مخلفات دكتاتور تونس المخلوع وعائلته

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مازالت مخلفات بن علي دكتاتور تونس المخلوع تفصح عن خفايا وأسرار خلال فترة حكمه التي استمرت 23 عاما، تضمنتها الدكتاتورية والفساد المالي واستغلال النفوذ.

حيث اشتهرت عائلة بن علي بالفساد، وهذا هو السبب التي تمخضت عنه الثورة الشعبية التونسية في جميع أنحاء تونس احتجاجا على سرقة الأموال التونسية، وفر بن علي وزوجته ليلى من تونس الى المنفى في السعودية في عام 2011، فيما تعتزم ليلى طرابلسي نشر مذكرات عن حياتها ومن المرجح أن تثير جدلا في تونس، في حين قدم شقيقها بلحسن طرابلسي صهر الرئيس المخلوع زين العابدين رسالة اعتذار وجهها من كندا الذي فر إليها أثناء الثورة في مقابل وعدت الحكومة التونسية بتقديم محاكمة عادلة بشأن جرائمه، من جهة أخرى دعا الرئيس التونسي الجديد المنصف المرزوقي سويسرا إلى إعادة أرصدة مالية مهربة التي تصل الى ملايين الدولارات.

حيث كان الفساد والبطالة والتضييق على الحريات من الشكاوى الرئيسية التي اثارها المتظاهرون الذين اطاحوا بزين العابدين بن علي في عام 2011 في ثورة شعبية فجرت ثورات الربيع العربي.

الحكم غيابيا

فقد قال مصدر بالقضاء العسكري التونسي ان محكمة عسكرية قضت بسجن الرئيس السابق زين العابدين بن علي 20 عاما غيابيا بتهمة التحريض على القتل، وأضاف المصدر "قضت المحكمة غيابيا بالسجن مدة عشرين عاما في حق زين العابدين بن علي من اجل حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي فيما يعرف بقضية الوردانين، وقتل اربعة متظاهرين برصاص قوات شرطة في مدينة الوردانين اثناء محاولة تهريب ابن اخ الرئيس السابق بن علي، وقضت المحكمة بسجن رجال شرطة بين 5 و10 سنوات بتهم القتل، ومازال بعضهم في حالة فرار بينما يحاكم اخرون حضوريا، وقضت محاكم تونسية في وقت سابق بالسجن لمدة عشرات السنين على بن علي الذي هرب مع عائلته الى السعودية بتهم تتعلق بالفساد المالي. بحسب رويترز.

وتواجه الحكومة انتقادات بسبب فشلها في اقناع السعودية بتسليم الرئيس الذي أطاحت به انتفاضة شعبية، وينتظر ان تصدر محكمة الكاف خلال ايام حكما على بن علي و22 من كبار معاونيه بتهم قتل متظاهرين، وحتى الان لم يحاكم مسؤولون امنيون كبار عن دورهم في قتل اكثر من 300 متظاهر اثناء الثورة وهو ما أغضب كثيرا عائلات القتلى الذين انتقدوا التباطؤ، وطالب الادعاء العام العسكري التونسي بفرض عقوبة الإعدام على الرجل القوي السابق لدوره في قتل المتظاهرين في المدن التونسية مهد الربيع العربي.

عقوبة الاعدام

فيما وصف احد محامي الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي يحاكم غيابيا لدوره في حملة قمع الانتفاضة الشعبية في كانون الثاني/يناير 2011، عقوبة الاعدام التي طالب الادعاء بانزالها ضد موكله بان لها "طابعا سياسيا" لا قيمة قانونية له، وطلب مدعي المحكمة العسكرية في الكاف (شمال غرب) انزال عقوبة الاعدام ضد بن علي الملاحق بتهمة "المشاركة في القتل العمد"، واعتبر المحامي اللبناني اكرم عازوري في بيان ان "ادعاء النيابة العامة التونسية العسكرية الذي طالبت بموجبه الحكم على الرئيس زين العابدين بن علي بالاعدام في قضية قتل المتظاهرين له طابع سياسي وليس قضائيا"، واضاف "انه تمهيد لصدور احكام غير متوافقة مع المعايير الدولية كالاحكام السابقة التي استصدرت قبله وبنفس الطريقة"، واوضح عازوري "في حال ادانة الرئيس رغم ذلك وفقا لطلب النيابة العامة، فان مثل هذا الحكم لن تكون له اية قيمة قضائية واي مفعول دولي"، وهي المرة الاولى التي تطالب فيها نيابة تونسية بإصدار حكم الإعدام بحق بن علي الذي هرب مع زوجته ليلى الطرابلسي إلى السعودية. بحسب فرانس برس.

