العراق... فشل الساسة يسهم بحصد ارواح الابرياء

 

شبكة النبأ: لاتزال الخلافات السياسية في العراق قائمة بين الكتل والاحزاب التي ابتعدت عن هموم الشارع العراقي الذي تأثر كثيرا بهذا الفشل السياسي بسبب الخلافات والتناحر المستمر لأجل الحصول على بعض الامتيازات والمكاسب الشخصية، ويرى بعض المراقبين ان الصراع السياسي في العراق هو اليوم صراع سلطوي بين بعض الرموز والقادة يضاف الى ذلك وجود بعض المخططات الخارجية من دول اقليمية وعربية بهدف زيادة حدة الخلاف وافتعال المزيد من الازمات من خلال تسخير جميع امكانياتها لجعل العراق بلد تابع لها وراضخ لكل قرارتها التي تنفذ بواسطة اجندة سياسية ذات ثقل في الساحة العراقية، وفي ما يخص الازمة السياسية الاخيرة والتي تدعو الى سحب الثقة من الحكومة الحالية والتي اسهمت بخلق حالة من عدم الاستقرار في البلاد ويرى بعض الخبراء ان خصوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد فشلوا في حشد تأييد كاف لسحب الثقة من حكومته مما يطيل أمد الأزمة التي تواجهها الحكومة بشأن تقاسم السلطة بين الكتل السُنية والشيعية والكُردية. وكان من شأن نجاح هذه الخطوة أن يواجه المالكي أكبر تحد على مدى ست سنوات في الحكم إذ كانت ستؤدي الى سقوط الحكومة وتصاعد حدة التوتر الطائفي في بلد ما زال يتعافى من سنوات الحرب.

وقال الرئيس العراقي جلال الطالباني -الزعيم الكردي المخضرم ان معارضي المالكي فشلوا في جمع ما يكفي من توقيعات النواب في البرلمان لإقناعه بمطالبة البرلمان بالتصويت على سحب الثقة من الحكومة. ودعا الطالباني إلى جمع التوقيعات كدليل على ان خصوم المالكي يملكون ما يكفي من الدعم قبل ان يرسل رسالة إلى البرلمان يدعوه إلى التصويت. وينص الدستور العراقي على ضرورة تصويت أكثر من نصف اعضاء البرلمان الذي يبلغ عدد اعضائه 325 نائبا ضد المالكي لإسقاط حكومته.

وقال مكتب الطالباني في بيان "في ضوء ذلك ونظرا لعدم اكتمال النصاب فإن رسالة فخامة رئيس الجمهورية - رغم جاهزية نصها - لم تبلغ الى مجلس النواب الموقر." وقال البيان ان اللجنة التي كلفها الرئيس بالتدقيق "قد استلمت توقيعات 160 نائبا من ائتلاف العراقية وتحالف القوى الكردستانية وكتلة الأحرار وعدد من النواب المستقلين. وأُضيفت اليهم لاحقا قائمة بأسماء عدد من نواب الاتحاد الوطني الكردستاني. ولاحقا قام 11 من النواب الموقعين سابقا بإبلاغ مكتب رئيس الجمهورية بسحب تواقيعهم بينما طلب نائبان آخران تعليق توقيعيهما."

ومنذ انسحاب آخر جندي أمريكي من العراق في ديسمبر كانون الاول بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي أطاح بصدام حسين يشهد العراق اضطرابا سياسيا بين الكتل المشاركة في الائتلاف الهش متعدد الطوائف الحاكم للبلاد. ويقود السنة والاكراد حملة لسحب الثقة لكن نواب البرلمان المتحالفين مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر انضموا اليهم مؤخرا.

ومن بين الخيارات أمام خصوم المالكي محاولة دعوة رئيس الحكومة للاستجواب أمام البرلمان أملا في ان يؤدي بشكل سيء مما يعزز الدعوة إلى سحب الثقة منه. لكن ذلك سيتطلب تصويت أغلبية النواب ضده فضلا عن ضيق الوقت مع اقتراب شهر رمضان الشهر القادم وهو وقت تتوقف فيه الانشطة السياسية في العراق بشكل شبه كامل. بحسب رويترز.

