شبكة النبأ: مع اسدال الستار على حقبة
الامير السعودي الراحل نايف بن عبد العزيز، يماط في الوقت ذاته اللثام
عن صراع سري محتدم بين من يعبرون انفسهم الاولى بإرث ولاية العهد، على
الرغم من محاولة الملك عبد الله النأي بنفسه عن معارضة المتخاصمين عبر
اشراك ما يعرف بهيئة البيعة، للحد من نزاع القوم.
ويؤكد ابرز المحللين السياسيين على ان الوضع القائم داخل اروقة
البلاط الملكي بات مضطربا بشكل غير مسبوق، على الرغم من الصراع السابق
الذي وقع اثر وفاة ولي العهد الاسبق سلطان بن عبد العزيز، قبل ان يتولى
نايف تلك الولاية قبل ما يوازي التسعة اشهر.
ويتخوف النظام السعودي بشكل عام من تنامي تلك الصراعات الى درجة
اكثر خطورة، وهو يترقب التغييرات التي تشهدها المنطقة بعد ان اجتاحها
الربيع العربي، فضلا عن خشيته من ما يعتبره دورا ايرانيا سلبيا داخل
المملكة.
فهل سيكون رحيل نايف القشة التي تقصم ظهر البعير السعودي؟ خصوصا ان
تلك المملكة فقدت شخصية امنية متشددة رفيعة المستوى، وخبرت سياسة
الشؤون الداخلية وطرق التعامل مع التنظيمات المسلحة المناوئة للسلطة
على مدى القرون الثلاثة، بالإضافة الى مهارتها المشهودة في قمع الحركات
الاحتجاجية التي وقعت طيلة فترة ادارة لوزارة الداخلية؟
وهل سيكون سليمان المرشح الابرز لتولي منصب ولاية العهد قادرا على
لجم معارضيه من اقرانه داخل العائلة المالكة؟ سيما ان بوادر الانشقاق
بدت جلية لدى بعض رجالات آل سعود الطامعين في الحكم، أم سيكون سليمان
آخر شخصية سعودية ستتولى هذا المنصب؟
القضايا الأمنية الملحة
فقد أعلن التلفزيون السعودي نقلا عن مرسوم ملكي أنه تم تعيين الأمير
سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد خلفا للأمير الراحل نايف بن عبد العزيز
الذي كان وريثا للعرش ووزيرا للداخلية وذلك في وقت تواجه فيه المملكة
خصومات واضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
كما نقل التلفزيون عن المرسوم الملكي نبأ تعيين الأمير أحمد بن عبد
العزيز وزيرا للداخلية. وسيحتفظ الأمير سلمان بمنصب وزير الدفاع. وأشرف
الأمير نايف الذي توفي مؤخرا على الأوضاع الأمنية طوال 37 عاما وأقام
جهازا قويا تمكن من القضاء على وجود تنظيم القاعدة داخل المملكة
العربية السعودية.
وانتهج الامير نايف سياسة تضمنت اعتقال آلاف المشتبه بهم من
المتشددين وإقامة شبكة مخابرات اخترقت خلايا الإسلاميين وعدم التغاضي
عن نشاط المعارضين السياسيين. ومن المعتقد على نطاق واسع أن يستمر ذلك
النهج.
وقال نيل باتريك خبير الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج في كلية لندن
للاقتصاد "أعتقد أنه أيا كان من يشغل رسميا منصب وزير الداخلية فإن
تقسيم المسؤوليات فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والامن الداخلي على نطاق
أوسع سيظل كما هو."
والامير أحمد الذي تولى وزارة الداخلية هو أخو الأمير نايف وهو نائب
مخضرم لوزير الداخلية يتعامل مع القضايا الأمنية بمفهومها الأوسع نطاقا
بما في ذلك جهاز الشرطة. أما ولي العهد الجديد فسيتعين عليه التعامل مع
تحديات داخلية وخارجية كبيرة بما في ذلك الملف الأمني الذي يمثل أهمية
خاصة. بحسب رويترز.