وكانت محاكم مدنية تونسية اصدرت أحكاما غيابية بسجن بن علي لفترات وصلت إلى 66 سنة نافذة في قضايا تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ خلال فترة حكمه التي استمرت 23 عاما، ولم يعترف أي من المتهمين بتلقي أو إعطاء تعليمات بإطلاق النار على المحتجين في تالة والقصرين، ودفع جميع المتهمين بأن إعطاء مثل هذه التعليمات يصدر عن "قاعة العمليات" في وزارة الداخلية وعن "لجنة المتابعة الأمنية" التي استحدثت في الوزارة غداة اندلاع الثورة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 من دون الإفصاح عن أي أسماء، ويلاحق في هذه القضية خصوصا رفيق بلحاج قاسم وأحمد فريعة (آخر وزيري داخلية في عهد بن علي) وعادل التيويري المدير العام الأسبق للأمن وجلال بودريقة المدير السابق لجهاز "وحدات التدخل" (مكافحة الشغب).

تهريب أموال

من جهته قال وزير العدل التونسي ان وجود الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في السعودية يمثل خطرا على المملكة وانه لا يزال يستعين بشبكة لتهريب الأموال من منفاه بالسعودية مناشدا السعودية تسليمه، وأضاف الوزير نور الدين البحيري "بن علي ما زال يستعين بشبكات لتهريب الأموال من السعودية عبر شبكات افتراضية وشخصيات وهمية والدليل ان ما زال هناك حراك واستعمال لحسابات بنكية في الخارج وأمواله لا يمكن ان تجد هذه الحماية لولا وجود شركاء يساعدونه في الخارج." وحذر البحيري السعودية من ان بن علي "خائن" مضيفا قوله "من يخونون شعبهم لا يمكن ان يكونوا أوفياء مع أحد." وتواجه الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الاسلامية انتقادات لعجزها عن اقناع السعودية بتسليم بن علي المتهم بقتل متظاهرين وقضايا فساد مالي واستغلال نفوذ خلال فترة حكمه، وكشف البحيري عن أن تونس أصبحت قريبة من استرجاع عدة أرصدة لعائلتي الرئيس السابق وزوجته من عدة بلدان من بينها لبنان وسويسرا، وقال "نجحنا في كشف حسابات سرية لليلى بن علي في لبنان بقيمة 45 مليون دولار وسنتسلمها قريبا جدا، واضاف "القضاء السويسري أعطى الاذن لمحامي تونس الاطلاع على الملفات السرية لارصدة بن علي وعائلته وأصهاره وهذا القرار يتخذ لأول مرة وذلك لقوة الحجج والملفات المقدمة من الحكومة التونسية، وقال انه سيتم أيضا تسلم يختين ملك لزوجة الرئيس السابق من اسبانيا وايطاليا مؤكدا ان قيمة الاموال المهربة في الخارج غير محددة ولكنها تقدر بمليارات الدولارات ومنتشرة في بنوك بأغلب بلدان العالم. بحسب رويترز.

وشدد على أن تونس ستتسلم بعض الارصدة المهربة خلال شهر وأخرى بعد ذلك الوقت منوها بالدعم الذي يقدمه البنك الافريقي للتنمية في مساعدة جهود تونس في هذا الصدد، واضافة الى بن علي تواصل تونس جهودها لاستعادة بعض الهاربين الاخرين من أقارب الرئيس السابق وأصهاره ورموز نظامه ومن بينهم صهره بلحسن الطرابلسي المقيم في كندا، وقال الوزير إن جهود تونس بدأت تحقق نتائج فيما يخص تسلم بلحسن الطرابلسي متعهدا باحترام حرمته المعنوية والمادية وتمتعه بمحاكمة عادلة متى سلمته كندا، وأضاف "جهودنا المضنية بدات تؤتي ثمارها وأول قرار هو رفض كندا منحه الاقامة لقوة حجج تونس بان قضائها مستقل.. نريد محاكمته ليس انتقاما او تشفيا بل لتحقيق القانون على الجميع."

ليلى الطرابلسي

على صعيد أخر تعتزم ليلى بن علي زوجة دكتاتور تونس المخلوع نشر مذكرات عن حياتها من المرجح أن تثير جدلا في هذه الدولة التي يلعنها فيها كثيرون بوصفها ماري أنطوانيت هذا الزمان، وكتابها الذي سيصدر باللغة الفرنسية تحت عنوان (حقيقتي) "Ma Verite" يظهر على الصفحة الفرنسية لموقع أمازون دوت كوم على الانترنت كعنوان قادم تاريخ نشره 24 من مايو ايار وسعره 16.10 يورو، ولم يتسن الوصول الى احد من دار نشر ليز اديسيون دو مومان ومقرها باريس للتعليق، وذكر الموقع الاخباري التونسي على الانترنت (تونس لايف) أن الناشر أكد على أن الكتاب "في طور الاعداد" دون ذكر تفاصيل، وتسبب الكتاب بالفعل في ضجة على موقع تويتر على الانترنت وقال البعض "كتاب يجب مقاطعته" في محاكاة ساخرة للكثير من الكتب التي كانت محظورة خلال فترة حكم زين العابدين بن علي التي استمرت 23 عاما، كانت ليلى الطرابلسي تعمل مصففة شعر في السابق وينظر كثير من التونسيين لاسلوب حياتها المترف ولاقاربها الاثرياء باعتبارهم رموزا للفساد في عهد بن علي. بحسب رويترز.

