
شبكة النبأ: خطر كبير يواجه الحكومة
اليمنية بسب تردي الاوضاع الامنية التي ثرت بشكل سلبي على حياة المواطن
اليمني الذي يعاني الكثير من المشاكل بسب حالة عدم الاستقرار التي
تشهدها البلاد والتي اصبحت اليوم معقل مهم لفلول تنظيم القاعدة وباقي
الجماعات الاسلامية المتشددة ساعد على انتشارها ضعف المؤسسة العسكرية
في البلد الامر الذي يزيد من احتمال اللجوء الى مساعدة دول اجنبية بهدف
السيطرة وفرض هيبة الدولة ، وبخصوص ذلك يقلل صانعو السياسة الأمريكيون
من شأن الحديث عن "نشر قوات" في اليمن لكن مع نشر مستشارين عسكريين
بالفعل فإن واشنطن وحلفاءها يستدرجون بشكل متزايد الى هذا البلد. وينظر
مسؤولون أمنيون ومسؤولو مخابرات غربيون إلى اليمن منذ فترة طويلة
باعتباره محور حربهم ضد التطرف الإسلامي كما ينظرون إلى تنظيم القاعدة
في جزيرة العرب الفرع المحلي لتنظيم القاعدة باعتباره أخطر جماعة
أجنبية تتآمر لشن هجمات ضد الغرب.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن الجماعة تقف وراء محاولة اسقاط طائرة
ركاب في أحدث خطة ضمن سلسلة من الخطط المشابهة. غير أن هناك مؤشرات
متزايدة على استراتيجية أوسع مع تولي حكومة يمنية جديدة ينظر إليها على
أنها تتيح أفضل فرصة لتحقيق الاستقرار في اليمن. ويتزايد التدخل
الأمريكي والأجنبي في اليمن بحدة ويتجاوز حملة هجمات بطائرات بدون طيار
تزداد الآن.
وتتولى الآن أعداد متزايدة من مستشاري القوات الخاصة تدريب الجيش
اليمني بينما تزايدت بقوة المساعدات المالية والإنسانية من الدول
الغربية ودول الخليج العربية. وتعهدت قوى أجنبية في اجتماع "أصدقاء
اليمن" في الرياض بدفع نحو أربعة مليارات دولار لصنعاء. وقالت بريطانيا
إن البلد يمر "بلحظة حرجة". وترفض وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)
التحدث عن أعداد محددة لكنها تقول إن عدد افراد القوات المسلحة في
البلاد لايزال صغيرا جدا وإنها تزيد الأعداد الى المستويات التي كانت
عليها قبل الانتفاضة التي اندلعت العام الماضي. لكن كثيرين آخرين
يعتقدون أن المشاركة ستستمر في التزايد.
وعند ضم ضباط اجهزة المخابرات الامريكية وغيرها او المتعاقدين -
الذين يجري تمويلهم في الاغلب عن طريق مساعدات خارجية او امريكية- يقدر
بعض الخبراء أن عدد العسكريين الأجانب في اليمن يمكن أن يصل إلى بضع
مئات. و قالت الولايات المتحدة إن ثلاثة متعاقدين مدنيين يساعدون في
تدريب قوات حرس السواحل اليمنية حوصروا في هجوم شنه تنظيم القاعدة في
جزيرة العرب وإنهم أصيبوا بجروح بسيطة. وقال خوان زارات وهو نائب سابق
لمستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في عهد الرئيس الأمريكي السابق
جورج بوش وهو الآن مستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
في واشنطن "ستواصل الولايات المتحدة تكثيف اهتمامها بالتهديدات القادمة
من اليمن في حين تسعى لتمكين حلفائها في المنطقة من محاربة القاعدة على
الأرض."
ومضى يقول "اليمن يمثل نقطة الضعف لدول الخليج العربية حيث القاعدة
تضرب بجذورها في بلد يعاني من أزمة اقتصادية عميقة وندرة في الموارد
ويشهد اضطرابات سياسية وسكانية واجتماعية مستمرة." وهناك أيضا حاجة
ملحة لمعالجة مشكلات أخرى طويلة الأجل من بينها الفساد المستشري والنقص
المتزايد للغذاء والمياه.