وتخشى المملكة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن
المجاور كما أنها تعتبر إيران قوة مزعزعة للاستقرار من خلال ما تعتبره
تحريض الاقلية الشيعية في البلاد على إحداث اضطرابات. كما ان الأزمة
السورية من أسباب الخلاف القائم بين طهران والرياض.
ورغم أن المملكة العربية السعودية لم تشهد انتفاضة على غرار
انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة العام الماضي، فإن هذه
الانتفاضات زعزعت استقرار اليمن والبحرين المجاورين وجعلت مصر الحليفة
على وشك ان يقودها الاخوان المسلمون وهي جماعة تتسم علاقتها بالرياض
بعدم الارتياح. كما سيواجه ولي العهد الجديد عددا من التحديات الاخرى
منها البطالة على المدى الطويل.
وبموجب القانون السعودي كان يمكن للملك عبد الله بن عبد العزيز
انتظار 30 يوما قبل إعلان ولي العهد الجديد. ووريث العرش الجديد الأمير
سلمان يبلغ من العمر 76 عاما وهو أخ غير شقيق للملك عبد الله (89 عاما)
وشقيق للأمير نايف.
وقال أسعد الشملان أستاذ العلوم السياسية في الرياض "أعتقد أنه لن
تكون هناك أي تغييرات عميقة. الاستمرارية ستكون هي السمة الغالبة."
ورجح محللون أن يواصل الأمير سلمان إصلاحات اجتماعية واقتصادية حذرة.
ويرى مايكل ستيفنز الباحث في فرع المعهد الملكي للدراسات الدفاعية
والأمنية في قطر أن ما يتعين على الامير سلمان القيام به هو "محاولة
إحداث قدر من التأثير في قطاع من المؤسسة الدينية في البلاد." وأضاف
"سيتعين عليه البدء في التعليق على قضايا الامن الإقليمي وكذلك مبادرات
السياسة الخارجية."
ولا تنتقل الخلافة من الأب إلى الابن الأكبر لكنها تتم بين الاخوة
من أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود الذي توفي عام 1953. وما زال
نحو 20 من الاخوة على قيد الحياة لكن عددا محدودا منهم فقط ربما
يعتبرون منافسين على قيادة اكبر مصدر للنفط في العالم.
ورغم أن الأمير سلمان ينظر له منذ زمن طويل على أنه الاختيار الأكثر
وضوحا للملك عبد الله فليس من الواضح الشخصية المرجح أن تأتي بعده في
ولاية العهد. ورغم أن بعض أبناء بن سعود مثل نائب وزير الداخلية الامير
احمد بن عبد العزيز وأمير منطقة الرياض الأمير سطام بن عبد العزيز
ومدير المخابرات الأمير مقرن بن عبد العزيز لديهم خبرة طويلة في شؤون
الحكم فربما تفضل الأسرة الحاكمة اختيار أحد أحفاد مؤسس المملكة.
وقال روبرت ليسي مؤلف كتاب "داخل المملكة" "رأينا عبد الله وهو يتخذ
قرارات تتسم بقدر معقول من الطابع العملي.. قرارات غير عاطفية ازاء
المناصب العائلية. اختار نايف مفضلا إياه على ثمانية أمراء على قيد
الحياة. أظهر أن الكفاءة والاستعداد للمنصب يتغلبان على السن
والأقدمية."
وربما يشير ذلك إلى الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة وهو من أبناء
العاهل الراحل الملك فيصل أو إلى الأمير محمد بن نايف أحد أبناء ولي
العهد الراحل والمسؤول الامني في المملكة.
وتعاني السعودية مشكلة انتشار البطالة على نطاق واسع بين أبناء
الجيل الجديد ويساورها القلق من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز
في اليمن والذي خطط لتنفيذ هجمات ضد المملكة ويدعو للإطاحة بعائلة آل
سعود.