وقال ريدار فيسر محرر موقع هيستوريا على الانترنت "لم يبق للمعارضة سوى الخيار الاكثر استهلاكا للوقت وهو استجواب المالكي امام البرلمان ثم طرح الثقة بناء على ذلك. ويملك التحالف الوطني الذي يقوده المالكي العدد الاكبر من النواب في مجلس النواب العراقي ولم ينجح خصومه في تشكيل جبهة موحدة ضد رئيس الوزراء الذي يجيد بناء التحالفات واستغلال الانقسامات التي خلفها عهد صدام حسين. وتراجع العنف بشكل كبير في العراق لكن الاسلاميين السنة الذين تربطهم صلات بتنظيم القاعدة ما زالوا قادرين على شن هجمات ويستهدفون غالبا اهدافا شيعية في محاولة لإشعال صراع طائفي دفع البلاد الى شفا حرب أهلية عامي 2006 و2007 .

منع المسيرات ذات الطابع العسكري

من جهة اخرى امر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمنع المسيرات التي تحمل "طابعا عسكريا"، وعدم "استغلال" المناسبات الدينية للقيام بممارسات "لا تتعلق بهذه الزيارات". وجاء في بيان وزعه المكتب الاعلامي للمالكي ان رئيس الوزراء اعلن خلال اجتماع لخلية الازمة بحضور كبار المسؤولين الامنيين "تمنع منعا باتا وبشكل مشدد التجمعات والمظاهرات والمسيرات ذات الطابع العسكري". وامر المالكي ايضا ب"عدم السماح باستغلال المناسبات الدينية والقيام باية ممارسات لا تتعلق بالزيارات في بغداد وجميع المحافظات، ومحاسبة المخالفين لهذه التعليمات". وتنظم بعض التيارات الشيعية مسيرات ذات طابع عسكري خلال احياء ذكرى وفاة الامام موسى الكاظم، سابع الائمة الاثني عشر لدى الشيعة، وكان التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر نظم خلال الاشهر الماضية عدة مسيرات لم تكن مسلحة لكنها حملت طابعا عسكريا اذ ارتدى المشاركون فيها لباسا عسكريا وساروا ضمن مجوعات. كما ان جماعة عصائب الحق المنشقة عن التيار الصدري نظمت استعراضا عسكريا في الكاظمية لدى افتتاح مكتب لها هناك.

طالب الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الامم المتحدة التدخل لمعالجة الازمة السياسية التي يمر فيها العراق منذ اشهر، بحسب مصدر مقرب منه. وقال المصدر رافضا الكشف عن اسمه ان "الصدر بعث رسالة الى الامين العام للامم المتحدة عبر ممثلها في العراق مارتن كوبلر يطالبها بان تضطلع بدورها في الازمة الحالية التي يمر بها العراق خصوصا في مجال انعدام الشراكة والتفرد بادارة الدولة والتعدي على الحريات واجراءات المعتقلات". بحسب فرنس برس.

كما اشار الصدر في رسالته الى "انعدام العدالة والتدخل في مؤسسات الدولة العراقية". وانضم الصدر الذي يمثل تياره 40 نائبا في البرلمان ضمن التحالف الشيعي الحاكم، الى خصوم رئيس الوزراء نوري المالكي المطالبين بسحب الثقة منه واتهمه بالتفرد بالسلطة وسوء ادارة البلاد. ونقل الرسالة الى ممثل الامين العام في بغداد وفدا من كبار قيادات التيار الصدري بينهم السيد مصطفى اليعقوبي وحيدر الجابري والنائب بهاء الاعرجي، وفقا للمصدر نفسه.

يوم دموي

في السياق ذاته وفيما يخص الجانب الامني فقد استهدف مهاجمون زوارا شيعة يحيون ذكرى دينية في بغداد وفي أنحاء العراق مما أسفر عن سقوط أكثر من 70 قتيلا في واحد من أكثر الأيام دموية منذ انسحاب آخر قوات امريكية من البلاد في ديسمبر كانون الأول. ونفذ التفجيرات فيما يبدو مقاتلون من السنة كثيرا ما يهاجمون أهدافا شيعية لمحاولة تجديد العنف الطائفي الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف في 2006-2007.

ومع نشوء أزمة بين الأحزاب السنية والشيعية والكردية تهدد بانهيار اتفاق تقسيم السلطة أحيت الهجمات مخاوف من أن العراق ربما يعود إلى العنف الطائفي. ويعد هذا أسوأ ايام العنف منذ أوائل يناير كانون الثاني عندما انفجرت أربع قنابل في بغداد مما أسفر عن مقتل 73 كما تمثل الهجمات أحدث موجة من التفجيرات التي تستهدف مواقع دينية شيعية.