و قال ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي للصحفيين إنه "لا يوجد
احتمال لنشر قوات على الأرض" في اليمن. ومن المؤكد أنه لا يوجد كثير من
الحماس للقيام بحملة عسكرية تقليدية كبيرة بينما لم يتبق سوى أقل من
خمسة شهور على انتخابات الرئاسة إضافة الى الانهاك العام من حروب دائرة
منذ فترة طويلة في أفغانستان والعراق. ولكن اليمن مهيأ فيما يبدو ليكون
مسرحا لنوع من التدخل الأمريكي السري إلى حد كبير الذي قلما يكون
موضوعا لنقاش علني والذي يعتقد كثيرون أنه سيكون نموذجا للتدخل في
الصراعات في السنوات القادمة.
يقول كريستوفر شتاينيتس وهو محلل متخصص في شؤون اليمن في مركز
تحليلات سلاح البحرية الذي تموله الحكومة الأمريكية "بعد العراق
وأفغانستان هناك إدراك بأن أنماط التدخل بقوات كبيرة ومدججة بالسلاح لم
يعد مطروحا". وتابع قائلا "ما نشاهده هنا هو استراتيجية مختلفة تماما
تعتمد على الطائرات بدون طيار والمستشارين والقوات المحلية اليمنية."
وثمة مؤشرات ملتبسة على النجاح في أفضل الأحوال. ففي الوقت الذي
حققت فيه قوات الأمن اليمنية المدعومة بهجمات جوية أجنبية تقدما ضد
معاقل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وقع هجوم انتحاري وحشي ضد قوات
الأمن في العاصمة صنعاء في وقت سابق أسفر عن مقتل ما يزيد على 100 شخص.
يقول جابريل كويهلر-دريك وهو خبير في شؤون القاعدة واليمن في مركز
محاربة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت "من
المؤكد أن الهجوم الذي وقع في العاصمة ليس مؤشرا جيدا. "الهدف منه هو
خلق إدراك بأن الحكومة لا تستطيع حماية نفسها." قالت حياة ألفي وهي
محاضرة في قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية الحرب التابعة للبحرية
الأمريكية "الموارد الأمريكية محدودة هذه الأيام." ومضت تقول "ما دامت
القوات اليمنية متعاونة مع الولايات المتحدة فإنها ستكون قادرة على
الحيلولة دون انزلاق (اليمن) إلى وضع الدولة الفاشلة ولكن تحقيق ذلك
الهدف لا يزال بعيدا."
يقول خبراء يمنيون إن إبقاء الدعم العسكري الأمريكي بعيدا عن العيون
قد يكون أمرا رئيسيا لنجاحه. وبالفعل لا تحظى الهجمات بطائرات أمريكية
بدون طيار بتأييد في اليمن نظرا لما تحدثه من "أضرار جانبية" للمدنيين.
وسيؤدي النشر المعلن لقوات أمريكية تضطلع بأدوار قتالية إلى نفور أكبر.
ولكن بعض الخبراء اليمنيين يقولون إن الإصلاح السياسي الأوسع لتجنب
الانزلاق مرة أخرى إلى الاضطرابات والاقتتال ربما لا يقل أهمية عن كسب
المعركة.
وأصدر البيت الأبيض في مايو أيار الماضي أمرا تنفيذيا يمنح وزارة
الخزانة الأمريكية سلطة مصادرة الأصول الأمريكية لأي شخص "يعرقل"
الانتقال السياسي في اليمن وهو ما اعتبر تحذيرا ضمنيا لصالح وشخصيات
أخرى بارزة. ويعتقد كثير من الخبراء اليمنيين أن ذلك قد يكون كافيا
لإقناع صالح وحلفائه السابقين داخل الحكومة وخارجها بتجنب محاولة
مفاقمة الأوضاع بما يخدم أهدافهم.
وينظر إلى مصنعي المتفجرات في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب
باعتبارهم من بين مصنعي المتفجرات الأكثر خبرة في العالم وهم مسؤولون
عن عدد من محاولات التفجير الفاشلة "بمتفجرات توضع في الملابس
الداخلية" لطائرات ركاب ويعملون على تطوير متفجرات يصعب اكتشافها. كذلك
يعتقد أن الدعاة عبر المواقع الإلكترونية سببا في دفع أفراد في
الولايات المتحدة والخارج نحو التطرف. ويتساءل البعض عما إذا كان سيثبت
خطأ قرار القاعدة في جزيرة العرب السيطرة على بعض الأراضي ومحاربة
الحكومة اليمنية بأساليب تقليدية. وتظهر خطابات عثر عليها في المبنى
الذي يقيم فيه أسامة بن لادن بعد قتله أنه قدم نصحا يتعارض مباشرة مع
هذا النهج محذرا من أن ذلك قد يفشل في تلبية طموح السكان المحليين.