وقال الأمير مشعل بن عبد الله بن تركي آل سعود إنهم يسألون الله أن
يعين الملك عبد الله على اختيار الشخص الملائم الذي يمكنه تحمل أعباء
هذا المنصب في هذا الوقت العصيب سواء على مستوى الأمة العربية أو الأمة
الإسلامية.
ورغم ان أغلب المحللين يعتقدون ان من المرجح اختيار الأمير سلمان
وليا للعهد فقد يتوقف القرار النهائي على اجتماع هيئة البيعة السعودية
التي شكلها الملك عبد الله عام 2006 للإشراف على الخلافة بعد وفاته.
بحسب فرانس برس.
ورغم أن هيئة البيعة لن تبدأ العمل رسميا إلا بعد وفاة الملك عبد
الله فقد اختار العاهل السعودي العام الماضي عرض ترشيحه للأمير نايف
عليها قبل إعلان اختياره.
وقال خالد المعينا رئيس تحرير جريدة سعودي جازيت إن اجتماعا سيعقد
لتحديد ولي العهد الجديد مضيفا أن اختيار ولي العهد كان يجري دائما على
مر التاريخ بأسلوب منظم. وتابع أن الامير سلمان مناسب للمنصب من اوجه
كثيرة.
وعرض التلفزيون السعودي لقطات لسيارة الإسعاف التي حملت جثمان
الأمير نايف لدى وصولها إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة. وكان الجثمان
ملفوفا في كفن بني اللون وحمله أبناء الأمير الراحل وأفراد آخرون
مقربون من أسرته.
وكان بين المعزين الذين جلسوا بجوار الملك عبد الله المشير محمد
حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر وزعماء دول
الخليج العربية والسلطة الفلسطينية ولبنان.
ويقول محللون إن أصعب قرار في أمر الخلافة بالمملكة سيكون عندما يصل
الحكم إلى آخر أبناء الملك عبد العزيز آل سعود الباقين على قيد الحياة
ويصبح لزاما اختيار أحد الأحفاد لولاية العهد.
ووصل ايضا عدد من القادة العرب لتقديم واجب العزاء بينهم ملك
البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني
وشقيق ملك المغرب الامير مولاي رشيد وامين عام جامعة الدول العربية
نبيل العربي.
ومن المشاركين ايضا رؤساء جيبوتي اسماعيل غيللة وموريتانيا محمد ولد
عبد العزيز وتشاد ادريس ديبي والصومال شريف شيخ احمد ورؤساء الوزراء في
باكستان يوسف رضا جيلاني والاردن فايز الطروانة ولبنان نجيب ميقاتي
وتونس حمادي الجبالي.
ارث امني راسخ
وقد بنى نايف بن عبد العزيز آل سعود قوة امنية هائلة سحقت تمرد
القاعدة في السعودية وكل شكل من اشكال الخروج على الاسرة الحاكمة التي
يتربع ابناؤها على عرش المملكة منذ نحو قرن.
وبالنسبة لليبراليين كان الامير نايف - احد ابناء مؤسس المملكة -
الوجه الصارم للمؤسسة المحافظة التي تعارض اي خطوات حقيقية نحو
الديمقراطية وتمكين المرأة من حقوق اكبر فقد كان يشرف على هيئة الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر وظل لسنوات وزيرا للداخلية التي سجنت نشطاء
سياسيين دون توجيه اتهامات.
لكن دبلوماسيين سابقين وصحفيين محليين واعضاء في الاسرة الحاكمة
وصفوه بأنه رجل اكثر مرونة في احاديثه وتعاملاته الخاصة حيث عاش لأكثر
من ثلاثة عقود في مركز النظام السياسي السعودي مع عشرات الاعمام
والاخوة غير الاشقاء والابناء وابناء الاخوة.
وقالت برقية للسفارة الأمريكية تعود الى عام 2009 نشرها موقع
ويكيليكس "يعتبر الأمير نايف على نطاق واسع محافظا متشددا غير متحمس
لمبادرات الملك عبد الله الإصلاحية على أفضل تقدير."