صهر بن علي

الى ذلك كتب صهر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، بلحسن طرابلسي "رسالة اعتذار" من كندا الى الشعب التونسي معربا عن استعداده للعودة الى تونس للمثول امام القضاء، بحسب الرسالة التي نشرتها الصحف التونسية، وقال طرابلسي في رسالته التي سلم نسخة منها الى الوكالة التونسية محاميه ان هذه الرسالة "ليست سوى محاولة للاعتذار وطلب الصفح" رغم انه يدرك انه "في نظر الكثير من التونسيين ان لم يكن جميعهم، المجرم الذي سرق البلاد وتعدى على العباد ثم هرب"، واضاف "اود فقط ان اوضح اني وان ارتكبت عن قصد او غير قصد اخطاء فاني مستعد للمحاسبة وللمثول امام العدالة رغم ان نيتي لم تتجه ابدا الى الاضرار بوطني او بشعبه". بحسب فرانس برس.

ونفى طرابلسي في الرسالة التي ذيلها بتوقيع "المواطن بلحسن طرابلسي" ان يكون "نهب خيرات البلاد" مذكرا بانه استثمر ثروة في تونس وانه شغل "حوالى اربعة ألاف عامل بطريقة مباشرة"، ووصل بلحسن طرابلسي شقيق زوجة بن علي، ليلى طرابلسي، الى مونتريال مع عائلته في كانون الثاني/يناير 2011 بينما كان النظام يتهاوى، وتدرس سلطات الهجرة في كندا حقه في البقاء في البلاد، وطلبت السلطات التونسية من اوتاوا توقيف طرابلسي الذي يعتبر كبير عائلة تقف وراء اختلاس أموال عامة في بلاده.

استعادة ارصدة بن علي

فيما دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي سويسرا الى تسريع وتيرة استعادة ارصدة زين العابدين بن علي والمقربين منه والتي جمدتها برن في بداية 2011، وذلك في مقابلة مع الاذاعة والتلفزيون السويسريين، وقال المرزوقي "نريد ان يعود المال في اسرع وقت"، واكد ان الوضع الاقتصادي في بلاده يبرر العودة السريعة لارصدة الرئيس التونسي المخلوع، واضاف "لدينا 800 الف عاطل عن العمل. ثمة مناطق معرضة للانفجار لان الناس ما عادوا يتحملون البؤس"، ولفت الى ان "زيارتي لجنيف ستكون مناسبة للقاء اصدقاء قدامى من السياسيين السويسريين وامل في ان انسج صداقات جديدة"، وسيتوجه المرزوقي الى جنيف في اطار مؤتمر العمل السنوي الذي تنظمه منظمة العمل الدولية، وردا على تصريحات المرزوقي، قالت وزارة الخارجية السويسرية ان "سويسرا عازمة في اسرع وقت على اعادة الاموال المجمدة حاليا في سويسرا والتي تم تحديد مصدرها غير القانوني"، لافتة الى ان "اي دولة اخرى لم تبذل جهودا اضافية" في هذا السياق. بحسب فرانس برس.

واملت الخارجية السويسرية في ان "تسارع السلطات القضائية الى توضيح قضية المالكين غير القانونيين للاموال المجمدة في سويسرا تمهيدا لاعادة الاموال غير الشرعية"، وفي 19 كانون الثاني/يناير 2011، قررت سويسرا على غرار دول اوروبية اخرى تجميد ارصدة الرئيس التونسي السابق والمقربين منه، وفي تشرين الاول/اكتوبر الفائت، اعلنت برن انها جمدت ستين مليون فرنك سويسري (48,7 مليون يورو) من الارصدة التونسية، لكن المرزوقي اعتبر ان هذه المبالغ تشكل "فقط عشرة في المئة من الارصدة (التونسية) التي اودعت المصارف السويسرية"، من جانبها، اعتبرت سويسرا ان التعاون بين برن وتونس "سبق ان اتى ثماره، فتونس (...) وجهت العديد من طلبات المساعدة القضائية الى سويسرا"، وذكرت بان "الية جزائية سويسرية على صلة بالاحداث التي وقعت في تونس تتولاها حاليا وزارة العدل السويسرية"، وتستهدف هذه التحقيقات خصوصا مقربين من الرئيس التونسي السابق بتهمة تبييض الاموال والمشاركة في منظمة إجرامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/حزيران/2012 - 29/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م