ويقول خبراء أيضا إن ذلك النهج يجعل قوات المتشددين هدفا يسهل
مهاجمته من البر والجو.
وسواء نجحت الحملة ضد القاعدة في جزيرة العرب أم فشلت فإن البعض ومن
بينهم حياة ألفي الخبيرة في كلية الحرب التابعة للبحرية الأمريكية
يحذرون من أن التركيز "قصير النظر" على محاربة الإرهاب قد يكون على
حساب قضايا أخرى مهمة. وتساور ألفي بشكل خاص شكوك في أن الولايات
المتحدة تستدرج ببطء -في اليمن كما في أماكن أخرى- الى صراع يتسع نطاقه
على مستوى المنطقة بين القوى السنية والقوى الشيعية تغذيه مواجهة
متزايدة بين السعودية وإيران. بحسب رويترز.
وتعتقد أن السياسة السعودية تجاه اليمن لا تركز أساسا على القاعدة
وإنما على سحق الانتفاضة الشيعية في الشمال في وقت تحارب فيه الرياض
انتفاضة شيعية في شرق المملكة وتسعى لتدعيم الحكام السنة في البحرين.
ومن ثم فإن واشنطن شاءت أم أبت تستدرج إلى الصراع ذاته.
تقول ألفي "إنهم متورطون في صراع طائفي. وسيستمر هذا لوقت طويل إن
لم يكن إلى الأبد." وتضيف "يجري تفسير أي شيء شيعي باعتباره مدعوما من
إيران في نظر السعوديين...وذلك أيضا ما يدفع دول الخليج لأن تنتقد نظام
(الرئيس بشار) الأسد في سوريا ليس بدافع الخير وإنما بسبب علاقات الأسد
القوية مع إيران." ومهما يكن من أمر فإن البعض يحذرون من أن أولئك
الذين يتطلعون إلى تغيير سريع في اليمن سيخيب أملهم بشكل محزن. قال
شتاينيتس "اليمن هو اليمن. سيتحسن أحيانا ويتدهور أحيانا لكن من غير
المرجح أن ينهار ويخرج عن النمط الذي كان عليه طوال العقد المنصرم. لا
أظن أن أحدا في الحكومة الأمريكية لديه أي توقعات واهمة بهذا الشأن."
قرار عزل كبار الضباط
في السياق ذاته أقال الرئيس اليمني اخا غير شقيق للرئيس السابق علي
عبد الله صالح من قيادة القوات الجوية وقام بتغيير نحو 20 من كبار
الضباط ولكنه أبقى على ابن صالح وابن اخيه وحلفاء اخرين في قيادة وحدات
عسكرية مهمة. وجاء هذا التغيير في الوقت الذي شن فيه متشددو القاعدة
هجومين ضد موقعين حكوميين .
وكان متشددو القاعدة قد استغلوا عدم الاستقرار خلال عام من
الاحتجاجات ضد صالح لتعزيز انشطتهم. وتولى الرئيس اليمني عبد ربه منصور
هادي السلطة في فبراير شباط بعد انتخابات رئاسية كان هو المرشح الوحيد
فيها في اطار اتفاق تفاوض عليه جيران اليمن يقضي بتنحي صالح بعد 33
عاما في السلطة.
وذكرت وكالة سبأ اليمنية للأنباء ان هادي عين اللواء راشد علي ناصر
الجند قائدا للقوات الجوية بدلا من الاخ غير الشقيق لصالح اللواء محمد
صالح الاحمر الذي عين مساعدا لوزير الدفاع.
وبموجب اتفاق نقل السلطة يتولى هادي مهمة اعادة توحيد الجيش الذي
انقسم خلال الانتفاضة التي استمرت نحو عام ضد حكم صالح. وقالت وكالة
سبأ انه تم ايضا استبدال ضابط رفيع بالجيش موال للواء المنشق علي محسن
الذي انشق على صالح بعد بدء الاحتجاجات اضافة الى محافظين عينهما
الرئيس السابق.
لكن التغييرات لم تشمل العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح ابن
الرئيس السابق وقائد الحرس الجمهوري أو ابن شقيق صالح العميد الركن
يحيى محمد عبد الله صالح الذي يقود قوات الامن المركزي. ومن بين من تم
تغييرهم محافظو اربع محافظات من بينهم محافظ تعز وهو حليف وثيق لصالح
قاد حملة دامية ضد المحتجين ومحافظ ابين في جنوب البلاد حيث سيطر تنظيم
القاعدة في جزيرة العرب على مساحات من الاراضي.