ولقي 30 شخصا على الأقل حتفهم عندما استهدفت أربعة تفجيرات الزوار في أنحاء بغداد بينما كانوا ينظمون مسيرات في أنحاء المدينة لإحياء ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم. وانفجرت سيارة ملغومة امام مسجد للشيعة في بغداد بينما وقع تفجير آخر وسط مجموعات من الزوار بينما كانوا يأخذون قسطا من الراحة في خيام على امتداد الطريق إلى مزار في حي الكاظمية. وقال الشرطي واثق مهنى الذي كانت دوريته متمركزة قرب موقع الانفجار في منطقة الكرادة إن مجموعة من الزوار كانوا يسيرون ومروا على خيمة تقدم الطعام والمشروبات حين انفجرت فجأة سيارة بالقرب منهم.

وأضاف ان الناس كانوا يركضون مخضبين بالدماء والجثث متناثرة على الأرض. وفي هجوم منفصل في مدينة الحلة التي تسكنها أغلبية شيعية في جنوب البلاد قالت الشرطة إن سيارتين ملغومتين انفجرتا بشكل متزامن أمام مطعمين يرتادهما أفراد في قوات أمنية مما أسفر عن سقوط 22 قتيلا. وافادت ان احد التفجيرين نفذه انتحاري. وقال ميثم صاحب الذي يملك مطعما في الحلة قرب موقع الانفجار إنه عندما توقفت حافلة صغيرة تقل رجال شرطة قرب المطاعم انفجرت سيارة قريبة من الحافلة. وأضاف "كان مشهدا موجعا. ضج المان بصفارات سيارات الإسعاف وصراخ الجرحى." بحسب رويترز.

وقال مصدر في وزارة الداخلية ان "تسعة اشخاص قتلوا في انفجار سيارة مفخخة مركونة على جانب الطريق قرب مجمع المشن في جنوب بغداد"، فيما "قتل سبعة اشخاص واصيب 20 بجروح بانفجار سيارة مفخخة في الكاظمية" في شمال بغداد. واضاف ان "ثلاثة عناصر من الشرطة قتلوا في هجومين مسلحين في منطقة السيدية" في جنوب بغداد، كما اصيب اربعة اشخاص في انفجار اربع عبوات ناسفة استهدفت منزلين في العامرية وحي الجامعة في غرب بغداد. واعلن المصدر الامني عن مقتل شخص واصابة 10 في انفجار سيارة مفخخة قرب حسينية في الكريعات في شمال بغداد، بينما اكد مصدر طبي رسمي مقتل ستة اشخاص واصابة 25 في الهجوم.

وفي المدائن (30 كلم جنوب غرب بغداد) قتل ثلاثة اشخاص واصيب 12 بجروح في انفجار سيارة مفخخة، وقتل شخصان آخران واصيب سبعة بجروح في النهروان على الطرف الجنوبي لبغداد، فيما اصيب ثلاثة بجروح بانفجار عبوة قرب حسينية في المحمودية (30 كلم جنوب غرب بغداد)، بحسب المصدر في وزارة الداخلية. واعلن نقيب في الشرطة عن "مقتل شخصين واصابة ستة بجروح في انفجار سيارة مفخخة قرب مطعم في العزيزية" (70 كلم جنوب بغداد)، وقد اكد مصدر طبي في المستشفى تلقي جثتين.

وذكر مقدم في الشرطة ان "خمسة اشخاص قتلوا واصيب 30 بانفجار سيارتين مفخختين في وسط بلد" (70 كلم شمال بغداد)، وقد اكد مسؤول محلي الحصيلة، مشيرا الى ان احدى السيارتين استهدفت مقرا للوقف الشيعي. وفي الحلة (95 كلم جنوب بغداد) قال نقيب في الشرطة ان "سيارتين مفخختين انفجرتا في وسط الحلة ما ادى الى مقتل 19 شخصا واصابة 48". واكد الطبيب علي الخفاجي من مستشفى الحلة الجراحي تلقي جثث 19 ضحية. واعلن مسؤول في وزارة الصحة ان "24 شخصا اصيبوا بجروح في انفجار سيارة مفخخة في منطقة طويريج على بعد نحو 10 كلم من شمال كربلاء" (110 كلم جنوب بغداد).

