة الإسلاميين. وعلق جلسات البرلمان
لمدة شهر.
ويتيح الدستور للشيخ صباح الذي له الكلمة الفصل في الأمور السياسية
اتخاذ هذه الخطوة لإتاحة متسع من الوقت لإجراء محادثات والحيلولة دون
وقوع أزمة أعمق بين النواب والحكومة.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في وقت سابق من هذا الشهر إن
الحكومة وافقت على مرسوم أميري بتعليق عمل مجلس الأمة (البرلمان) لمدة
شهر واحد.
ويأتي القرار وسط توتر متزايد بين البرلمان ومجلس الوزراء دفع
وزيرين إلى الاستقالة كما ياتي ايضا قبل استجواب مزمع لوزير الداخلية
من ممثلي المعارضة في المجلس.
وقالت الوكالة "إن مجلس الوزراء يوافق على مشروع مرسوم بتأجيل
اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر اعتبارا من اليوم استنادا لنص المادة 106
من الدستور." وتنص المادة 106 من الدستور على أنه يجوز "للأمير أن يؤجل
بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تجاوز شهراً ولا يتكرر التأجيل في
دور الانعقاد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة ولا تحسب مدة التأجيل ضمن
فترة الانعقاد."
وكانت تقارير صحفية أفادت في حينها أن المعارضة طلبت من رئيس
الحكومة أن تستحوذ على تسعة حقائب من إجمالي 15 حقيبة حكومية وهو ما
قوبل بالرفض من قبل رئيسها.
وقام وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتي أحمد الرجيب بتقديم
استقالته ليصبح ثاني وزير يستقيل خلال أقل من شهر بسبب ضغوط من نواب
المعارضة الذين يريدون مكانا في الحكومة.
وذكرت وكالة الانباء الكويتية ان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد
الجابر الصباح أصدر مرسوما بقبول استقالة الرجيب كما أصدر مرسوما آخر
بتعيين سالم مثيب الاذينة وزير المواصلات بالاضافة الى عمله وزيرا
للشؤون الاجتماعية والعمل بالوكالة.
وشكلت الكويت حكومتها الرابعة خلال ست سنوات بعد انتخابات برلمانية
مبكرة في فبراير شباط لكن التوترات بين الحكومة والمجلس تصاعدت بسرعة
مما عرقل رسم السياسات الاقتصادية والتخطيط.
وحصلت المعارضة المشكلة اساسا من نواب اسلاميين على اغلبية المقاعد
في البرلمان وتتسم علاقاتها مع الحكومة التي عينها رئيس وزراء اختاره
امير البلاد بعدم الاستقرار .
وشدد عضو البرلمان المعارض مسلم البراك على ان المعارضة يجب ان تحصل
على تسعة مناصب من المناصب الخمسة عشر في حكومة جديدة يرأسها رئيس
الوزراء الحالي.
وفشل نواب المعارضة في التوصل الى اتفاق مع الاسرة الحاكمة في
فبراير شباط لاقتسام مناصب الحكومة. وعرضت عليهم اربع وزارات من 16
منصبا وزاريا محتملا بعد الانتخابات لكنهم تمسكوا بتسعة مما عرقل
التوصل الى أي اتفاق.
وتم اختيار وزير بالحكومة الحالية هو شعيب المويزري من الجمعية
المنتخبة وهو الحد الادنى بموجب الدستور. وهو يشغل منصب وزير الدولة
لشؤون مجلس الامة ووزير الاسكان.
ويوجد في الكويت واحد من اكثر الانظمة الحكومية ديمقراطية في الخليج
لكن الاحزاب السياسية محظورة ويعتمد ساسة المعارضة على تشكيل تكتلات في
البرلمان. وفي اطار تجديد ضغطهم على الحكومة كان نواب المعارضة قد
طالبوا بفرصة لاستجواب الرجيب في مجلس الامة.
وكانوا يريدون استجوابه بشأن قضايا من بينها زيادة اسعار السلع
الاساسية والرقابة على جودة الغذاء واصدار تصاريح الاقامة والشركات غير
القانونية التي تعمل كواجهة.
وذكرت صحيفة الوطن القريبة من العائلة الحاكمة ان الرجيب قدم
استقالته لرئيس الوزراء بعد ان شكا من الصعوبات التي تواجهه في التعامل
مع البرلمان الحالي ولاسيما في اعقاب المقترحات التي قدمت لاستجوابه.
وقدم وزير المالية مصطفى الشمالي استقالته في مايو ايار بعد ضغوط
مماثلة من نواب المعارضة الذين يقولون انهم يريدون ايضا استجواب وزراء
النفط والداخلية والدفاع بشأن قضايا مختلفة. وهبط مؤشر بورصة الكويت
الى ادنى مستوى في اربعة اشهر بسبب بواعث القلق بشأن المنظور السياسي. |