وقال محمد الباشا المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن ان هذا
اكبر تعديل عسكري في الايام الاخيرة وقد فاجأ الجميع. وقال محللون ان
هادي يحاول على ما يبدو ان يكون متوازنا من خلال تغيير مسؤولين من
المعسكرين المتناحرين. وقال المحلل اليمني سيف حسن ان هذه القرارات
تثبت ان الرئيس هادي مميز كقائد مسؤول . واضاف انه يعتقد ان هذه
القرارات اتخذت بالتشاور مع كل الاطراف السياسية.
وقال مسؤول أمني ان مفجرا انتحاريا يشتبه بانه من القاعدة فجر نفسه
قرب مبنى للشرطة في جنوب اليمن وذلك بعد ساعات من مقتل متشددين اثنين
عندما انفجرت قنبلة كانا يحملانها على متن دراجة نارية قبل الموعد
المحدد لها قرب مقر جهاز الامن المركزي في مدينة عدن بجنوب اليمن.
وقالت جماعة انصار الشريعة ذات الصلة بالقاعدة في بيان انها مسؤولة
عن الهجوم الفاشل وقالت ان اثنين من مقاتليها "استشهدا" بعد ان انفجرت
القنبلة بطريق الخطأ. وقالت في بيان ان "المجاهدين" كانا في طريقهما
للقيام بعملية "جهادية" ضد هدف تابع لنظام صنعاء. كما نفت الجماعة
التقارير الحكومية التي زعمت قتل الجيش وقوات الامن اكثر من 100 متشدد
خلال الايام ووصفت هذه التقارير بأنها كاذبة.
وكثيرا ما كان متشددون لهم صلات بتنظيم القاعدة يستخدمون دراجات
نارية لشن هجمات مسلحة على نقاط تفتيش تابعة للجيش من قبل بالاضافة الى
بعض الهجمات الانتحارية. وفي ابريل نيسان الماضي هاجم مسلحون يشتبه
بانهم القاعدة كانوا يركبون دراجات نارية نقطة تفتيش عسكرية خارج
زنجبار في اقليم ابين المضطرب بجنوب اليمن. وقال مسؤول محلي في ذلك
الوقت ان احد المارة قتل في ذلك الهجوم كما اصيب طفل وجنديان.
ووقع انفجار بعد يوم من تعزيز السلطات اليمنية الامن في السفارات
الاجنبية ومواقع حكومية في العاصمة صنعاء بعد تحذيرات من هجوم محتمل
للقاعدة. وقال مسؤول أمني "تلقينا معلومات بخصوص خطط لتنظيم القاعدة
لنقل عملياته الى صنعاء.. نعتقد أنه يعد لشن هذه الهجمات باستخدام
السيارات الملغومة في أي وقت قريب." بحسب رويترز.
ويحارب اليمن اسلاميين متشددين من جماعة أنصار الشريعة التي تربطها
صلات بالقاعدة في جنوب البلاد. ووقعت غالبية الهجمات في جنوب اليمن حيث
يوجد معظم مقاتلي أنصار الشريعة. وقتل المتشددون 110 جنود على الاقل
واخذوا العشرات رهائن في أعنف هجوم شنوه يوم 4 مارس اذار في زنجبار.
وردت الحكومة اليمنية بشن غارات جوية وتستخدم الولايات المتحدة طائرات
بدون طيار لمهاجمة المتشددين.
الوقت ينفد
من جانب اخر تجلس العنود المخلافي في كوخ من غرفة واحدة تسميه
منزلها في حي فقير على مشارف العاصمة اليمنية صنعاء وتأسف على الفوضى
السياسية التي حاصرت بلادها في العام المنصرم بعد ان أصبحت أسرتها شبه
معدمة. وتقول "لم نعش مرتاحين قط لكن العام الماضي ضغط علينا كثيرا
واضطررنا لبيع حيواناتنا ومصوغات زفافي. ليس لدينا ما نعتمد عليه."
وفقد زوجها عمله في ابريل نيسان بعد إفلاس شركة خلط الخرسانة التي يعمل
بها. وأخرجت اسرتها الاطفال من المدرسة وأرسلتهم الى السعودية بطريقة
غير مشروعة للتسول وربما العمل. وقالت العنود "لم يبق عمل هنا في صنعاء.
