شبكة النبأ: لاتزال حالة التوتر وعدم
الاستقرار في سوريا تشكل مصدر قلق وتخوف لدى الكثير من الدول المجاورة
وخصوصا لبنان الذي تأثر بشكل نسبي بمجريات هذا الصراع ، ويخشى بعض
المراقبين من تطور رقعة الخلاف وتساع اعمال العنف التي قد تسهم بإعادة
شبح الاقتتال الطائفي بين ابناء البلد الواحد وبمباركة جهات ودول اخرى
تسعى لتأجيج بذور الفتنه وهذا ما تثبته التطورات الاخيرة في هذا البلد
حيث اقدم مجهولون على احراق وتحطيم محلات تجارية يملكها افراد من
الطائفة العلوية في مدينة طرابلس في شمال لبنان، بحسب مصدر امني، وذلك
جولة اشتباكات مسلحة بين مجموعات سنية واخرى علوية في المدينة تسببت
بمقتل 14 شخصا. وقال المصدر الامني ان "مجهولين اقدموا على احراق او
تحطيم محلات في منطقتي التبانة وبعل الدراويش وشارع عزمي" ذات الغالبية
السنية في طرابلس، مشيرا الى ان اصحاب المحلات في معظمهم من منطقة جبل
محسن ذات الغالبية العلوية المؤيدة للنظام السوري.
وقال رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة من تيار المستقبل الذي
يتراسه الحريري، من جهته ان مدينة طرابلس "شهدت بعض الاحداث المشبوهة
والمفضوحة مثل احراق محال تجارية هنا ومنازل هناك للإيحاء بان ردود فعل
مذهبية متبادلة تشهدها المدينة". واضاف "من الواضح ان من يقوم بهذه
الاعمال هم فئة من المندسين المأجورين وهم جزء لا يتجزأ ممن يعرضون أمن
المدينة للخطر". ودان هذه الاعمال التي "تهدف الى ضرب الاستقرار في
المدينة"، مطالبا الحكومة بالتصدي لها.
في السياق ذاته خطف سبعة مواطنين سوريين ولبنانيان الاحد في شمال
لبنان في عمليات خطف متبادلة جرت بين اهالي منطقة وادي خالد الحدودية
ذات الغالبية السنية المناهضة للنظام السوري، واهالي بلدة المسعودية
العلوية المؤيدة له، بحسب مصدر امني. وافاد المصدر ان عددا من اهالي
وادي خالد قاموا حتى الآن بخطف ثمانية اشخاص بينهم سبعة سوريين (ستة
علويين وشيعي)، ولبناني من الطائفة العلوية. واوضح شهود عيان من منطقة
وادي خالد ان مجموعات مسلحة من شباب المنطقة اقامت حواجز خطف ونشرت
عناصرها في مختلف الطرقات في وادي خالد، احتجاجا على خطف احد ابناء
البلدة في منطقة المسعودية العلوية في عكار شمال لبنان.
واكد المصدر الامني قيام مجموعات مسلحة في وادي خالد بقطع الطرقات،
موضحا انه تم العثور على الشخص الذي كان يرافق المخطوف بعدما تمكن من
الفرار من الخاطفين. واضاف انه يتلقى العلاج في احد مستشفيات عكار
بعدما تعرض للضرب. وبدات عمليات الخطف من جانب سكان وادي خالد بالقرب
من معبر "جسر قمار" الحدودي الشرعي بين لبنان وسوريا، وكان اول
المخطوفين عامل علوي سوري يعمل في مزرعة ابقار في بلدة الهيشة
العكارية. بحسب فرانس برس.
