نووي ايران... مناخ لا يتأثر بالفصول

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: تعددت فصول الملف النووي الايراني الذي يعد من اهم واعقد الملفات على الساحة فهو اليوم وبحسب بعض المراقبين بات مصدر من مصادر القلق لدى الكثير من الدول التي تخشى من اتساع رقعة الخلاف التي قد تقود الى اندلاع حرب كارثية في منطقة الخليج العربي، وتأتي تلك المخاوف بسبب الرفض المعلن من قبل الدول الغربية التي ترفض امتلاك ايران لمثل هذا البرنامج باعتباره كارثة تهدد الامن والاستقرار العالمي الامر الذي تنفية ايران وتؤكد ان برنامجها هو برنامج سلمي وانها لا تسعى لاستخدامه في تصنيع اسلحة نووية هذه التأكيدات دائما ما تواجه بتشكيك امريكي، يضاف الى التهديدات المستمرة التي تطلقها اسرائيل المتحمسة الى اضعاف النفوذ الايراني في المنطقة، وفي هذا الشأن فشلت القوى العالمية وإيران في تحقيق انفراج في محادثات بشأن برنامج طهران النووي ولم تحدد موعدا لإجراء مزيد من المفاوضات السياسية رغم مخاطر اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط إذا انهار المسار الدبلوماسي. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بعد محادثات على مدى يومين في موسكو إن خلافات مهمة ما زالت باقية وإن الجانبين لم يتفقا إلا على اجتماع للمتابعة الفنية يعقد في اسطنبول يوم الثالث من يوليو تموز.

وإذا انهارت المحادثات فقد تنتاب أسواق المال حالة من القلق المتصاعد خوفا من ارتفاع اسعار النفط ونشوب صراع جديد في الشرق الأوسط لأن إسرائيل هددت بقصف مواقع نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في منع طهران من امتلاك قنبلة نووية. وتنفي طهران انها تسعى لإنتاج أسلحة ذرية وتقول إن برنامجها النووي أغراضه مدنية تماما. وقالت اشتون التي رأست وفدا يمثل القوى الست في المحادثات للصحفيين "عرض كل جانب مواقفه من خلال حوار تفصيلي وصعب وصريح." وتابعت "بدأنا التعامل مع قضايا حاسمة ومع هذا لا يزال واضحا أن هناك فجوات كبيرة بين موقفي الطرفين من حيث الجوهر." وأضافت "الاختيار لإيران. نتوقع أن تقرر إيران ما إذا كانت ستسمح للدبلوماسية بأن تنجح للتركيز على خطوات ملموسة لبناء الثقة ولمعالجة مع مخاوف المجتمع الدولي."

وقال سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين للصحفيين في مؤتمر صحفي منفصل انه يأمل في التوصل لاتفاق على تحديد موعد لجولة جديدة من المحادثات السياسية بعد اجتماع اسطنبول الذي سيتعامل مع تفاصيل فنية لم يتم تحديدها. وأضاف قائلا للصحفيين "نأمل أن يتمكن الاجتماع الفني... من التوصل إلى نتائج يمكن قبولها وأن يقدم مقترحات تتيح لي وللسيدة أشتون التوصل لقرار فيما يتعلق بموعد ومكان المفاوضات القادمة."

ورغم فشل محادثات موسكو في تبديد المخاوف الغربية من أن برنامج طهران للطاقة النووي يخفي طموحات لإنتاج سلاح ذري قال جليلي "في هذه الجولة من المفاوضات كانت المباحثات أكثر مباشرة وجدية وواقعية." وأكد جليلي من جديد إنه لا يوجد سبب للشك في الأهداف السلمية لبرنامج إيران النووي وقال ان قرارات مجلس الامن الدولي ضد طهران "غير شرعية". وأضاف "المضي قدما على المسار البناء للمفاوضات والتعاون يمكن أن يحققا نجاحا للمباحثات في المستقبل."

وتخشى القوى الست -وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا- أن تكون إيران تسعى لإنتاج أسلحة نووية وتقول إنه يتعين عليها أن تبذل المزيد لإثبات أن برنامجها النووي الذي أخفت جانبا منه عن المفتشين النوويين سلمي حقا. وتطالب المجموعة التي يطلق عليها مجموعة الخمسة زائد واحد -والتي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا- إيران بالحد من أنشطتها النووية ووقف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقربها من إمتلاك يورانيوم يصلح لتصنيع قنبلة نووية.

وتطالبها أيضا بإرسال أي مخزون من اليورانيوم المخصب إلى الخارج وبإغلاق منشأة فوردو وهي منشأة تحت الأرض تجرى فيها عمليات التخصيب وبأن تسمح بعمليات تفتيش لأنشطتها النووية تجريها الأمم المتحدة. وطالبت إيران من جانبها برفع العقوبات الاقتصادية والاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم. وتجيء محادثات موسكو في أعقاب جولتين من المفاوضات منذ استئناف المسار الدبلوماسي في أبريل نيسان بعد توقف دام 15 شهرا كثف الغرب خلالها ضغوطه المتمثلة في العقوبات وكررت إسرائيل تهديدها بقصف مواقع نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية. وطالبت سلسلة قرارات اصدرها مجلس الأمن التابع للامم المتحدة منذ عام 2006 إيران بتعليق كل انشطتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بسبب القلق من طبيعة برنامجها النووي.