وأضافت "غير أننا سنكون اكثر دقة اذا وصفناه بأنه براجماتي محافظ
مقتنع بأن الأمن والاستقرار أساسيين للحفاظ على حكم آل سعود وضمان
الرخاء للمواطنين السعوديين."
وبعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر ايلول على واشنطن ونيويورك في
2001 اثار الامير نايف غضب الولايات المتحدة برفضه التقارير التي اتهمت
سعوديين بشن الهجمات. ثم تبين ان 15 من بين 19 شخصا شاركوا في الهجمات
كانوا سعوديين.
واعطى هذا الحدث للامير نايف سمعة في بعض الدوائر بأنه مناهض للغرب
لكن في الحقيقة كان الدبلوماسيون الغربيون راضين بشكل عام عن الطريقة
التي سيطرت بها وزارة الداخلية تحت قيادته على تمرد القاعدة التي شنت
حملة تفجيرات في السعودية خلال السنوات القليلة التي تلت هجمات سبتمبر
ايلول. وقالت تقييمات السفارة الامريكية ان الهم الرئيسي للامير نايف
كان قتال القاعدة في المملكة واليمن والحفاظ على حاجز قوي ضد ايران.
وكان الأمير نايف يعتبر اقرب من كثير من اخوته إلى المؤسسة الوهابية
المتشددة التي ساهم دورها في دعم والده خلال بناء المملكة اوائل القرن
العشرين. ونتيجة لذلك تمتع الامير الراحل بقبول افضل من جانب رجال
الدين الذين يعززون شرعية الأسرة الحاكمة.
وازعج تعيين الامير نايف وليا للعهد بعد وفاة أخيه الامير سلطان
العام الماضي المعتدلين والليبراليين الذين خشوا ان تؤدي خلافته للملك
عبد الله إلى وقف الاصلاحات التي بدأها شقيقه الاكبر في المملكة.
هيئة البيعة
ويطبق النظام السعودي الملكية المطلقة بطابع قبلي مركزي أحادي، يقوم
فيه البناء التنظيمي للمؤسسة الملكية على تركيبة فريدة يراعى فيها
الصراع والتنافس داخل العائلة فقط، على النحو التالي: الملك ثم الأشقاء،
ثم الأبناء ثم باقي العائلة، ومن خلال هذه التركيبة الفريدة يتم توزيع
المناصب العليا والمراكز المهمة بين أفراد العائلة، ومن خلالها أيضا
يتم تقاسم المخصصات التي تجنيها العائلة من موارد الدولة.
والعمل الفعلى بنظام "هيئة البيعة" ليس سهلاً، خاصة أن عدد أفراد "آل
سعود"، وصل إلى بضعة آلاف شخص بدرجة أمير، وتنبع جذور مشكلة الخلافة فى
أن الملك عبدالعزيز، أنجب 45 ابنا منهم 23 مازال معظمهم على قيد الحياة،
لكن كثيرين منهم يعانون ضعف صحتهم وكبر أعمارهم، كما لم يحدد الملك
سعود، كيفية اختيار خلفائه، وهو الأمر الذي تقرر حسمه بنظام "هيئة
البيعة".
ومنذ تأسيس الدولة عام 1932 حافظت الأجنحة الرئيسية لعائلة آل سعود،
على توازن دقيق مع رجال الدين الوهابيين للمشاركة في حكم المملكة.
وبجانب أن نظام هيئة البيعة، يجعل قرار تداول الحكم جماعيا، فإن
الملك بموجب النظام بعد مبايعته له الحق بعد التشاور مع أعضاء الهيئة
فى اختيار من يراه الأصلح من أبناء مؤسس المملكة أو أبناء الأبناء
لولاية العهد كما أنه له الحق فى أن يطلب من هيئة البيعة ترشيح من تراه
لولاية العهد.