وذكر عقيد في شرطة بعقوبة (60 كلم شمال بغداد) ان "اربعة اشخاص قتلوا واصيب سبعة آخرون في انفجار تسع عبوات ناسفة في اطراف بعقوبة، بينما اصيب اربعة من الشرطة في سيارة مفخخة استهدفت دوريتهم شرق المدينة وقتل رجل واصيب ثلاثة من افراد عائلته بهجوم مسلح شمال بعقوبة". واكد مصدر طبي في مستشفى بعقوبة تلقي جثث خمسة اشخاص. وفي وقت لاحق، اعلن عقيد في الجيش العراقي عن وقوع سلسلة هجمات جديدة في بعقوبة، قتل فيها اربعة اشخاص واصيب 30 بجروح، وشملت انفجار سيارة مفخخة وهجومين مسلحين وانفجار عبوتين ناسفتين. وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد) انفجرت سيارة مفخخة شرق المدينة ما ادى الى اصابة ثلاثة اشخاص بجروح، وفقا لمصدر امني. وقتل شخص على الاقل واصيب 17 في انفجار ثلاث سيارات مفخخة في كركوك (240 كلم شمال بغداد). بحسب فرنس برس.

وفي حين تراجع العنف بصورة كبيرة منذ اوج الصراع الطائفي الذي اعقب الغزو الأمريكي عام 2003 فما يزال المسلحون قادرين على شن هجمات. وما زالت تفجيرات كبيرة تحدث مرة واحدة على الأقل في الشهر وعادة ما تستهدف قوات الامن أو مصالح حكومية أو أهدافا شيعية. ومنذ انسحاب آخر جندي امريكي في ديسمبر كانون الأول تصاعدت ايضا التوترات السياسية.

تنظيم القاعدة يتبنى

على صعيد متصل تبنى تنظيم القاعدة الاحد الهجوم الانتحاري الذي استهدف مقر الوقف الشيعي في بغداد قبل نحو اسبوع وقتل فيه 25 شخصا، بحسب ما جاء في بيان نشره موقع "سايت" المتخصص في الجماعات الاسلامية ومواقع تعنى باخبار التنظيم. وجاء في البيان الذي حمل توقيع تنظيم دولة العراق الاسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، "انطلق احد ابناء السنة الغيارى في صولة سريعة على الوكر الخبيث المسمى +دائرة الوقف الشيعي+ بمنطقة باب المعظم في رصافة بغداد، والذي كان حتى وقت قريب جزءا من اوقاف اهل السنة قبل ان يغتصبه الرافضة المشركون".

واضاف "تمكن اخونا الاستشهادي البطل بتيسير وتوفيقٍ رباني من اقتحام المقر الذي تم تحصينه واحاطته بالقواعد العسكرية ونقاط التفتيش والجدران الاسمنتية، وتفجير سيارته في الباحة الداخلية". وذكر البيان الذي نشره موقع "شبكة الجهاد العالمي" ان الهجوم ادى الى "تدمير معظم الهيكل الداخلي للبناية واجزاء كبيرة من هيكله الخارجي ولم يخرج من انقاض المقر بفضل الله احد سالما في جسده او عقله". واعتبر التنظيم في بيانه ان هذا الهجوم يشكل "رسالة اولى بلون الدم ورائحة الموت وصوت يصم آذانكم" موجهة الى "الرافضة الصفويين"، في اشارة الى الشيعة، محذرا من ان "ما سيأتيكم باذن الله اشد منه وانكى".

وقتل 25 شخصا على الاقل واصيب العشرات بجروح في هجوم انتحاري استهدف مقر الوقف الشيعي في بغداد ، ما اثار مخاوف وتحذيرات من امكان انزلاق البلاد مجددا نحو العنف الطائفي. ودعا الوقف الشيعي عقب الهجوم ابناء الطائفة الى "وأد الفتنة" لتجنب اندلاع "حرب اهلية" في العراق، رافضا اتهام جهة محددة، فيما سارع ديوان الوقف السني الى ادانة العملية "الجبانة والمتطرفة". بحسب فرنس برس.

وجاء الهجوم بعدما اثار قرار الوقف الشيعي بتملك اوقاف مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد) استياء قيادات سنية، لاسيما مرقد الامامين العسكريين الذي تعرض للتفجير العام 2006 ما دفع البلاد نحو نزاع طائفي دام. وامر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بايقاف الاستملاكات التابعة للوقفين السني والشيعي في انحاء البلاد، ودعا الوقفين للجوء الى المحكمة الاتحادية في حال الخلاف.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/حزيران/2012 - 25/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م