وبدلا من وقف التخصيب قامت إيران بزيادة أنشطتها النووية. بحسب رويترز.

وتخشى مجموعة الدول الخمس زائد واحد من تقديم تنازلات تسمح لطهران بالمماطلة في المحادثات وكسب الوقت الذي تحتاجه لتطوير قدرات لصنع اسلحة نووية. ويريد مفاوضو ايران التوصل الى اتفاق يمكنهم الترويج له في الداخل على انه انتصار. ويسري حظر فرضه الاتحاد الاوروبي على استيراد النفط الإيراني بدءا من الأول من يوليو تموز وتدخل عقوبات أمريكية جديدة على القطاع المالي حيز التنفيذ قبل ذلك ببضعة ايام. وتراجعت صادرات النفط الخام الإيرانية بنحو 40 في المئة هذا العام طبقا لما أعلنته وكالة الطاقة الدولية.

تشديد العقوبات

في السياق ذاته ردت اسرائيل على عدم تحقيق تقدم في أحدث جولة من المحادثات الرامية لكبح برنامج ايران النووي بأن طالبت الغرب بتشديد العقوبات الاقتصادية على طهران ولمحت مجددا الي ان الخيار العسكري يبقى على الطاولة. وفشلت مجموعة الدول الست الكبرى وايران في تحقيق انفراج في محادثات في موسكو وهي ثالث جولة في أحدث مبادرة دبلوماسية ولم يحدد الجانبان موعدا لمزيد من المفاوضات السياسية. وقال شاؤول مفاز نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي في بيان مكتوب بعد محادثات في واشنطن مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون "حان الوقت لأن تفرض الولايات المتحدة والقوى الغربية عقوبات أشد في القطاعين النفطي والمالي من أجل وقف برنامج التطوير النووي لإيران."

واضاف موفاز وهو وزير دفاع ورئيس أركان سابق انه بالإضافة الي الخطوات الاقتصادية فان هناك حاجة الي "الاستمرار في تجهيز كافة الخيارات الاخرى" في إشارة غير مباشرة الي ان هجوما عسكريا لمنع ايران من تطوير سلاح نووي يبقى مسار عمل محتملا. وقبل وصول تقارير عن فشل محادثات موسكو نقل عن موفاز قوله للصحفيين في واشنطن ان أي استخدام للقوة العسكرية "يجب ان يكون الخيار الاخير وأعتقد ان هذا الخيار ينبغي ان تقوده الولايات المتحدة والدول الغربية."

ويرأس موفاز حزب كديما الوسطي وهو أكبر حزب في الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو منذ أن شكل الزعيمان شراكة لتفادي تهديدات من خصومهما للسعي الي انتخابات مبكرة. ومن المقرر اجراء محادثات تقنية بين ايران والغرب في الثالث من يوليو تموز في اسطنبول لكن لم يتم الاتفاق على مزيد من المحادثات السياسية وقال خبراء ان خطر الحرب سيزداد ما لم تستأنف المساعي الدبلوماسية. بحسب رويترز.

وفي زيادة للضغوط قالت إسرائيل التي يعتقد انها الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الأوسط ان الوقت ينفد أمام القيام بأي ضربات جوية مؤثرة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. وقال موشي يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي امس إن إسرائيل "قد تجد نفسها امام محنة الاختيار بين قنبلة (إيران) او ان تقصف (إيران)." وأضاف "اذا كان هذا هو الخيار.. حينئذ يصبح قصف (إيران) أفضل من قنبلة (في يد إيران) آمل الا نواجه هذه المحنة."

ويعتقد كثير من المراقبين ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تملك اسلحة نووية. و يسعى موفاز ايضا الى الحصول على مساعدة امريكية في ترتيب اجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمحاولة استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ 2010 بسبب البناء الاستيطاني الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

انتاج قنبلة نووية

على صعيد متصل اعلن خبراء اميركيون امام برلمانيين ان ايران تملك ما يكفي من مخزونات اليورانيوم المخصب بنسبة 3,5 في المئة ليكون لديها في اقل من اربعة اشهر، ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية. وقال ستيفن ريديميكر الخبير في مركز للدراسات السياسية في واشنطن، امام لجنة الدفاع في مجلس النواب "من الواضح ان بإمكان ايران ان تنتج قنبلة نووية سريعا جدا اذا قررت ذلك".

وذكر بان ايران انتجت 3345 كلغ من اليورانويم المخصب بنسبة 3,5 في المئة وهي كمية كبيرة ليكون لديها، بعد التخصيب، ما يكفي من اليورانيوم لانتاج قنبلتين نوويتين مستندا في ذلك على معطيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واوضح ان الايرانيين يمكنهم مع هذه الكمية "انتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لانتاج قنبلة نووية ما بين 35 و106 ايام". اما ديفيد اولبرايت، رئيس المعهد من اجل العلوم والامن الدولي، فقال ان ايران بحاجة "لاربعة اشهر على الاقل كي تنتج ما يكفي من اليورانيوم ذات نوعية عسكرية" لانتاج قنبلة. بحسب فرنس برس.