لكن اختيار الملك لمن يراه لولاية العهد ليس نهائيا بل يجب أن يحصل
على موافقة هيئة البيعة وفى حال عدم موافقة الهيئة، فإنها ترشح من تراه
لولاية العهد إلا أن الملك من حقه الاعتراض على مرشح الهيئة وفى حال
الوصول إلى وضع عدم الاتفاق بين الملك وهيئة البيعة على مرشح ولاية
العهد يتم اللجوء إلى التصويت فى هيئة البيعة لحسم الأمر، والاختيار
بين من اختاره الملك ومن رشحته هيئة البيعة، وتتم تسمية من ينال أكثر
الأصوات وليا للعهد.
وتشمل هيئة البيعة فى عضويتها أبناء مؤسس المملكة وأبناء الأبناء،
بالإضافة إلى 2 يعينهم الملك أحدهما من أبنائه والآخر من أبناء ولى
العهد.
نزاع محتمل
وللأسر الحاكمة في شبه الجزيرة العربية لها تاريخ من النزاع الداخلي،
آل الصباح في الكويت، آل نهيان في أبو ظبي، آل ثاني في قطر وآل القاسمي
في الشارقة، جميعًا عزلوا أو قتلوا بعضهم البعض، لا سيما الأسرة
المالكة في السعودية لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: "هل ستشعل وفاة
الأمير نايف بن عبد العزيز فتيل النزاع من جديد بين أمراء "آل سعود"؟
وكانت وثائق نشرها موقع "ويكيلكس" قد كشفت أن الملك "عبد العزيز"
واجه أوائل القرن العشرين معارضة قوية من أبناء عمومته من فرع سعود
الكبير في الأسرة الحاكمة، وتقريباً مزق عزل الأمير "فيصل" لأخيه الملك
"سعود" عام 1962 المملكة أجزاء، والنزاع داخل الأسرة كان وسيبقى أكبر
خطر محتمل على استقرار نظام الحكم في المملكة العربية السعودية. بحسب
وكالة الجزيرة العربية للأنباء.
فـ"آل سعود" حزب سياسي بالإضافة إلى عائلة، وكما هو الحال مع أي حزب
سياسي هناك دائما صراعات داخلية ونزاعات سياسية ، وخلافات الأسرة
الحاكمة حاليا تتركز على دور الأقدمية في الخلافة، والسياسة تجاه
إسرائيل، وخفض التعويض الملكي.
واعترف بذلك الأمير "سلطان" ولى العهد السابق قبل وفاته لكن جاء نبأ
وفاة الأمير "نايف بن عبدالعزيز آل سعود" عن عمر يناهز الـ 78 عامًا
مفاجئاً بالنسبة للسعوديين، فقد كان ولى العهد بعد وفاة الأمير "سلطان"
العام الماضي، لكن وفاته المفاجأة تثير الشكوك حول تجدد النزاع داخل
الأسرة المالكة السعودية من جديد.
وتشير التكهنات إلى أن شقيق الأمير "نايف" الأصغر الأمير "سلمان بن
عبد العزيز"، الذي يشغل الآن منصب حاكم منطقة الرياض، سيخلفه في منصب
ولي العهد، لكن إلى أى مدى سيكون هذا الاختيار مقبولا ومرحبا به داخل
الأسرة المالكة بعد وفاة ولاة العهد واحدًا تلو الآخر، وفراغ الساحة
أمام أمراء الأسرة الشبان ممن يمتلكون طموحات ومطامع جديدة.
توجهت الأنظار إلى الأمير الراحل نايف أخو الملك عبدالله بن عبد
العزيز فعيَّنه وليًا للعهد بعد رحيل الأمير سلطان نظرًا لجهوده في
خدمة الوطن منذ عهد والده المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل
سعود وجهوده في استقرار الأمن الداخلي للمملكة العربية السعودية.