أرسلناهم الى السعودية لأننا لم يكن لدينا خيار."
ونتيجة للاحتجاجات الحاشدة التي استمرت عاما ضد الحكومة وبعد
الاضطرابات السياسية التي أجبرت الرئيس اليمني السابق علي عبد الله
صالح على التنحي في فبراير شباط أصبح اليمن على شفا الإفلاس. وتجاوز
معدل البطالة 50 في المئة في دولة يعيش نحو 42 في المئة من سكانها
البالغ عددهم 24 مليون نسمة على اقل من دولارين في اليوم.
وتراقب دول الخليج الغنية والدول الغربية بقلق متزايد أزمة أعطت
لتنظيم القاعدة الفرصة لتكون له قاعدة في اليمن تشن منها الهجمات على
أجزاء مختلفة من العالم تعهدت هذه الدول بتقديم مساعدات تزيد على اربعة
مليارات دولار لتفادي كارثة انسانية وتحقيق الاستقرار للبلاد. ويقول
خبراء في الشأن اليمني ومنظمات إغاثة مثل اوكسفام إن هذا لا يكفي.
ويشيرون الى أنه اذا لم يتم تقديم المزيد من المساعدات قريبا فإن عملية
الانتقال السياسي التي توسطت فيها السعودية في محاولة لتخفيف حدة
الاضطراب السياسي قد تتداعى.
وقال محمد الميتمي استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء إن مبلغ الاربعة
مليارات دولار ليس كافيا بالنسبة لليمن لأن الميزانية بالكامل صفر.
وأضاف أن اليمن يحتاج الى دعم مالي فوري والا ستفشل عملية الانتقال.
ويقول مسؤولون حكوميون إن من المرجح أن تواجه البلاد عجزا في الميزانية
يبلغ 2.5 مليار دولار هذا العام. وتضررت صادرات النفط والغاز المتواضعة
والتي كانت مصدرا مهما للعملة الصعبة للحكومة بسبب الهجمات المتكررة
التي يشنها رجال قبائل على خطوط الأنابيب منذ بدء الاضطرابات العام
الماضي. وتمثل موارد النفط والغاز ما بين 60 و70 في المئة من دخل اليمن
وتخسر البلاد 15 مليون دولار يوميا نتيجة للهجمات وفقا لما ذكرته
السلطات. وفي ظل انخفاض احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة تصبح
المساحة المتاحة للحكومة للمناورة محدودة.
وقال عبد الرحمن الارياني وزير المياه اليمني السابق إنه خلال
الأشهر القليلة القادمة ستفلس الحكومة ولن تكون هناك اموال للشرطة او
الجيش لمكافحة القاعدة. ويتكهن صندوق النقد الدولي الذي استأنف الإقراض
لليمن في ابريل نيسان ووافق على تقديم قرض قيمته 93.7 مليون دولار
للمساعدة في سد العجز المتزايد في ميزان المدفوعات بأن الاقتصاد اليمني
سينكمش بنسبة 0.9 في المئة هذا العام. وسيأتي هذا بعد انكماش يقدر بنحو
10.5 في المئة العام الماضي وهو أسوأ أداء للاقتصاد منذ الوحدة بين
شمال البلاد وجنوبها عام 1990 .
وشملت حزمة المساعدات وقيمتها اربعة مليارات دولار والتي تعهد
المانحون الدوليون بتقديمها وجرى الاتفاق عليها في مؤتمر الرياض 3.25
مليار دولار من السعودية التي تمد اليمن بالنفط بالفعل. وقال وزير
الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل خلال المؤتمر إن مساهمة بلاده
ستدعم مشاريع تنموية تم الاتفاق عليها لكنه لم يذكر تفاصيل عن
توقيتاتها.
وفي حين ان التمويل لمشاريع تنموية طويلة الأجل محل ترحيب فإنه ربما
لن يفعل الكثير لحل الازمة الانسانية فورا وإعادة الامن. ويقدر الميتمي
أن هذا سيتطلب عشرة مليارات دولار عامي 2012 و2013 . وفي ابريل توقع
صندوق النقد الدولي أن يبقى مستوى صافي الاحتياطيات الرسمي عند اربعة
مليارات دولار عام 2012 وأن تتسع الفجوة في الميزانية لتصل الى خمسة في
المئة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كانت 4.4 في المئة عام 2011 .