ويؤكد عدد من ابناء وادي خالد ان المخطوفين الثمانية موجودون في
الوادي ولن يطلق سراحهم قبل اطلاق سراح ابن البلدة. ويذكر ان عددا من
القيادات السياسية والامنية، وعلى راسهم النائب السابق عن الطائفة
العلوية مصطفى علي حسين تجري وساطات من اجل ضمان اطلاق سراح جميع
المخطوفين. ولم تسجل في طرابلس، اي ردود فعل على الحادث، خاصة بين
منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن ذات الغالبية
العلوية. وشهدت طرابلس كبرى مدن الشمال، معارك بين باب التبانة وجبل
محسن في منتصف ايار/مايو اسفرت عن مقتل عشرة اشخاص، انتشر على اثرها
الجيش في مناطق الاشتباكات وعمل على ضبط الوضع على خلفية الازمة
السورية التي تنقسم حولها طرابلس وكل لبنان. وقتل 14 شخصا وجرح العشرات
الاسبوع الماضي في طرابلس نتيجة الاشتباكات.
تقرير تلفزيوني يكشف الخاطفين
من جهة اخرى جددت زوجات وبنات عدد من اللبنانيين الشيعة الذين خطفوا
في 22 ايار/مايو في شمال سوريا تحميل "الجيش السوري الحر" مسؤولية
العملية، وذلك بعد ان تعرفن على اثنين من المجموعة الخاطفة في تقرير
بثه تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للأرسال". واوردت ال"ال بي سي" في
نشرتها الاخبارية المسائية ان بعض النساء اللواتي كن في رحلة الحج التي
تم اعتراضها لدى عودتها من ايران عبر تركيا وسوريا الى لبنان ثم افرج
عنهن في حين تم احتجاز الرجال، اتصلن بالمحطة بعد ان قامت الاخيرة ببث
تقرير من منطقة تركية حدودية ظهرت فيها مجموعة مسلحة عرفت عن نفسها
بانها "تنتمي الى الجيش الحر".
وقال التلفزيون في مقدمة نشرته "ما ان عرض التقرير على شاشة ال بي
سي، اتصلت النساء بنا واكدن انهن تعرفن على الرجال من الذين نصبوا
الكمين واقتادوا الرجال". وظهرت النساء المذكورات على شاشة ال"ال بي سي"
لتأكيد الخبر. ودلت احداهن وتدعى حياة على احد المسلحين في التقرير
المصور قائلة "هذا الرجل صعد معنا الى الباص"، مشيرة الى ان الآخر كان
يحمل قاذفا على كتفه و"قطع الطريق" على الحافلة.
وكررت نساء اخريات الرواية نفسها. وقالت احداهن "قالوا لنا عندما
صعدوا الى الباص نحن الجيش الحر لا نريد ان نؤذي احدا. لدينا عناصر
محتجزون لدى الجيش السوري ونريد مبادلتهم برجالكم". وحملت النساء الجيش
الحر "مسؤولية اي شيء يتعرض له الشباب". وقالت حياة "عندما قلنا الجيش
الحر قام بالعملية، أنكروا. لا يمكنهم ان ينكروا بعد الآن. ها هو
الاثبات بالصوت والصورة. نحمل الجيش الحر بقياداته في تركيا وسوريا
مسؤولية امن الشباب". واضافت "الله سبحانه وتعالى كشفهم وعليهم ان
يفرجوا عنهم فورا". بحسب فرانس برس.
ونفى الجيش الحر اي علاقة له بعملية الخطف التي حصلت بعد وقت قصير
على عبور الحافلات الحدود التركية داخل الاراضي السورية في محافظة حلب.
وكان الخاطفون افرجوا عن النساء والرجال الكبار في السن واحتجزوا 11
رجلا. واستغربت المؤسسة اللبنانية للأرسال في حال تبين ان الرجلين
اللذين ظهرا في التقرير هما فعلا الخاطفان "كيف يمكن ان تظهر المجموعة
الخاطفة للعلن وتكشف عن نفسها؟" وتساءلت "هل هو خطأ مقصود؟ وما هي
مسؤولية الدولة التركية في هذا الامر؟"، لا سيما ان الرجلين كانا على
اراضيها. واعلنت مجموعة ما يسمى "ثوار سوريا ريف حلب" غير المعروفة من
قبل في بيان بثته قناة الجزيرة الفضائية مسؤوليتها عن احتجاز
اللبنانيين.