وأوجد قانون الخلافة الجديد فائزين وخاسرين، وقد أصبحت الجدارة بدلا
من العمر عاملاً أساسياً في انتخاب الملك الجديد, معظم الأمراء قبلوا
هذا التغيير، فقط عبد الرحمن بن عبد العزيز التالي في العمر بعد ولي
العهد سلطان كان صريحًا في احتجاجاته حول الترتيبات الجديدة، وغالبًا
ما يكون سلمان بن عبد العزيز حكمًا في النزاعات العائلية, ووفقًا لجهة
اتصال موثوقة وجيدة الوصول إلى دوائر الأسرة الحاكمة، فإن سلمان قال
لأخيه: "اخرس وعد إلى العمل" في محادثة صريحة مع عبد الرحمن مؤخراً.
وتولى نايف العهد فى عمر الـ (77 عاما) ولم يكن بصحة جيدة، لكن كان
الاعتقاد السائد بأن الملك الحالي، البالغ من العمر 88 عاما، لن يستمر
طويلا في العرش، وسيكون الاستنتاج ان الأمير نايف هو الذي سيتولى
العرش.
لكن نايف كان ينظر اليه بريبة من قبل النخبة من خارج الاسرة المالكة
في البلاد الراغبة في الاصلاح، كما أنه معروف بعقده الائتلافات
والتحالفات مع الجناح المحافظ، وعلى الأخص المؤسسة الدينية، بهدف تحسين
ودعم موقفه، كما عرف عنه أنه ليس جشعًا للمال مثل شقيقه الراحل سلطان،
وبوصفه ملكًا سيظهر أنه براجماتي أكثر من الصورة المرسومة عنه.
أصبح موضوع تحول الاجيال مطروحًا أكثر مع رحيل سلطان، لكنه لم يكن
من المرجح أن يتم التعامل معه على الفور، فالأمير نايف، كان سيتحول إلى
ملك محفوظا من الصراعات والاعتراضات في ظل شقيقه الأصغر، الأمير سلمان،
أمير منطقة الرياض.
وقال الكاتب نيل بارتريك بعد ولاية الأمير الراحل نايف للعهد:
"عندما يحدث تحول الأجيال سيكون لأبناء الامير نايف الاثنين الأمير
محمد وشقيقه الاكبر منه الامير سعود مكانا ملحوظا، أما الامير سلمان،
فسيكون المرشح القوي لتولي وزارة الدفاع التي شغلها الامير الراحل لنحو
خمسين عاما، سيبقي عينيه هو الآخر على احتمالات توليه عرش المملكة
السعودية يومًا ما، وخلف الكواليس سيكون القرار عائدًا الى الامير
سلمان، كما هو حال التقاليد الملكية في البلاد".
وبعد الأمير نايف هناك مجموعة من الأمراء المرشحين ينتمون الى جيل
جديد ربما سيكونون قريبين من الترشح لأخذ دورهم، لكن هؤلاء ليسوا
راسخين على الارض، أما من يفضلهم الملك عبد الله حاليا ربما لا يجدون
حظوظا كبيرة بعد رحيله.
من الناحية الفنية، يعد أولاد الملك فيصل من هذا الجيل، لكنهم ليسوا
من المرشحين الأقوياء، فخالد مثلا، وهو أمير مكة، ويبلغ من العمر 70
عاما، هو أحدهم، لكن "آل فيصل" لم يكونوا مرغوبين عند نايف، وبوفاته
فتح المجال أمامهم من جديد، إلى أن يغلقه سلمان مرة أخرى اذا صدقت
التكهنات بولايته العهد.
من جانب آخر، في ظل تداعيات ما حدث من ثورات عربية وتأثيرها على
السعودية فقد جعل ربيع الثورات العربية الذي شهد الإطاحة بعدد من
الزعماء، ومطالبات بالإصلاح قادها جيل الشباب، حكام السعودية يشعرون
بأنهم محاصرون. وأصبح العالم مليئًا بالاعداء، حيث أطلق ربيع الثورات
العربية العنان لقوى لا يمكن السيطرة عليها وليس بمقدور أي بلد عربي
تحصين نفسه ضدها.