ونتيجة لنقص الكهرباء والمياه والوقود ارتفعت الأسعار بشدة العام
الماضي وعلى الرغم من تراجعها الى حد ما عما كانت عليه في الذروة فإنها
لاتزال باهظة بالنسبة للأسر منخفضة الدخل التي لا تستطيع تحملها. ويقدر
الميتمي أن التضخم يتراوح بين 25 و30 في المئة. واستقر سعر الريال
اليمني في السوق عند نحو 215 ريالا مقابل الدولار بعد أن وصل الى 243
في ذروة الأزمة السياسية لكن انخفاض قيمة العملة والتضخم يعقدان أزمة
الغذاء في البلاد التي لا يتجاوز فيها نصيب الفرد من الدخل 2300 دولار
في العام.
ويقول ماجد الشهري الذي يملك متجرا للبقالة في صنعاء "الناس يشترون
الطعام الذين يقدرون على سعره ويشعرهم بالامتلاء بسرعة. نصف زبائني
يشترون المواد الغذائية بالآجل والبعض يستغرقون شهورا ليسددوا
الفاتورة." وقال مسؤولون يمنيون في مؤتمر الرياض إنهم بحاجة الى 2.17
مليار دولار فورا لأغراض انسانية واغراض اخرى الى جانب 5.8 مليار دولار
لمشاريع اطول مدى في مجال التنمية والبنية التحتية.
وتبحث الإمارات التي قالت إنها ستقدم لليمن مساعدات غذائية قيمتها
136 مليون دولار تقديم مساهمة منفصلة. ويجتمع المانحون في الرياض مجددا
في اواخر يوليو تموز لبحث التعهدات بتقديم المساعدات. وتجربة اليمن مع
تعهدات الدول المجاورة بتقديم مساعدات مشوشة النتائج اذ قدر وزير
التخطيط اليمني أن مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار من جملة 4.7
مليار دولار تعهدت بها مجموعة اصدقاء اليمن حين اجتمعت للمرة الاولى
عام 2006 لم تصل اليمن بعد.
ويقول مانحون وبعض المسؤولين اليمنيين إن الوضع الامني المضطرب
وفساد مؤسسات الدولة وافتقارها للكفاءة يعرقل وصول المساعدات لأنه يجعل
من المستحيل تحديد ما اذا كانت هذه الأموال ستنفق في اوجهها الصحيحة ام
ستسرق وتهدر. ويقول تشارلز شميتز خبير الشؤون اليمنية بجامعة توسون في
ماريلاند بالولايات المتحدة "لم يستخدم معظمها لأن اليمن لم تكن لديه
القدرة على استيعاب الاموال في مشاريع تنموية تم تخصيص الاموال لها."
وقال الارياني الوزير السابق إن اكثر اشكال المساعدات فعالية يمكن
أن يكون عن طريق تجاوز الحكومة ووضع الاموال في ايدي اليمنيين مباشرة.
وأضاف أن ما يحتاجه اليمن الآن هو نقود سريعة مشيرا الى أن التمويل
التقليدي للتنمية الآن لن يكون فعالا مشيرا الى أن السعودية ربما يكون
في يدها حل -وإن كان محفوفا بالمخاطر السياسية- لنزع فتيل الأزمة
الانسانية. وفي الثمانينيات كان اكثر من 1.3 مليون يمني يعملون في دول
مجلس التعاون الخليجي وكان باستطاعتهم السفر الى السعودية بدون تأشيرة.
لكن منذ عام 1990 حين لم ينضم اليمن الى جيرانه في إدانة الغزو العراقي
للكويت تم استبدالهم بعمال من اسيا. بحسب رويترز.
ويقول بحث لمؤسسة تشاتام هاوس إن اليمنيين الذين يعملون بدول الخليج
قاموا في عام 2010 بتحويل ما يقدر بنحو مليار دولار. وأضاف البحث أن
المخاوف الأمنية والمخاوف بشأن التورط المحتمل في السياسة المحلية
عقبات رئيسية في طريق توظيف المزيد من اليمنيين في دول الخليج ومنها
السعودية. وقال الارياني إن اسرع الطرق واكثرها مباشرة لمساعدة
اليمنيين هي تسهيل حصولهم على وظائف في السعودية. وأضاف أن هذا النوع
من الدخل يعود مباشرة الى الأسر الفقيرة في اليمن وليس الى الحكومة
وعملائها. |