في السياق ذاته حث امين عام حزب الله حسن نصر الله خاطفي مجموعة
شيعية في سوريا على اطلاق سراحهم قائلا انهم مواطنون لبنانيون ابرياء
ولكن في المقابل خير الخاطفين بين "الحرب والسلام" وقال نصر الله "هؤلاء
المخطوفين مواطنون لبنانيون وبالتالي الدولة اللبنانية والحكومة
اللبنانية هي المسؤولة بالدرجة الاولى عن اعادتهم واطلاق سراحهم
وكرامتهم وسلامتهم وامنهم" وأضاف مخاطبا الخاطفين "انتم قلتم بالأمس
انه لا مشكلة لكم مع طائفة عليكم ان تثبتوا ذلك. هؤلاء زوار .. هؤلاء
ابرياء .. يجب ان يعودوا الى اهلهم. اذا كان لكم مشكلة معي هناك الكثير
من الوسائل والطرق لنحل هذه المشكلة... تريدون ان نحل بالحرب بالحرب ..
تريدون ان نحل بالسلم بالسلم .. تريدون ان نحل بالحب نحل بالحب." بحسب
رويترز.
وتساءل نصر الله "هل هذه مشكلة معي او مع حزب الله او حركة امل او
جهة سياسية في لبنان لها موقف من موضوع الاحداث في سوريا. افصلوا موضوع
الابرياء على جنب وتعالوا وحلوا مشكلتكم معنا. اما ان تتخذوا من
الابرياء رهائن من اجل حل هذه المشكلة بمعزل عن طبيعتها وحقيقتها هذا
ظلم كبير يجب ان تنتهوا منه"
وكانت قناة الجزيرة التلفزيونية قالت ان معارضين سوريين في محافظة
حلب أعلنوا أنهم يحتجزون رهائن لبنانيين شيعة وانهم بصحة جيدة واتهموا
بعضهم بمعارضة انتفاضتهم ضد الرئيس السوري بشار الاسد. ونقلت الجزيرة
عنهم قولهم ان المفاوضات من اجل الافراج عنهم لن تبدأ قبل اعتذار
الامين العام لحزب الله حسن نصر الله حليف الاسد عن خطاب أدلى به مؤخرا.
ولم يعط المجلس الثوري في حلب اي تفاصيل اضافية عن نواياه بالنسبة
للرهائن او يحدد ما اثار استياءه في الخطاب الذي ادلى به نصر الله.
الرئيس اللبناني في السعودية
من جهة اخرى بحث العاهل السعودي الملك عبد الله "التطورات في
المنطقة" مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي شهدت بلاده مؤخرا اعمال
عنف دامية بين انصار ومعارضي النظام السوري. وتناول الاجتماع الذي عقد
في جدة (غرب) بحسب وكالة الانباء السعودية "العلاقات الثنائية بين
البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها بالإضافة إلى القضايا الإقليمية
والدولية ذات الاهتمام المشترك". وكان العاهل السعودي، الذي قطعت بلاده
جسور التواصل مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد، دعا في 22 ايار/مايو
الرئيس اللبناني لمنع بلاده من الغرق مجددا في الحرب الاهلية واعادة
اطلاق "الحوار الوطني". وعبر ايضا عن "قلق" بلاده ازاء "خطورة الازمة
(في لبنان) وامكانية ان تتحول الى نزاع طائفي". بحسب فرنس برس.
ونقلت صحيفة عكاظ عن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري ان
زيارة الرئيس اللبناني "تاتي في اطار التشاور والتنسيق بين البلدين
الشقيقين حول قضايا المنطقة وفرصة لمناقشة مضامين الرسالة التي وجهها
الملك عبدالله" الى الرئيس سليمان. واكد سليمان رفضه لان تصبح بلاده
"قاعدة عسكرية ضد سوريا"، مشددا على تمسكه بسياسة النأي بالنفس ازاء
النزاع في سوريا. ودعا الرئيس اللبناني الى استئناف جلسات الحوار
الوطني بين كافة الاطراف السياسية ومنها حزب الله، في الاسبوع الثاني
من حزيران/يونيو. |