خلاصة القول إن السعودية محاصرة، وشعور الملك عبدالله يقوده الى
اتخاذ موقف الدفاع، لكن قد يكون للصعود المرتقب لجيل الشباب دورًا في
ثورات الشباب العربي وبصماته على "آل سعود".
وفيما يلي بعض الشخصيات الرئيسية في العائلة الحاكمة:
- الملك عبد الله بن عبد العزيز
من المعتقد انه من مواليد 1923 ويمثل شخصية الجد في نظر الكثير من
السعوديين. ومنذ أن تولى الملك عبد الله ادارة الشؤون اليومية للمملكة
بعد اصابة الملك فهد بجلطة عام 1995 ثم اعتلائه العرش اعتبارا من 2005
وحتى الان أظهر حماسا للاصلاح الاقتصادي وأحدث بعض التغييرات
الاجتماعية. وفي حين عبر بعض الليبراليين عن خيبة أملهم إزاء النتائج
المتواضعة استاء المحافظون من الاجراءات التي تجعل من الأيسر للنساء
التعلم والعمل.
- الامير سلمان
أمير منطقة الرياض منذ عام 1962 ويشغل منصب وزير الدفاع منذ نوفمبر
تشرين الثاني. يمتلك سلمان وأسرته مؤسسة اعلامية تشمل صحيفة الشرق
الأوسط وصحيفة الاقتصادية. ولد عام 1936 وأجريت له جراحة في العمود
الفقري بالولايات المتحدة عام 2010 وأمضى شهورا خارج المملكة للنقاهة.
وهو شقيق ولي العهد الراحل الامير نايف بن عبد العزيز والملك الراحل
فهد بن عبد العزيز وولي العهد الراحل سلطان بن عبد العزيز. ويُقال انه
يشبه والده الراحل الملك عبد العزيز بن سعود الذي أسس المملكة اكثر من
اي فرد آخر من اخوته.
وينظر إلى سلمان على انه الشخص المرجح اختياره ليكون وليا للعهد.
وهو أخ الملك عبد الله وعين وزيرا للدفاع في نوفمبر تشرين الثاني بعد
اكثر من خمسة عقود كحاكم لمنطقة الرياض.
- الأمير أحمد بن عبد العزيز
الشقيق الاصغر للامير نايف والامير سلمان. يشغل منصب نائب وزير
الداخلية منذ عام 1975. درس في جامعة بكاليفورنيا وأوكلت إليه مهمة
ادخال اصلاحات في المنطقة الشرقية اوائل الثمانينات لتحسين احوال
الكثير من الاقلية الشيعية بالمملكة الذين ثارو ضد التمييز.
ينظر إلى الأمير أحمد على انه مرشح محتمل لتولي حقيبة وزارة
الداخلية بعد وفاة الأمير نايف يوم السبت.
- الأمير مقرن بن عبد العزيز
رئيس المخابرات السعودية. زاد تسليط الاضواء عليه في السنوات
الاخيرة. وهو الابن الاصغر للملك الراحل عبد العزيز بن سعود وقد نظم
مؤتمرا عن مكافحة التطرف عبر الانترنت عام 2007. ويقول دبلوماسيون انه
مقرب من الملك عبد الله. ولد الأمير مقرن عام 1945 وهو صغير السن نسبيا
لكنه يواجه عراقيل في الخلاف نظرا لان والدته ليست من العائلة الملكية.
- الأمير مشعل بن عبد العزيز
ولد عام 1926 . عينه الملك عبد الله رئيسا لهيئة البيعة الذي يفصل
في شؤون الخلافة لكنه بعيد إلى حد كبير عن الاضواء.
ولا يتولى أي من أحفاد الملك عبد العزيز بن سعود مؤسس المملكة أي
سلطة حتى الآن.
وفيما يلي نبذة عن بعض أبرز الأحفاد:
- الأمير خالد الفيصل
أمير منطقة مكة وينظر اليه على انه واحد من أكثر الأمراء تحررا
والذي خفف من حدة النفوذ الديني في السياسة في مدينة جدة الساحلية.