من جانب اخر نشر معهد أمني أمريكي صورة جديدة ملتقطة بالأقمار الصناعية قال إنها تظهر فيما يبدو مزيدا من الأنشطة منها إزالة تربة لتطهير موقع عسكري إيراني تريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتيشه. وموقع بارشين الذي تقول ايران إنه مجمع عسكري تقليدي محور مزاعم غربية بأن ايران أجرت تجارب ربما منذ عشر سنوات يمكن أن تساعد في تطوير قنابل نووية. وتنفي ايران هذا.

ونشر معهد العلوم والأمن الدولي أحدث صورة التقطتها الأقمار الصناعية بعد يوم من فشل ايران وست قوى عالمية في إحراز تقدم في الخلاف النووي الممتد منذ عشر سنوات خلال محادثات عقدت على مدى يومين في موسكو. وترفض ايران حتى الآن السماح لوكالة الطاقة الذرية بزيارة موقع بارشين في إطار تحقيقات الوكالة المتعثرة منذ فترة طويلة بشأن أبحاث يشتبه في قيام إيران بها بهدف لإنتاج قنبلة نووية. ويعتقد دبلوماسيون غربيون أن ايران ربما تحاول تطهير الموقع من أي أدلة تدينها قبل أن تسمح لمفتشي الوكالة بزيارته. ونفت ايران هذه المزاعم لكن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمان صرح في وقت سابق من الشهر الحالي بأن صورا التقطتها الأقمار الصناعية تشير الى هدم مبان وإزالة تربة في بارشين الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب شرقي طهران. وقال مبعوث غربي "أعتقد أن هناك مخاوف حقيقية بشأن ما يفعله الإيرانيون في بارشين."

وفي الشهر الماضي نشر المعهد صورا قال إنها تزيد المخاوف من أن ايران تحاول "إتلاف أدلة" تؤكد مزاعم إجراء أبحاث سابقة تتصل بتطوير قدرة تسلحية نووية بما في ذلك هدم مبنيين صغيرين. ونشر المعهد على موقعه الالكتروني صورة التقطت في السابع من يونيو حزيران "تظهر ما يبدو أنه مزيد من أنشطة التطهير" في مجمع بارشين حيث يشتبه أن ايران أجرت تجارب على مواد شديدة الانفجار. بحسب رويترز.

وأضاف المعهد الذي يتابع البرنامج النووي الإيراني عن كثب "تظهر الصورة آثار معدات ثقيلة وإزالة للتربة في أنحاء الموقع." ونفت ايران المزاعم بشأن موقع بارشين ووصفتها بأنها "صبيانية" و"سخيفة" واتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الشهر بأنها تتصرف مثل وكالة مخابرات يتلاعب بها الغرب.

غواصة تعمل بالدفع النووي

في السياق ذاته اعلنت ايران انها "باشرت القيام بدراسات تمهيدية" لبناء غواصة تعمل بالدفع النووي، وقال الاميرال عباس زمني مساعد قائد سلاح البحرية للامور التقنية، بحسب ما نقلت عنه وكالة فارس للإنباء، "باشرنا دراسات تمهيدية لصنع غواصة تعمل بالدفع النووي". واضاف "لجميع الدول الحق في استخدام التكنولوجيا النووية لأهداف سلمية، وبالتالي لتسيير سفنها" مشددا على ان البحرية الايرانية "بحاجة" لهذه التكنولوجيا لتمكين قطعها البحرية من "القيام بعمليات على مسافات كبيرة". ولم يقدم المسؤول العسكري الايراني تفاصيل اضافية. وهناك حاليا خمس دول فقط قادرة على صنع غواصات تعمل بالدفع النووي هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين. وغالبا ما تعلن ايران انجازات ضخمة في مجال الصناعات العسكرية تتلقاها الدول الغربية بكثير من التشكك. بحسب فرنس برس.

وتسعى ايران الى تطوير سلاحها البحري الا انها لم تتمكن حتى الان سوى من صنع غواصات صغيرة من 120 الى 500 طن فقط. واعلنت ايران انها تمكنت من اصلاح احدى غواصاتها التقليدية من صنع روسي المعروفة باسم "كيلو" والتي يبلغ وزنها 3200 طن، من دون مساعدة موسكو، واعلنت انها تمكنت من الحصول على "تصاميم المناطق الحساسة" من الغواصة، الامر الذي كانت موسكو ترفض تسليمها اياه. كما لم تتمكن ايران من بناء مفاعل نووي. والمفاعلان اللذان تملكهما اي مفاعل طهران للأبحاث ومفاعل بوشهر صنعا، الاول من قبل الولايات المتحدة قبل ثورة عام 1979، والثاني من قبل روسيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/حزيران/2012 - 4/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م