ويمتلك صحيفة الوطن أكثر الصحف تحررا بالمملكة. والأمير خالد شاعر وقد
تؤدي توجهاته الليبرالية إلى استبعاده فيما يتعلق برجال الدين
الوهابيين المحافظين.
- الأمير سعود الفيصل
يحظى وزير الخارجية المخضرم بالاحترام في الخارج وبرهن على انه واحد
من أكثر المساعدين الذين يحظون بثقة الملك عبد الله. ولكن يعاني من
مشكلة في الظهر تجعل من المستبعد توليه أي منصب آخر.
- الأمير تركي الفيصل
ولد حوالي عام 1945 وهو ابن الملك فيصل وعمل رئيسا للمخابرات
السعودية وسفيرا في لندن وواشنطن قبل تقاعده في 2006. وهو شقيق الأمير
خالد الفيصل أمير منطقة مكة ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.
- الأمير متعب بن عبد الله
ابن الملك عبد الله. عهد إليه والده في نوفمبر تشرين الثاني 2010
بالمسؤولية الكاملة عن الحرس الوطني وهو فيلق نخبة من البدو يتعامل مع
الامن الداخلي.
- الأمير عبد العزيز بن عبد الله
اختير الامير عبد العزيز وهو من أم فلسطينية ليشغل منصب نائب وزير
الخارجية العام الماضي مما يشير إلى إدراجه في التسلسل الهرمي للعائلة
الحاكمة.
- الأمير خالد بن سلطان
هو ابن ولي العهد الاسبق سلطان. قاد الأمير خالد القوات العربية
خلال حرب 1991 لطرد القوات العراقية من الكويت. يشغل منصب نائب وزير
الدفاع ويمتلك صحيفة الحياة اليومية. قاد القوات السعودية في حربها ضد
المتمردين اليمنيين الذين دخلوا الاراضي السعودية عام 2009.
- الأمير بندر بن سلطان
ولد عام 1950 وهو نجل ولي العهد الراحل وعمل سفيرا لواشنطن بين عامي
1983 و2005. وهو الامين العام لمجلس الامن الوطني السعودي ولكن من
المعتقد انه لم يعد يحظى برضا الملك عبد الله وامراء اخرين.
- الأمير محمد بن نايف
نجل الامير الراحل نايف بن عبد العزيز. ويقود حملة المملكة ضد
الارهاب ويشغل منصب نائب وزير الداخلية. ويقول دبلوماسيون انه يحظى
باشادة وكالات المخابرات الغربية لعمله في مكافحة حملة القاعدة لزعزعة
استقرار المملكة خلال الفترة من 2003 إلى 2006. ونجا الأمير محمد بن
نايف من محاولة اغتيال عام 2009 قام بها مهاجم انتحاري تظاهر بأنه
متشدد ينوي التوبة.
- الأمير سلطان بن سلمان
أول رائد فضاء عربي. يشغل منصب وزير السياحة بالمملكة وتعتقد
السفارة الأمريكية بالسعودية بأنه سيتولى منصبا أعلى. وكان سلطان من
رواد مهمة مكوك الفضاء ديسكفري عام 1985. ويتولى أحد اخوته وهو الأمير
عبد العزيز منصب نائب وزير النفط ويدير أخوه الاخر الأمير فيصل المؤسسة
الاعلامية للعائلة.
- الأمير الوليد بن طلال
هو رجل أعمال وواحد من أغنى أثرياء العالم. والأمير الوليد بن طلال
هو اكبر مستثمر في مؤسسة سيتي جروب. وقد يتسبب تاريخ والده كأمير
إصلاحي منشق تحالف مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في
الستينات في عرقلة فرصه في الترقي لتولي مناصب قيادية بالمملكة. ويأخذ
الإسلاميون عليه أيضا ما تبثه شبكة قنوات تلفزيون روتانا التي يمتلكها. |